|
اللامفكر فيه في مصطلح (المفكر)
متوكل دقاش
الحوار المتمدن-العدد: 5565 - 2017 / 6 / 28 - 03:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اللامفكر فيه في مصطلح المفكر بلا شك أن هنالك الكثير من المصطلحات الفلسفية و المنطقية التي تثير جدلاً بين فينة و أخرى إذا ما جردت و أخذت بنظم التفسير والتأويلات المختلفة، و بما أن الجدل ذاته قد ينقسم إلى فلسفي و منطقي فإنه لابد و أن يأخذ المصطلح شرعيته في النهاية حتى و إن راودتنا شكوك لطيفة جراء هذه الشرعية و التي قد نرى أنها في غير مكان صحيح. و نحن إذ نقول ذلك فإننا إزاء مصطلح يرى البعض أنه يختص بخاصية فضفضة غير متناهية و يتميز بشيء من المطاطية الزائدة. إن مصطلح (المفكر) و الذي ينتظم كفاعل لعادة التفكير يشمل كل البشر إذا ما أخذنا عادة بمفهوم التفكير (thinking) عند التجريبين ، فهي عبارة عن عملية إسترجاع الصور أو الانطباعات التي ذودتنا بها تجاربنا السابقة و التي انطبعت في أذهاننا كأفكار او (ايديات). و بالتالي فهذه عادة او خاصية يمتاز بها كل البشر بإستثناء ذينك الذين يصابون بمتلازمة مرضية كالجنون و غيره، وبذا يصبح كل البشر مفكرون (thinkers). فهذا هيوم يقول ( كل واحد سيوافق و بسهولة على أن ثمة فرقاً بين إدراكات الذهن حين نحس الما جراء حرارة زائدة او لذة من حرارة ملطفة ، و حين نستعيد فيما بعد بالذاكرة ذلك الإحساس أو حين نتوقعه بالمخيلة، و بإمكان الملكتين هاتين أن تحاكيا أو تنقلا إدراكات الحواس ، و لكن ليس بإمكانهما أن تبلغا قوة الإحساس الأصلي و حيويته). و لذا فهو يقسم إدراكات الذهن هذه إلى نوعين يتمايزان بإختلاف درجة القوة و الحيوية، فالتي من النوع الأقل حيوية و أقل قوة تسمى (أفكار) أو (أيديات)، بينما تسمى التي أكثر حيوية و قوة (انطباعات). إما عند المثاليين (فالتفكير) يمكن أن يكون عملية إعمال العقل البشري من أجل إيجاد حلول لمشكلة ما، او تحليل ظاهرة ما، او التعاطي مع التناقضات التي تكمن في عمق العلاقات التي بين الأشياء. و بالتالي فإن ثمة عمقاً يتمظهر هنا خاصة إذا ما أخذنا عملية التعاطي مع التناقضات التي تكمن في عمق العلاقات التي بين الأشياء، فمنطقيا ليس الشخص العادي بقادر على كشف علاقات الأفكار أو التعاطي مع الوقائع بشكل تحليلي من أجل أن يكتشف التعليلات التي تحكم هذه الأشياء و بالتالي يتبدى لنا الحاجة الي العمق المفقود او القدرة على التفكير العميق ، أو (التفكير في التفكير) أو اكتشاف الذات المفكرة للحقيقة بالتأمل في الأشياء. و بالتالي يصبح مصطلح المفكر مرتبطاً بالتفكير العميق أو ما يمكن تسميته (بالتفكير في التفكير). و لكن هل تساهم الاستعدادات ايا كانت في إيجاد هذا العمق المفقود ؟ خاصة الأكاديمية أو المدرسية؟ ، وحدهم الفلاسفة الذين يظهرون بمظهر الحكمة العليا و الكفاية سيحاولوا أن يجيبوا سريعاً (بنعم)، ولكن تواجههم مهمة شاقة حين يلتقون بأشخاص ذو طباع تساؤلية فيلاحقونهم إلى كل زاوية ينسحبون إليها و يحشرونهم في النهاية. فهؤلاء يمكنهم أن يقولوا أن الاستعدادات المكتسبة لا تلعب دوراً أساسياً في عملية خلق الأفكار فكثير ً من الفلاسفة الغير المدرسيين و غير الأكاديميين قد انتجوا فلسفات و أفكار عجز حتى المدرسيين عن إنتاج أفكار مثلها،بالرغم من عدم امتلاكهم أي من الاستعدادات الأكاديمية أو المدرسية. و لكن الملاحظ أن الذي إنسحب على لفظ (المفكر) كان قد انسحب مسبقاً على لفظ (فيلسوف) خاصة بعد مرحلة (فيثاغورث)، فبدا واضحاً عليها أثر التدقيق و التخصصية و التي باتت سمة لكل شيء بعد سيادة (العلم) و لكن ديكارت قد جعل من عملية التفكير مساوية للوجود حين قال (أنا أفكر إذا أنا موجود). و مقولة فيلسوف الشك هذه تفترض جدلاً مسألة التساوي بين البشر من حيث انهم يفكرون و ذلك بإعمال عقولهم و بذلك فهم موجودون و يمكننا أن نثبت حجتنا هذه بالأنساق الاجتماعية التي تنظم الحياة عند المجتمعات التي توصف بالتخلف. و التي توضح بشكل كبير عملية التعاطي مع الوقائع بشكل أفضل من المجتمعات التي توصف بالرقي حتى. و بهذا نجد أن ثمة عمقاً مسطحا يتمفصل هنا و يتضح لنا جليا خطأ بعض المصطلحات إذا ما قيست او عرضت على جميع نظم التفسير، أو يمكن أن تثير جدلاً لا نهائياً إذا تم تأوليها بحسب الأمزجة و الأهواء. و لكن الخطر الأعظم يتجاوز كل هذه المقدمة و يتمظهر في قمعية العلم و لا عدلية التخصصية، و اللامفكر فيه في فرضية (التخصص) أنها تنسف كل تاريخ المفكرين الغير أكاديميين أو غير مدرسيين بلا وعي منها، و كذلك تجرد حرفيا بعض البشر من خصائص يمتازون بها، كخاصية التفكير وذلك بتقسيم (مفكر) و غير (.........) و التي صرحت بها اللغة ضمنا. لأننا نقول وفقا لمبدئ الإقلاب الذي يذهب إلى أن لولا نقيض الشيئ لما كان الشيئ.
و يبقى السؤال هل نحن بحاجة فعلاً إلى سرديات شارحة جديدة؟ لكي ترسم لنا أطر الحراك اللغوي و بالتالي تفادي نرجسية اللغة و صفوية المصطلحات؟
#متوكل_دقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|