|
حماس في الفخ
شمدين شمدين
الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل استطاعت الولايات المتحدة جر حماس إلى فخ السلطة بل هل استطاعت جر عموم الحركات الإسلامية في المنطقة إلى الفخ الديمقراطي وما قد يجره ذلك من ضرورات في التغيير والتغير وهنا نلاحظ الدور الكبير الذي أخذت تمارسه الدول الغربية من اجل هذا التغيير والذي يضع العالم العربي والإسلامي في مواجهة مكشوفة أمام الغرب والعالم الذي بات يسمى بالعالم الحر وقبل أن ندخل في ماهية هذا التغيير يجب أن نمر سريعا على الأسباب التي جعلت الشعب الفلسطيني يختار حركة المقاومة الإسلامية لتشكل الحكومة الجديدة ففي البداية علينا أن نشير إلى إن العالم العربي ظل طوال عقود عديدة محروما من التجربة الديمقراطية بسبب الأنظمة القومية المتطرفة المدعومة من أمريكا فالشعب العربي ومعه الإسلامي لم يعي الفكر الديمقراطي بشكله الصحيح بعد كما إن التيارات الإسلامية هي الوحيدة التي لم تختبر في مجال السلطة بعد ،فهي كانت تشكل دائما جبهة المعارضة للأنظمة الشمولية الفاسدة التي جعلت الشعب العربي يكره ويمقت الشعارات القومية الزائفة كما إن سقوط الاتحاد السوفييتي وما تبعه من تراجع واضح في حركة التيارات اليسارية والشيوعية إضافة إلى الدعاية الإعلامية الهائلة التي مارستها السلطات العربية من اتهام الليبراليين العرب بالعمالة لأمريكا وإسرائيل وتلقي بعض هذه التيارات أموالا من الدول الغربية ،كل هذه الأسباب جعلت الجماهير العربية في حيرة من أمرها فلم تجد أي درب للنجاة سوى التصويت للتيارات الإسلامية على أمل الخلاص من القمع والفساد والمحسوبية وانعدام تكافؤ الفرص ،وهنا لا بد أن نذكر الشعب العربي المسكين والمغلوب على أمره بتاريخ الحكم الإسلامي من العهد الأموي والعباسي والعثماني هذا التاريخ الذي كان مسرحا للحروب والصراعات المذهبية التي جلبت على الأمة الكوارث والويلات وما رافقتها من ثقافات نفي الآخر بل تكفير الآخر واعتبار كل من يؤمن بغير التفسير الديني للحياة مرتدا يتوجب قتله رغم إن القرآن حث على حرية العقيدة والعبادة يقول تعالى(لا إكراه في الدين ) وكذلك يقول تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) كما إن العهود الإسلامية تبين لنا إن ثقافة الاقتتال الداخلي بين المسلمين كانت سائدة وان ممارسة قطع الرؤوس التي ترفع صوتها في وجه السلطة الحاكمة كانت متبعة كمنهج منظم بيد السلطة الدينية الحاكمة ،وحتى لا نحمل حماس والتيارات الإسلامية القادمة بقوة إلى الحكم كل هذا الإرث الدموي للحركات والتيارات الدينية التاريخية ،علينا أن نوضح إن المفهوم الديني للحياة يعتبر مفهوما غير علمي على الأقل عند نسبة كبيرة من البشر كما إن استلام الحركات الأصولية للحكم يزرع الخوف والرهبة في نفوس البقية الباقية من الجماهير التي لم تنتخب هذه الحركات فحين يتم الحديث عن السلطة الدينية يتبادر إلى الأذهان التجربة الطالبانية مع كل ما كانت تحمله من جهل وتخلف وفقر فطالبان منعت النساء من فرص التعليم والخروج ورؤية الشمس ،منعت الصحف والتلفاز والغناء وبالمختصر حرمت جميع أشكال ومظاهر الحضارة الحديثة وفي النهاية جرت البلاد إلى صراع غير متكافئ مع الغرب انتهى بسقوطها واحتلال أفغانستان كما فعل صدام نفسه في العراق . ولكن في المقابل هناك فسحة أمل للتغير والسير نحو الإسلام الديمقراطي الذي يعتبر الحرية العقدية والدينية والقومية ،حرية التعبير بالرأي والصورة والكتابة جزءا أساسيا من العقيدة الإسلامية السمجاء ،فحماس بيدها التغيير وليس مطلوبا منها أن تتنازل عن المقاومة والعمل على تحرير أرضها بل المطلوب منها التكيف مع الواقع والنزول إلى الأرض والتحدث مثلما يتحدث الجميع المطلوب منها القضاء على الفساد والرشاوى والمحسو بيات التي مارستها قيادات السلطة على حساب الشعب الفلسطيني الفقير الذي كانت معاناته مزدوجة من الاحتلال والسلطة الفاسدة ، إن اقرب مثال يمكن أن تحتذي به حماس هو حزب العدالة والتنمية في تركية هذا الحزب الذي خرج من عباءة الرفاه والفضيلة ورسم لنفسه خطا مستقلا يمكن أن نسميه بالخط المعتدل في التفسير والممارسة فمصالح الشعب التركي فرضت على العدالة والتنمية تغيير منهجها وسلوكها حتى وصل بها الحد إلى إلغاء جريمة الزنا من القانون التركي ولم يؤدي ذلك إلى تراجع كبير في شعبيتها لان الشعب التركي اختارها ليس من اجل أفكارها الدينية أو من اجل العودة إلى عهد الخلافة الإسلامية بل اختارها من اجل الوصول إلى الرفاه الاقتصادي والمساواة والعدالة ومن اجل القضاء على فساد الأحزاب العلمانية والقومية . إن المطلوب من حماس ليس التنازل عن مبادئها بالمطلق بل العمل مع الحكومات العربية من اجل إطلاق مبادرة للتفاهم مع إسرائيل وإنهاء هذا الصراع المرير الذي جعل المنطقة بكاملها عرضة للفقر والتخلف ،وهذا ما قد يشكل بداية لعهد جديد في العالم الإسلامي مبني على الديمقراطية والتعددية واحترام أراء الآخر مهما كانت حتى وان كانت علمانية أو شيوعية أو وثنية قال تعالى (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وكلام الله هو الحق بعينه .
#شمدين_شمدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقدَّس
-
الديمقراطية الشرقية
-
هذا الدم الشرقيُ الرخيص
-
نقمة المال
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|