يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 15:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رائحة الدماء و البارود تغتصب روائح الحلوى و الكعك ، و أزيز الرصاص يتعالى على أصوات الأطفال ، و دَوِيُّ تفجيرات القنابل يخنق ضحكاتهم البريئة .
الخيار الوحيد للبراميل التي تقذف من الطائرات هو دفن السعادة الغامرة أسفل ركام المنازل ، و طحن الجثث .
المصانع آلاتها تعطلت عن العمل ، لإعطاء دور العمل لآلة الموت .
و ماكينات المشاغل و المعامل طالها العطب ، فلم يعد بالإمكان إلا تشغيل ماكينات الدمار ، و لامجال حتى لحياكة نسيج الأكفان .
الدماء تسفك ، و الأرواح تزهق ، و العيون تقطر دماً .
عبارات التهاني على مواقع التواصل الاجتماعيِّ تفسدها رؤية أوصال الأجساد المبعثرة و أشلائها المتفرقة .
فلا مدينة في البلاد عصيةٌ على الحزن الذي يتحكم بمفاصل الحياة ، و يركض الوجع في رحابها بدلاً من الطفولة .
الموت تزاحم أحلام الشباب التي تدفن تحت أطباق الثرى ، أو تؤجل حتى إشعارٍ آخر .
الغربة ترمق النفوس المنكسرة نظرةً تضج عتاباً و عدم الرضا و بلا ترحابٍ .
و صمتٌ عميقٌ يخيم الدار لخلوه من فلذات الأكباد الذين رحلوا على متن قوارب الموت فوق الأمواج المجنونة .
و لم يعد فيه سوى صدى قهقهةٍ توقظ ذاكرة زمنٍ جميلٍ زرعت جذورها في كل ركنٍ من أركان الدار .
سياسيون امتهنوا القتل و العنف ، و تجار دينٍ ملتحون يتبارون معهم في مسابقة دحرجة الرؤوس بلعبة قطع الأعناق .
يدخرون معاً جهوداً عظيمةً إلى أوقاتٍ دسمةٍ يكون الوطن فيها برسم البيع ، و بعنايةٍ فائقةٍ يتآمرون على بيعه قطعةً إثر قطعةٍ .
و تيمناً ببركات العيد يتبادلون تهاني الحقد و الكراهية ، فيلجؤون إلى حضن الانتقام تلبيةً لنداء الوطن ، فمصافحة الأخذ بثأرٍ ضاعت معالمه في أقبية ذاكرةٍ مريضةٍ لمرضاة لله .
المظاهر المألوفة لأيام العيد غيرها السياسيون ، و طقوس الاحتفال بدلها الملتحون .
فكل عامٍ و ليتكم تزيلوا الغشاوة عن أعينكم
و حبذا لو تصموا آذانكم عن سماع أصواتٍ موروثةٍ .
و من أوحال التقليد تنقذوا أذهانكم .
و من الأفكار الكهفية تغسلوا عقولكم .
فإلى عيدٍ قادمٍ يحمل صبغيات هذا العيد ذاتها ، و يهتدي بمورثات العيد السابق .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟