|
ندوة بعنوان - حوارات مفتوحة للجميع
محمد الحاج ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ندوة بعنوان (حوارات مفتوحة للجميع) النظام السياسي أو الرجل السياسي زعيما كان أم مُفكّراً إن لم يحمل مشروعاً يُمكن تبييئته لايُمكن أن يخدم وطنه،لأن العمل السياسي ليس تثاقفا،بل تفعيل الثقافة بمشاريعها على الأرض،وبقدر ما تتمكن الثقافة من أن تكون تعبيرا عن الواقع بقدر ماتُسرّع في عملية الإنتاج الوطني السياسي،والثقافة هي التعبير المعرفي التاريخي المُنوّع. عندما تدور ندوة بين التمترس والانفتاح،وبين الموالي والمُعارض،وبين الحاكم والمحكوم بحق أو بغير حق،وبين السلطة والمعارضة،يدعونا ذلك للاستماع والتحليل وإبداء الرأي الموضوعي المُتحرّر من التعصب واللاعقلانية، والعودة إلى الجذور مع إمكانيات نبش جذور جديدة يُمكن أن تؤسس لمُستقبل يشمل الجميع. كيف يقرأ الجميع بتناقضاتهم وتوافقا تهم واقعنا اليوم،إذ أنه السؤال الأهم اليوم لمن يبحث عن حلول لمشاكلنا على اعتبار أننا جزء من هذا العالم ولسنا مُنفصلين عنه، لأن الانفصال لايمكن تحقيقه كوننا جزءاً من منظومة دولية نتغيّر معها على ضوء مصالحنا وأحيانا على حساب هذه المصالح عندما نفتقد إدراكها، ونتسلّى ببعض باعتقال المُعارض وشتم الموالي أو الحاكم. محور الندوة:كيف يمكن توظيف الأيديولوجيا في خدمة الوطن على الأرض،وتحريرها من الترف الثقافي؟ طبعا تم توجيه دعوة للجميع ولم يُستثن أحد،فجاءتنا اعتذارات برّرها أصحابها كلٌّ بطريقته….نشكرهم. المُشاركة حسب الجلوس… السلطة،الماركسيون،الناصريون،الإسلاميون،المسيحيون،السوريون القوميون،مُستقلّون.(ملاحظه:دعونا كرديا اعتذر قبل الندوة بنصف ساعة لظروف خاصة فلم نتمكن من دعوة غيره بسبب الوقت). المُداخــــــــلات: 1-مُداخلة السلطة: نحن نؤمن ببعث الأمة العربية الواحدة ونعتبر الإنسان العربي محور هذه الأمة فردا وأسرة ومُجتمعاً. يعترض الماركسي المعارض قائلاً: كيف تعتبرون الإنسان العربي محوراً وهو مُقيمٌ في زنازينكم الخمسة نجوم غصباً عنه،ولمَ لايتم الإفراج عن كل المواطنين العرب القابعين في السجون أم أنّ الإنسان الذي تنشدونه هو البعثي فقط؟. يردُّ البعثي بهدوء قائلاً: نحن وأنتم وقعنا بفخ ثقافة الإلغاء ولو استلمتم السلطة بدلاً منّا عام 1963م أعتقد لأقمتم المقاصل ولا نعرف كم كان يُمكن أن يكون عدد ضحاياكم لحظة استلامكم لها،وكيف ستسير فيما بعد . المهم نحن نؤمن بهذه الأمة وبإنسانها ليس البعثي مثلما علّق الرفيق المُعارض بل العربي لأنه ابن تاريخ نتمنى أن يعود بجهودنا جميعا،ونؤمن بالتنوع لأن قدومنا للسلطة كان من بيئة تنوعيه ديمقراطية،فالخمسينيات شاهد لاأحد يستطيع تحييده وهي فترة تتحدث عن نفسها وليست بحاجة لمن يُبالغ بها أو يبخسها حقها،وعبرها استطاع حزب البعث أن ينشط وأن ينتشر في كل الأصقاع السورية إذ كانت هناك حرية للعمل السياسي حين لم يكن العنف قد ولج مُجتمعنا،لكن بولوج العنف تغيّر الكثير في الواقع وصار ما صار،وأعتقد أن المرحلة القادمة ستكون خيرا على المجتمع السوري،إذ أن العمل مُتواصل ودؤوب لأقلمة الحزب سياسيا مع المُتغيرات العربية والعالمية،وأكتفي الآن لأفسح المجال للآخرين للتحدث كي لا أحتكر الحديث وسنتحاور بكل شفافية ووطنية…شكراً. 2- مُداخلة الماركسي: بكل احترام للحضور أقول لسنا بصدد طرح أيديولوجياتنا لأن فيها من الخلاف الكثير،بل أحب أن نتحدث في السياسة التي يمكن أن تُقدّم لنا الكثير من الفائدة في هذه الظروف التي نواجهها،ولو طرحنا مسألة الأيديولوجيا سنختلف رغم أننا كفصيل ماركسي انشق عن الحزب الشيوعي السوري لسببين الأول:المسألة القومية التي نراها واقعا لايُمكن تجاهله،والثاني:التبعية الذيلية للاتحاد السوفييتي السابق مع ملاحظاتنا على أقطاب سوفييت كانوا يقومون بخدمة إسرائيل واستخدامنا مع معظم الأحزاب الشيوعية العربية في هذا الاتجاه،وقد توضّح بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ذلك. لا أنكر دهشتي مما طرحه الرفيق البعثي والروح العالية التي تعامل بها متمنيا أن يكون كل رفاقه من هذه السوية وليس وحده فقط،ونحن على الحوار فلنسمع الآخرين. 3-مُداخلة الناصري الجبهوي: حقيقة أتحفنا الرفيقان وطمأنانا بما طرحاه،ويبدوا أن تغييرا جوهريا يحدث في البنية،وأتفق مع ما طرحه الرفيق البعثي حول العروبة والتغيير القادم نحو وطن للجميع حتى لو كانت بقيادتهم،ومع الرفيق الماركسي حول النقد الهادئ للآلية التي شكّلت وعيا قام على التحدّي لمُجتمع يحمل ثقافة غير ثقافتهم المُستوردة من السوفييت. يعترض الماركسي قائلاً: الفكر الإنساني لايتم تصديره واستيراده،بل هو نتاج جدل إنساني تاريخي،والقومية التي تنادي بها لم تكن وليدة إنتاجكم المعرفي،بل نتاج الظلم التركي في المنطقة العربية. يُتابع الناصري: نعم..نعم أنا لا أنكر أننا لم نتحرر بعد من ذيول الماضي بأحكامنا المُسبقة وأعتذر إن كنت قد آلمت شعورك ولم أقصد ذلك،لأنني جئت للندوة حاملا حبا واحتراما ورأيا وطنيا يمكن أن يُساهم إلى حد ما مع الجميع لنخلق المُشترك بيننا،وأُحب أن أعترف أننا جميعا لم نعتد بعد أن نتحاور بالطريقة الحضارية التي أراها اليوم،لأننا نتاج ماض من الإلغاء والتكفير والمؤامرة ليس قصيراً وسنسعى لمعالجة آثاره رويدا رويدا،حاليا أكتفي لأفسح المجال لغيري ونحن على الحوار. 4-مُداخلة الشيخ عدنان: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبيين الأكرمين. أشكر أصحاب الدعوة لهذا الحوار الجميل والهادئ،وأقول إن وصلت أمتانا العربية والإسلامية إلى هذه الدرجة من الرقي في الحوار أعتقد أننا سنقود العالم إنشاء الله من جديد نحو الحرية والعقلانية والإنسانية الصحيحة وليست إنسانية المصالح التي يتم التحليل والتحريم على أساسها،وأعطيكم مثالا حيا يا أخواني حول موقف الغرب من نجاح حماس باعتراضه على النجاح الذي حققته عبر من انتخبوها بملء قناعتهم دون إكراه من أحد وهذا صلب ديمقراطيتهم الغربية ورغم ذلك وقفوا ضد هذا النجاح لأنهم مصممون على ضعفنا ولايُزيل هذا الضعف غير التماسك والوحدة بين أبناء الأمة الواحدة بعد تحييد الذين أجّلوا مشاريع الأمة دون عنف لضعف في قراءتهم أو انبطاح أمام مصالحهم الخاصة التي يُحققها الغرب لهم. أنا كإسلامي أشعر باطمئنان عندما أسمع من الأخوة ما سمعت،وأضع يدي بيدهم بكل المحبة والرضى وأحب أن أوضح أننا أخطأنا جميعا عندما تبنينا ثقافة التكفير وحددنا الآخر الذي هو أخ لنا وأب وابن،ولم نسلم من هذه الآفة التي شاركنا بها حيث كنا نُكفّر الشيوعي الذي سمعت أن اسمه صار ماركسياً،حين كنا نتعامل معه كمُنحرف ولاهٍ وغير ذلك من الأوصاف قامت على جهل حين خالفنا الآية الكريمة(إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)صدق الله العلي العظيم،فلم نتبين ولم نتحقق إلى أن أعطاني أحد الأخوة الماركسيين كتابا اسمه(أصول الفلسفة الماركسية لشيوعي فرنسي اسمه جورج بوليتزر) بعد أن قرأت هذا الكتاب أدركت أن الإمبريالية العالمية حاولت بكل وسائلها اللعب على العقل التقليدي بما يتعلق بالأخلاق العامة فكانت رحلة التكفير التي عززت الفرقة في بلادنا رغم أن الواقع أقرّ بوطنيتهم النوعية وعقلانيتهم وشجاعتهم في نقد الخطأ،وعلى ذلك أقدّم اعتذارا من القلب لهؤلاء الرجال المظلومين والذين ظلمناهم،وبما يتعلق بموضوع السؤال حول الأيديولوجيا أقول: نحن نؤمن بالله العلي القدير وبرسوله وكتبه لانُفرّق بين أحد من رُسله،ومن قرأ القرآن قراءة الباحث عن المعرفة وجد أن به آيات كثيرة تحترم الحرية للإنسان ومُعتقده،ومن قرأه دون البحث فسّره على هواه الفردي والملّي وكفّر غيره من أبناء جلدته دون وجه حق،أعتذر عن الإطالة وشكراً. 5-مُداخلة الأب جبران: بسم الله في العُلا…كم كنت أتلهف لأرى ما أراه أمامي اليوم ولا أصدّق ما هو أمامي متسائلاً هل هو حلم أم حقيقة؟. المسيحيون هنا كما الأقباط في مصر مُتجذّرون قبل الإسلام في هذه الديار،ومن المسيحية أسلم العديد فصاروا مسلمين، وبقي الآخر على دينه والدين لله مسيحيا كان أم مسلما وأستطيع القول أن من اليهودية من دخل الإسلام فصار مسلما،وبالعودة للجذور فكلنا نتاج هذه الأرض الطيبة ونتاج رسالات الله لذلك أحب أن أخاطب العقل الباطني الذي يصنع إحساسا يُشكّل وعيا لدى الجميع وكأن المسيحيين غرباء عن هذه الديار ولا أُضيف بهذا الخصوص شيئا،لكنني وتماشيا مع السؤال المحور أقول: نحن أتباع رسول المحبة والسلام، ومن كان مسيحيا يجب أن يتمتع بهذه الصفات،ومن لا يتمتع بها فهو ليس مسيحيا وهذا ليس رأيي الشخصي،بل هو جوهر الرسالة المسيحية،والمحبة والسلام تعني الخير للجميع أفراداً ومُجتمعات،وتمنع العدوان والقتل والتدمير. الدين وُجد لحل مشاكل البشر،وليس للجلوس في أبراج بعيدا عن حياة الناس فهو يُعلّمهم كيف يعيشون حياتهم بهدوء ومحبة وكيف يُربون أولادهم عليها،وإن طُرحت مسألة إبعاد الدين عن السياسة لا أجد مُبررا لها لأن الدين حق للبشر وأجد عذراً لمن يُطالب بإبعاد الدين عن السياسة وهو سلوك البعض من رجال الدين الذين شرّعوا للحاكم الظالم ضد المظلومين ما خلق ثورة دفينة في أعماق المظلومين وهو ما تحدثت عنه في البداية حول صفات المسيحي أي المحبة والسلام. 6-مُداخلة القومي السوري: مُمتع أن أسمع ما سمعت من أطراف كانوا قبل فترة من الزمن متناحرين واليوم يُجمعون على احترام الإنسان بحقوقه العامة،وأسأل هل نُمثل الواقع أم أننا نُخبة نوعية من نُخبه الساكنة في الأبراج العاجية،أعتقد وأزعم صدقي أننا نُخبة ولابأس فيمكن للنخبة أن تنشر وعيها كما نُشرت كل الرسالات الماورائية والمدنية،إنها الفكرة الصحيحة التي تعاني من ضغوط الواقع بوعيه وإمكاناته ومن ثم تنتشر عندما تتحقق الآلية الصحيحة لانتشارها. نحن كسوريين قوميين اجتماعيين نؤمن بالجغرافيا المُحددة واسمها الهلال الخصيب،هذا الهلال صار بفعل سايكس –بيكو أقطارا هي سوريا اليوم والعراق والأردن وفلسطين ولبنان،ونعتبر كل مخلوق فوق هذه البقعة الجغرافية مواطنا مهما كانت خلفيته الفكرية أو السياسية فهو مواطن وكفى، وله حق على العقيدة التي تبنّاها الزعيم سعاده،لكن كما كل المُنظمات والأحزاب نعاني من وعي العقيدة من قبل البعض من رفقائنا،الذين يُفسّرونها بطريقة لا تخدم العقيدة نفسها،فالزعيم سعاده كان قارئاً دقيقا للواقع ومُدركاً لأبعاده ومكونه التاريخي لذلك انطلق من هذه القراءة لاعتبار كل من هو ساكن فوق جغرافيا الهلال مواطنا قوميا اجتماعيا،وعقيدتنا وسلوكنا لايُمكن التعبير عنها إلا بالاندماج في هذا الواقع والمساهمة بتطويره وتقدمه لنصل إلى أهدافنا،وهذا لايمكن أن يكون إلاّ بالاعتراف بالآخر واحترامه،لكن أحب أن أؤكد على الاحترام والاعتراف القائم على القانون الذي يحمي الحقوق كيفما كانت أشكركم على إصغائكم. 7 -مداخلة مُستقلّ: كوني لا أنتمي لكل الهيئات التي يُمثلها الأخوة والرفاق سيكون لي رأيٌ ربما يتغاير وربما يتوافق وأقول صادقا أنها المرة الأولى التي أحضر وأجد هذه السوية العالية من الحوار المسؤول المبني على اعتراف الجميع بالأخطاء وليس إبراز الذات الشخصية أو الحزبية وهذا بداية الطريق للبناء وهو الاعتراف بالتقصير ونقد البنية التي اشتغل عليها جميع المُداخلين مشكورين،وربما أؤيد الرفيق القومي عندما تحدث عن النخبة وهذا سر خوفي ربما لأنني أدمنت حالة الإحباط نتيجة تكرار الهزائم في واقعنا فلم يعد بمقدوري الثقة بكل ما يدور حولي. يخطر ببالي سؤال: هل يمكن استبدال الأيديولوجيات بأيديولوجيا وطنية يجتمع الجميع تحت سقفها كما القانون، ربما يُساعد ذلك على حل العديد من المشاكل؟شكراًلكم. يتوجّه الماركسي المعارض للمُستقل قائلاً: الأيديولوجيا الوطنية طرح ضبابي يُعيدنا إلى الوراء،ومُخالف لفكرة التنوع الطبيعي،ما يفيدنا اليوم هو معرفة التعامل مع الواقع وعلى الأرض وهو حاجة الجميع،لو لاحظنا الآن أن مجموعة من أبناء الوطن تتحاور مع بعضها البعض من خلفيات مُختلفة كانت تتبنى سابقا عملية الإقصاء أي الخنق أو الإنغلاق القسري غير المذهبي كما تحدّث أدغار موران عنه. يُقاطعه الشيخ عدنان مُستفسرا: من أدكار موران أستاذي الفاضل؟ يُجيب: أدكار موران باحث فرنسي له مؤلفات كثيرة منها كتابه(مقدمات للخروج من القرن العشرين) إصدار وزارة الثقافة السورية أتمنى من كل من ينوي أن يعرف واقعنا أن يقرأه لأن به الكثير الكثير من الفائدة لنا جميعا. أنا أرى أنه للخروج من الأزمة التي نعيشها هناك طريقان: الأول: المعرفة التي تُشكّل الحل على المدى البعيد الثاني: هذه اللقاءات بقدر ما تكون جدية ومُنضبطة انضباطا طوعيا وليس بالإحراج تستطيع أن تُقدّم حلولا ناجحة للجميع،وأحب تنبيه مُثقفي الصالونات أننا في خطر والتسالي بقضايا الأمة لا تفيد. في كلا الحالتين لابد لمن يحمل شعورا بالمسؤولية من أن يتقدّم برؤيته للحل وليس لتوصيف الحالة لأننا حفظناها عن ظهر قلب،أضيف أن للسلطة الحاكمة دورا مهما في هذا وذلك عندما يصدر عنها ما يُزيل الخوف من ذواتنا فنجلس علنا لنتحاور في أمورنا الوطنية بكل ما تشتمل،فعندما يصدر قانون للأحزاب والجمعيات يُصبح الاجتماع للتشاور قانونيا وهو ما يُشجّع المواطنين المُبعدين للتعامل مع ما يطرحه المثقفون بخصوص الوطن.شكراً الأب جبران يُضيف: حقيقة إمّا أن يكون هناك ماركسية جديدة أو أنها مُتطورة عن سالفتها حيث كان الواحد منهم يستعدي الدين وهؤلاء موجودون في كل المجتمعات الدينية وعانينا من هجوما تهم علينا بغير وجه حق،لكنني وأنا أسمع من الرفيق الماركسي ما يطرح أجدني أمام عملقة فكرية سياسية مُتبصّرةٍ تعرف مالها وما عليها،ودافئة وطنيا غيورة على إنسانها،أقول بارك الله بكم وشكرا. الشيخ عدنان يُضيف: على ما يبدوا أننا جميعا بحاجة لنقد ما حملناه سابقا إن كان من موروث أو من تنشئة،وعلينا إعادة النظر بالكثير من مفاهيمنا في الوطن والحياة والعمل،وربما هذه الجلسة الغنية خلقت لدي اطمئنان أننا بخير طالما يوجد عندنا مثل هذه الطاقات الخلاّقة التي لايُمكن تجاهلها من حاكم أو واقع أو غير ذلك من بؤر الإلغاء.شكراً مُداخلة ثانية للناصري: أرجوا أن تسمحوا لي إذ كانت مداخلتي على ضوء تقديري للندوة أنها لن تتجاوز الطريقة التي اعتدناها بالتعامل مع المسائل، لكن بعد سماعي هذه المُداخلات الغنية وجدت نفسي مُضطرا لعرض ما هو متناسب مع سوية الحوار والمواضيع، وأكثر ما شدّني صراحة النقد الذاتي الموضوعي، وأغناها اعتراف الفرد أو الحزب أو الحالة بأخطائه، وهذا تجافينا معه طوال تجربتنا السياسية التي أعتبرها مُرّةٌ. أتفق مع من قال أننا نتاج ثقافة موروثة ومُكتسبة، ومن خصائصها طقوس الإلغاء التي عززها عقل المؤامرة الذي تمتعنا به جميعا دون أدنى استثناء،فالكل وقع في الخطيئة الظالمة،ويمكن للتوبة أن يقبلها التاريخ والمنطق عندما تقوم على رسم المستقبل فنتبرّأ جميعا من خطايانا التي كان من نتائجها ظلم الآخرين بقصد أم بدونه. إننا نُمثّل الآن معظم التيارات المختلفة في ساحة بلادنا رغم غياب البعض،وغيابهم لايعني إلغاؤهم بل وجودهم بيننا وهم غائبون، فنحن نتحدث عن أمور وطننا الذي يعنينا جميعا وما وجدته أن ذلك يتم بروح مسؤولة تماما،لذلك أقترح عدم المماطلة بهذه الإنجازات والمتابعة الجادة كي نخرج من عقلية النخبة إلى العام..أشكر إصغاءكم وأنا بغاية السعادة بهذه الندوة شكراً. هل من مُداخلات أخرى؟ لاأحد؟..نعم نعم مُداخلة مدير الندوة: يبدو أننا كنا على كرسي الاعتراف وهي الحالة التي طرحها الجميع كمنطلق نحو الحقيقة. ضعفنا بشكل أساسي كان لأسباب النكران وتحت هذه الكلمة تندرج الكثير من الخطايا،تحت كلمة النكران تندرج المُبالغة والبخس،أي أن أبالغ بنفسي إيجابا وأبالغ بتوصيف غيري سلباً،وأبخس نفسي حين أعتدي وأبخس الآخر حين أعتدي عليه،وعلى هذه الحالة عندما أكون حاكما أُقيم الحد على المحكوم فأُنهي وجوده وأحرمه من حقوقه مهما كانت. مسألة الحقوق يا أخواني نعاني منها جميعا،إمّا هاضم لها أو مهضوم،وهي السر الذي يلهث الجميع وراءه،وحتى نتخلّص من هذه اللوثة البغيضة لابد من إقرارها ليس بأدبياتنا فقط،بل في القانون القابع تحت سلطة الحاكم،أي أن هذه المهمّة من واجب الحاكم وحده ولا أحدُ سواه. مُشكلتنا التاريخية مع الحاكم يوم قتل وسمح لنفسه بالقتل، وبرّر ذلك بأسباب كثيرة لم يقتنع بها أحد،ويوم ألغى حركة الحياة التي يُنتجها المُجتمع بحريته،فألغى المؤسسات وصنع مؤسسات بديلة على قدّه،فكان التشويه في كل مكان،وانتشر الفساد كالهواء ليدخل البيوت من أبوابها الخلفية قبل أن يستأذن ويُسلّم على أهلها،إذ أنه استباح الحرمات السياسية والاجتماعية، وبقي وحيدا مالكا للمال المنهوب من استثمارات ليس له علاقة بها،بل صار شريكا اقتصاديا دون مال،وذلك مُقابل التسهيلات الحكومية بهذه الاستثمارات،فدفع حتى بالسوي نحو الهاوية المسلكية المُشوّهة بفقدان الضمان والأمان،وبالتالي لم يبق غير كل بطل قاوم هذا النهج فدفع ثمنا لذلك تراوح بين نقله من عمله إلى تسريحه إلى سجنه وصولا للتصفية. هذه الممارسة وغيرها من أساليب ساهمت إلى حد كبير بزراعة الخوف الذي أثمر رعبا حُفر في أعصاب الناس،فتراجع المجتمع عن المشاركة والمراقبة وكلاهما حقه من جانب،وحاجة الواقع لهذه الرقابة من جانب آخر. نشكر الجميع على مُشاركتهم وإلى اللقاء مع محور آخر نُعلنه فيما بعد.
#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هنيئا حماس - إنها الديمقراطية الوليدة
-
ضحايا الكاريزما
-
الديمقراطية بين المشروع والاستشعار
-
!!!إعلان دمشق موؤد طار..طار
-
الدولة الوطنية الديمقراطية في العراق
-
لصوص الأنظمة المتحكمة
-
جنبلاط من كمال إلى وليد
-
خدام - ميرو -والبقية تتوالى
-
ماذا يحدث في سوريا؟
-
عولمة الأطفال
-
بيروت
-
الشرعية الدولية وعلاقتها بالشرق الأوسط
-
لبنان - قسوة الخيارات
-
الحاكم والمُعارض العربيان في لوحة البدائل
-
آليات العمل السياسي
-
إنه الحوار المتمدن
-
الانتماء الوطني بين الشعورية والعقلانية
-
الحقيقة في الجدولة الفكرية العربية
-
بصراحة- حول إعلان دمشق
-
ضبابية المفاهيم – المستقبل الخطر
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|