|
رسائل السلم و الحرب بين إسرائيل و حماس !
ريهام عودة
الحوار المتمدن-العدد: 5558 - 2017 / 6 / 21 - 17:42
المحور:
القضية الفلسطينية
مازال ليبرمان يتوعد ، و الجيش الإسرائيلي يُهدد ، و المحللون الاسرائيليون يحذرون من حرب أخرى قادمة على غزة ، و كأن جميع الإسرائيلون يستنفرون من أجل تحذير حماس من مغبة شن أي عملية عسكرية لها ضد إسرائيل.
و من يراقب ما ينشر بكثافة عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية ، حول أزمة كهرباء غزة و علاقتها بالحرب ، يكاد يلمح بشدة أن هناك رسائل مباشرة توجها إسرائيل لحماس عبر وسائل إعلامها الإسرائيلي .
و يلاحظ أن هناك توقع إسرائيلي بأن تبدأ حماس الحرب، مما سيوفر حجة قوية للجيش الاسرائيلي لمهاجمة غزة و محاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية بالقطاع ، خاصة في ظل تقلص الدعم المادي و السياسي لحماس ، بسبب المقاطعة الخليجية لقطر ، و بسبب رفض السلطة الفلسطينية الاستمرار بدفع فواتير كهرباء غزة ، و تقليصها لرواتب موظفي القطاع ، مما يجعل تلك المتغيرات السياسية توفر مناخ مناسب لإسرائيل لشن حرب على حماس ، قد تكون حرب نهائية وحاسمة.
و هنا ستبرر اسرائيل حربها على حماس ، بأنها مجرد حرب دفاعية، و مجرد رد عسكري على حماس نتيجة تنفيذ حماس عمليات عسكرية ضد المواطنين الإسرائيليين.
أما بالنسبة لحركة حماس ، فهي تراقب بصمت ودهاء ، ما ينشر من تصريحات إسرائيلية حول تخوف إسرائيل من حرب على غزة ، و على ما يبدو فإن الحركة بدأت تعي جيدا قواعد اللعبة الحربية الإسرائيلية ، و بدأت تعلم أنه ليس من مصلحتها و ليس من الحكمه ، في ظل التغيرات الإقليمية و المحلية ، و بدون استعداد نهائي ، أن تتهور الحركة، و تورط نفسها بحرب عشوائية قد تقضي على مستقبلها بقطاع غزة.
لذا كل طرف سواء كان فلسطيني أو إسرائيلي ، يعلم مايريده جيدا ، و يفهم لغة الأخر من رسائل تهديد ووعيد ، و من رسائل طمئنة ، تشير إلي رغبة الطرفين في التهدئة و القبول بأوقات سلم مشروطة.
فاسرائيل من جهتها ، تريد أن تشن حرب على حماس، لكنها لا تريد أن تبادر بتلك الحرب ، لأنها تريد أن توفر غطاء دولي لحربها ، و تريد أن تكون حربها المقبلة حرب نهائية ، فحسب تصريحات وزير جيشها الإسرائيلي ليبرمان ، أنه ليس من المعقول أن تتورط إسرائيل بحرب كل عامين.
أما من ناحية حماس ، فهي تريد أن تشن حرب مقدسه على إسرائيل ، تتزامن مع تنبؤات مفكرها الإسلامي ، بسام جرار، الذي تنبأ بنهاية دولة اسرائيل خلال عام 2022 بناء على حسابات قرأنية.
لذا لماذا تبدأ حماس حربها ضد إسرائيل في عام 2017 ، كرد فعل على الحصار ضدها ، في الوقت الذي يوجد لديها تاريخ مبارك ومدة زمنية أطول لتطوير قدراتها العسكرية، من أجل شن حرب التحرير المقدسة حسب اعتقاد قادتها؟ و بالنسبة لحماس أيضاً ، فإن كل ما اختبرته الحركة من حروب سابقة ، وكل ما تمر به الآن ، من مناورات عسكرية ، هو مجرد عمليات عسكرية تجريبية، و مرحلة استعداد كبري لما هو أعظم و أهول من ذلك ، وهو يكمن بحرب كبرى و نوعية، قد تحدد مصير الحركة ودورها في القضية الفلسطينية بالمستقبل.
و يستمر ليبرمان بإرسال رسائل تحريضية للغزين ضد حماس، أنها هي السبب في مأساتهم ، و أن حماس ستحول غزة كمدينتي الموصل و الرقة، و في نفس الوقت يرسل رسائل تحفيزية لحماس ، تكمن بأن اسرائيل يمكنها أن تحول قطاع غزة لسنغافورة في حال تنازلت حماس عن المقاومة.
لكن بالطبع، ترفض حماس بشدة تلك الإغراءات الإسرائيلية ، و تعلن بقوة عن دعمها للمقاومة، و رفضها التخلي عن مشروع التحرير الكبير ، وفي نفس الوقت ترسل حماس رسالة مباشرة للإسرائيليين عبر تصريح سياسي لقائدها ، خليل الحية ، الذي أعلن خلال مؤتمر صحفي موجه للإعلام الفلسطيني ، بأن حماس في الفترة الحالية لا تريد أن تتورط بأي حرب جديدة ، و أنها ترغب بالحفاظ على فترة هدوء و سلم مع إسرائيل.
إذن رسائل هنا وهناك ، رسائل سلم وحرب، رسائل مباشرة وغير مباشرة متبادلة بين الطرفين ، و الوسيط هنا ليس شخصيات دولية أو عربية ، كما كان بالسابق ، بل الوسطاء هنا ، هم وسائل إعلامية فلسطينية و إسرائيلية التي تركت ساحتها مفتوحة لبث و نشر التصريحات السياسية و العسكرية المتبادلة بين حماس و إسرائيل ، بحيث تشير تلك التصريحات إلى رغبة كلا الطرفين بعدم التورط في أي حرب جديدة خلال عام 2017 و أيضا تحمل تلك التصريحات تهديدات كلا الطرفين في حال خرق أي طرف فترة الهدوء المؤقتة.
و كأن شعب غزة هو جمهور متفرج يشاهد حلبة مصارعه بين الطرفين ، حيث يحاول كل طرف أن يفوز على الطرف الاخر ، و أن يجذب الجمهور المتحمس لصفه ، لكن في الحقيقيه شعب غزة لا يرغب بالضرورة ، أن يتحول قطاعه الي سنغافوره، و هو يرفض بالطبع أن يتحول القطاع الي الموصل أو الرقة .
شعب غزة ، يريد أن يعيش حياه بسيطه آمنة تخلو من العنف و الفقر و البطالة و الحصار، و يريد أن ينعم شبابه بمستقبل مشرق و يلهو أطفاله بمنتزهات خضراء و شواطئ نظيفة ، إنه بكل بساطه يريد حياة هادئة قد تتوفر في أبسط قرية عربية متواجدة في الصعيد المصري.
لذا شعب غزة لا يحتاج من إسرائيل لكي تحول قطاعه لسنغافورة ، لأن الشعب ببساطه هو من يصنع وطنه و يحوله إلي منجما للذهب أو قبرا للموت !
فغزة تحتاج لأبنائها لكي يقررورا مصيرهم بأيديهم ، و يختاروا قدرهم بعقولهم ، و أن يعرفوا ما هي مصلحتهم ، عن طريق صمودهم ، و صبرهم ، و تسلحهم بالعلم و الايمان ، وتبنيهم لثقافة التسامح و السلم الأهلي ، و الاخلاص للوطن ، و التعايش مع روح الحضارة العصرية.
لذلك كشعب فلسطيني ، علينا أن نعرف ماذا نريد، و أن نبدأ ببناء نموذجا لدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ، قبل أن نطالب العالم بالاعتراف بدولة فاشلة منقوصة غير كاملة السيادة ، لا يوجد بها أقل متطلبات تأسيس الدولة ، ألا وهي الوحدة بين مؤسساتها الحكومية.
فالشعب الذي يفشل بالتوافق على يوم إجازة رسميه في كل من الضفة الغربية و غزة ، لا يستطيع أن ينجح بالاتفاق على قرار واحد للتحرر من الاحتلال بطريقة عصرية و حضارية تكسبه احترام و ثقة العالم.
لذا من الواجب علينا كشعب فلسطيني ، أن نلوم أنفسنا أولاً قبل قيادتنا ، لأن القادة هم مرآه الشعوب ، و القائد هو ابن بيئته و مجتمعه.
فالقائد المتوحش و الحاقد هو بالأساس نشأ و ترعرع ضمن مجتمع ناقم وعنيف ، و القائد السلمي و المستنير هو أيضا نتيجة تنشئة مجتمعية في بيئة مثقفة و متسامحة.
لذلك يكفى لوماً للآخرين ، و لننظر كشعب نظرة معمقة إلي داخل أنفسنا ، و داخل بيوتنا ، و داخل مدارسنا ، ومن ثم داخل مجتمعنا الممزق بسبب العنف و الجهل .
و علينا أن نشعر بالخجل بسبب عجز عقلنا الفلسطيني ، عن ايجاد حل نهائي للتخلص من احتلال مستمر منذ خمسين عاما ، فهل نحتاج لخمسين عاما أخرى، للتكيف مع متطلبات العصر ، و لكي يتطور عقلنا الفلسطيني حتى نجد الحل السحري للتخلص من هذا الاحتلال؟
فلتستمر إسرائيل بإرسال تحذيراتها إلي حماس ، و لتستمر حماس بتهديداتها ووعيدها لإسرائيل ، لكن نحن كشعب لدينا رسائل أخرى ، فرسائلنا تكمن باستمرارنا بالصمود، و الصبر من أجل الحياة ، و الأمل بمستقبل حر ومشرق، يبدأ بتعليم أطفالنا أول حروف الوطن، الذي يجب أن يوفر لنا الحريه و الكرامة و الوحدة و التسامح و الحضاره.
#ريهام_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا سيحدث لو أعلن الرئيس عباس قطاع غزة كإقليم متمرد ؟
-
الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية في قضية الاستيطان
-
سؤال يحتاج لإجابة: لماذا لم نتحرر من الاحتلال بعد 68 عاما؟
-
معبر قلنديا : معبر الذل ...
-
هل تؤجل إسرائيل الاتفاق النهائي للسلام حتى عام 2050 ؟
-
ضحايا الديمقراطية في الوطن العربي!
-
لا داعي للقلق من عصا وجزرة ليبرمان
-
أيها القائد الفلسطيني،راقب وتعلم و لا تغامر !
-
هناك مستقبل لغزة لو....
-
الملكة رانيا:المرأه الإنسانية ذات الأفاق الدولية
-
الحل ليس عند الرئيس
-
طبيعة دور المثقفين العرب و جدلية علاقتهم مع السلطة
-
نائب للرئيس ومجلس حكماء حتى لا تنهار السلطة !
-
إسرائيل و الحب المستحيل!
-
إلي اللواء ماجد فرج: لا تُبرر ولا تُعطي الحبة الزرقاء !
-
السياسة ليست لعبة قذرة !
-
التحالف مع الشيطان !
-
هكذا تدفع إسرائيل ثمن محاولة تهميش عباس !
-
إسرائيل لم تردع حماس
-
من ينقذ الشعب ؟ البحث عن البطل!
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|