|
ويبقى الاحتلال والاعيبه في الذاكرة
نوري جاسم المياحي
الحوار المتمدن-العدد: 5558 - 2017 / 6 / 21 - 17:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لا يخفى على احد من المراقبين ما ينفذ من مخططات في منطقتنا العربية ...ولاسيما في العراق وسوريا ..فقد بدأت ملامح الخطط التي من اجلها اسقطوا نظام صدام واحتلوا العراق ومزقوه وانتقلوا الى سوريا وبسيناريو مشابه سيصلون الى نفس الهدف ...وهي اذلال الشعوب واضعافها وايصالهم الى نقطة الاستسلام والرضوخ بقبول مخططهم ..وعلى الركوع لأرادتهم .. هذه الاحداث الجارية اليوم ايقظت في ذاكرتي بعض المواقف عن الاحتلال كمشاهد ولم يكن يمر بخيالي ان تحدث وللأسف ما اراه من مصائب هذه الايام التي تحدث والغريب ان الكثير من ابناء شعبنا بدأوا استسلاميين ويؤيدونها بعد ان كانوا يعتبرونها كفرا .. فكل من عايش الايام الاولى لاحتلال بغداد ..يتذكر جيدا .. ان الامريكان وبعد معركة المطار وانهيار الدفاعات العراقية ..اندفعوا لاحتلال المراكز المهمة بالعاصمة ..وهذا ليس محور قصتي اليوم .. وبما ان خط الدفاع الاول عن بغداد كان مستندا على المصب العام ( نهر القائد ) كمانع طبيعي وكما نعلم ان مطار صدام الدولي ( سابقا ) يقع في قضاء ابو غريب ...واول معركة حاسمة دارت رحاها على ارض المطار وبعد ان احتلوه...فقد اختاروه كقاعدة اساسية لهم للوثوب على مركز بغداد.. وهذا ما تأكد لنا فيما بعد وبقي الحال على ما هو عليه ولو بشكل خفي حتى يومنا هذا ( بشكل او اخر ) وهذا ما يقال ويشاع في الاعلام أي انهم موجودين فيه على شكل شركات حماية امنية .. وللمعلومات انني شخصيا لم أرى عتبة المطار منذ ثلاثين سنة مضت... وللتوضيح فان بيتي يقع على الشارع العام لأبو غريب ...فكنت اخرج واقف طويلا للتفرج والمراقبة على ما يجري في الشارع .. وكانت دوريات الاحتلال الراجلة والمحمولة تقطع الشارع ذهابا وايابا ..وفي كثير من الاحيان تنصب مفارز انية لتفتيش المواطنين الذين يتنقلون مشيا على الاقدام ..وان انسى فلن انسى المعاملة القاسية والمذلة والمهينة التي يعامل بها المواطن البسيط اثناء محاولتهم نزولهم الى بغداد سيرا على الاقدام .. لقد كان الجندي الامريكي مرعوب وخائف من العراقي .. فتراه يلقاه بالصراخ والطلب منه الوقوف ورفع الايادي فوق الراس وفتح السيقان بالركل او اجبارهم على الركوع على الارض ..وكنت اشاهد هذه المناظر المؤلمة والقلب يقطر حزنا ..ولم اكن اتصور ان يأتي يوم وينسى العراقيون هذه الاهانات والاذلال من قبل اليانكيز الامريكان ..وللأسف حل هذا اليوم وان العراقيين قد نسوها ..ويقدمون فروض الطاعة برحابة صدر وامتنان بعد ان ذاقوا واكلوا العلقم علي أيدي قادة الاحزاب التي جاءت على الدبابة الامريكية ..وخلال 14 سنة الماضية .. وكأجراء وقائي استباقي امني من الامريكان...كانوا يفتشون دوريا البيوت والبساتين الواقعة على شارع ابو غريب العام وبما ان بيتي من هذه البيوت فكنا نتعرض لهذه الزيارات بين حين واخر .. ويحاولون تكوين علاقات عامة ..بالرغم من علمهم ان ما يسمعوه من اللسان العراقي لا ينطبق بالضرورة على ما في القلب ..فقد كانوا لا يثقون بكلام العراقي .. والعبارة الوحيدة التي كنت اسمعها منهم بالعربي هي (علي بابا ) ..وانا لا الومهم على ذلك ..فالعراقي يستحق هذه التسمية للأسف ..فلم يتركوا شيئا الا ونهبوه او سرقوه او حرقوه او كسروه ..هذا ما شاهدته بعيني ..ولهذا سموا بالحواسم ولا ادري بالضبط ما العلاقة بين كلمة الحسم والنهب ..وللأسف مرت السنين على الاحتلال وخرج الامريكان ظاهريا ..ولكنهم تركوا وراءهم على بابا وعصاباته يتناسلون ويتكاثرون ولازالوا يعبثون بالعراق نهبا وفسادا ..وقتلا ودمارا ولكي لا اطيل وأركز على النقطة المهمة التي اريد التركيز عليها من ذكرياتي ..ففي احد هذه الزيارات التفتيشية للدوريات الامريكية التقيت بهم ودردشت معهم وكنت ( ادكش بالإنكليزي مثل ما يقولون ولكني كنت افهم ما يقولون ولو كان يصعب علي مناقشتهم بطلاقة وافهامهم ما اريد قوله ) فسالني احد الجنود الامريكان عن رائي بالاحتلال وعن مستقبل العراق وما اتمناه لشعبنا .. وكالعادة وكغيري من اهل العراق المساكين الحالمين بوطن حر وشعب سعيد حدثته عن الحلم الديمقراطي الحضاري الجميل ( هههه بعد روح روحي كنت احلم بوطن الحرية والديمقراطية والسلام ) .. ولكني فوجئت بسؤاله ..ما رايك بتقسيم العراق الى ثلاثة اقسام ..( كردي – سني –شيعي ) ..ومن البديهي وانا العراقي الذي كان يحلم بالسلام للإنسانية وبوحدة العرب وتضامنهم وترسيخ وحدة شعبنا العراقي ..فدافعت بشدة عن افكاري ...وللأمانة كان محاوري الامريكي كيسا ودبلوماسيا ولم يعترض ولكنه لم يستمر بمناقشتي وانما قلب الصفحة كما يقولون و ( أخذني على كد عقلي كما يقول العراقيين ) ..والى هنا انتهى حديثنا .. وانا طويت الصفحة ونسيتها لأنها غير قابلة للتطبيق كما كنت اعتقد واهما .. ومرت الاشهر وربما السنين ..وظهر على المسرح مشروع بايدن السيء السمعة والصيت ..والمعروف بمشروع الشرق الاوسط الجديد وتقسيم المقسم وعلى نار هادئة .. فمن كان يصدق آنذاك ان السيد البرزاني يجرأ بالمطالبة علنا وجهارا بدولة كردستان المستقلة ... ومن كان يصدق ان بعض العناوين السنية حاليا ( البعثية سابقا ) تركت امة عربية واحدة وتطالب بدولة سنيستان .. ومن كان يصدق ان عناوين شيعية ( البعثية سابقا ) والوحدوية العربية تنقلب كالقرد وتطالب بدولة شيعيستان ... وليس خافيا على احد ..ان الاحتلال خرج ظاهريا من الباب وعاد من الشباك وكل المؤشرات تفيد ان المخطط الدموي لن يقف عند النصر العسكري ( الظاهري ) القريب جدا على الدواعش والارهاب اليوم في العراق وسوريا قريبا ..فسيعقبه مصائب واهوال كتبت على الشعب العراقي ..( وهذه وجهة نظر شخصية ويمكن اعتبارها حدس وتخوف شخصي ) ..وامل ان لا تحدث بإرادة الخيرين من ابناء هذا الوطن الجريح.. ولو كان هذا المخطط مقتصرا على العراق لهان الامر ...ولكن الاخطبوط الصهيو – امريكي كشر عن انيابه مؤخرا وعلنا وبلا مستحى او خجل او احترام لإرادة الشعوب...ففي سوريا ..غزها بحجة حماية قوات سوريا الديمقراطية في الشمال و سبحتل الرقة وبالقوة سيمنع الجيش السوري عن الدفاع عن الارض السورية ويهاجمهم بالطائرات والصواريخ ..وفي الجنوب يمنع السوريين والعراقيين من ضبط الحدود بين العراق وسوريا والاردن ..واحتلت قواته التنف وبقية المعابر ..ونصبوا فيها صواريخ بعيدة ومتطورة جدا. واسقط طائرتين سوريتين في يومين متتالين ..بحجة انهم هددوا امنهم ( اريد افهم انتو منو طلب منكم ان تجون للعراق او سوريا ولكنه حكم القوي على الضعيف ) ..ونفس الاسطوانة التي رددوها ضد الحشد الشعبي العراقي ..لأنه غير خاضع لقيادتهم ..وبحجة انهم اتباع لإيران ونسوا ان العراق بهذا الحشد حارب ايران لمدة ثماني سنوات .. بالأمس ..كانوا يشجعون قطر واميرها ..على رعاية الارهاب وبموافقتهم وتوجيهاتهم ..وبنفس الوقت كانت تساعد حماس وحماس اصبحت بين ليلة وضحاها ارهابية ..فاعلنوا الحرب على قطر ..ولكن قطر فهمت اللعبة فسارعت ودفعت فدية لترامب 12 مليار دولار ..والنتيجة لحد الان غير معروفة .. منذ صدور قانون جستا الامريكي والعائلة السعودية عايشة خوف ورعب ومثل ما يقول العراقيين (بالطراكة جاك الواوي جاك الذيب ) فبالامس السعودية وكما تناقلته الاخبار دفعت فدية لترامب مئات المليارات .. واسكتته وقتيا عن الحلب .. والغريب اليوم ان ولي عهدها الامير محمد ابن نايف يدفع الثمن وبتوقيت مفاجيء ولسبب غير معلن (ولو اني اعتقد انها توطئة لإعلان حرب جيدة في المنطقة سيكون بطلها محمد ابن سلمان ) والله اعلم بالغيب وايضا المستقبل مجهول ... العراق كبلد ووطن دمر ولا زال .. ولا احد يعرف مستقبله بعد داعش ..والخصوم الداخليين يحدون اسلحتهم والسنتهم وجيوبهم لكي يقتل الاخ اخيه اي لازال مستقبله مجهول .. سوريا ومعمعة الصراع بين الكبار وايضا مستقبلها مجهول ... فالصراع الروسي الامريكي على اشده ولو انني واثق انه لن بصل الى الاصطدام العسكري بينهما وانما سيتقاسمون الكعكة السورية بينهما بالرضا والتراضي وبالتفاوض...وان لم يرضخ الرئيس بوتن فالبركة بملك الاردن وولي عهد السعودية الجديد ومن خلفه اسرائيل ..وقواتهم المحتشدة على الاراضي السورية وجاهزة للاندفاع نحو دمشق ..والله علام الغيوب .. اما عن السلطان ارد وغان ومستقبل تركيا والاخوان المسلمين .. فان لم يكن حذر جدا فيدخلونه خانة الجهول ان لم يركع لهم ..وكحليفتهم قطر .. اما عن ايران وولاية الفقيه وحكامها ..فانا اعتقد انهم اعقل من ان يتورطوا بنزاع يعيدهم الى عصر ما قبل الصناعة كما فعل الامريكان في عراق صدام ..واعتقد انهم يعرفون قواعد اللعبة ..وسيحاولون الخروج بجزء مقبول من الكعكة وبلا ضجة ولا شوشره ..فهم لا يبالون ان غرق الشعبين السوري والعراقي او نجوا المهم عندهم ..ايران ولا شيء غير ايران ..وستثبت الايام ذلك ..والله اعلم بالغيب .. وعندي كلمة أخيرة واريد ان اقولها لكل من يراهن من العراقيين والسوريين على روسيا او ايران او تركيا او السعودية او امريكا والغرب ان يقاتلوا دفاعا عن شعوبنا او يرحموكم فلا تصدقوا ..واقول لهم انكم واهمون ..فهؤلاء لن يحاربوا بدلا عنكم وانما تهمهم مصالح شعوبهم .. ومناطق نفوذهم .. ويبقى عندي سؤال ... لم توقيت هذا التغيير المفاجئ في السعودية ؟؟؟ ولاسيما ونحن نعرف ان الشاب الامير محمد ابن سلمان هو القائد والمشرف على التحالف العربي الذي يشن حربا لا هوادة فيها ضد اليمن الحزين ؟؟ فهل سيستلم مسؤولية غزو سوريا من الجنوب .. اي من التنف ودرعا ...ام سيكلف بواجب اخر في الخليج واستفزاز ايران لإشعال حرب جديدة ...وايضا الله واعلم بالغيب .. اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او أرتحلوا
#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فقدان الاعصاب من طبع العراقيين
-
سائق التاكسي والحجية العجوز
-
اليوم المشؤوم
-
قصة أشأم وأتعس يوم في حياتي ( الجزء الاول)
-
لعنة الطائفية في ذاكرتي
-
من الآرحم انت ام ربك ؟؟
-
يا محلى طيبة العراقيين
-
خواطر شيخ مريض
-
ذكرياتي عن احتفالات عيد العمال في بغداد
-
البطر افة اجتماعية
-
لا صايرة ولا دايرة يا حرامية العراق
-
امانة ايام زمان وخيانة هذه الايام
-
بيوتات المربعة القديمة كما اتذكرها
-
عيني عينك اسرقك
-
ترامب والامل في هزيمة الارهاب
-
ترامب والامل في هزيمة الارهاب
-
السلاح الأفضل في ردع الطامعين بالعراق؟؟
-
جعجعة تركية ..صمت امريكي .. تفرج إيراني ...ترقب كردي ..انتصا
...
-
الدهاء السياسي سلاح ضروري للضعفاء
-
أمريكا مخادعة ومصلحية فاحذروا الاعيبها
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|