أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟














المزيد.....


هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 21:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وصلتني هذه الرسالة العميقة من شابٍّ مصري مسيحي، تقول:
"أستاذة فاطمة، النهارده أول رمضان وأنا بجد حزين. كنت في المكتبة، باصور ورق ترنيمة "احفظ بلادنا يا رب"، علشان نقدمها في الكورال. وحزنت لما شوفت فانوس رمضان نازل على شكل دبدوب راكب على عجلة! مش ده الفانوس اللي كنت حريص أشتريه كل سنة أنا وكل أسرتي. حتى جدتي كانت بتفرح لما أقدم لها فانوس هدية! فانوس رمضان راح فين يا أستاذة فاطمة؟ وأسئلة كمان كتير:
ليه ماحدش خبّط علينا السنة دي علشان يقولي هات فلوس زينة رمضان؟!
فين طبق الكنافة والقطايف اللي كان لازم حد يديهولنا من الجيران؟!
هو ليه ماحدش بقى بيضرب بومب ويفرقع صواريخ قدام باب العمارة!
ليه لما ركبت التاكسي النهاردة، السواق قالي الشوارع فاضية السنة دي جدًّا؛ فضيت ليه؟ وازاي تفضى!
بس قولت أكيد العيب فيا أنا، أكيد أنا اللي مش عارف انتزع الفرحة من وسط كل الظروف. لذلك أصريت على اني احتفظ بفانوس رمضان في قلبي، وماسيبهوش أبدًا، حتى لو مافيهوش شمعة! وبصراحة، كانت مضلمة خالص في عينيا ياأستاذة.
مقالك النهاردة كان بالنسبة لي هو الشمعة اللي نوّرت فانوسي. لما قريت المقال لاقيت مصر قدامي عروسة جميلة كما أريدها أن تكون. لاقيت نفسي واقف على السلم بأعلّق الزينة مع إخواتي المسلمين. عمال ألعب وأرمي في صواريخ وأنا بقول: "مدفع الإفطار، إضررررب." كنت واقف مع صاحبي "محمد نجيب" بنوزع على الناس" تمر" وقت الإفطار. مش ممكن أنسى الناس وهي بتمسك فيا وبتقولي: "خش افطر معانا.’ وأقولهم: "يا جماعة أنا مسيحي!” يقولولي: "وإيه يعني؟ كل سنة وإنت طيب. خش ماتبخلش علينا بالثواب.’
أنا بحب شهر رمضان يا أستاذة، وبحب أشوف الطيبة على وجوه الناس والفرحة في عيونهم. فانوس رمضان لسه في إيدي، وأنتِ نورتيه بالشمعة بمقال اليوم. وبعد ماخلصت المقال، سمعت صوت بومب وصواريخ، مش قدام باب العمارة وبس، لأ، قدام باب الشقة كمان. وماما دخلت عليا النهاردة بكل أنواع المكسرات والتين وقمر الدين. وطبعاً مش هي اللي اشتريتهم. أنا أثق إن مقالاتك بتنوّر فوانيس كتيرة مطفية. ولو حد انتقد مقالاتك بأي كلام جارح، متزعليش، وكوني متأكدة إنه مسكين، معندوش فانوس رمضان. كل سنة وانتِ طيبة ياطيبة. و"كل سنة ومصرُ مصرُ"، زي ما قلتي في آخر مقالك."
انتهت الرسالة الجميلة.
ولكن هذا العام ليس يشبهه عامٌ سابق. وشهر رمضان هذا ليس مثله رمضانُ سابق. هذا العام أهرق دمَ المسيحيين على سجاد كنيسة فُجّرت يوم عيد السعف، وأغرق رصيف شارعٍ نُحر على قارعته رجلٌ يجلس أمام دكانه آمنًا، ونثر الدماء على نوافذ حافلة تقلّ أطفالا وأمهاتهم وآباءهم في طريقهم لأحد الأديرة. وهذا الرمضان بدأ بدم المسيحيين قبل أن يُشرق هلالُه في سماء مصر. لهذا، كنت خائفة من زوال نعمة سماوية خصَّ اللهُ بها مصرَ دون سائر بلاد العالمين. تمرةً وكأس ماء بارد يقدمها لي شابٌّ مسيحيٌّ وقت أذان المغرب، إذا تأخرتُ في الطريق عن مائدة بيتي.
كنت مرتعبة من فكرة غياب تلك النعمة عن سماء بلادي. لهذا طوال الأيام الماضية كنتُ أتجنّب التأخر في الشارع حتى موعد المغرب، حتى لا أُصدم بما قد يقتلني، حين أتيقّن أننا فرّطنا في كنزنا الأكبر، منحة الله لنا: المحبة التي تربط بين المصريين مسلمين ومسيحيين. هل المحبة تسقط؟
لكنني قررتُ أواجه الأمر بالأمس، فتعمدت أن أنزل من بيتي وقت المغرب. وصادفني في الطريق كثيرٌ من الشباب يقفون كالعادة على نواصي الطرقات يقدمون الماءَ والتمر للصائمين. في السنوات الماضية كنت أتعمّد أن أتوقف بسيارتي وأدردش مع أولئك الشباب ولا أمضي قبل أن أتأكد أن معظمَهم مسيحيون. لكنني بالأمس، خجلتُ أن أسأل. الأدق أنني "خشيتُ" أن أسأل حتى لا تقتلني الإجاباتُ، وقررتُ ان أعيش خياليَ الجميل دون أن أعرف الواقع الذي قد يكون مُرًّا. فليس أشهى من تمرة تقدمها لي يدٌ مسيحية لأكسر صيامي، وليس أصفى من كأس ماء بارد يشفي ظمأي تحمله يد مصرية تتقن درس المحبة المطلقة. إن توقّف الشبابُ المسيحيُّ عن تقديم التمر والماء لأشقائهم صائمي رمضان، ستنتهي مصرُ، ولن أجرؤ على عتابهم. فقد آذايناهم كثيرًا. لكنني أراهنُ على تحضّرهم ورُقيهم الذي أعرفه حقّ المعرفة، وواثقةٌ أنهم لن يسمحوا أن يفرّطوا في تلك النعمة الكبرى التي خصّهم الُله بها ونتعلمها منهم كل يوم: المحبة والسلام والغفران. إنهم يغفرون للذين يسيئون إليهم حتى يطلبوا الغفران من الله. لهذا يقولون في صلواتهم: “اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا.” أيها المسيحيون الأنقياء، اغفروا للمذنبين إليكم حتى يستمر درس "المحبة التي لا تسقط أبدا"، وحافظوا على "التمرة" في أكفّكم الطيبة، وكأس ماء بارد لا يضيعُ أجرُه.
أما إجابة سؤالي في عنوان المقال، فسوف تعرفونها في مقالي الأسبوع القادم بإذن الله.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
- حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
- المرأةُ في عيني نيتشه
- تاريخ الأقباط وجنود داعش في مصر
- ليلة... بكى فيها الشيطان
- هؤلاء وأولئك ….. أكثرُ منّا إيمانًا!
- هؤلاء وأولئك … أكثرُ منّا إيمانًا!
- ماذا قالت الراهبةُ للشيخ
- مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
- محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
- حاضر عن المتهم
- كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
- ألفُ خطيئة في حق العربية!
- طوبَى لصُنّاع السلام
- إبراءُ ذِمّة … وشهادة
- أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!
- حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف


المزيد.....




- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...
- استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
- مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
- مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا ...
- غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
- أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين ...
- أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب ...
- رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في ...
- ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة ...
- هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟