|
استمرار الحراك الاجتماعي بالحسيمة وباقي المدن المغربية وفشل الحراك الامني
الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي
الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 18:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاحتجاج السلمي اختبار حقيقي للدولة البوليسية والنظام القائم ومدى انخراطه في الاصلاح الجذري والرغبة الاكيدة في التحول التلقائي والسلس الى دولة مؤسسات عصرية تحتكم الى القوانين وتستوعب التحولات العميقة والتجارب في المجتمعات المتقدمة المتفاعلة مع مطالب الشعب بالاحتكام الى المبادئ الديمقراطية في حل الاشكالات بعيدا عن الشعارات المستهكلة. الاحتجاج الانساني السلمي الواعي والمنظم في شمال المغرب يروم بالاساس تحقيق التغيير الايجابي باصلاح اختلالات هيكلية في بنية المؤسسات العمومية والدستورية المدانة جماعيا سياسيا ونقابيا وحقوقيا وجمعويا تلمسا لمجتمع متساوي في الحقوق والواجبات تحت مظلة الدستور المغربي. الاحتجاجات الاجتماعية كما نعلم مرتبطة بمختلف النظم السياسية في العالم المتطور والمتخلف على حد سواء، لها امتداد في الانظمة الديمقراطية و الديكتاتورية بدرجات مختلفة طبعا، فالاجتجاج يؤدي في الغالب الاعم في الانظمة الحداثية إلى تطوير النظام السياسي ومعالجة اسباب التظاهر، أما النظام المنغلق والقمعي يكرس ويصدر الأزمات ويخلق الهوامش والضحايا عبر الجنوح الميكانيكي الى مصادرة الحقوق وسحق المبادرات السلمية لاظهار الحزم والجدية تجاه المواطنين العزل بدل اظهارها في محاربة الفساد والمفسدين.
النظام في المغرب عاجز كلية عن الاستجابة للمطالب الشعبية بحجة غياب الامكانات المادية رغم الثروات القوية التي يتوفر عليها التي توزع بشكل غير عادل ومتمركزة في ايدي القلة القليلة،ويشهر ورقة القمع والتضييق على حرية التعبير والتحايل للالتفاف على المطالب المشروعة للطبقات الاجتماعية حتى لا ترفع سقف المطالب مستقبلا.
الحراك في المغرب انطلق من الريف ويدخل في خانة الاحتجاج الاجتماعي ضد التهميش والاقصاء الذي قوبل بالقمع والتخوين و الباس تهمة الانفصال على المتظاهرين لشرعنة الاعتقالات وطبخ الملفات والمحاضر باسلوب يعيد مخاوف ومخلفات سنوات الرصاص تلك الحقبة الدموية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من تاريخ المغرب السياسي.
نتيجة التعامل القوي للسلطة مع الاحتجاجات في الحسيمة بدا الحراك السلمي يتمدد ويتوسع في مدن اخرى ويخلق جبهة موحدة مطلبيا و مفرقة مكانيا والقواسم المشتركة بين المتظاهرين فضح الفساد والحكرة والظلم الاجتماعي ونهب وتهريب الثروات والافلات من العقاب.وهذا التمدد المكتسح يعقد من مهمة الاجهزة المخزنية التي تراهن على منطق القوة والغالب والمغلوب. وبدل فتح قنوات الحوار المسؤول والنقاش الهادئ لايجاد ارضية مشتركة للمطالب العادلة لجات السلطة الى لغة العنف والتفريق بالقوة مما خلف الاصابات ولم تعد قضية بناء مستشفى وجامعة وخلق فرص عمل للشباب العاطل بل تحول الامر الى محاكمة النظام السياسي القائم في شموليته امام العالم ورغم محاولات التعتيم الاعلامي الرسمي فان شبكات التواصل الاجتماعي اوصلت القضية الى الراي العام العالمي مما دفع مغاربة المهجر الانخراط الطوعي في مساندة اهل الريف والمغرب عامة امام القنصليات والسفارات مما زاد في فضح المقاربة الامنية للمؤسسات الرسمية التي لجات ايضا الى تحريك البلاطجة والعياشة لترهيب وتخويف المحتجين وامتصاص الغضب الشعبي وبدأ ملف حقوق الانسان يستغل من قبل الجهات المناوئة للوطن ووحدته الترابية في المحافل الدولية. لقد انتقلت المطالب الشعبية في الإصلاح الديموقراطي وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية وحرية التعبير وتوفير الكرامة الانسانية في شق منها الى مطالب باسقاط الحكومة القزحية ومحاكمة رموز الفساد السياسي والمالي في اجهزة الدولة،ومحاكمة ممثلي المؤسسات الدستورية والعمومية العاجزين عن صياغة مواقف مبدئية والمشاركة الوازنة والفاعلة في ايجاد الحلول لمطالب مشروعة لانهم لا يمثلون الشعب واغلبهم جزء من الاشكال والاغلبية جاءت عن طريق التزوير وشراء الذمم مما يعتبر ضربة اخرى للتدخل السافر في هندسة الخريطة الانتخابية بدل ترك حرية الاختيار للشعب في تنصيب ممثليه في الاجهزة التشريعية. الدولة انتهجت سياسة القمع والاعتقال في التعاطي المتقدم والحضاري مع الحراك الاجتماعي لانهائه بجميع الاساليب والطرق باستنفار جميع الامكانات وتحول الامر من ملف مطلبي اجتماعي الى تفريخ ملفات حقوقية وقضائية وضعت الدستور والتحول السياسي المغربي المزعوم والمفترى عليه على المحك والاختبار واظهر حقيقة اكيدة انغلاق النظام السياسي العاجز كلية عن الاستماع الى نبض الشارع والتقاط الاشارات اذ لم تقدم وسائل التضليل وحجب الحقيقية النتائج المتوخاة والمرجوة فتقنيات التواصل الحديثة والتطور التكنولوجي فضخ تسويق الرواية الرسمية عبر القنوات الاعلامية العمومية المتحكم فيها عند بعد وما تزال تمارس الاساليب التقليدية في حجب المعلومة والتعاطي بمصداقية ومهنية مع المطالب المشروعة للشرائح المجتمعية.
كما ان الحركات الاحتجاجية اجتماعية صرفة رغم رفعها لبعض الشعارات السياسية لكنها لا تغدو عن كونها نوع من المزايدة و التاكيد على الارتباط الوثيق بالقضايا المصيرية للامة اذ لا وجود لتنظيم سري محرك ومهيمن على الحراك بل تمت محاصرة التنظيمات السياسية ومنعها من المشاركة ليظل الحراك المطلبي عفويا بدون راس رغم وجود قيادة شبابية تظهر وتختفي لكن الجماهير من تقرر بدليل اعتقال ابرز الاسماء وعسكرة المدينة لكن لم ينته الاحتجاج الذي يطور ويبدع اشكال نضالية حتما سيجبر الدولة على تغيير سياستها واعدام المقاربة الامنية.
الحسان عشاق- الخميسات
#الحسان_عشاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعذرونا اخواننا في الريف لقد ماتت الرجولة والكرامة في اهل زم
...
-
مجلس اليزمي يمنح شهادة حسن السيرة لوزارة الداخلية المغربية ف
...
-
ملايير تصرف على مجلس اليزمي بالمغرب للدفاع عن توجهات القصر
-
وزير العدل المغربي والقاضي الهيني ومصادرة الحق في التعبير وت
...
-
الاصلاح الاداري بالمغرب مدخل اساسي للتنمية المستدامة وتقليص
...
-
الاصلاح الاداري مدخل اساسي للتنمية المستدامة ومحاربة الفوارق
...
-
الفساد السياسي بالمغرب واليات تفعيل الخيار الديمقراطي
-
اي دور للجهلة والاميين في المؤسسات الدستورية بالمغرب...؟
-
الخميسات نقابة الأموي بين شطحات الجيلالي بوحمارة وخرجات قاسم
...
-
اسباب فشل الاتحاد الاشتراكي في تحقيق فوز صغير باقليم الخميسا
...
-
كيف تصبح رئيسا لمؤسسة دستورية في 14 يوما بدون تاريخ نضالي
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|