|
قريبا يأتي الربيع
سامي أبوسلام
الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:52
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
(تجربتي خلال المؤتمر الاول لمنظمات الخارج) وصلنا إلى مكان التجمع، في الحقيقة وصلنا إلى مفرق الطريق المؤدي إلى مكان التجمع. كان وجهي ما يزال عابسا" فقد عانيت قبلها من البرد والانتظار حتى قدم أحد الرفاق ليقودنا إلى موقف الباص حيث الجميع ينتظرون، بعد أن كنا أنا وعادل قد شارفنا على فقدان الأمل من طول الانتظار، مشينا وراء رفيقنا دون أن ننطق بكلمة فالغضب والبرد والألم كان أكبر وأقوى من أن نتكلم أو نبتسم. عند موقف الباص كان الجميع ينتظرون وقد رؤونا قادمين وجوه لم أعرفها من قبل ولكن يبدو أن الجميع يعرفني ينادونني بإسمي يحضونني ويقبلوني وما زال وجهي فيه بعض السواد من الغضب المتبقى من الانتظار كانت يداي ما تزال ترتجف من البرد وانفي يسيل والمنديل الذي بيدي أصبح مبللا" وبدء يتفتت ولم أكن أدري أن ما هو أسوء ما زال ينتظرني. كنت قد حصلت على بعض الدفء في الباص وبدأت أسارري تنفرج قليلا" وجميع من حولي ما زالوا يبتسمون ويرسلون لي إشارات بالرأس بأنهم يفهمون ما أعاني وسوف ينتظرون حتى أرد لهم الإبتسامة لاحقا". قلت في البداية أننا وصلنا إلى مفرق الطريق المؤدي إلى مكان التجمع كانت الرياح تهب بقوة من كل صوب وليس هنالك أي مخبأ فنحن في وسط صحراء من الثلج، مزيدا" من الثلج ما زال يتساقط يلفه الهواء البارد ليلطم وجهي كدبابيس متلاحقة حتى فقدت الإحساس . المنديل الذي أحمله تجمد والتصق بيدي . أجرو حقائبي خلفي ، أتعثر أقع ثم أقوم لأتابع المسير كنت في آخر الرتل، الآلام التي تعتصرني من البرد كانت أقوى من آلام المرض الذي اعاني منه، كنت لا أرى أمامي أكثر من المكان الذي سأضع فيه قدمي في الخطوة التالية وفجأة ظهر لي أحد الرفاق المبتسمين ، لقد أصبحت هذه الإبتسامة تغيضني ألا يتألم هؤلاء الناس مثلي أو مثل ما أتألم ، المهم أنه طلب مني أن يساعدني ويأخذ أحد حقائبي لم يكن لدي ما تبقى من طاقة لأقول حتى شكرا" بعد بضعة خطوات أتى رفيق آخر وأخذ الحقيبة الثانية أصبحت أخشى أن يأتي أحدهم ليحملني من شدة تعاطفهم معي الذي أصبح واضحا" الآن، كانت تلك أطول مئتي متر مشيتها في حياتي . وصلت إلى الباب حيث قوة سحرية جعلته ينفتح وهنالك خلف الباب من يناديني حبيبي تعال واجلس، جلست على الكرسي قرب المشع الحراري وامرأة باسمة وضعت علي بعض الأغطية وغبت بعدها في سبات عميق . صحوت من إغفاءتي ولاحظت أن المكان بدأ يضج بالناس المبتسمين ربما كان الدفء أو ربما سحر المكان، لم أشعر إلا وأنا أبتسم مثل الآخرين لم أدري ما هي القوة التي جعلتني أبتسم. توزعنا بعد ذلك على الغرف التي ما تزالُ باردة وضيقة وهنا أيضا" تبرع أحد الرفاق ونقل لي حقائبي وكأنه وبشكل غير معلن أصبح الجميع يعرفُ بانني بحاجة للمساعدة، كانت حيرتي تزداد كلما لاحظت مقدار العطاء المخزون لدى هؤلاء الناس حتى أن عادل هو الآخر أصابته عدوى العطاء و تبرع بسريره لأحد القادمين المتأخرين دون حتى أن يتذمر من قضاء الليل على الرض وبلا غطاء في ذلك المكان البارد ........يبدو أنني الوحيد الذي يتذمر. حضر بعد ذلك الرفاق من القيادة، ولأننا من الشرق فقد تعودنا على إما قيادات أحزاب الدولة أو قيادات أحزاب اليسار الكلاسيكية ، فهؤلاء يأتون مع المرافقة والحماية وهم عابسين ويكون محظوظا" جدا" من تنازلوا ونظروا إلى وجهه فهم ينظرون دائما للسماء وكأنهم اضاعوا شيئا" هناك أوأنهم يخططون لسرقة جزء من ذلك الأزرق الفسيح فهو الشيئ الوحيد الذي ما زال ملكا" للجميع، أو أولئك الذين يحاولون دائما أن يتمثلوا بالنموذج الأعظم الحاكم . أما هؤلاء القادمين فقد أتوا ليسلموا علي أنا ويحضونني ولم أكن أدري لماذا ربما هنالك شيئا يراه الجميع ولا اراه أنا، لماذا كل هؤلاء الناس يحبوني أنه سؤالٌ ما زال يحيرني حتى تلك اللحظة . بعدها بدأ المرح والموسيقا والطعام، الكل يفرحون ويرقصون وعندما حان موعد النوم عرفت وقتها لماذا هؤلاء الناس يحبوني، ببساطة لأنهم يحبون الإنسان،يحبون الجميع ،مستعدون للتضحية والعطاء للحد الأقصى وفوق كل ذلك هم يحملون بداخل رؤوسهم أدمغة تعتصر حبا" ومعرفة ، يستطع أي إنسان أن يرى ذلك بمجرد رؤية إبتسامتهم و إستعدادهم للعطاء والتضحية. في الأيام اللاحقة بدأت أعمال مؤتمرنا المؤتمر الأول لمنظمات الخارج الذي قدمنا لإجله، الكل حرٌ أن يقول ما يشاء والكل يفهم رغم تعدد اللغات والممتع في الأمر أن كل الأفكار العظيمة التي تسعى لخلاص الإنسان كانت تسردُ بشكل بسيط تترسخ في العقول دون شروح أو رتوش لم يمضي وقت طويل حتى استعدت نفسي وأصبحت مثلهم أبتسم وأفرح أشارك وأنتقد وأتحدث بقوة ولم أكن أدري كيف و لكن فجأة أصبح كلامي بسيطا" مثلهم أصبحت أحبهم كما يحبوني أنه السحر الذي يطغي على المكان وعندها ،عندها فقط آمنت أن هؤلاء الناس و أنا منهم قادرين على التغير وهو قادم وليس بعيد.
#سامي_أبوسلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية وأزمة الهوية
المزيد.....
-
جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال
...
-
السيسي يعقد اجتماعا بشأن عبور قناة السويس والوصول إلى سيناء
...
-
ربما كان لشمسنا توأم ذات يوم، ماذا حدث له؟
-
أسعار شوكولاتة عيد الميلاد ترتفع بسبب أزمة الكاكاو
-
38 قتيلا جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة
-
مسرح الشباب الروسي يقدم عرضا في نيابوليس
-
بوتين: ملتزمون بإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
شاهد عيان يروي فظائع ارتكبتها قوات كييف في مدينة سيليدوفو بج
...
-
المدعية العامة الإسرائيلية تأمر الشرطة بالتحقيق مع زوجة نتني
...
-
لافروف: الغرب يضغط على الشرع ضد موسكو
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|