|
الرد على احلام نبوية 1
احمد الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 04:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبيل الشروع في الاشكالات الواردة على " نظرية احلام نبوية " لابد من التذكير بأمرين هامين : الغرض من طرح نظرية " احلام نبوية " هو بيان كيفية وصول الوحي الالهي الى الناس ليس اكثر من ذلك ولا اقل ، بمعنى ان مد نظر المؤلف ليس اثبات الوحي او نفيه ، ولا ان الاثبات او النفي من لوازم النظرية ، مع التاكيد على ايمان المؤلف بالوحي وكلامه منصَب على بيان طريقة وصول الوحي الالهي الى الناس . والنظرية تتحدث عن كيفية وصول الوحي بشكل عام وبالاجمال ، و لا يصح تطبيقها على هذا المورد بخصوصه او ذاك ، نعم تلك الموارد الخاصة تصح ان تكون شواهد على طريقة وصول الوحي ،وعليه فلا يصح النقص بمورد معين على انه ليس حلما او رؤيا لوضوح اليقضة والواقعية فيه . مشروعية الاحلام وكيفية اثبات الاحكام والتشريعات بواسطة الاحلام هي اول ما يتبادر الى الذهن كعلامة استفهام كبيرة تواجه النظرية ، بمعنى ان الوحي ان كان من سنخ الاحلام فهو ساقط عن الحجية ولازمه بطلان التعاليم والاحكام الواردة في النص القرأني ؛ اذ لا يمكن الاحتجاج والاحتكام الى الرؤى والاحلام ، ولازم ذلك انتفاء الشريعة وامتناع الرسالة . يقول سروش في جواب هذا الاعتراض : ان احلام الانبياء نوع من انواع الوحي ، فهو حجة على المؤمنين به بلا فرق بين كون الوحي يأتي في حالة اليقضة او المنام ، فالمؤمنون بالوحي يعتقدون به جازمين من اي طريق جاء ، حلم او يقضة . رويت مشاهدة دعوة النبي لابي جهل للايمان به ، وجواب ابي جهل بأني ارى الرؤيا كما انت ترى . قيل بناء على نظرية " احلام نبوية " هل نعطي الحق لابي جهل في رؤياه بل لدعوة النبي لرؤياه ، ويكفي هنا تبديل صيغة الؤيا بصيغة الوحي ، وكأنه يقول للنبي كما انت ترى الوحي انا كذلك ارى الوحي . وجواب سروش : ان الكلام في طريقة وصول الوحي لا في تصديقه او تكذيبه . الاعتراض الاخر يتمسك بأنكار المجازات والاستعارات على القول بالاحلام وهذا يعنى الالتزام بالظواهر ومعناه تصحيح لمذهب المجسمة والمشبهة ، بالاضافة الى ان لطافة الكلام وايصاله الى حد الاعجاز متقوم بالمجازات والاستعارات ، والايمان بالاحلام الغاء لكل ذلك . والظاهر ان المعترضين لاحظوا انتفاء المجاز ولم يلحظوا اثبات تعبير الرؤيا ... يقول سروش " ان كنت نافيا للاستعارة من المتن المقدس كما يزعمون فأنا مثبت لتعبير الرؤيا ، بمعنى ان ما اكتسبه الاخرون بالتأويل اوضحته عن طريق التعبير .هذا اولا وثانيا : القول بلطافة الكلام وجماليته متقوم بالمجازات والاستعارات ومن دونهما يفقد الكلام حلاوته وطراوته ، هذا كلام اهل البلاغة والفصاحة لكن الامر لا يتوقف على هؤلاء وفي المقابل هناك الاخرون كالعرفاء واصحاب الرأي والمؤلف قد اقتفى اثرهم ، وتأملاته اوصلته الى ان الاستعارة قول ما لا يقال وحكاية ما لا يصح الافصاح عنه ، عندما يضيق الكلام عن الافصاح بامر ما ينطلق لسان اخر ليعبر عما ضاق به الكلام الطبيعي بلغة الاشارات العرفانية او الاستعارات الادبية . نعم الاستعارات تارة تعطي للكلام رونقا اخر اذا اريد منها تزيين الكلام وتجميله لكن ضيق اللغة عن البيان يخلق ويكشف لغة جديدة عريقة متوارية في لب تلك اللغة . اذن التفنن في استعمال المجاز ليست صنعة فقط وانما هو كشف و راواية عن عالم الخيال وتجربة ماوراء اللغة ، وخذ مثلا قول الراعي " امشط شعر الله " . او رؤيا محمد " الله نور السماوات والارض " ، و" على العرش استوى " ، و " وكان عرشه على الماء " ، كل ذلك ليس بابا للمجاز وتزيين للكلام ... حتى ملذات اهل الجنان وانين المعذبين وشجرة الزقوم هي مشاهدات وتصوير لعين الوقائع للرؤيا القدسية لمحمد بن عبد الله (ص) . وبالنظر لصيغة الكتاب الواردة في القرأن " ذلك الكتاب لا ريب فيه " اي كتاب هذا المشاراليه بذلك اذ لم هنالك كتاب قد جمع بعد ، اليس من الاولى في كل ما قيل من تأولات حول هذا الكتاب ان يقال هو ينشد لكتاب كان حاضرا في رؤياه . كذلك في حادثة انزال الحديد الواردة في سورة الحديد 25 و نزول الحيوانات في سورة الزمر 6 وكيف سلك المفسرون طرقا في بيان معنى نزول الحديد والانعام من السماء ، فهذا التبيان للشيخ الطوسي ينبؤنا عن معنى الحديد فيقول : " روي ان اللّه تعالى أنزل مع آدم العلاة- يعني السندان و المطرقة و الكليتين- من السماء" ، يقول الطوسي : " وهذا صحيح و لا بد منه، لان الواحد منا لا يمكنه أن يفعل آلات من حديد و غيرها إلا بآلات قبلها، و ينتهي إلي آلات يتولي اللّه صنعها تعالي اللّه علواً كبيراً ". ويزيد الزمخشري في الكشاف على ما ذكره الطوسي فائدة مهمة !! في بيان معنى الحديد : " روي أن جبريل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال: مر قومك يزنوا به . وأنزلنا الحديد قيل: نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة . وروي: ومعه المسن والمسحاة . وعن النبي : إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح ". والموضوع مفصل بالتمام والكمال حول انزال الحديد وفوائده في التفسير الكبير للفخر الرازي ... يقول سروش : لو قلنا بان انزال الحديد والانعام كان على حالة من الرؤيا الم يكن هذا اللغز قد حُلَ .
للحديث تتمة ...
#احمد_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احلام نبوية 6
-
احلام نبوية 5
-
احلام نبوية 4
-
احلام نبوية 3
-
احلام نبوية 2
-
احلام نبوية (1)
-
اشرف الابوين
-
دكتاتوريات اسطورية (5)
-
دكتاتوريات اسطورية 4
-
دكتاتوريات اسطورية (3)
-
دكتاتوريات اسطورية (2)
-
دكتاتوريات اسطورية (1)
-
الموقف من الشريعة
-
التحدي المقدس
-
ايكارت تولي 2
-
Eckhart Tolle
-
حق الخصوصية
-
الدجل الديني ...الاستخارة
-
صور من دجل الرواة 2
-
مهزلة الجزية
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|