|
العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 02:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
من المسائل الفلسفية التي ركزت عليها نظريات المعرفة عند المسلمين خصوصا مسألة الوجود والموجود والعدم ووحدة الوجود، في تظاهرة فكرية لم تحسم أطرها لليوم هناك أسئلة مفصلية راهنة تحتاج إلى إعادة هيكلة فكرية لما تمثله من تحديات منطقية عقلية يمكن أن نثيرها هنا لا على سبيل الأستعراض والإظهار، بل لا بد من بحث وتحديد وفرز والأبتعاد عن أستخدام الحيل اللفظية والبدائل المعنوية التي تزيد من حدة الإشكالية. الأسئلة المشاكسة ستكون كالأتي: • العدم هل هو نفي وجود أم أستحالة تصوره؟ • الوجود هو عين الموجود أم أن أحدهما أكبر من الأخر؟ • هل للوجود علة مسببة فيما يسمى بالواجد الواجب؟ • معنى واجب الوجود ومن أوجب عليه ذلك؟ الوجود أم أستثمار للعلة؟ • وحدة الوجود هل تعني أنا واجب الوجود جزء من وجوبه؟ أو وجوبه جزء من علة الموجود؟ • لو كان الوجود كله هو واجب الوجود وأن المظاهر الثلاث الله والعالم والإنسان هي وحدة شيئية تتبادل أدوار التشكيل الشيئي للوجود، فكيف يكون الواجب جزء من وجود الموجوب عليه. • العدم إن كان صورة ذهنية محالة كيف أهتدى العقل لهذه الصورة ومن شخص وكيف شخص الدلالة وأشاع أستعمالها على النحو الذي عليه الآن. الآن بعد هذه المجموعة من الأسئلة المشاكسة لا بد من طرح بعض الأفكار كمقدمات أوليه لا علاقة لها بالأجوبة فورا ولكن ستكون مفاتيح للفهم ما يجب أن يفهم. العدم مفهوم صاغه العقل البشري وخلقه للدلالة على ماهية لا يمكن وصفها بالشيئية لا بحدودها ولا بصفاتها، فلو نسب لها حد أو وصف لا بد أن يرجع فيه إلى مرموزاته الذهنية القياسية المسبقة عن الأشياء كوجود ويستعير منها وصف، فيكون بذلك جر العدم إلى الشيئية ومنها منحه وصف وجودي وأسقط بذلك عنه المحال التصوري، فالعدم (ليس كمثله شيء) كما أنه (لا يدرك ولا يترك) وبالنتيجة لا بد من وجوده الذهني ضروريا قبال تصورنا للوجود ولكن ليس نظيرا له ولا نقيض، فالنظير هو اللا وجود والنقيض نفي الوجود. الشيئية هي حقيقة الوجود فكل موجود شيء سواء أكان مادي أو معنوي ملحق بالمادي، واللا شيئية لا تعني نفي الوجود بل تجرده من الصفات وتحيله إلى مفهوم وجودي عام لكنه غير محدد بالأوصاف ولكنه موجود حتما (خلقتك من قبل ولم تك شيا)،وكل الأشياء واللا أشياء مصدرها وجود واحد سابق مخزون ومكنون وواحد في الأصول الأولية، فلا شيء من عدم ولا لاشيء من عدم، ولكن يمكن أن يكون العدم قبلهما وبعدهما أو متوازيا معهما على خط التصور الذهني كما هو على خط اليقين طالما لا تقاطع بينهما ولا تعارض في الحقيقة. لا يمكن التسليم بفكرة واجب الوجود على أنه خالق الوجود فالواجب يستوجب وجود علة وجوب سابقة ودافعة ومهيمنة على واجب الوجود، وبالتالي نقع أيضا في لا تناهي العلل ولم نحل إشكالية الواجد الأول، فإذا كان التوجيب لغرض التدليل فهو مفهوم مخترع غير أصيل، وإن كان حقيقيا فالوجوب يعود ليس لواجب الوجود بل لمن أوجب الوجوب وقرره، فهل كان واجب الوجود أو موجبه في دائرة الإدراك فلا بد أن نحيطه بالحدود ويصير بذلك جزء من الوجود ونسقط عنه الغيرية، وأما إن كان محالا له وعليه أن نخضعه تصورا للشيئية فلا بد أن يكون من عالم العدم (ليس كمثله شيء) و (يدرك ولا يترك) و (محيط بكل شيء ولا يحيط به شيء وهو السابق واللاحق وفوق كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء، لا تدركه المدركات ولا تنفيه المفهومات وهو على كل شيء دال وليس كل شيء عليه إلا دليل). نأت أولا من نهاية الموضوع في الوجود ومن حيث فهم اسبينوزا (أن الله هو الجوهر السرمدي المطلق، والوحيد الموجود بذاته، أما سائر الموجودات الأخرى فهي أعراض له، إن الله والطبيعة أو الكون شيء واحد أو وجهان لشيء واحد، فالله هو الطبيعة الطابعة، والكون هو الطبيعة المطبوعة، في حين رد هيغل العالم بأسره إلى (الفكرة أو الروح المطلق، بوصفه الوجود الحقيقي، أما الفكر والطبيعة فهما حالان من أحوال المطلق) فوحدة الوجود المثالية تقرر أن الله هو (الروح الكلي الكامن في الأرواح الجزئية)، هنا في هذه الفكرة الله شيء لأنه جوهر وله أعراض، فمن يملك الأعراض لا بد أن يملك وجود يعكس حقيقة وجودها، فلا أعراض بدون معرض، ولا شيء بدون جوهر، وبالتالي الجوهرية تعني الشيئية وإن كان جوهرية تعبيرية فلا يمنع من أن يكون وجوده تعبيريا وبذلك صار واجب الوجود جزء من الموجود، والموجد لا يمكن أن يسبق واجده ولا بد من سابق له. السؤال هل من الممكن أن يكون العدم هو الواجد الأول؟ الأجابة الأولى ستكون العدم محال أن يكون موجود أصلا فكيف له أن ينتج وجودا، الجواب الثاني العدم هو فقط تصور ذهني لا حقيقة له إلا فيما يخلقه ذهن الموجود وبالتالي فلولا وجود الموجود لا يمكن أن يكون لمفهوم العدم من وجود، وهذا نفي للسؤال، الجواب الثالث سيكون طالما أن عدم فالمعدوم أصلا لا يفيد الإنعقاد الفعلي وبالتالي من المحال أن يكون فاعلا، الأجوبة الثلاث لن تجيب بل تؤكد أن العدم الذي ليس كمثله شيء والذي لا يدرك ولا يترك وهو فوق كل شيء وخارج عن كل شيء وسابق لكل شيء وبعد كل شيء ممكن أن يكون هو الواجد الأول، (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت خلقي)............................ أبن عربي يقول ويرى ((ورأى أن الوجود هو عين الذات الإلهية، وأن الكثرة موجودة مشهودة، فجمع المقولتين في فعل صوفي واحد هو شهود وحدة الوجود. فالله وحده هو الوجود، والكائنات جميعها ثابتة في العدم؛ فالعدم خاصة المخلوقات، والوجود خاصة الخالق))، الوجود عين الذات الألهية بمعنى أنا جزء من الذات الألهية التي هي الوجود المطلق وبنفس الوقت من خاصتي العدم، فأنا النقيض ونقيضه عدم ووجود والوجود الذي هو عين الذات الألهية يلحقه العدم بالخاصية فتكون الذات الألهية موجودة ومنعدمه أو لها وجود ولها عدم!!!!!؟؟؟؟؟...... فأما أن تكون الذات الألهية هي العدم الذي (ليس كمثله شيء) و (لا يدرك ولا يترك) والوجود هو المفعول الذي يتحول ويتدور وهي المتقلب بين الشيئية واللا شيئية التي يملك مفاتيحها العدم ، أو أن يكون كما قال ابن عربي في فصوص الحكم "الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا يسعها"، النتيجة الثانية أن الخالق عين مخلوقه وعين نفسه، ويكون الصانع هو نفس المصنوع وعين صنعته، فيتوجد واجب الوجود في الوجود وصار الموجد سبب للواجد الأول وتبادل معه العلية والسببية تبادلا وإنشغالا، وهذا من فرط المحال العقلي ومن عبثيات اللا معقول، فالموجود المعلق على سبب سابق أو لاحق لا بد أن يكون حادثا أو نتاج حادث، والحادث لا يمكن أن يكون أزلي ولا أبدي والله الذي يرونه جوهر الوجود أو أن الوجود هو عين الذات الألهية وكلاهما مرتبط بعلة وجود لا بد لها من حدوث أو محدث، فلا يمكن أن يكون من تعلقت حقيقته بالحدوث الممكن أو المفترض أن يكون في ذات الوقت فاعلا للحدث ومنتجا له، إذا ستكون الذات الألهية بحقيقتها هي التي تتخلى أو يفترض لها أن تتخلى عن التصور الشيئي وعن الحدوث وعن الإدراك الحسي أو المادي وأن لا يسبقه وجود ولا يخلفه موجود ولا يدخل ضمن دائرة الموجود، الذات الألهية هي العدم بكل أبعاده الذهنية وما يعكسه العقل من قدرة على التصور ولكنه عالم أخر لا يماثل عالم الوجود ولا يحاثيه أو يشاكله لا بالصفات ولا بالأفعال.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية أفتراضية من عالم ممكن الحدوث
-
العودة إلى دراسة ظاهرة الألحاد وقضية تحرير العقل
-
حين يكون الفقد فوزا ونحن الخاسرون
-
ظاهرة الإلحاد ومشكلة تحرير العقل
-
دروس في تدبر القرآن الكريم لا تأويلا ولا تفسيرا 6
-
خطاب إلى دجلة .... الخير
-
دروس في تدبر القرآن الكريم لا تأويلا ولا تفسيرا 5
-
نشيد الوجود وأغنية الطريق
-
دروس في تدبير القرآن لا تأويلا ولا تفسيرا 4
-
أستئذان بالرحيل إلى منفى العمر
-
العلاقات البديلة.
-
دروس في تدبير القرآن لا تأويلا ولا تفسيرا 3
-
إلى فراس المعلا
-
وجدانيات 2
-
أزمة الفكر الديني الإسلامي بين التنوير والتمسك بالمسارات الت
...
-
دروس في تدبير القرآن لا تأويلا ولا تفسيرا 2
-
قصة نهاية
-
دروس في تدبر القرآن الكريم لا تأويلا ولا تفسيرا
-
الإرادة الإنسانية بين العقل ومستحكم الإشاءة الفوقية.
-
صوفيات
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|