أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - الانتحار بين صفحات الدين!














المزيد.....

الانتحار بين صفحات الدين!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 00:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لدىَ البعض يكون الانتحارُ قفزًا بين صفحات كتاب مقدس للوصول إلى حياة ما بعد الدين؛ بعدها يصعب التمييزُ بين الحياة وبين الموت.
يحملق المُنتحرُ دينيــًــا في طبقات السماء كأنه سيقفز إلىَ الأعلىَ، وينسىَ النظرَ لقدميه؛ فيتعثر في فهم حياةٍ جاءها أملا في استيعاب أخرى؛ فيخسر الاثنين معــًــا.
إذا أردتَ الانتحارَ من خلال الدين فعليكَ أنْ تطلي وجهــَـك بأصباغٍ من العصر الحجري، تم تجديدُها في العصر القديم، وعندما وصلتْ إلينا كانت قد جفـَّــتْ.
كلُّ دين يحمل وجهين: الوجه الأول وعيٌ وإشراق، والثاني تصلـُّـب وضباب؛ ولكن كيف تقنع صاحبَ الوجه الثاني أنْ يفتح عينيه وهو خائفٌ أنْ يرىَ وجهَ الأول.
لم أتوقف عن التساؤل غير النهائي: لماذا يُصِرّ المتديــــّـن أنْ يقتل خلايا وجهه علىَ الرغم من أنَّ المفترَضَ تجديدها بآياتِ الكتب المقدسة، فهل يتصور صاحبــُـنا أنَّ الابتسامة شرٌّ يره؟
أحتاجُ لقرنين من الزمان لدراسة أسباب التجَهُم لدىَ المرء كلما غاصَ في تعاليم السماءِ التي تحضّه علىَ المحبة والتسامح والإنسانية، فإذا به يستدعي من حياة الغاب تفسيرًا لإنسانِ ما بعد التديـُّـن.
الإنسانُ الطبيعي يهرب من الموت ليرتمي في أحضان الحياة، أما الإنسان المُشـَـوّه نفسيــًـا وعقليــًـا وعاطفيــًـا فينفر من الحياة معتقدًا أنَّ الشمسَ تشرق في القبور، وأنَّ دودَ الأرض يتحول إلىَ فراشات ملوّنة بين الأتربة.
الدينُ حالةُ وعيٍ ناصعةُ البياض، تتحول مع بعض الناس إلىَ حُمَّىَ لا شفاء منها.
راقبتُ كثيرًا تعبيراتِ وجوه بعض لصوص الكراهية من إبليس، فوجدتهم تفوّقوا على المسروق، فوجدي غنيم، مثلا، لا يخالجك شكٌّ في أنه هارب من كوكب محترق وما تزال الجرثومات عالقةً في لسانه رغم أنَّ كل أحاديثه مُطـَـعـَـمة بآيات سامية. أبو إسلام، مثلا، لو رفع إبليس قضية ضد شخص سرق قرنيه لما وجد أفضل منه. موريس صادق، محامٍ عن أناس لم يمنحوه توكيلا. بحث في ماضيه كله فلم يعثر على لحظة سعادة، مصادفة، مع شريك وطنه قبل أن يغادر وطنه. ياسر الحبيب في قناة" فدك" مصّاص دماء بابتسامة تُسحر مريديه، فهو لا يتوقف عن بث الكراهية مستخدما حوادث، وحواديت، وحكايات مرت عليها ألف ونيف من السنوات، فجدّدها، وعصرَنها، وطأّفــها، فبدتْ مشاهد التاريخ القديم كأنها عاشوراء كل يوم.
المتطرف تديـّـنـًـأ يبحث عن الخلاص في السماء عن طريق حدود طائفته مع الآخرين، ويقرأ في كتابه المقدس فيجعله كـِـتابَ قرية صغيرة هجرها أهلها ولم يبق فيها غيره.
المتطرف دينيــًـا يملك قدرة عجيبة على جعل أحلامه كوابيسـَـنا، وهو يقتل في خياله خيالـَـنا، ويمزق في نومه يقظتـَـنا، فإذا استيقظ ألقتْ عليه فتاوىَ الغدر والكراهية والحقد تحية الصباح، فيخرج من بيته متعجبـًـأ أن هناك أحياءَ يمشون في الأرض.
عندما أصلي الجمعة أو العيدين أخشى أن أنظر لجاري فربما يكون شبحـًـأ متلبسـًـا جسد ابن آدم. أتذكر منذ ثلاثة أعوام عندما صليت العيد في أحد المراكز الإسلامية هنا في أوسلو التي تتلقىَ الدعم من الدولة المضيفة؛ فشاهدت أحدَهم، قبل التكبيرات الأولى، وهو يمسك قدم ابني الأصغر ( كان عُمره وقتها 15 عاما) ويحاول أن يلصقها بأصابع قدمه لئلا يمر الشيطان بينهما، وكاد ابني يسقط على الأرض.
بعث الله الأديان لتحارب الجهل والصغائر والتفاهات، لكن الإنسان يقف بالمرصاد للوعي والفكر والعقل.
لماذا تظل تجربة التديــّـن محفوفة بالعبث؟
أتذكر تلك الحمقاء التي أعرفها منذ طفولتها في الإسكندرية، فلما أصيبتْ بلوثة الجهل الديني، وأردتُ مصافحتها قالت: المفترض أنني لا أصافحك لأنني تعرفت على الإسلام من جديد، ولكن بما أنك تقيم في أوروبا وأصبحت نـِـصْفَ مسلم، فقد رضيت بمصافحتك!
الدين مساحة واسعة في الحياة، والمتديـّـن المحدث يغادرها ليبحث عن المنفىَ الديني حتى لو كان في تجمع سرديني لا يرىَ أحدٌّ وجه الآخر.
الحمد لله لقد عرفنا الإسلام الحقيقي في الخمسين عاما المنصرمة، فتحجبن وتنقبت نساؤنا، وظهرت زبيبة صلاة في جبهة أو رأس المسلم لتناسب لحيته! يقول لك أحمق لم يتقدم بأوراقه بعد إلى التلفزيون.
عندما عاد آياتُ الله إلى الدنيا وقُم، تبعهم الملايين؛ فمفتاح الجنة أصبح أرخص من قفلها، ولا يحتاج الأمر لأكثر من عملية بيع وشراء الحياة والموت.
وعندما عاد الأتراك من عُمق التاريخ وعلى صدورهم آثار شارة الاتحاد الأوروبي التي لم يضعوها، ظن أكثر المسلمين أنهم سيقومون بغزو الدول الإسكندنافية، ففيها شقراوات، حسناوات ينافسن الحور العين، لكن الشهداء العثمانيين قرر لهم الخليفة أن يمروا على دولة قطر، فربما يحتاجون في الجنة لبعض الريالات.
العجيب أن أكثر المسلمين ينفون صلة القرابة بينهم وبين أهل الكهف، فالسياق التاريخي يؤكد رابطة الدم بدليل الحمض النووي لدىَ الدواعش والاخوان المسلمين والسلفيين.
سيقول قائل إن حديثي هذا يرتدي عباءة اللادينية، والحقيقة الأسطع من شمس مكة المكرمة أنه حديثُ الإيمان بكل عُمق؛ لكنني فشلت في شرحه، وتوصيل رسالتي.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 19 يونيو 2017



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثعبان في دولة قطر!
- النبي الجديد يفتتح سوق السلاح في بلادنا!
- نتائج انتخابات الرئاسة في مصر 2018
- إعلام مصر في الدرك الأسفل من الانحطاط!
- لماذا يخاف المصريون؟
- أيها المراقَبون .. لا تخافوا!
- صناعة الطاغية والشعب .. العلاقة التبادلية!
- مصرُ لا تحتاج الآن لعاصمة إدارية!
- أنا عربي حتى لو غادرت العربَ عروبتُهم!
- مصرُ .. حربُ المحاكم!
- الزمن الأطرش هو الأسمع!
- الإعلام المصري يحارب الشعب والجيش .. مع صمت الرئيس!
- الرئيس السيسي .. هل تسمح لي أن أبحث عن بديلٍ لكَ؟
- إنه محلل سياسي؛ يا له من أمرٍ مخجٍل!
- حوارٌ بين قفا و .. كفٍّ!
- عشرة أسباب لاستخدامي كلمة أقباط بدلا من مسيحيين!
- مستر تشانس في كل العصور!
- كلمات موجوعة .. نصرخ حين يصمت آخرون!
- حوار بين مغترب و .. مقيم!
- حوار بين الرئيس السيسي و .. بيني!


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - الانتحار بين صفحات الدين!