أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - رحم الله هؤلاء الآباء














المزيد.....

رحم الله هؤلاء الآباء


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5556 - 2017 / 6 / 19 - 10:07
المحور: سيرة ذاتية
    


رحم الله هؤلاء الآباء

تخيلوا كيف كانت عينا نوحٍ عليه السلام و تقاسيم وجهه وهو يستجدي ولده الهالك بعقوقه...
يستجديه كي لا يرى فلذة كبده تموت أمام ناظريه رغم علمه بكُفره ويقينه بعقوقه ،
ورغم أن زوجته كانت من ضمن الهالكين إلا أنه لم يذكرها ،ولكن تفكير الأب هنا يقول : لا يهُم ... المهم أن تنجو كبدي..تخيلوا بالله عليكم صرخة الأب ...
في قوله تعالى
"وَنَادَىٰ نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ"
(هود :45)
تخيلوا في الصرخة ( إن ابني من أهلي )
حين تُنسي الأبوة الرجل نبوءته السماوية حين يتوسل ربه حياة كافر ،وينسبه إلى نفسه مستشفعاً له دون تفكير! هذا هو قلب الأب بأختصار شديد ...
في عيد الأب أتذكر والدي وأنا طفل وأنا شاب ، كيف ابدأ بالحديث عنه ، هل أصفه بصفات ليست فيه ؟ ماذا سيقول القارئ بعدها !!؟ لا أبدا أنها الحقيقة وليس غيرها ...
كنت أظن الافتقاد أصعب في بدايته, لأكتشف بأن ألمه وحرقته ووجعه تتصاعد وتتفاقم بمرور الوقت, إنه أشبه بجرح مفتوح مستعصي على الشفاء..
فليس هناك ما هو أصعب من الكتابة في حضرة البكاء.. والدي رحمه الله كان من الصحفيين الأوائل في الجزيرة السورية بأسم صبحي عبد الرحمن النبعوني الملقب بأبو عبدو ...وهو من أصدقاء الأستاذ جان الكسان رحمه الله والأستاذ الفاضل أنيس حنا مديواية وغيرهم كثر لا أستطيع ذكر جميع الأسماء ، له عدة كتب أذكر منها (هذه الجزيرة ) و (كاليفورنيا الشرق )و (رجالات الجزيرة ) و ( الأرض الطيبة ) كما انه كان المراسل الخاص لعدة صحف سورية ولبنانية ومصرية في خمسينيات القرن الماضي ... جريدة السنابل والأيام وروز اليوسف وغيرها ... وكان محبا للقراءة حتى في أواخر سنين عمره كان يطلب مني قراءة بعض الكتب له... نتيجة ضعف نظره وعندما لا يجد من يقرأ له كان يستعين بمكبرة ويقرأ الكلمات بصعوبة ... كان له بصمة واضحة في مدينة عامودة بمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة عن طريق المال الذي كان يرسل له من دمشق او حلب أو من اهل الخير في الجزيرة السورية وهذه العائلات مازلت أذكرها تماما ولي عليها عتب كبير لأنها نسيته وتوقفت عن زيارته عندما أحيل على التقاعد عن وظيفته في بلدية عامودة ككاتب تحقق .وأصابه الشلل النصفي الأمر الذي جعله يلزم البيت بقية سنين حياته ويتذكر تلك الأسر ويسأل عنهم لكن القليل القليل منهم من كان يتذكره في عيد أو مناسبة ما ... كان محب لرجال الدين والمشايخ وخاصة الشيخ محمد القادري رحمه الله والذي أصر على زيارته وهو مريض مشيا على الأقدام قبل وفاته بثلاثة أيام ... وكذلك الشيخ عبيد الله القادري والشيخ عبيد شيخ ظاهر الحسيني والشيخ فيض الله وغيرهم كثر .... وكم تعذبت والدتي رحمة الله عليها وهي تعد طعام الموالد والولائم لمشايخ الدين والذين كانوا يحمدون ويشكرون من حسن ولذة طبخها ....كانت غرفة الضيوف في بيتنا هي مكتبه ومكتبته فيها الكثير من الكتب النفيسة والقديمة وفيها كانت تعقد حلقات الذكر والموالد ورائحة البخور والعطور تفوح منها وصوت المولد والذكر ما زال يرن في اذني ... مدد يالله مدد شيخي وحبيبي الشيخ محمد صدقة مدد ... مدد ودستور شيخي عبد القادر الجيلاني مدد .... يبقى أن أذكر محبته للصلاة والوضوء وما كان يلفت أنتباه الجميع وخاصة في أيام الشتاء هو الماء البارد الذي كان يتحمم به ... بعد أحالته على التقاعد زارني في دمشق وأنا طالب جامعي ...أخذنا نتمشى في أروقة المدينة الجامعية في المزة وفجأة أحمر وجهه ونزلت دموعه وأخذ يقول لي : لا تحمل هموم مصروفك الجامعي يا ولدي لن أقطعك من المصروف حتى لو بعت نظارتي هذه .... رحم الله جميع الأباء الذين أفنوا حياتهم في سبيل معيشة اولادهم وبمال حلال من عرق جبينهم .
لقد رضيت الموت طائعا واستلقيت بقبرك راضيا واختفيت من عالمنا كما تختفي قطرات الندى . عزاؤنا فيك انك كنت مع الله دائما حتى اعزك الله في حياتك وبعد موتك وانك من الصالحين الذين نذروا انفسهم في حياتهم للخير والبر والتقوى والاحسان حقيقة وستبقى سيرتك الحميدة وسمعتك الطيبة هي مصدر فخر لنا واعتزاز .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور يا شيخنا الكبير
- رقص السماح
- ليل وغربة وحب مؤجل
- عبث الانتظار
- رباعيات الغياب
- هدية عيد الأم
- من قال ذلك
- نظرية فراغ
- مذكرات من بيت خشبي
- تجليات من وحي الأنتظار
- هواجس الليل
- شجرة توت
- حصاد السنابل
- أحلام مستغانمي ....ما بين فخامة المفردات والشخصية غير المتوا ...
- حافية القلب
- كل حلم جميل
- تسمية عامودا وقلعة ماردين
- هديل المخيلة
- محطات للرحيل
- ندم لا ينتهي


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - رحم الله هؤلاء الآباء