|
من الغش إلى العنف في الامتحانات
الكبير الداديسي
ناقد وروائي
(Lekbir Eddadissi)
الحوار المتمدن-العدد: 5556 - 2017 / 6 / 19 - 10:06
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
في الوقت الذي يعتبر فيه قطاع التربية والتعليم قطاعا حيويا تراهن عليه الدول المتقدمة والنامية في تحقيق التنمية بكل أبعادها وتأهيل العنصر البشري وتكوين الأطرواالنخب القادرة على تحمل المسؤولية و الانخراط الفعلي في صنع مستقبل البلدان، يعيش التعليم المغربي مخاضا عسيرا وواقعا مترديا حيث أصبحت المنظومة التعليمية / التربوية في الآونة الأخيرة في أزمة بنيوية وهيكلية ، تتداخل وتتفاعل فيها مجموعة من الأسباب والأطراف ، وتضع جميع مكونات المجتمع المغربي موضع محاسبة ومساءلة .ولعل ما يرافق امتحانات البكالوريا من سلوكات سلبية وانحرافية من قبيل الغش في الامتحان والعنف بجميع أشكاله : الرمزي واللفظي والجسدي يسائل المنظومة التعليمية المأزومة على عدة مستويات : - المستوى الأول : غياب مشروع مجتمعي يشكل قاعدة ومنطلقا للمشروع التربوي على مستوى التصور أو التخطيط أو التنفيذ . مشروع يجيب على أسئلة أساسية وملحة : ماهي مواصفات مواطن الغد الذي تطمح المدرسة المغربية إلى تعليمه وتكوينه وتخرجه؟ وهل المضمون المعرفي والبيداغوجي الذي يتزود به المتعلم قادر أن يجعل منه مواطنا فاعلا ومندمجا في محيطه السياسي والاقتصادي والثقافي ؟هل الرهان على التعليم في التنمية بجميع أبعادها صعب المنال والتحقيق ؟ - المستوى الثاني : تنامي وتنوع الاختلالات التربوية والسلوكات اللامدنية كالهدر المدرسي والفشل الدراسي والغش في الامتحانات والعنف المدرسي ومايرافقها من قيم أصبحت تمرر داخل المدرسة المغربية كالانتهازية والنفعية و اليأس واللامبالاة ...ولايمكن عزل هذه الظواهر عن التحولات القيمية التي يعرفها مجتمعنا المغربي والتي تجد انعكاسا لها داخل أسوار المؤسسات التعليمية ...فهناك تطبيع معها بل مع استقالة الأسر في تربية أبنائها هناك من يشجع عليها كالغش في الامتحانات .مما يطرح أزمة القيم في المدرسة المغربية والتي كانت حتى عهد قريب مساهمة بشكل كبير في تربية الأجيال على التضامن والتطوع والاختلاف والاحترام والمسؤولية والمبادرة ...مما يطرح التفكير في الآليات الضرورية للتربية على القيم والمواطنة ليس كمعارف بل استدماجها كسلوكات ومواقف داخل المدرسة وخارجها ... - المستوى الثالث: طبيعة المناهج التربوية والمقررات الدراسية التي لاتساهم في تسليح المتعلم بالفكر الناقد القادر على الإبداع والاجتهاد و إبداء الرأي و المناقشة بل تتجه إلى الاعتماد على الطرق التقليدية المرتبطة بالتلقين والحفظ وكثرة المعلومات والمقررات الطويلة حيث لم يتم تكييف مناهج التدريس مع الواقع المعيش و متغيرات العصر في زمن العولمة والانفتاح على ثقافات مختلفة ومتنوعة . - المستوى الرابع : محدودية المقاربة القانونية في معالجة السلوكات اللامدنية في المدرسة المغربية من قبيل الغش في الامتحانات والعنف المدرسي والتعاطي للمخدرات ...فرغم أهمية هذه المقاربة في تقويم وتوجيه السلوكات لدى التلاميذ باستخدام الزجر والعقاب...لكنها لاتتسم بالنجاعة والفعالية .ففي مواجهة الغش في الامتحان هناك ترسانة قانونية للحد من الظاهرة كالنصوص التنظيمية والمذكرات والتوجيهات وقانون زجر الغش في الامتحانات تستهدف ترسيخ مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص وتعزيز الشفافية والمصداقية ولكن يبقى تفعيلها مناسباتيا وموسميا ومرتبطا بفترة الامتحانات . أضف إلى ذلك أن الغش سلوك أصبح متجذرا في مجتمعنا في مختلف المجالات :السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية. المستوى الخامس : ضعف انخراط المتعلمين في الحياة المدرسية لمساعدتهم على إثبات ذواتهم وتطوير مهاراتهم وتنمية مواهبهم وقدراتهم وطاقتهم الإبداعية أمام طول المقررات الدراسية وهاجس الامتحانات مما يجعل المدرسة فضاء بلا حياة . في الوقت الذي يعتبر التنشيط التربوي والأندية التربوية وسائل فعالة في تقوية السلوكات والاتجاهات الإيجابية في مواجهة ظواهر الانحراف والعنف المدرسي والغش في الامتحانات والتثقيف بالنظير (التربية بالأقران )و ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني والوعي بالحقوق والواجبات في أفق ممارستها داخل المدرسة وخارجها . المستوى السادس : غياب الوساطة التربوية كإحدى الرهانات التي يمكن اعتمادها في خلق مدرسة المواطنة والإنصاف لأنها آلية من آليات التقرب من التلاميذ لمعرفة وتشخيص مشاكلهم وحاجياتهم والتفكير في وسائل التغلب على العوائق التي تواجههم في مسارهم الدراسي ومن شانها توطيد الروابط التربوية السليمة بين التلميذ وباقي الفاعلين التربويين في أفق بناء جسور التواصل والعمل عن قرب على تحقيق الاندماج المدرسي والاجتماعي للتلاميذ الذين يعانون من مشاكل التوافق المدرسي والحد من بعض مشاكل المنظومة التربوية . لذلك تمثل الوساطة التربوية سيرورة تربوية ونمط جديد من العلاقات ذات أبعاد اجتماعية ونفسية وتواصلية وحقوقية وليست مجرد تقنية لحل النزاعات لأنها تسعى إلى تكوين جيل فاعل قادر على الاندماج والحوار وتقبل الآخر. بهذا لا يمكن تجاوز هذه المعيقات في غياب مشروع تربوي هادف تساهم في بلورته جميع مكونات المجتمع المغربي : مؤسسات سياسية ومدنية وفي الاعتماد على مقاربات أحادية تراهن على الزجر والعقاب وفي غياب مراكز الإنصات وخلايا مناهضة العنف المدرسي وفي حصر حل إشكاليات التعليم في ترميم الأسوار وتوفير الطاولات ...
مقال لذة أسماء حميحم
#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)
Lekbir_Eddadissi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل من سر في إقبال المغاربة على المساجد في السنة (التراويح) أ
...
-
العبثية في الرواية العربية المعاصرة :رواية طقوس العبث نموذجا
-
حفل توقيع دوانينِ لشاعرتين
-
جدلية القراءة / الكتابة
-
البوح الايروسي .... في كتاب ازمة الجنس في الرواية العربية بن
...
-
الرواية وجنسنة ثورات الربيع العربي
-
دراسة : غزو الكويت في الرواية النسائية الكويتيتة
-
دلالات الجبل في رواية جبل موسى للروائي المغربي عبد الرحيم به
...
-
دوري كبير في كرة القدم بدوار صغير في المغرب العميق لفائدة ال
...
-
حرب الخليج الثانية في الرواية النسائية بالكويت ج1
-
أي مستقبل للجرائد الإلكترونية في ظل قانون الصحافة والنشر الج
...
-
نادي القلم المغربي يطلق سلسلة حفلات لتوقيع كتب حديثة النشر
-
ما الذي تحتاجه اللغة العربية اليوم ؟؟
-
لماذا ألقى العاهل المغربي خطاب العودة إلى الاتحاد الإفريقي ب
...
-
الاختفاء الغامض لأستاذ يحير ساكنة مدينة ابزو بالمغرب
-
نادي الصحافة والإعلام يكرم الروائي العربي زكريا أبو مارية
-
إدماج التلاميذ في مقاربة آفة المخدرات في الوسط المدرسي
-
حب القروية بين عنف الزوج وجبروت الحماة
-
انسخاب المغرب ، السعودية، الإمارات، البحرين وعمان يهدد القمة
...
-
تمويه البياض في -شامة بيضاء- للشاعرة الفلسطينية إيمان زياد
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|