أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - عزيزي الله – مواطن مجهول 16















المزيد.....

عزيزي الله – مواطن مجهول 16


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 5552 - 2017 / 6 / 15 - 18:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سلسلة مقالات من كتاب: عزيزي الله: رحلتي من الإيمان الى الشك - مواطن مجهول، 52 صفحة
يمكن الحصول على النسخة الورقية من موقع أمازون https://goo.gl/W619cB
كما يمكن تحميل النسخة المجانية من موقعي http://wp.me/p1gLKx-hSc
.
الصلاة (تتمة)
---------
عزيزي الله،
بالرغم من أن توقفي عن أداء صلواتك قد حرّرني إلا أنه قيّدني في سجن مجتمع لا يعترف بحق أفراده في اختيار ما يؤمنون به، إذ أني أعيش في بلد راعية دينك .. عانيت كثيرا في كتم ما أعتقده ودينك يا رب كما تعرف ليس مجرد اعتقاد بل هو طقوس تُؤدى وأفعال تُقدّم. لم أنقطع تماما عن ورود بيوتك فصلاة الجمعة الأسبوعية ما زلت أؤديها لتعلقها بآخرين معي تعوّدوا مني الذهاب معهم، إلا أن أحدا من عائلتي الصغيرة والكبيرة لا يعرفوا عني سوى أني أحد من عبادك المؤمنين الموحدين ولا يتوقعوا مني غير ذلك .. الدين يا رب هو نوع من الأمراض بل هو كالوباء الجماعي إذا تفشى يصيب الملايين وأعراضه الظاهرة البينة الصلاة أما الخفية فهي الدعاء. كم أود أن أصرخ معلنا ما أعتقده .. ألم يعلن رسولك كتابك للناس بل وفرضه أتباعك بعد ذلك بالقوة وإلا فكيف انتشر؟ لم لا تسمح لي يا رب أن أعلن ما أعتقد وبسلام مثل ما فعل رسولك في بداية ظهور دينك، هل كفار قريش أكثر تسامحا منك؟ لن أبشّر بدين جديد ولن أشكّل طائفة حولي نجتمع في دار أحدهم مثلما فعل رسولك ولن أسعى للسيطرة على عقل غيري وتملّكه، بل سأعبّر عن رفضي لما لا يقبله عقلي من دينٍ حولي وحسب .. أتخاف مني يا رب .. أنا المخلوق الضعيف؟

أيهمك يا رب أن تعرف بأي رجل، يُمنى أو يُسرى، أدخل بها الحمام لقضاء حاجتي أو أن أترك بعض الشعر وأزيل آخر من على صفحة وجهي أو أن آكل بيمناي أو يسراي؟ أتشغلك نقاشاتنا عن المرأة .. ماذا تلبس وماذا تغطي وماذا تكشف من وجهها أو كفيها، كيف تلبس عباءتها، أهي على كتفها أم على رأسها؟ أَتنصتُ لخطب مريديك يوم الجمعة .. أيعجبك شيء مما يقولون أم أنك مثل الحضور تنتظر الإنتهاء لتسعى في أمر آخر كأن تتأكد من نوع جوربي وأنهما صفيقين لا تبين البشرة من تحتهما حين أمسح عليهما استعدادا للصلاة لك؟ .. أتتابع فتاوى المتحدثين باسمك لتتأكد من مطابقتها لمرادك .. أتغضب حين تكتشف أحدهم يقول عنك ما لا تريد قوله .. أيزعجك حين استمع للحن يطربني أو أنغام تشجيني؟ أنت خالق الأكوان وصانع الأرواح ومدبر الكائنات يشغلك مخلوق ضعيف لا أجد كلمات تصف صغره في المكان والزمان يعيش على أمنا الأرض التي لا تمثل نقطة من ملكوت كونك الفسيح الذي لا أعرف له حدودا ثم تأتي لتنظر بأي يد تناولت بها طعامي أو بأي رجل دخلت بها حمامي أو هل توقفت عن الأكل في شهر من السنة .. أيعقل هذا يا رب؟

تقودني يا رب رجلاي أحيانا لبيتك لا سيما أيام الجمع لأداء الصلاة .. لا يمكنني أن أتخلّف عن ذلك بسبب عائلتي الصغيرة ومجتمعي اللذان تعوّدا ذلك مني. أقف مع غيري اليوم مُكرها كما وقفت لعشرات السنين في بيتك حين لم تفتني صلاة يوما واحدا. كنت في البدء أتمتم بآياتك ثم توقفت تماما وأصبحت أمارس حركات الصلاة كالرجل الآلي أو الروبوت .. أستمع لخطبة صلاتك مرغما. توقفت عن ترديد الأدعية وقول آمين بل إني توقفت عن قول آمين قبل أن أتخلى عن دينك بوقت طويل، طويل جدا .. لم أستسغ قديما أن أؤّمن وراء الإمام حين يدعو بأصناف من العذاب يصبها على المخالف له. يقف رجلك أمام المأمومين وينظر لهم من علوّ فيما تُطرق رؤوسنا أسفل منه خاضعين ساكتين مذعنين مؤمنين .. كيف لا وهو المتحدث باسم رب العالمين، ثم يبدأ في كيل التهم وقذف عبارات التشفّي ونشر آيات العذاب، يدعو على هذا ويسفّه دين ذاك وينتقص من عقائد الآخرين ويطلب منك أن ترينا فيهم عجائب قدرتك وأن تشلّ أيديهم وأن تجمّد الدم في عروقهم وأن تيتّم أطفالهم وأن ترمّل نسائهم ثم يزعم بأنك رحمن رحيم. من ينظر الينا يشعر وكأننا أحد الملل الباطنية أو من فرق الحشاشين التي يثيرها منظر الدماء ويؤججها وكأننا قنابل موقوتة تم شحنها وتنتظر مخالفا لها لتفجر نفسها فيه .. ثم بعد هذا يتساءل بعض أتباعك كيف يخرج منهم من يقتل نفسه في جمع ليُميت آخرين معه.

ألا يمكن أن يتوجه أحدهم الى بيتك يا رب ليصلي هناك ويقف بين يديك وهو يستمع للحن شاعري جميل أو لموسيقى هادئة تصدح بمشاعر إيجابية تفيض بالحب والسلام بدلا من سماع ملعونين أينما ثقفوا أو عتلٍّ بعد ذلك زنيم أو تبت يدا أبي لهب .. ماذا لو وضعتُ سماعات في أذني والإمام يقرأ لأنصت لسمفونية أو مقطوعة رومانسية بدلا من فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين، أو أشنف أذني بسماع صوت فيروز النقي وهي تغني أعطني الناي بدلا من والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما .. أيغضبك ذلك يا رب؟ أتنزعج حين أستمع لإبداعات البشر بدلا من سماع كتابك يتلوه أحدهم في محرابك؟.. تصوّر أحدهم قضى عمره كله محافظا على صلاتك في بيتك يؤديها مع رجالك بانتظام، لم تفته صلاة واحدة ولم يتخلف عن أدائها جماعة لكنه يستمع وبدون معرفة من حوله الى صوت فيروز الملائكي وهي تسبح في عالم روحاني بدلا من عالم كتابك .. هل ينقص ذلك من أجره شيء يا رب؟ حسنا لنقل أنه لا يحمل أي سماعة في أذنه لكنه لا يطيق بعض اختيارات الإمام في قراءته من كتابك فحين يأتي على آيات العذاب والسب واللعن التي لا تناسب ذائقته المرهفة الحس يتخيل صاحبنا صوت فيروز ويسبح مع أنغامها في عالمه الخاص بدلا من كلامك .. هو على هذه الحالة في كل صلواته، أيغضبك أيضا هذا يا رب؟

حسنا لنفرض الآن أن بجانبه آخر لصيق به ولم تفته صلاة مثل صاحبنا لكنه يغرق في سماع كلامك كله، منصت له بكل حواسه يستشعر آياته كلها وهي تتغلغل في وجدانه بما فيها آياتك عن العذاب والتخويف ونبذ الآخر وقتل المختلفين من غير دينك. يخرج من بيتك وعقله ممتلئ بتلك المشاعر السلبية والأحاسيس العدوانية لينعكس هذا على سلوكه الفظ وتعامله الجاف مع من حوله في بيته وعمله ومجتمعه لكنه وللحق يا رب هو مداوم على صلواتك محافظ عليها جماعة مثل صاحبه الآخر، لكنه يتلذذ بسماع كلامك حين يأتي على ذكر العذاب والشوي في النار والجر بالسلاسل واللعن والقتل والجلد والقطع وكأنه مريض يعاني من اضطراب المازوخية. من منهما يا رب أقرب لك وأعلى منزلة؟ أهو الذي يستمع إلى صوت فيروز ويستمتع بألحانها الشجية وهي تحلّق به في روحانية النغم أم هو الذي يستمع الى آيات العذاب وترتعد فرائصه وهو يتخيل أهوال يوم القيامة والناس تساق الى محشرهم .. وهل تفرق معك يا رب؟ كلهم يقوم بأداء حركات الصلاة نفسها من ركوع وقيام وسجود .. لكن أحدهم نفسه رقيقة لطيفة يتمايل طربا وهو يستمتع بألحان فيروز وأخلاقه لينة سمحة والآخر نفسه ترتعد خوفا من خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه وتعشق أذنه سماع آيات العذاب ويستمتع بها .. أي مجتمع ينتج من أفراد كالأول وآخرين كالثاني علما أنهم كلهم يؤمنون بك ويؤدون نفس الصلاة لكن المحتوى مختلف بعض الشيء؟
.
وإلى مقال قادم من كتاب: عزيزي الله: رحلتي من الإيمان الى الشك - مواطن مجهول
.
ادعموا حملة "الترشيح لنبي جديد"
https://goo.gl/X1GQUa
وحملة "انشاء جائزة نوبل للغباء"
https://goo.gl/lv4OqO
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية للقرآن بالتسلسل التاريخي: https://goo.gl/72ya61
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزي الله – مواطن مجهول 15
- عزيزي الله – مواطن مجهول 14
- عزيزي الله – مواطن مجهول 13
- عزيزي الله – مواطن مجهول 12
- عزيزي الله – مواطن مجهول 11
- اتعظوا: سوريا حصدت ما زرعت
- عزيزي الله – مواطن مجهول 10
- الحمار وصيام رمضان
- عزيزي الله – مواطن مجهول 9
- مقابلة من صحفي مصري
- علاج مرضى الإرهاب الإسلامي في الغرب
- عزيزي الله – مواطن مجهول 8
- عزيزي الله – مواطن مجهول 7
- عزيزي الله – مواطن مجهول 6
- عزيزي الله – مواطن مجهول 5
- عزيزي الله – مواطن مجهول 4
- عزيزي الله – مواطن مجهول 3
- من ماذا كان يعيش محمد؟
- عزيزي الله – مواطن مجهول 2
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 15


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - عزيزي الله – مواطن مجهول 16