أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نوري جاسم المياحي - سائق التاكسي والحجية العجوز














المزيد.....

سائق التاكسي والحجية العجوز


نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 12:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قبل حلول موعد الافطار بساعة خرج احمد بسيارته الخاصة الى حي الجامعة الفريب من منزلهما وبصحبته اطفاله يوسف وأطياف للتسوق وشراء بعض الحاجيات التي تحتاجها زوجته لأعداد الفطور والسحور ...
وعندما وصل امام احد المولات واثناء ايقاف سيارته (طبك ) اي توقفت سيارة تاكسي الى جنب سيارته ونزل منها سائقها وهو رجل في اواسط عمره ويبدو عليه الوقار ..والهيبة ..
و اقترب الرجل من احمد وبعد التحية والسلام وبلهجة مؤدبة وعطوفة ومترجية وهو يشير الى امرأة عجوز جالسة متمسكنة في المقعد الخلفي للتاكسي ...وبدا يقص عليه قصتها التي تـكسر القلب وتحزن السامع وهي انها عجوز مهجرة من اهالي الموصل المنكوبة وابنتها مريضة ولا تمتك ثمن العلاج ...وبيده راشيته للأدوية ..
وبكل خشوع وبراءة طلب منه اما ان يساعدها بشراء الادوية من الصيدلية او مساعدتها بدفع بعض ثمن الدواء او كله ...مع سيل من الدعاء والوعود بالثواب والرحمة ودخول الجنة وانت ستكسب الثواب في رمضان ...اضعاف مضاعفة للصوم ..
وكما عرف عن العراقي ذو القلب الرقيق والحنين والرهيف والعاطفة الجياشة والاستعداد الغريزي عنده لمساعدة الفقراء ...وبعد حسبة سريعة وجد ان دفع ثمن الدواء اسهل من الذهاب الى الصيدلية وشراء الدواء ...ولاسيما وان السائق يبدو صادق وثقة ..
فسارع واخرج محفظة نقوده وحتى بدون تردد كسبا للثواب في شهر رمضان الكريم ويارغ بدفع ثمن الدواء البالغة 15 الف دينار قبل ان يحضر شرطي المرور ويعترض على ايقاف سيارته ...وهو فرح في قرارة نفسه بانه ساعد محتاج في هذا الشهر الفضيل .. ولاسيما وان السائق الوقور والحجية العجوز انهالا عليه بسيل من عبارت الدعاء وكلمات الشكر والمديح... وتحرك التاكسي وغادر مختفيا بين زحمة المرور ..
وفي هذه الاثناء التقى احمد بأبو توفيق وهو زميل له بالدائرة وحدثه عن الصدفة المباركة التي صادفته قبل قليل وبفرحة غامرة بتفاصيل الموقف الذي تعرض له وهو يقول له ...لو التقينا قبل لحظات لما فاتتك فرصة كسب ثواب مريض ومحتاج في هذا الشهر الفضيل وبدون تعب ...يا اخي ابو توفيق ..
وهنا ضحك ابو توفيق مما فاجأ احمد ...وقال له اخي ابو يوسف ..انت ذكي وسبع و( شلون انصدت وانت النجر ياغراب ) وهذا مثل شعبي بغدادي يقال للإنسان الذكي عندما يقع بمقلب احتيال ...
وهنا شعر ابو يوسف بان ريقه قد جف والكلمات توقفت في حنجرته ولا يستطيع بلع ريقه اولا بسبب الصيام طيلة اليوم والحر الشديد والمفاجأة الغير متوقعة وهو يسأل شنو القصة اخوية ابو توفيق ...عندها سرد له القصة وقال له انت لست اول واحد ولا اخر واحد ينضحك عليه ... و هذه احدث طريقة في الجدية ( الاستجداء ) في بغداد وانا شخصيا تعرضت لها ثلاث مرات ...في المرة الاولى انصدت ووقعت بالشبكة مثلك وفي الثانية نص ونص فقد دفعت ربع وفي الثالثة قلت له ( الله ينطيكم ويشفي مريضكم ) ...
وهنا استطرد ابو توفيق وواصل الحديث وقال ان ظاهرة التسول في بغداد اصبحت اسهل واسرع طريقة للحصول على المال وبلا جهد ولا سيما في زمن كثرت فيه ذنوب الفاسدين وانتشرت في المجتمع العراقي .. طبقة اغنياء الرشوة والاكراميات مقابل الخدمات ..
وبما ان البطالة والفساد والفقر منتشر في المجتمع العراقي ...فليس غريبا او عجيبا انتشار موهبة ابتداع وسائل وطرق النصب والاحتيال لاستدرار عطف الناس وسلب نقودهم ... واخذ مالهم برضاهم وبلا عنف..
وهنا ردد احمد ...شكرا يا اخي ابو توفيق على تنبيهي لكي لا اكررها وسأنشرها كي يستفيد منها الاخرون ...ولعن الله المحتالين ...لانهم سيقطعون سبيل المعروف ..عن المستحقين حقا ..
وهنا افترق الصديقان احمد وابو توفيق ...الاول دخل الى المول للتسوق وهو يشعر بالأسف وبحاجة الى كاس ماء يبلل جفاف حلقه والثاني استمر في طريقه مبتسما وهو يلوح بالتحية ليوسف واطياف ابناء احمد الجالسين في المقعد الخلفي من سيارة أبيهم .. ويردد مع نفسه ( مو بس اني زوج ..هواية اكو مثلي ) (والحمد لله على كل شيء لان الاعمال بالنيات ونيتنا صافية )
وصدق من قال ان ( الاستجداء اسرع واسهل مهنة للأثراء ) في مجتمع من اغنى البلدان وغالبية شعبه من الفقراء والجهلاء .. والمساكين ...
ومادام نظام اقتصادنا المعمول به اليوم بالعراق (خرسمالي لا هو اشتراكي ولا هو رأسمالي )



#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم المشؤوم
- قصة أشأم وأتعس يوم في حياتي ( الجزء الاول)
- لعنة الطائفية في ذاكرتي
- من الآرحم انت ام ربك ؟؟
- يا محلى طيبة العراقيين
- خواطر شيخ مريض
- ذكرياتي عن احتفالات عيد العمال في بغداد
- البطر افة اجتماعية
- لا صايرة ولا دايرة يا حرامية العراق
- امانة ايام زمان وخيانة هذه الايام
- بيوتات المربعة القديمة كما اتذكرها
- عيني عينك اسرقك
- ترامب والامل في هزيمة الارهاب
- ترامب والامل في هزيمة الارهاب
- السلاح الأفضل في ردع الطامعين بالعراق؟؟
- جعجعة تركية ..صمت امريكي .. تفرج إيراني ...ترقب كردي ..انتصا ...
- الدهاء السياسي سلاح ضروري للضعفاء
- أمريكا مخادعة ومصلحية فاحذروا الاعيبها
- اللا شرعية اصبحت بالقوة والعنجهية شرعية
- الإسراع بمعركة الموصل وعواقبها


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نوري جاسم المياحي - سائق التاكسي والحجية العجوز