محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5548 - 2017 / 6 / 11 - 20:18
المحور:
حقوق الانسان
رافقت أحد أصدقائي الأثرياء صباح أمس إلى عيادة طبيب بيطري، كان كلبه مريضا فيما يعتقد، إذ قل أكله ونشاطه وبدا ميالا إلى الاستلقاء حسب ما ذكر... دخلنا العيادة الفخمة، جلست إلى جانبه، كانت غرفة الانتظار نصف ممتلئة، انتظرت حتى حان دوره ودخل، ثم قصدت امرأة خمسينية تحمل قطة صغيرة جدا، قلت لها بصوت حزين مدعيا الإشفاق...
- مسكينة هذه القطيطة... ماذا بها!!
ردت وعيناها تبرقان بالدموع:
- لقد أصابها الزكام... تعطس كثيرا...
فجأة... خذلني التمثيل وفاجأتني قهقهة لم أدري كيف انهمرت من ثغري... اقتحمتني بنظرات قاسية ثم صرخت في وجهي:
- إنك عديم الإحساس... إنك لا تحس بمعاناتها...
- لا لا... أرجوكي لم أقصد... أعتذر!
نظرت إلى الزاوية الأخرى من الغرفة... لمحت رجلا ضخما يراقبني بنظرات حاقدة، كان فيما يبدو قد سمع الحوار الذي دار بيني وبين تلك المرأة... التقت عيناي بعينيه ثم حولهما إلى صاحبة القطة المسكينة وقال لها ناصحا:
- ربما تغسلين لها كثيرا... حاولي أن تقللي من مرات الاستحمام وإلا أصبتها بالهلاك!
- لا أعتقد أن ذاك هو السبب، ربما التيار الهوائي هو السبب، لأني أفتح كثيرا جميع نوافذ البيت...
حاولت إخفاء ضحكة أخرى... فجأة اختفت ضحكتي واختفت حوافزها... شردت كليا في بعض لقطات الماضي، تذكرت الكثير من الأحداث، كان آخرها الحادثة التي أزهقت روح خالي، حادثة شغل خطيرة... أدخلناه إلى مستشفى الدولة، لم يلتفت إليه أحد، لم ينظر في وجهه أحد، لا يوجد الدكتور في المستشفى، قالوا إنه يعمل في مصحته الخاصة، لا معدات، لا تجهيزات، لا ابتسامة ولو صفراء، لا شيء إطلاقا... مات خالي من الإهمال، كما يموت يوميا آلاف المواطنين في قلب مستشفيات الدولة، يموتون من أمراض سهلة العلاج... وكذا حال الحوامل، مستلقيات في الدهاليز، وصراخهن يملأ الفضاء، بعضهن يموت، وبعضهن يموت ما في بطونهن، وإن نجا أحدهم... فبئس ما يستقبل به الحياة!
حيواناتهم أرقى وأكبر قيمة من بشرنا!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟