|
الاستشارة التربوية قناة تمرير ثقافة السلم المجتمعي
عزيز سمعان دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 5547 - 2017 / 6 / 10 - 02:03
المحور:
المجتمع المدني
مقابلة مع المستشارة التربوية سناء ديب
في مقابلة مع المستشارة التربوية سناء ديب صاحبة تجربة عميقة وواسعة في الاستشارة والإرشاد مع الطلاب في الأجيال المختلفة في المدارس الابتدائية وفوق الابتدائية وفي ارشاد المستشارات، تركز الحوار حول ثقافة السلم في مدارسنا ومجتمعاتنا. تعتبر المستشارة سناء أن مفهوم ثقافة السّلم المجتمعي هو أساسًا ثقافة الحوار المبني على الاحترام والإصغاء. وأن نشر هذه الثقافة هي رسالة مجتمعية، لأن الوضع الذي نعيشه يتأثر بالبيت ويُؤثر عليه، ففي نهاية الأمر الوضع المجتمعي يَصُب في البيت ويؤثر على مستقبل الأولاد، فعلى كل عائلة أن تأخذ دورها الصحيح في نشر ثقافة السلام لكيلا يكون مجتمعنا صعب لعيشهم، بل مكانًا ملائمًا لهم ولتقدمهم ولنماء المجتمع. وتعتبر أن دور المدرسة وإدارتها في نشر ثقافة السّلم المجتمعي هو دور أساس، لأن الإدارة مسؤولة عن طاقم مهم جدًا وهم المربون، الذين يقومون بدورهم في إيصال الرسالة للأولاد والأهالي، فالمدير موجود في موقع حساس جدًا، في مركز الحبكة الأساسية للترابط بين أطراف المجتمع، وهو يؤثر على هذه الأطراف، وبالتالي من أهم العوامل التي تؤثر في تعزيز بناء شراكة مجتمعيّة بين المدرسة والمجتمع المحلي لنشر ثقافة السّلم المجتمعيّ هي تطوير الحوار بين المدرسة المجتمع، فكلما كان الحوار أوسع وأشمل، كلما اتسعت إمكانية التأثير، هذا إضافة لضرورة تطوير المدرسة كمدرسة جماهرية يكون فيها التواصل والتفاعل أكثر مع الأهالي، أي وجود ملحوظ للأهالي وديناميكية واضحة وناجعة بين الحلقات في المدرسة، مما يساهم في رفع مستوى انتماء الأهالي للمدرسة (وليس الأولاد فقط)، وبالتالي يزداد تأثير المدرسة في مجتمعها ومحيطها لنشر ثقافة السلم. أما بخصوص العقبات التي تواجه الإدارة المدرسية في بناء شراكة مجتمعيّه لنشر ثقافة السّلم المجتمعي فهي عديدة، منها: عدم وجود لجان أهالٍ منتخبة حقيقية وفعّالة، كما أنه في حالة كون المدرسة قطرية، أي مفتوحة لاستقطاب طلاب من بلدات عديدة، قد يُصَعّب هذا الأمر على تطوير الشراكة والتواصل مع الأهالي وبينهم، هذا إضافة للضغوطات اليومية التي تُغرق المدرسة (إدارة وطاقم)، ومحدودية القوى للطاقم، كما أن الكثير من البرامج الفعالة في الشراكة مع الأهل تكون غالبا بعد الظهر، مما يُصَعب تجنيد طاقم المدرسة للمشاركة فيها. وعليه تقترح المستشارة سناء بعض الحلول التي قد تساهم في التغلب على بعض العقبات، منها: توضيح نوع الشراكة بين المدرسة والأهل لتكون شراكة حقيقية واستثمار موارد بشرية وخبرات، كذلك من المهم أن ندرك ضرورة التعامل مع التعددية، فكل نواة مجتمعية، في العمل أو التعلّم أو في أطُر ومشاريع مشتركة متنوعة، تتأثر بنا كما نتأثر بها، وعلينا توجيه التأثير لتعزيز نشر ثقافة السلام. إضافة لذلك من الممكن العمل على أهداف صغيرة محدودة تترك أثرًا وتأثيرًا، وأيضُا الاستعانة بتجنيد قوى خارجية من أجل توسيع وتقوية شراكة حقيقية/مساندة، وفتح المجال الديمقراطي لانتخاب لجنة الأهالي فعّالة ومساندة، كما من المهم تطوير برامج التطوع وخروج الطلاب للخدمة خارج المدرسة، وتجنيد الطلاب لخدمة بعضهم البعض داخل المدرسة وخارجها. وفي حديث عن أهمية دور المستشارة التربوية في المدارس في نشر ثقافة السلام، وهل هنالك اختلاف فيما يتعلق بأجيال الطلاب (بساتين، ابتدائي، اعدادي)، أضافت المستشارة سناء أن دور المستشارة التربوية هو المساعدة في عملية ترجمة رؤيا ثقافة السلام إلى خطوات عملية مناسبة لإمكانيات الطلاب في الأجيال المختلفة، كما أنها ممكن أن تأخذ دورًا فاعلًا في ارشاد الأهل والمعلمين. في كل مرحلة نمو هناك تحديات خاصة للتطور، كما أن هناك تفاوتًا بالقدرات التفكيرية يجب أخذها بعين الاعتبار، ففي الأجيال الصغيرة يرى الطفل الدنيا من منظار عالمه الخاص ويستصعب لمس مشاعر الآخر، وعليه يجب أن يكون التركيز على الوعي للمشاعر وضبطها، وكلما كبُر الطفل أصبح بالإمكان التطرق أيضا لحقوق الإنسان والتطوع، وعلى الأخص في المرحلة الإعدادية وفوق الثانوية، كذلك الأمر في استعمال المفاهيم والتعبير الكتابي، فالطفل يحتاج إلى الملموس من عالمه الخاص، مثل صَفّه وعائلته، لكي يتعلم تعليمًا ذو معنى، وبالتالي على الرسالة أن تنقل من خلال فعاليات تتناول عالمه الصغير، كما يحصل في فعاليات المهارات الحياتية. بالنسبة للطفل هناك جواب واحد صحيح ويستصعب رؤية الأمور من زوايا مختلفة. في الابتدائية هناك امكانية أكبر في استعمال المفاهيم، وبالإمكان استثمار انشغال التلاميذ في تطوير الصداقات ومهاراتهم الاجتماعية لتذويت لغة السلم المجتمعي من خلال مرافقتهم في صراعاتهم اليومية، أما في المرحلة الاعدادية هناك تحديات تطورية لبلورة الهوية والاهتمام بالمركز والمكانة أمام المجموعة، والتي تشمل التمرّد على الكبار بما فيه عدم تقبّل الوعظ والنُصح منهم، هذا إضافة للتحديات التعليمية، لذلك علينا أن نكون حذرين في هذه المرحلة من محاولة تلقينهم لغة الحوار السلمي، فهم قد يرفضونها من محل تمرد على البالغين. لذلك من المفضل تمرير المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالثقافة السلمية بالمرحلة الابتدائية، والتركيز في الاعدادي على فعاليات تنبع من المشاكل التي تعنيهم بشكل مباشر. في الواقع الاستشارة التربوية في المؤسسات التربوية تقوم بتمرير الثقافة السلمية بشكل غير مباشر، فعلى سبيل المثال، عندما نعمل من خلال فعاليات على الضغط الجماعي، وعلى الوعي الذاتي لرغبتنا بمسايرة من حولنا لدرجة الانجراف معهم سلوكيًا، وبالمقابل التشجيع لقيادة ايجابية والسلوك بالمسلك الاخلاقي حتى لو كان هذا ضد التيار، نحن نعمل فعليًا على نشر الثقافة السلمية لأسلوب مناسب ومقبول للطلاب، دون الحاجة لاستخدام أسلوب الوعظ أو المحاولة لتمرير الرسالة من خلال شرح نظري مطول للمفاهيم، الأمر الذي قد يثير الرغبة بالتمرد لدى هؤلاء الطلاب أو يثقل عليهم بمرحلة مليئة بالتحديات. من المهم في المرحلة فوق الابتدائية افساح المجال للتميّز والفرادة من خلال اعطاء التلاميذ حرية اختيار مجالًا يَتَوَلون من خلاله القيادة ويشعرون بمدى تأثيرهم فيه وأن السيطرة بأيديهم.
وفي الحديث حول دور الأهالي في تعزيز السلم المجتمعي لدى أولادهم، أوضحت خصوصية الوضع مع الأهالي، فبالنسبة للأهالي للأسف نحن نتخبط معهم بسبب عدم وجود امكانيات لمرافقة مهنية. الأهل ذاتهم مشغولين في حرب البقاء، وهذا الأمر ينعكس على الأولاد. بالنهاية تأثير المدرسة محدود جدًا نسبة لتأثير الأهل، بالذات في البساتين والابتدائية، إمكانياتنا وامكانيات الأهل في تطوير الشراكة لا تزال غير كافية، ونحن بحاجة لها حتى نساهم في تطوير التوجه الذي يركّز على الفرد واحتياجاته مقابل التركيز على احتياجات المجتمع التي تنعكس في النهاية على الفرد.
وفي الختام لخصت المستشارة سناء توجهها وموقفها من ثقافة السلام بقولها: "نحن في وضعية مجتمعية مشبعة بمشاعر الخطر والخوف، وفي هذا الوضع نحتاج لكل مصدر يعطينا طمأنينة، لندرك أن ثقافة السلام فيها راحة وطمأنينة، ويمكنها أن تعطي حلولًا، حتى ولو لم تكن فورية، وقد لا تتماشى أحيانًا مع آراء أشخاص يطلبون الحلول الفورية السريعة".
#عزيز_سمعان_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يقتلونا لماذا؟
-
أهم إعلان على الإطلاق
-
ثقافة السّلم رافعة لمجتمعنا
-
السلام ترنيمة الملائكة
-
لغة الحوار أساس ثقافة السّلام
-
فاقد الشيء لا يعطيه
-
الجار الطيب ورجل السّلم المجتمعي
-
السّلم المجتمعيّ هو الهدف الأسمى للتربية
-
أي تأثير صغير له فعلٌّ كبير
-
تسليط الأضواء على أحداث الميلاد
-
عصرنا بأمس الحاجة لثقافة السّلم المجتمعيّ
-
ثقافة السّلم المجتمعي في نظر مدير مدرسة عبلّينيّ وباحث في مج
...
-
بداية جديدة لخلق دور وتوجّه جديد مقابلة السّلم المجتمعي مع م
...
-
السّلم المجتمعيّ في عينيّ متخصصة بالقانون والعمل المجتمعي
المزيد.....
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|