|
أتحاد قوى اليسار، والاختلاف!
جليل شهباز
الحوار المتمدن-العدد: 5546 - 2017 / 6 / 9 - 16:05
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
بعد مبادرة الرفيق رزكار عقراوي الداعي لاتحاد قوى اليسار حول برنامج عمل سياسي وشحذ الهمم لخوض النضال ضد النظام الرجعي المذهبي الحاكم حاليا" في العراق، من أجل تحرير الجماهير من الأوضاع المأساوية الحالية، وبعد ان تبين المواقف السياسية لمختلف الشخصيات والاتجاهات السياسية داخل الحركة الشيوعية واليسار العراقيين حول هذا الموضوع، يبدو واضحا" بان هناك ميلا" قويا" داخل الحركة الشيوعية واليسار تسعى للم الشمل والالتفاف حول برنامج عمل سياسي تضمن الحد الادنى للحقوق الديمقراطية والمدنية والشخصية لجماهير العراق وهذا امر جيد ومهم، ان كانت هناك امكانية موضوعية لتحقيق كل ذلك، لان بروز القوى الديمقراطية واليسارية، في هذه الفترة المظلمة من تاريخ العراق السياسي، كقطب سياسي امام بقية القوى القومية والمذهبية الغارقة في الرجعية والتخلف والفساد والوحشية، في ميدان الصراع على السلطة، من شأنه ان يساعد على تطوير عملية الصراع الطبقي داخل المجتمع العراقي لان تطوير الوعي الديمقراطي لدى الجماهير وجذبهم للنضال السياسي برفقة القوى الديمقراطية واليسارية ستهيئ افضل مناخ سياسي لتطوير الحركة العمالية ونشوء مختلف منظماتها المهنية والسياسية والتي بدوره تساعد على البروز المستقل للطبقة العاملة في ميدان الصراع على السلطة السياسية بغية انهاء الاوضاع السياسية الحالية المعادية للجماهير داخل المجتمع، كما وان تحرير المجتمع من مخالب تلك القوى الوحشية والشريرة هو بحد ذاته ضرورة تاريخية ملحة لانه لا يمكن الحديث عن الاشتراكية وسبل بنائها وتعبئة القوى لالغاء العبودية المأجورة وبناء مجتمع لا طبقي من دون الغاء هذه الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المزرية والمأساوية المفروضة على جماهير العراق. وهناك ايضا" ميل اخر داخل الحركة الشيوعية العراقية يسعى لتحقيق الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي التام للطبقة العاملة والنضال الطبقي للعامل في ميدان التناحرات السياسية والصراع على السلطة. للاسف هذا الوجه السياسي ضعيف في لائحة العمل السياسي المشترك التي قدمها الرفيق رزكار كبادرة طيبة لقوى اليسار العراقي للالتفاف حولها. باعتقادي هذه هي نقطة الضعف الرئيسية في ذلك الطرح واللائحة السياسية حيث انه بوسع أي كان ان يلاحظ بسهولة بان العمل السياسي مع هذه التركيبة السياسية للقوى وبهذه اللائحة الحقوقية سوف لا يتجاوزون في نضالهم عن بناء دولة علمانية او لنقل دولة ديمقراطية ولكن الوقوف عند هذا الحد من النضال ليس بوسعها حتى تقديم ايسط الحلول لمشاكل العمال والكادحين والجميع على دراية كاملة بان بناء النظام السياسي الديمقراطي في العراق ليس سوى كذبة مفضوحة ووهم لايمكن تحقيقه ولهذا فلا احد في العراق عنده اية مشكلة مع النظام السياسي الديمقراطي ولا مع البرنامج الحقوقي الذي نسميه برنامج الحد الادنى، فحتى اعتى القوى المذهبية في التطرف الديني والرجعية السياسية مثل عصائب اهل الحق لا يستطيعون ظاهريا" او شكليا" انكار الحقوق والحريات الديمقراطية! ولذلك فان المشكلة لا تكمن في بناء المجتمع الديمقراطي فهو امر طوباوي ولا يمكن تحقيقه تاريخيا في البلدان الخاضعة لاسباب اقتصادية تتعلق بالاستغلال الوحشي لقوى العمل البشرية والتي تنشأ فوقها بالضرورة الأنظمة الاستبداية والوحشية السياسية. ولكنني في نفس الوقت اتفق الرأي مع كل من يقول بان الحقوق والحريات يمكن فرضها بالنضال الجماهيري في ظل توازن معين للقوى الطبقية حتى على اخطر واقسى الأنظمة الاستبدادية ولكن مع ذلك فعند حدوث أي تغيير على طبيعة ذلك التوازن فان هذا من شأنه ان ينسف ثلاثة ارباع تلك الحقوق والحريات ان لم يكن كلها ولذلك فان اراد احد ما ان يعلم كيف يمكن الحفاظ على تلك الحقوق والحريات او كيفية توسيعها؟ فليس أمامنا غير ان نقول، يمكن ذلك فقط من خلال تكثيف وتوسيع الجهد النضالي الجماهيري والطبقي ضد النظام الاستبدادي. ولهذا فان مشكلة الخلاص النهائي لجماهير العراق تكمن في ضعف الانتماء الاشتركي وغياب الوعي الاشتراكي لدى الغالبية العظمى من الجماهير وليس بناء المجتمع الديمقراطي! ولهذا فانني على يقين مطلق بان القوة السياسية والاجتماعية لوحيدة القادرة على تحرير العراق من هذا النظام الوحشي الفاسد وهذه القوى المتوحشة والبربرية، القومية منها والمذهبية ليست سوى الطبقة العاملة بقيادة طليعتها الثورية المتمثلة بالحزب الماركسي التي لا تتردد ولا تتذبذب في خوض النضال الطبقي ومقارعة كل قلاع النظام الاجتماعي البرجوازي حتى في اقسى الظروف النضالية واكثرها رجعية.. انا شخصيا لا اعتقد في ظل الظروف والاوضاع السياسية والاجتماعية السائدة حاليا" في العراق والمنطقة اضافة" الى غياب الحزب الماركسي الثوري والحضور الفاعل والمؤثر للطبقة العاملة في ميدان الصراع على السلطة السياسية ان يتمكن اليسار وان كان برفقتها كل القوى الديمقراطية والعلمانية، وحتى لو التف الجميع حول اكثر البرامج ثورية"، ان تعبر حتى هامش المجتمع نحو السلطة السياسية. وبهذا فان المهمة السياسية الفورية والملحة التي ينبغي ان ينفذها الماركسيين دون تأخير هي بناء حزب ماركسي ثوري على الطراز البلشفي ذات الانضباط الحزبي والطاعة الحديدية والصلابة والوضوح،المبدئيين، واذا كان البعض يظن بان الحزب الماركسي الثوري موجود فعلا" فما عليه الا ان يعمل جاهدا" لارتقاء الحزب وتربية صف من الكوادر الثورية المحترفين للعمل الثوري لاخراج حزبه من الهامش السياسي للمجتمع والاندماج بالجماهير والقيام بتنظيم وقيادة النضال الطبقي للعامل نحو الغاء الملكية الخاصة ونظام العمل المأجور وبناء الجمهورية الاشتراكية. وعلى ضوء كل ذلك فهل هناك امكانية للعمل السياسي المشترك بين الحزب الماركسي الثوري ومختلف القوى اليسارية والديمقراطية داخل المجتمع؟ بكل تأكيد هناك امكانية موضوعية لعقد مختلف الاتفاقيات والتحالفات السياسية والعمل السياسي المشترك باستمرار فاذا كان قطار الثورة تمضي وتتقدم نحوالامام! واذا كان يقودها الحزب الماركسي الثوري! فمن المؤكد ان القطار سيصل الى اخر محطة، عندئذ ليس هناك اية مشكلة فمن يرغب الصعود الى القطار فليصعد ومن يرغب في النزول فلينزل ولكن القطار سوف لن تتوقف حتى اخر محطة.
#جليل_شهباز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغزى التاريخي لثورة اكتوبر الجزء الثالث
-
المغزى التاريخي لثورة اكتوبر/ الجزء الثاني
-
المغزى التاريخي لثورة اكتوبر
-
إلى ماذا ترمي نادية محمود من حملتها ضد أتحاد المجالس والنقاب
...
-
الأعتراضات الجماهيرية في اليونان، هجمة ثورية ضد النظام الرأس
...
-
دراسات في الأقتصاد السياسي الماركسي
-
حول اعتقال امريكا والسلطة الاسلامية القومية للمالكي للالاف م
...
-
الديمقراطية بين، البرلمان البرجوازي والمجلس العمالي
-
ستبقى ثورة أكتوبر العظمى رمزا- للتمدن والتقدم والمساواة!
-
الدستور الدائم للعراق سوف لن يكون علمانيا-!
-
أية حكومة ستتمخض من الانتخابات الأمريكية في العراق؟
-
أيها الاشتراكيون اليمينيون، ليس للعمال وطن!
-
الثورة الاجتماعية طريقنا إلى السلطة!
-
من يقف وراء إثارة التناحرات والفتن القومية في العراق؟
-
إلى متى، التهديدات والغطرسة، الأمريكية؟
-
الحكومة العمالية، بديلنا للسلطة!
-
مؤسسة الدولة، جهاز للعنف الطبقي المنظم، وليس للنشاط الحزبي ا
...
-
قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي، تتباكى على خرق الضوابط
...
-
عرفان كريم يتخبط بين وهم، فوضوية اليسار الراديكالي وحقيقة ال
...
-
تغيير قانون الأحوال الشخصية أسقطت ورقة التوت من عورة مجلس ال
...
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|