أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجذر التاريخى للتمييز بين البشر















المزيد.....

الجذر التاريخى للتمييز بين البشر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5546 - 2017 / 6 / 9 - 13:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كلما قرأتُ فى تاريخ البشرية (القديم والوسيط والحديث) عن مؤرخين موضع ثقة ويتميـّـزون بدرجة عالية من الصدق والموضوعية، كلما تثبـّـت (إيمانى) بأنّ أنظمة الاستبداد تعتبرالمؤسسات الدينية (الخاضعة لها) هى خط الدفاع الأول لحمايتها من الجماهيرالشعبية، وذلك من خلال إدراك تلك الأنظمة أنّ المؤسسات الدينية تستعمل (سلاح) التخديرالميتافيزيقى، بالتركيزعلى أنّ (الحياة الآخرة خير وأبقى)
فلماذا تضافرتْ الحكومات الاستبدادية مع الأديان فى تكريس التمييزبين البشر؟ وهل هذا التمييز وليد العصر الحديث ، أم وُجد مع أول تجمع إنسانى ؟ ألم تكن الأرض فى البداية مشاعًا ؟ أى لا وجود لإنسان يتميّز على غيره بالملكية. الى أن جاء أول إنسان وقال : هذه الأرض ملكى. وكان هذا الإنسان بداية (منصب) رئيس القبيلة التى تطوّرت- بعد آلاف السنين- الى فكرة الدولة. ورئيس القبيلة- كى يحمى نفسه وأملاكه- عيّن أشخاصًا للحراسة، ومن هنا جاءت ثنائية (يملك ولا يملك) وثنائية (سادة وعبيد) وكان هذا أول أشكال التمييزبين البشر.

وبينما تنص مواثيق حقوق الإنسان أن البشر متساوون فى الحقوق والواجبات، فإنّ المسكوت عنه هو لى أى مدى يُـترجم الأصوليون- فى كل دين- هذا المبدأ فى برامجهم؟ ألايصطدم هذا المبدأ مع العهد القديم الذى ذكرعلى لسان النبى موسى لربه ((فنمتازأنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض)) ويأتى الرد من الإله العبرى مؤيدًا ((فقال الرب لموسى هذا الأمرالذى تكلمت عنه أفعله)) (خروج 33: 16،17) وجرثومة التمييزدخلتْ إلى الدين الواحد من خلال المذاهب. أليست كارثة أن يدّعى أصحاب كل مذهب أنهم يملكون (الصواب المطلق)؟
وهل يمكن فصل التمييزبين البشرعن التعصب سواء للدين أوللعرق؟ لقد انقسم العرب بعد وفاة الرسول، وكانت الذروة بعد اغتيال عثمان وخدعة (التحكيم) بين على ومعاوية، فنتج عنه ظاهرة (الخوارج) الذين رفعوا شعار((لاحكم إلاّ لله)) وكان من بينهم عبدالرحمن بن ملجم الذى قتل على بن أبى طالب بعد أنْ أهدروا دمه. واستندوا إلى القرآن فى تبريرالقتل، فقالوا إنه هو الذى أنزل الله فيه الآية 204 من سورة البقرة. أما قاتله فهوأيضًا مذكورفى القرآن وأنه هوالذى أنزل الله بشأنه الآية 207 من سورة البقرة (المستشارمحمد سعيد العشماوى- الخلافة الإسلامية- سينا للنشر1990 ص117) استغلال الدين يؤكد العلاقة العضوية بين التمييزوالتعصب لفهم نصوص الدين (وهوفهم يختلف فيه البشر) وما ذكره المستشارالعشماوى أكده أ. خالد محمد خالد فكتب (القرآن كما قال على حمّـال أوجه والسنة كذلك. وكان أصحاب على وهم يُحرّضون على دم معاوية وقتاله يُـقـدّمون بين أيديهم طليعة هائلة من الآيات والأحاديث التى كان يُحرّض بها أصحاب معاوية على دم على وقتاله. كذلك كان الحال فى الحرب التى دارتْ بين العباسيين والأمويين. ولطالما وقف يزيد الطاغية يخطب فى الناس ويُحرّضهم على قتل الحسين مسلحًا بآية وحديث) (من هنا نبدأ- ط 1950- دارالنيل للطباعة- ص 135،136)
وإذا انتقلنا من التمييزالمُـؤسس على مرجعية دينية، إلى التمييزالمؤسس على العرق، نجد حديثًا منسوبًا إلى الرسول محمد (بغض النظرعن إنْ كان حديث آحاد أومنحولا إلخ تبقى الحقيقة المؤكدة أنّ قائله عربى قرشى إذْ ينص على ((لاتكون العرب كفؤًا لقريش والموالى لايكونون كفؤًا للعرب كما قال صلى الله عليه وسلم)) (شمس الدين السرخسى- أحد أئمة الفقه الحنفى- فى المبسوط مجلد 3 ص 24 ط عام 1986- دارالمعرفة بيروت- نقلا عن أ. خليل عبد الكريم- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر1990 ص 16) وعن نفس المعنى قال الإمام أبوحنيفة ((ليس أحد من العرب كفؤًا لقريش. كما ليس أحد من غيرالعرب كفؤًا للعرب)) والتعصب للعرق وصل لدرجة أن يقول سفيان الثورى ((إذا نكح (= الزواج) المولى (= غير العربى) العربية يُفسخ النكاح)) وقد أيّده أحمد بن حنبل (عبدالمتعال الصعيدى- المجددون فى الإسلام- هيئة قصورالثقافة- 2007 ص96) هذا التمييزالمؤسس على العرق أخذ عرفــًـا أقوى من القانون من العرب الذين غزوا مصر. ففى حين كانوا يستحلون لأنفسهم (نكاح) المصريات سواء بالزواج أوبالتطبيق للنص القرآنى لآيات (ملك اليمين) فإنهم رفضوا أنْ يتزوج المصرى من سيدة عربية، ولذلك قالوا فى أمثالهم ((يأكلها التمساح ولا يأخذها الفلاح)) وبعد حوالى مائتى عام من الغزو العربى دخل أهالى قرية مصرية (الحرس) الإسلام وأرادوا أنْ يتساووا بالعرب فى جميع الأوضاع الاجتماعية ، فكتبوا لأنفسهم نسبًا يعود إلى (حوتك) إحدى القبائل العربية. فثارالعرب ضد هذه القرية. ذهب المصريون إلى القاضى العمرى ودفعوا له مبلغـًـا ليـُـثبت لهم نسبًا عربيًا. وبعد أنْ أعطاهم شهادة بذلك ، طعن العرب عليها وذهبوا إلى قاضٍ آخرفأبطل شهادة سلفه ففرح العرب . وكتب شعراؤهم قصائد تهجوالقاضى الذى قبل الرشوة منها ((تقضى نهارك بالهو / وتبيتُ بين مغنياتك/ فاشرب على صرف الزمان/ بما ارتشيتَ من الحواتك/ إنْ كنتَ قد ألحقتهم/ عربًا فزوّجهم بناتك)) (د.محمد حسين كامل- أدب مصرالإسلامية- دارالفكرالعربى- ص25 نقلا عن الراحلة سناء المصرى- هوامش الفتح العربى لمصر- ط 2004- الشعاع للنشرص 164 والشاعرأحمد عبد المعطى حجازى- عروبة مصر- دارالآداب بيروت- عام 1979 ص 60 ،61) ورغم مئات الأمثلة التى تدل على واقعية العرب ورفضهم انتساب المصريين لعرقهم وثقافتهم، فإنّ غالبية شعبنا- خاصة بعد يولو52 صدّقوا أكذوبة أننا نحن المصريين عرب. ولأنّ أ. أحمد أمين كان يحترم لغة العلم وابن المرحلة الليبرالية، لذلك كتب عام 1933 إنّ أهالى مصروالشام والمغرب ليسوا عربًا (ضحى الإسلام- ج 1 ص76)

وهل يمكن فصل التمييزعن قتل الفلاسفة كما حدث فى أوروبا وفى الشرق فى العصور الوسطى؟ ألم يُقتل السهروردى بأمرمن صلاح الدين الأيوبى؟ وألم يُحرّم ابن الصلاح المنطق والفلسفة؟ وألم يقل الأشرف بن موسى (من الأيوبيين) : من ذكرغيرالتفسيروالحديث أوتعرّض لكلام الفلاسفة نفيته؟ وألم يوضع رأس عبدالحميد الكاتب فى طست محمى راح يصعقه على مهل فى الخلافة العباسية؟ ألم يتم تقطيع جسد ابن المقفع ورمى أعضائه فى الناروهوينظرإليها؟ واذا قفزنا الى عصرنا الحاضرنجد أن تلاميذ معاهد الأزهريتعلمون أنه ((لايصح بيع كتب الكفر والتنجيم والشعوذة والفلسفة)) (الصف الثانى الثانوى الأدبى والعلمى- 2006/2007 ص 108، 390) وهكذا يتم تشويه الفلسفة بوضعها بجانب الشعوذة. والعداء للفلسفة يؤدى إلى الأحادية التى تغلق العقل، فيتعلم التلاميذ أنّ البشرينقسمون إلى سادة وعبيد، إذْ يقول لهم أنّ ((للحرة ليلتان وللأمة (= عبدة) ليلة لحديث فيه مرسل)) وينص على إجبارالفتاة البكرعلى الزواج بغيرموافقتها (المصدرالسابق ص 430 ، 462)

وهل يمكن فصل التمييزعن العنف؟ فمن بين المآسى التى تعرّض لها البشرما حدث للعرب على يد العرب فى واقعة (الحرة) التى دمّرفيها يزيد بن معاوية المدينة وعبث بمسجد الرسول واتخذه مكانــًـا لخيوله ببولها وروثها وتغنى بالشعرالذى يجمع بين التعصب والعنف ((ليت أشياخى ببدرشهدوا / فزع الخزرج من وقع الأسل)) وذكرالطبرى وغيره أنّ عدد القتلى 1700 من الأنصار،1300 من المهاجرين، 500 من الموالى وفض بكارة آلاف البنات. وألزم القائد المسلم من بقى من المسلمين أنْ يُبايعوا يزيدًا على أنهم عبيد له ومن رفض قـُـتل (الخلافة الإسلامية- مصدرسابق- أكثرمن صفحة) وفى عصرنا البائس قتل الإخوان المسلمون القاضى الخازنداروالنقراشى إلخ ثم جاءتْ الجماعات الأكثرعنفــًـا وقتلتْ وزيرالأوقاف د. الذهبى وأنورالسادات وفرج فودة ومحاولة قتل نجيب محفوظ إلخ.
هل التمييزبين البشرقيدُ أبدى؟ لهذا السؤال إجابتان: سيظل التمييزطالما ظلّ التعصب الذى هوإفرازللأحادية التى هى جرثومة (أنا الصواب المطلق) الإجابة الثانية عكس الأولى، أى القضاء على التعصب والأحادية والصواب المطلق. وهنا يبرزسؤال جديد: كيف؟ أعتقد أنّ علمنة مؤسسات الدولة. وتكريس فكرة أنّ تلك المؤسسات (شخصيات اعتبارية) ليس لها دين ولاتتعامل بالدين. وتعظيم دورالعقل فى التعليم والإعلام، ربما تكون بداية لطريق طويل، ولكن لامفرمن الذهاب إليه لصناعة مستقبل أفضل، كما فعلتْ الشعوب الأوروبية التى وقفتْ بجانب فلاسفتها وعلمائها، فانقشع الظلام بانتصارالعقل. وهل العيب فى الحكومات التى كرّستْ التميز- ليس بين كل الشعوب (فقط ) وإنما بين أبنائها كذلك، أم فى الشعوب التى (آمنت) بالتمييز على مرجعية دينية؟ وهل يمكن أنْ يأتى يوم يُـعلن فيه البشرالتخلص من غيبوبة الميتافيزيقا؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر الواقع على القرآن
- لماذا دعمت أمريكا ضباط يوليو1952 ؟
- باب أسباب النزول: الكشاف Focus الذى يخشاه الأصوليون
- مثقف خارج طابور الثقافة السائدة
- العلاقة بين الأنبياء والرب فى العهد القديم
- الطابع القومى للشعوب وأثره على الإسلام
- العلاقة العضوية بين النص القرآنى والواقع
- مغزى قول الخليفة على: مصرافتتحها الفجرة
- هل يمكن شفاء العروبيين من (غيبوبة) الناصرية؟
- تعدد أسماء الآلهة بتعدد لغات الشعوب
- زوجة الخديو المتمرّدة على تراث التخلف
- صحيفة السياسة وحزب الأحرار الدستوريين
- الجذرالتاريخى للإرهاب وعلاقته بالغزو
- حزب الأحرارالدستوريين: ما له وما عليه
- الحزب المصرى الديمقراطى وظروف نشأته
- هل كان عبدالناصرحليفا للعمال وضد الإخوان؟
- الأحزاب السياسية قبل يوليو1952 (3)
- سليمان بين العهد القديم والقرآن
- الحول الثقافى : نصر أبوزيد نموذجًا
- الأحزاب السياسية قبل يوليو1952- (2) حزب الأمة


المزيد.....




- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجذر التاريخى للتمييز بين البشر