|
شهادة وفاة
ماري مارديني
الحوار المتمدن-العدد: 5545 - 2017 / 6 / 8 - 15:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شهادة وفاة لا احب مراسيم الوداع و لا يعجبني الناس الذين يمثلون الحزن تمثيلا و يبكون تصنعا و يقولون عباراتا جاهزة كلاسيكية قد حفظوها بصما دون ان تكون صادرة من ضمائرهم و قلوبهم من المعروف ان شدة المبالغة بالمشاعر هي دليل مناقض لما هي عليه بالحقيقة، فالبكاء المصطنع و الصراخ و العويل و الندب المبالغ به لدرجة مكشوفة التصنع هو ما يدعى بالدجل و النفاق و الكذب و التظاهر و التمثيل . و بالمقابل كم من دمعة واحدة صادقة لم يتمكن صاحبها من حبسها ابلغ بكثير من بحورا من الدموع ..و كم من الصمت و الوقار ابلغ بكثير من زيادة و تكرار النفاق و العبارات السطحية الهادفة للدعاية و التظاهر امام الناس بالحزن و اللوعة و فقدان السيطرة على النفس .فكم من غريب اصدق حزنا ربما من اخ لمتوفى … و كم من موقف و موقف يكشف مضمون الزيف بالحزن لتكون المبالغة بالتمثيل و التصنع بالحزن هي كمن يحاول ان يبعد عن نفسه شبهة فرحه بوفاة اخيه من خلال تلك المبالغة و ذلك التصنع المكشوف امام اسرة المتوفي و اولاد المتوفي و الناس حدثتني سيدة و قالت لي " ضممت اولادي الحزانى و المصدومين برحيل والدهم الحاصل فجأة بسبب ما عانى و صمت و خبأ في قلبه من ظلم اخوته له .. ضممت الاولاد الذين كان حزنهم اكبر من ما كانوا قادرين على حمله و التعبير عنه و كاد الحزن يغرقهم و يغرقني ..فقد ضممتهم و زاد حزننا و صدمتنا عندما شاهدنا و لمسنا حقيقة تصنع اولئك الحالمين بشهادة وفاته منذ زمن و ازمان حيث طلبوا شهادة وفاته و هو ما زال في غرفة التبريد بعد !!!! و طلبوها ايضا بعد الدفن و طلبوها ايضا بعد ذلك و بعد ارسلو من يطلبها و و من تطلبها من الذين لم يأتو للتعزية اصلا لبيت المتوفي الا لطلب شهادة وفاته!!! فهل يطلب شقيق شهادة وفاة شقيقه و هو ما زال بعز الفاجعة !!!؟ انهم اشقاء المتوفي .. احدهم يدعي انه يريد من خلالها طلب فيزا للعلاج … و احدهم يريدها لآن اخيه يريد ان يطلب بها فيزا للعلاج و ثم يقول انه يريدها للذكرى ! اي علاج و اي ذكرى _ فمن يريد العلاج يقدم تقاريره الطبية اللازمة للمشافي ، و اما ذلك من يريد الذكرى اين كان خلال اكثر من 15 سنة مضت و هو يسكن مع اسرته بدولة حدودية تقريبا و كان اخيه المتوفي هو من ساعدهم للرحيل لها على حساب قوته اليومي و مصروف اسرته و مالهم الاساسي للعيش و لم يعيد شقيقه له كامل الدين الي الان .. لكن شهادة الوفاة هي غايتهم و ليس الاخ الذي احبهم و ظلموه و ما زالوا يفعلون رحل و كانت شيمته التعامل مع الناس بالصدق و الامانة و المحبة و كان يعي ان الثروة ليست بجمع المال انما هي بمحبة الناس و الحفظ على الامانة و الاخلاص .. رحل من لا يعرف جشع اشقائه الى اين وصل .. و غدرهم له و لاسرته اين وصل حيث ان اشقائه اعتبروا ان اسرته و اولاده طرف ثاني ! و هم اي الاشقاء الطرف الاول ! فهل اسرة الاخ المتوفي و اولاده الذين ضحوا لاجل اعمامهم و ساعدوهم اثناء السلم و الفقر و اثناء الحرب و السفر اعداء بنظر اشقاء المتوفي !؟ان ذلك ليس غريبا من الذين ينكرون المساعدة و التضحية من اخيهم و الذين كانوا يضايقونه عبر الهاتف و يسببون له االازعاج و يصمت كي لا يفضخهم لانه خجل من تصرفاتهم .لكن عند وفاته بلغت سرعتهم لطلب شهادة وفاته اسرع من سرعة الضوء.فهل يريدون من شهادة وفاته ان تصبح منشورا عاما … و هل يعتقدون ان الناس لا تعرف لماذا يتم طلب شهادة الوفاة .. و لا سيما من مثل اولئك الاشقاء الماديين الذين لم يفكروا بمشاعر ابناء اخيهم و زوجته الذين على الرغم من كل ذلك استقبلوهم. لكن ليس غريبا على اشفاء المتوفي تلك التصرفات تتابع السيدة كنا اسرة مؤلفة من اربعة اشخاص ، و كنا و مازلنا و سنبقى اسرة متحابة و لطيفة و ذات رابطة قوية و ناجحين و محبوبين و سمعتنا طيبة و نتسم بالخلق و الثقافة و حسن السيرة و العمل و القيم و تعاملنا مع الناس مشهود له من الغريب و القريب معا، نحن اسرة نعيش حياة طبيعية جميلة منظمة و صادقين مع انفسنا و مع الناس و هذه سماتنا التي نعتز بها ، نتقاسم الفرح و الحزن و نتقاسم كل ما لدينا من اشياء بمساواة و ضمير و محبة ..لكن كم هو قاسي و مجحف هو موقف اشقاء ك ايها الراحل... اكيد لم تتوقع موقفهم هذا منهم على الرغم من كل ما سبق و بدا منهم .. فرغم ان الجرح برحيلك ما زال جديد الا ان اشقائك طلبوا شهادة وفاتك و انت بغرفة التبريد لانهم يريدون ان يتجنوا على بقية حقوقك بكل وضوح و بلا مشاعر و لم يتمكنوا ان ينتظروا او ان يحسوا بما نحس نحن اسرتك الجميلة ، و اهمس لك ايها الراحل انه حتى باقة ورد لم يحضروا لك انما نحن احضرناها بأسمهم لك لانك لم تشأ ان تفضحهم يوما .. و اقول لك ايضا ان اصدقائك كانوا اخوة حقيقيين لك و لنا وكانوا و ما زالوا مخلصين و امينين و نثروا الورد عليك و حضروا العلم الذي تحبه لك كي يدفئك في رحلتك الى الابدية الى عالم الراحة و النور بينما اخوتك قالوا عنك و عني و عن اولادك اجانب مع ان اولادك يحملون جنسيتك التي تحبها و مع انهم مثلك عراقيين " هذا ما حدثتني به السيدة و هذا قصة من الواقع الحي و قد اخفيت اسماء الاشخاص المقصودين في القصة . و من المؤسف وجود مثل اولئك الاشقاء للمتوفي الطيب و ربما اذكر الاسماء في مقال لاحق اذا اقتضى الامر لما... لا ماري مارديني
#ماري_مارديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ليس علينا فهو معنا
-
في انتظار مجيء يسوع!
-
الجهل يدعي الثقافة !
-
المرأة و التغيير
-
حرية التفكير
-
التعصب الديني و الطائفية و الفساد المشترك لدى اساتذة بكلية ج
...
-
المرأة ليست نصف المجتمع
-
تتمة للتعصب الديني و الطائفية و الفساد المشترك لدى اساتذة بك
...
-
لمن تُهدى الهدايا
-
أطفال لاجئين
-
اسم حركي! و مجتمع فساد!
-
معتقدات لا عقلانية
-
قصور القانون و القيم نحو الاقليات في الشرق
-
التعصب الديني و الطائفية و الفساد المشترك لدى اساتذة في كلية
...
-
نظرة المجتمع للمرأة الذكية هي نظرتهم لليليث!
-
ثمن الحرب
-
لغة الجسد
-
التعصب الديني و الطائفية و الفساد المشترك لدى اساتذة في كلية
...
-
نحو مجتمع اكثر حضارة و اعمق ثقافة
-
ويستغربون وصفي لهم بالمتخلفين!
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|