|
حماس..الكويت..وعشائر كردية أيضاً
طارق حمو
الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 09:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وأخيراً حماس فوق كرسي السلطة:
جاءت ساعة الأختبار الحقيقية إذن، فهاهي "حركة المقاومة الإسلامية حماس"، كما تسمي نفسها، تستحوذ على ثقة وقلوب الفلسطينيين وتنال ثمانين مقعداً(ستة وسبعين بالإضافة لأربعة مستقلين قريبين جداً منا، على حد قول خالد مشعل)، لقد أكتسحت "حماس" حركة "فتح" العتيقة وأستطاعت ان تحصد جل الأصوات الفلسطينية الغاضبة من "فتح" ورجالاتها، والمنهكة من الدوامة الفتحيّة والتخبط في السلام الطويل والباهظ جداً مع الدولة العبرية، ذلك السلام الذي لم يثمر لبناً أوعسلاً كما وعدّ الساسة الفتحاوييّن ذات مرة، لكنه ولدّ أرصدة مكتنزة في بنوك الغرب إقتطعها الرفاق الثوار من أموال المساعدات الغربية واليابانية لبناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وسجلوها بإسمهم في الخارج، ضماناً لمستقبل العيال والذرية....
نصر "حماس" يأتي من هاتين الخاصتيّن: فساد السلطة وفشلها وتخبطها في السلام والبناء، و ميل السواد الفلسطيني الأعظم لخطاب التحدي والمبارزة الديني الذي طرحته، ومازالت، "حماس" والمستند على نصوص الدين الغابرة، المتمثلة في قتال اليهود وضرورة إخراجهم من فلسطين ( التي هي، كما ينبغي علينا التذكر،من النهر إلى البحر) وعموم بلاد الوقف الإسلامية، مع وجود هامش من شروط الصلح والهدنة ( فالجماعة {تعّي ظروف وشروط المرحلة} كما قال مشعل في دمشق اليوم). ويستند القوم في "هدنتهم" لمجموع عهود ومواثيق المسلمين الأوائل مع "بني النضير" و"بني قريضة" في جزيرة العرب قبل ألف وأربعمائة سنة ونيف من الزمن..
الفلسطينيون وحدهم يتحملّون قرارهم في تصدير "حماس" لموقع القيادة، وهناك حديث عن تشدد إسرائيلي لاتنقصه القوة والبطش كما خبرنا، وحصار ومقاطعة دولية، وتنصل عربي مبين كما هو واضح، من حكومة فلسطينية تقودها حركة "حماس" وملاليها ومن ورائهم جموع إستشهادييها.
والحال، أن "حماس" وٌضعت على المحك، وهناك من يقول أنها الفرصة النهائية للتخلص من زعيقها ومزايداتها بوضعها في مكان المسؤولية والقرار، حيث ستتخبط وترتكب الأخطاء الكبيرة، الأمر الذي سيجعل المواطن الذي إنتخبها يلعن أبو ذاك اليوم الذي بصمّ فيه لصالحها. وإن كنا نرى الإيرانييات الآن يقذفن "الجادور" بعيداً ما أن يجتزن حدود مملكة الملالي، فهل نرى الحماسيات والحماسيين الفلسطينيين يفعلن عين الشيء، وقريباً كذلك؟.
الكويت ديرة نفط وديمقراطية:
مسلسل التأزم السياسي الجميل الذي حصل في الكويت، عقب وفاة أميرها الشيخ جابرالأحمد الصباح، يٌمني النفس بشيء من الأمل في هذا الزمن المليء بجرائم الديكتاتوريات العربية الفاسدة. فهناك حيث لأول مرة يكون لصوت مجلس شعب عربي مفعول وتأثير للحد الذي يقيل فيه أميراً، أو يُحدد أهليته للحكم أو لا، ويٌعين أميراً آخراً محله. فنحن أعتدنا من "مجالس الشعب" أو "البرلمانات العربية" التصفيق والتهليل للحاكم، وممارسة الكذب والدجل في الختم على عرائض الولاء الأبدي للحاكم الجائر الجهول. لكن أن نرى أناساً يتكلمون عن أهلية الحاكم في القيادة والحكم، ومن ثم ضرورة إستقالته وترشيح غيره و.."حسب الدستور" أيضاً، فإن ذلك من العجب العجاب والدر النادر في هذا الزمن العربي الفاسد. الكويت، تلك الديرة الصغيرة، التي كانت الدول الشقيقة القومجية تتهم أهلها بالجهل وتبذير ثروات النفط في ملاهي ومواخير الغرب، كما رسمت هكذا صورة أهل الخليج في الشارع العربي القومجي/الغوغائي، لقنّت كل العربان درساً مفيداً في الديمقراطية. فهناك دستور سٌنّ منذ الستينيات وهو محفوظ الهيبة والكرامة، وحيّ يرزق، يٌستشهد به في كل ساعة وحين، ولاأحد فوقه حتى الأمير نفسه. وهناك مجلس الأمة حيث القرار الفصل، والنقاش الحي حول كل المواضيع السياسية والأقتصاد في البلاد، ليس ثمّة خطوط حمراء أو خوف من بطش الحاكم وقمع وإنتقام أجهزة مخابراته التنينية، والتي تحولت في كثير من البلدان القومجية لكوابيس تطارد المواطن( المواطنين: من عينّة الباحث في القمامة من أجل إلتقاط رزقه، على رأي أحد ديناصورات العروبة)، فالكويت لم تدعّي يوماً أنها مجتمع متكامل أو جمهورية الفضيلة، أو قلعة الصمود والتصدي، هي فقط مجتمع صغير، قبلّي، محافظ، يقوم على بيع سلعة أسمها النفط، لكنها قائمة على دستور ومجلس أمة، قادر على تغيير الحاكم وإبطال قراراته إذما أراد أهلها ذلك....
بعث الشام و عشائر الجزيرة:
وفي دمشق "قلعة الصمود والتصدي"، كما تسمي نفسها هي الأخرى، والتي تحولت بعد خطب التحدي الأخيرة لرئيسها الشاب لقبلة وموسم جني دولارات مفتوح لكل منافق وصاحب قلم أو مرافع مأجور، نقلت مصادر عن عزم الرئيس بشار الأسد الجلوس مع وفود عشائرية كردية تمثل قطاع الشعب الكردي في الجزيرة. هي إذن عادة البعث التي لايغيرها، وسبحان المغير، فرغم زعيق هذا الحزب الفاسد المفسد "بالوحدة العربية" و"توحيد البلاد" والقفز فوق التمايزات والخصوصيات المجتمعّية العربية و غير العربية في المنطقة، لتحقيق الوحدة الشاملة، إلاّ إنه أختصر هذه الأمة في حاشية وعائلة مستبدة حوله، في كل من دمشق وبغداد، المكانيّن المنكوبين اللذان شهدا كارثة سطو البعث على الحكم فيهما، إستطاعت هذه العائلة/العشيرة/الشلّة تدمير وتفقير البلد، وتجويع أهلها وتحويلهم لهوائم تحلّق حول براميل القمامة هنا وهناك، حيث التخريب الفظيع في المجتمعات، وتحويلها لشرائح وتقطيع أوصالها لمجموعات متناحرة ومتحفزة ضد بعضها البعض. فبدل "الوحدة والحرية والإشتراكية"، حولّ البعث المجتمع السوري لعوائل مشتتة، وأعادها إلى مرحلة القبيلة أي إلى ماقبل الإستقلال ونمط الدولة، حيث السهولة في ممارسة سياسة "فرق تسد" تلك. النظام السوري، وبعد سلسلة الجرائم بحق شعبه وشعب لبنان، والسقطات الفظيعة تجاه المجتمع الدولي، بسياساته الهوجاء الخرقاء، يريد، قبل الرحيل والأندحار، ضرب الشعب السوري بعضه ببعض. فما المغزى من إستقبال العشائر الكردية، وهناك أحزب سياسية تمثل الكرد منذ نصف قرن؟. وهل المسألة مسألة عشائر أو نزاع عقار أو مراعي حتى يستدعي الرئيس عشائر بلاده ليتفاوض معها على مسائل سياسية معقدة؟. ثم لماذ كل هذا التشدق "بالوحدة الوطنية" و"الجبهة الداخلية" والنظام يرجع للعشيرة لمناقشة قضية شعب يمثل القومية الثانية في البلاد ويزيد عدده على الثلاثة ملايين إنسان سوري؟. النظام البعثي المدحور في بغداد، والذي يقبع رجالاته الآن داخل قفص العدالة العراقية، حاول الإعتماد على العشيرة لخلق أزلام ومرتزقة، فأنشأ الفرق والأفواج لمحاربة الثوار والمناضلين الكرد والعرب وضرب بعضهم ببعض، لكنه فشل. وها هو النظام السوري يفعل ذلك أيضاً، مٌظهراً وجهه الحقيقي ومتخطياً كل الشعارات التي تاجرّ بها ومايزال، فبدل مجتمع الحرية والكرامة الذي نادى بها، هاهو يٌعيد بالشعب للعشيرة، وذلك بعد أن "كنسّ" ثرواته وهربهّا ليستقر بها المقام في بنوك أوروبا وأميركا، والأن جاء دور بث الدسائس والفرقة بين الناس/العشائر الوطنيّة لإطالة الأعمار والبقاء فوق الكرسي لأطول مدة ممكنة، وحتى آخر دقيقة وثانية، قبل مجيئ العصف الكبير والساعة التي لاريب إنها آتية....
#طارق_حمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دستور العراق الجديد وقرف الإعلام العربي...
-
الخبل الديني..!
-
أقباط وإيزيدية (1ـ2) : من يوقف طوفان الإرهاب السلفي؟
-
التوزيع الجديد على النوتة القديمة : هل ستنجح تركيا في هضم كر
...
-
أوجلان : في تركيا هناك ثلاثة قوى متصارعة و إزدواجية صارخة في
...
-
الأكراد والجمهورية التركية : إعادة الحسابات القديمة ، دائماً
...
المزيد.....
-
الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف
...
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|