علي المدن
الحوار المتمدن-العدد: 5542 - 2017 / 6 / 5 - 00:17
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
علي الوردي مفكر ليبرالي كبير، وأديب ساخر مميز بأسلوبه السهل السلس، كان أهم نقد كتبه حول عقم المنطق الأرسطي في استيعاب الواقع وتعقيداته، المنطق النظري الذي يمكّن صاحبه من التحذلق في مدح الشيء وذمه، إبطاله وتصحيحه، متى ما شاء ذلك. ولأن الوردي ركز على مكونات الشخصية العراقية المتناقضة، فإنه كشف لنا عن حجم التحديات التي نواجهها في تحديث وعقلنة هذه الشخصية.
المشاركات في ملحق جريدة (الأخبار) لهذا اليوم المخصص حول الدكتور الوردي جيدة، ولكن لي ثلاث تعليقات:
الأولى: لقد دخل الوردي في نقاش مطول حول بعض القضايا المتصلة بالدِّين ورجاله، وأتصور أننا بحاجة إلى جمع آرائه في هذا المجال وربطها بالسياق العام الذي تحدثتُ عنه في البداية، أعني عقم المنطق الأرسطي وتناقض مكونات شخصيتنا بين قيم عالمين (عالم البداوة - وعالم الحضارة) [يمكن التعبير عن هذه الثنائية بصياغات أخرى كثيرة، نظير: الأصالة والحداثة].
الثانية: الملفت للاهتمام أن النقد الذي كتبه الوردي باسم الشخصية العراقية له ما يماثله في دول أخرى، في إيران تحديدا. الدراسات الاجتماعية هناك تتحدث عن المشكلة ذاتها، مشكلة تناقضِ شخصيةِ أبناءِ مجتمعاتِ منطقتنا بين عدة مكونات لم يتم الحسم بينها. ومن أجل إحالة المهتمين بمتابعة الموضوع الى مصدر يمكنهم قراءته يفضّل النظر في الجزء الأخير من كتاب داريوش شايگان (النفس المبتورة). على ماذا يؤشر هذا التشابه بين دراسات هؤلاء الباحثين؟ الانطلاق من مقدمات منهجية واحدة أم وحدة الإشكالية لدى هذه المجتمعات كلها؟ هذه نقطة تحتاج إلى بحث منفصل.
الثالثة: (اللمحات الاجتماعية) التي وضعها الوردي في عنوان كتابه حول تاريخ العراق تحتاج الى رصد وتظهير منهجي، ماذا يعني المنهج الاجتماعي في كتابة التاريخ بحسب الوردي؟ وبماذا أسهم هذا المنهج في فهم تاريخنا الحديث الذي درسه الوردي؟ هذان سؤلان منهجيان يقعان في صلب أي دراسة تحليلية حول الأعمال التاريخية التي كتبها الوردي أرجو أن يحظيا بعناية دارسي فكر الوردي.
#علي_المدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟