أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام القروي - امبريالية في عصر غير امبريالي














المزيد.....

امبريالية في عصر غير امبريالي


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1447 - 2006 / 1 / 31 - 09:14
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يقول روبرت كوبر في كتاب "تحطم الأمم" إن القرن الجديد معرض لأن تسحقه الفوضى والتكنولوجيا، فهذان العاملان المدمران للتاريخ يمكن أن يعزز أحدهما الآخر. وقد خلقت القرون الماضية ذخائر على شكل تعصب وطني وأيديولوجي وديني تكفي لتوفير بواعث للتدمير. ويرى كوبر- وهو باحث ودبلوماسي بريطاني، كان أحد المستشارين المقربين من رئيس الوزراء توني بلير - أن انتشار الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل على السواء يشير إلى عالم تفقد فيه الحكومات الغربية السيطرة، إذ يمثل انتشار تكنولوجيا الدمار الشامل إعادة توزيع هائل كامن للقوة بعيدا عن الدول الصناعية والديمقراطية المتقدمة، ولصالح دول أصغر قد تكون أقل استقراراً وليس لديها إلا القليل لتجازف به في عالم يسوده النظام. وقد يمثل ذلك إعادة توزيع للقوة بعيداً عن الدولة نفسها لصالح الأفراد، أي لصالح الإرهابيين والمجرمين. وإذا كان مقدراً لمثل ذلك الانتشار أن يحدث، فلن تكون الحكومات الغربية فقط هي من يفقد السيطرة، وإنما جميع أولئك البشر الذين لهم مصلحة في عالم يسوده النظام.
هذه هي الإشكالية التي يرى كوبر أنها تطرح نفسها على العالم. وهو يشير إلى أنه في حالة سعي حركة أيديولوجية فيما مضى أن تكون مدمرة، فإنه كان يتعين عليها أن تكون واسعة الانتشار كي تحشد ما يكفي من الدعم لتولي السلطة، وربما كان يتعين أن تكون هناك مظالم حقيقية تبررها. ولكن من الآن فصاعداً سوف تتمكن جماعات صغيرة نسبياً من إحداث ذلك النوع من الضرر الذي لم تكن تسطيع تحقيقه في السابق سوى جيوش دول أو حركات ثورية رئيسية. إن عددا قليلاً من المتعصبين بحوزتهم قنبلة قذرة (قنبلة إشعاعية) أو أسلحة بيولوجية سيكون بمقدورهم إحداث وفيات على نطاق غير متصور سابقاً. إن الانعتاق والتنوع والاتصالات العالمية، وكل الأشياء التي تبشر بعصر من الإبداع والثروات، يمكن أن تحدث أيضاً كابوساً تفقد فيه الدول التحكم بأساليب العنف، ويفقد فيه الناس القدرة على التحكم بمستقبلهم، إذ ترتكز الحضارة والنظام على السيطرة على العنف. وإذا صارت السيطرة على العنف متعذرة فلن يكون هناك نظام ولا حضارة.
وهكذا، حسبما يستنتج كوبر، أصبح انتشار الديمقراطية والدولة الليبرالية إحدى حتميات السياسة الخارجية. وليس مؤكدا أن هذا سيحل مشكلات أوروبا والولايات المتحدة، ولكنه أفضل رد يمكن للمرء أن يفكر فيه في الوقت الحاضر، وهو -على الأقل- ينسجم مع القيم والمصالح الأوروبية والأمريكية على السواء. إن إحدى سبل تخفيف حدة العنف هي التأكد من أن لدى الناس طريقة سلمية لمواجهة التظلمات عبر عملية سياسية عادلة وشفافة.
وقد أصبح نشر الديمقراطية الآن أمراً محتماً، غير أن السؤال هو: كيف السبيل إلى ذلك؟ إن أحد الأجوبة هو استخدام القوة العسكرية. المشكلة هنا، هي أن هذه سياسة إمبريالية في عصر غير إمبريالي.
تستطيع قوة الاحتلال تقديم دستور معد على نحو جيد، ولكن خلف كل ديمقراطية تعمل بطريقة ناجحة تكمن عوامل أقوى. ليست الدساتير والمؤسسات فقط هي ما يقود العملية إلى النجاح، بل سلسلة من العوامل غير المدونة، والتي أصبحت جزءا من العادات , منها أن الجيش لن يستولي على السلطة، وأن المحاكمات محايدة سياسياً، وأن الخاسرين في الانتخابات لن يحاولوا العصيان والتمرد، وأنه سيتم صون مستويات معينة من العدالة الاجتماعية، والمحافظة على قدر من التوازن بين الجماعات المختلفة، وأن الذين يمسكون بالسلطة سيحكمون (إلى حد ما) لتحقيق مصالح الدولة، ويتجنبون تنمية ثرواتهم الشخصية ونفوذهم الذاتي، إلى غير ذلك من العوامل. وتتمثل الصعوبة في عدم إمكانية تصدير أو فرض أو تلقين هذه الأنواع من مجالات التفاهم. انها من صميم المجتمع نفسه. وهي بالطبع لا تنشأ وتنمو بين يوم وليلة.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تكون سوريا الهدف القادم ؟
- دستور بلا وفاق
- شافيز في نظر واشنطن
- انتهت -جنة الاسلاميين- في الغرب
- افريقيا والشرق الأوسط أسوأ الأمكنة للعيش في العالم
- روسيا تتبنى برنامج ايران النووي
- مأزق العراق والسياسة الأميركية
- بطاقة تقرير السرية 2005
- الاستبداد والليبرالية الاقتصادية
- التطرف الإسلامي
- ما تعنيه الورطة الأميركية في العراق
- الجامعيون العراقيون يدينون العنف
- تركيا -تزكي- باكستان لدى اسرائيل
- هل يعيد النفط السلام الى دارفور؟
- أوروبا تتراجع واميركا تهدد وايران تتحدى
- ماذا بعد الانسحاب من غزة؟
- الارهاب يتجاوز الحدود
- العلاقات السودانية - الأمريكية : العالم ليس أبيض وأسود
- عن الانسحاب من غزة
- تقرير دويلفرعن خطة صدام لحرب العصابات


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام القروي - امبريالية في عصر غير امبريالي