|
إلا الحماقة أعيت من يداويها ...!! .
كريم عامر
الحوار المتمدن-العدد: 1447 - 2006 / 1 / 31 - 09:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول الشاعر العربى :- لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها. .لم أعرف .. لماذا وردت هذه الأبيات إلى ذهنى وأنا أتابع ردود الفعل العربية والإسلامية على مانشرته بعض صحف الدانمرك من رسومات كاريكاتورية إعتبرها البعض مسيئة إلى الدين الإسلامى لأنها تصور نبى الإسلام محمد بشكل تهكمى ، ولا أعرف على وجه التحديد السبب الذى جعلنى أشخص الحالة العربية والإسلامية الآنية على أنهامصابة بداء مستعصى على الشفاء ، ولكننى أدركت لاحقا أن هذه الأبيات الشعرية تنطبق - للأسف الشديد - على حالنا المخزى والذى جعلنا نغض الطرف عن مشاكلنا الحقيقية ونفتعل خلافات واهية مع حكومات ومؤسسات إقتصادية لا صلة لها بهذا الأمر من قريب أو بعيد سوى أنها تحمل ذات الجنسية التى يحملها الفنان صاحب الرسومات الكاريكاتورية !! . فمنذ عدة أشهر وتحديدا عقب خروجى من السجن إلتقيت بالصدفة البحتة بأحد الأساتذة الجامعيين الذى يفترض أنه يمتلك عقلية أكبر من أن تهتم بتسليط الضوء على هذه الموضوعات التافهة على حساب المشاكل الحقيقية التى نعانيها ، ووجدته يحمل علىَّ بشدة لموقفى الصريح من الإسلام ، ويخاطبنى - بإعتبارى أزهرى - أنه يفترض بى أن أهتم بقضايا العالم الإسلامى والتحديات التى تواجهه من دول " الكفر " الغربية التى لن يرضى عنَّا مواطنوها وقادتها من اليهود والنصارى حتى نتبع ملتهم !! ، وخلال حديثه ذكر لى مانشرته بعض الصحف الدانمركية من رسومات تسىء إلى نبى الإسلام محمد محاولا أن يقنعنى أن الإسلام ليس سوى ضحية لدول الغرب التى تحاول أن تمحوه من على خارطة العالم - على حد تعبيره - ، عندها أدركت حجم الكارثة التى يعانيها مثقفو العالم الإسلامى الذين نجح السياسيون فى تغييب وعيهم وإغراقهم بالدين لكى يصرفوا أنظارهم عن المشاكل الحقيقية التى يعانوها والتى هم أحد أسبابها ودعائمها الرئيسية . وعلى الرغم من أن الحكومة الدانمركية لا صلة لها بهذا الموضوع من قريب ولا بعيد بإعتباره يدخل فى إطار حرية الصحافة ( التى نفتقدها بالطبع هنا ) إلا أننا لا نريد أن نفهم هذا الأمر ونعاند ونكابر ونطالب الحكومة الدانمركية بمحاكمة المسؤلين عن نشر هذه الرسومات كنوع من فرض إراداتنا الضعيفة للغاية على بلاد ربما لم يسمع الكثيرون منا عنها شيئاقبل الأزمة الأخيرة ، ولكن الشعوب الإسلامية المخدرة بالدين تخرج فى المظاهرات وتطالب بمقاطعة البضائع وإغلاق السفارات وهو الأمر الذى إستجابت له حتى الآن ليبيا والسعودية ، ولا أعرف مالذى ستستفيده هذه الشعوب المغلوب على أمرها من هذه الإحتجاجات ضد أمور لا تخصها على الإطلاق ، هل هو نوع من الإحتجاج غير المباشر على سياسات حكوماتها ؟؟ أم أنها الحماقة التى تجعلهم يتغاضون عن مشاكلهم ويسعون إلى خلق عداوات وخصومات مع غيرهم ، ولماذا لم تخرج هذه المظاهرات ولم يقاطع العالم الإسلامى البضائع المصرية عندما رسم الفنان المصرى الراحل صلاح جاهين كاريكاتوره الذى يتهكم فيه على نبى الإسلام وزوجاته ؟؟ هل نتقبل الإساءة - إن صح التعبير - من أبناء العالم الإسلامى ونرفضها من الغرب ، أم أن الأمر برمته لا يعدو كونه لعبة سياسية قذرة تمارسها الحكومات بالإشتراك مع أجهزة أمنها ومخابراتها لإعادة تخدير العقول العربية التى بدأت فى التيقظ من سباتها بعد نوم عميق ؟؟ . لقد غلبتنى مشاعر الرثاء وأنا أشاهد الصور التى نشرها موقع هيئة الإذاعة البريطانية لرصد الغضب العربى العارم على الدانمرك البلد التى تبعد عنا آلاف الأميال وتفصلنا عنها الفيافى والقفار والأنهار والبحار ، فهذا شاب يرسل رسائل نصية إلى أقرانه عن طريق هاتفه المحمول الفنلندى الصنع يدعوهم فيها إلى مقاطعة البضائع القادمة من دول إسكندنافيا والدانمرك ، وهؤلاء مجموعة من الرجال يتظاهرون أمام مبنى السفارة الدانمركية فى الكويت موجهين سؤالهم إلى الحكومة الدانمركية " كيف تجرؤين ؟؟!! " مع أن الحكومة لا ناقة لها ولا جمل فى هذا الأمر ، وهذا أحد محلات السوبر ماركت فى نفس الدولة يكتب على لافتة بالبنط العريض رسالة إلى زبائنه " الكرام " يخبرهم فيها أنه متجره قد توقف عن بيع المنتجات الدانمركية بسبب التهكم على محمد نبى الإسلام ، وفوق كل ذالك نجد أن السياسيين متورطين فى هذه اللعبة القذرة من خلال صورة الدكتور جاسم الخرافى رئيس مجلس الأمة الكويتى وهو يترأس إجتماعا فى البرلمان الكويتى للدفاع عن نبى الإسلام محمد ضد الإساءة الدانمركية - على حد تعبيره - . لم يقتصر هذا الداء العضال على الشعوب فقط وإنما تعدى ذالك ليطول السياسيين على إختلاف توجهاتهم ومشاربهم ، وإن كان هناك بعض الإستثناءات التى يجب أن نذكرها حتى لا يتهمنا أحد بالتعميم ، فلقد أعجبنى للغاية موقف رئيس الحكومة الأفغانية حامد كرزاى الذى عبر عنه عقب محادثاته مع نظيره الدانمركى فى تصريح نشره موقع البى بى سى حيث قال " إن الصحافة هنا حرة كما هو الحال في أفغانستان الآن، وهناك أمر لا يمكن للنظام السياسي السيطرة عليه " . عبدالكريم نبيل سليمان الإسكندرية / مصر
#كريم_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قتل النساء على خلفية الشرف الذكورى الضائع !
-
فى ذكرى إعدام الجعد بن درهم
-
عود حميد ... مع بداية العام الجديد
-
بين التشريع المدنى .. والتردى صوب الهاوية
-
وإجتزت الإمتحان ... بنجاح
-
حقيقة الإسلام كما شاهدتها عارية فى محرم بك
-
هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى
-
لن أسير مع القطيع !
-
قضاة ... أم خيالات مآته ؟؟!!
-
بايعوا الرئيس مبارك ... أميرا للمؤمنين !! .
-
رسالة الى السيد الرئيس
-
إنطبعات متظاهر
-
الدفاع عن المرأة ... دفاع عن الذات
-
تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .
-
فتش عن القاعدة
-
النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .
-
من واقع رسالة طالب أزهرى : الأزهر والقاعدة ... وجهان لعملة و
...
-
إعدام الشريف إعلان حرب ضد مصر
-
صيفى ... ولكن حافظى على حجابك !
-
الزواج والبغاء ، إطلاقات متباينة لسلوك واحد !
المزيد.....
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|