أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - القاموس القرآنى : حسب بمعنى ( كفى ) ( 2 : 4 ) حسبى الله :















المزيد.....

القاموس القرآنى : حسب بمعنى ( كفى ) ( 2 : 4 ) حسبى الله :


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017 / 5 / 31 - 09:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة :
1 ـ المؤمن يتوكل على الله جل وعلا ويكتفى به وكيلا : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) النساء) ، الاكتفاء بالله جل وعلا وكيلا يعنى أن يقول ( حسبى الله ونعم الوكيل ).الوكيل هو المعين والناصر والمؤيد والحامى والحافظ . والمؤمن عندما يتعرض الى ظلم أة شدة ويتخلى عنه الناس ويخذله من يتوقع منه العون يقول ( حسبى الله ونعم الوكيل ) . وفى كل الأحوال فالمؤمن يقولها متوكلا على الله جل وعلا معتمدا عليه مستعينا به جل وعلا وحده : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق:3 )
2 ـ وهذا عكس المنافقين . فبعض الصحابة المنافقين الأغنياء كان يتناول النبى بالغمز واللمز فى توزيع الصدقات ، كانوا يطمعون فى الأخذ من الصدقات مع أنهم لا يستحقون هذا. قال جل وعلا عنهم : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) التوبة ) ووعظا للمنافقين الأغنياء الطامعين فى الصدقات ـ وليسوا من مستحقيها ـ قال رب العزة جل وعلا عنهم يدعوهم الى الاكتفاء بفضل الله جل وعلا عليهم : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) التوبة:59 ) . ثم جاء بيان مستحقى الصدقة : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة ) .
ونعطى سياقات ورود هذا المعنى فى القرآن الكريم
أولا : ( قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر:38 )
1 ـ المؤمن حين يكتفى بالخالق جل وعلا ربا فهو يعلم أنه جل وعلا هو القاهر فوق عباده ، منه النفع ومنه الضرر،لوشاء رب العزة جل وعلا أن ينفع أحدا فلا مجال لمنع هذا النفع ، ولو شاء أن يضر أحدا فلا مجال لدفع هذا الضرر . وهذا ما قاله جل وعلا لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) الانعام )
2 ـ بالتالى فالمؤمن يعرف أن إشاعات النفع والضرر التى يذيعها من يعبد الموتى والبشر والحجر مجرد سخافات ، فالحسين فى قبره لا ينفع ولا يضر والشافعى الميت لا يجير أحدا ، وهكذا القبر الرجسى المنسوب زورا للنبى محمد عليه السلام . ولكن المشركين فى إعتقادهم أن تلك الأولياء الموتى تنفع وتضر كانوا يهددون النبى محمدا بغضب آلهتهم الموتى . وردا عليهم قال له ربه جل وعلا : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ )(36) الزمر ).
وأمره ربه جل وعلا أن يتحدى آلهتهم الموتى إن كانوا نفعون أو يضرون: ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) الاعراف )
3 ـ ويأتى الرد على مزاعمهم بأن آلهتهم المزعومة تنفع وتضر : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر:38 ).
هنا جاء سياق الأمر بأن يقول ( حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ). وفيه الارتباط بين التوكل على الله جل وعلا وحده ، فهو حسبنا ـ أى ليس لنا غيره يغيثنا ويعيننا ويحمينا .
ثانيا : ( فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ )
1 ـ معظم من آمن فى مكة كان من المستضعفين المسالمين الذى يبتعدون عن المشاكل ويتحملون الظلم ، وهاجروا مع النبى الى المدينة ولاحقتهم قريش بالغارات ، وكانوا ممنوعين من رد الاعتداء عليهم ، أى فقط الفرار والاختباء . وأمر الله جل وعلا رسوله أن يعدّ ما استطاع من القوة ليرهب أولئك المعتدين حتى يكفوا عن إعتداءاتهم ، وإذا جنحوا للسلم فعليه أن يجنح السلم حتى لو كانوا مخادعين ، لأنهم لو كانوا مخادعين فإن الله جل وعلا سينصره عليهم . تشريع الاستعداد الحربى هو لارهاب العدو وردعه حتى لايعتدى . ومع الاستعداد الحربى يأتى الركون الى السلام . هذا جاء فى قول رب العزة جل وعلا : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الانفال ).
2 ـ وفى مواجهة خداعهم قال له ربه جل وعلا : ( وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) الانفال 62 ). هنا جاء سياق : (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ) .
ثالثا : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال:64 )
1 ـ بعد الاستعداد الحربى لرد العدوان نزل الإذن بالقتال الدفاعى ، ليدافع المُعتدى عليهم الذين يقع عليهم الهجوم ، قال رب العزة جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ).
تشريع القتال الدفاعى لم يعجب بعض الصحابة المسالمين فرفعوا صوتهم بالاحتجاج ، ونزل الرد عليهم فى قول الله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) النساء ). استمر أولئك الصحابة يكرهون القتال الدفاعى مع أنه ضرورى لحمايتهم ، قال لهم رب العزة جل وعلا : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216) البقرة ).
2 ـ وحتى فى الخروج لأخذ القافلة القرشية التى تتاجر بأموال المسلمين كان فريق من ( أهل بدر ) مرعوبين حين علموا بإفلات القافلة وتحتم القتال مع جيش قريش التى يرهبونها ، ولا نجد أروع من تصوير هلعهم من قول رب العزة جل وعلا : (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) الانفال )
3 ـ بعد موقعة ( بدر ) بدا واضحا دخول المؤمنين فى مرحلة جديدة من القتال والمعارك ، وهذا يستلزم المزيد من التدريب والحشد والاستعداد للتضحية فى مواجهة قريش واحلافها . تقاعس كثيرون من الصحابة وأطاع قليلون ، فقال الله جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال:64 ) وأمره بتحريض المؤمنين وتشجيعهم : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) الانفال ).
4 ـ هنا جاء سياق : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ).
رابعا : ( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران:173 )
1 ـ إنهزم المسلمون فى الموقعة التالية (أحُد ) ، كسبت قريش نصرا سريعا ، وأسرع جيشها بالفرار . صمم بعض المؤمنين الشجعان الجرحى على مطاردة جيش قريش برغم جروحهم النازفة ، ونصحهم بعض الناس بألا يفعلوا فإزدادوا إيمانا وقالوا كلمة أصبحت مثلا ، قالوا : ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، هو مثل يقوله المؤمنون فى وقت الشدة.
2 ــ جاء هذا فى قوله جل وعلا : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران:173 ) قال جل وعلا عنهم بعدها : ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران ) ثم جاءت هذه القاعدة : أن الذى يخاف الله وحده يعش آمنا ، أما الذى لا يخاف الله جل وعلا فالشيطان يتولاه و يجعله يخاف من أى شىء ، قال جل وعلا : ( إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)آل عمران ) .
خامسا : ( حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) التوبة:129 )،
1 ـ ظل التقاعس عن القتال الدفاعى ملازما للمسلمين حتى فى أواخر ما نزل من القرآن وقبيل وفاة النبى محمد عليه السلام . دخلت مكة فى الاسلام ، ولكن سرعان ما نقض أئمة الكفر فى قريش العهود وإعتدوا على المؤمنين ، ونزلت فيهم سورة ( براءة ) تعطيهم مهلة الأشهر الأربعة الحُرّم ،ويصفهم رب العزة بأنهم : ( لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10) التوبة ). وفى هذا السياق قال جل وعلا يؤنب الصحابة بسبب تقاعسهم عن الدفاع عن أنفسهم : ( أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) التوبة ) ، وإستمر تأنيبهم فى قوله جل وعلا لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) التوبة ) ثم هذا التهديد بإهلاكهم إن لم ينفروا للقتال الدفاعى ( إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة ) .
2 ــ ثم كان هناك أمر آخر ، وهو خيانة بعض الصحابة وموالاتهم للمعتدين ، وهى جريمة سبق التحذير منها مرارا وتكرارا فى فى سور مدنية سابقة : ( الممتحنة ) و ( المجادلة ) الى ( النساء )و( المائدة ) . وجاء فى سورة التوبة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة )
3 ـ وبالاضافة الى الصحابة المؤمنين كان هناك الصحابه المنافقون الذين كرهوا القتال الدفاعى ، ونزل فيهم قول رب العزة جل وعلا : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) التوبة )
4 ـ لذا كانت نهاية سورة التوبة مؤثرة جدا . يقول فيها رب العزة جل وعلا للمؤمنين يمدح خاتم المرسلين الذين أتعبوه وتولوا عنه : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) ثم يقول جل وعلا لرسوله الكريم : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) التوبة:129 )



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاموس القرآنى : حساب ومشتقاته ( 1 : 2 )
- تحالف عبد العزيز آل سعود مع رشيد رضا : هل كان سببا فى إكتشاف ...
- ( لحظات قرآنية ) برنامجنا على اليوتوب ردا على ( مركز إعتدال ...
- سيستمر ذبح الأقباط طالما هناك مستفيدون من ذبح الأقباط .
- تحالف عبد العزيز آل سعود مع رشيد رضا : والحاجة الى المال
- القاموس القرآنى : الصراط والمشيئة
- القاموس القرآنى ( الصراط المستقيم )
- القاموس القرآنى : ( الحنف ) و( الجنف )
- آه ..لو كنت حيا أعيش مع النبى محمد عليه السلام
- مدخل لعلم قرآنى جديد : أساليب السخرية فى القرآن الكريم ( 2 ) ...
- مدخل لعلم قرآنى جديد : أساليب السخرية فى القرآن الكريم ( 1 ) ...
- ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَ ...
- محب الدين الخطيب ناشرا للوهابية فى مصر
- حديث صفيح : ( مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ )
- القاموس القرآنى : ( النكاح الزواج )
- القاموس القرآنى : الغرور
- مظاهرالتحالف بين رشيد رضا وعبد العزيز بعد مؤتمر الحجاز1925
- مؤتمر الحجاز 1925 والتأثير الوهابى على مصر
- القاموس القرآنى : الفرح والمرح والسرور والمختال الفخور
- حافظ وهبة : خان وطنه مصر خدمة لسيده عبد العزيز ابن سعود


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - القاموس القرآنى : حسب بمعنى ( كفى ) ( 2 : 4 ) حسبى الله :