أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - رجل يواجه العالم بأسره















المزيد.....

رجل يواجه العالم بأسره


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 403 - 2003 / 2 / 20 - 03:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

     --- دولة عظمى. مفعمة بالثقافة. انتخبت بشكل ديموقراطي ديماغوغ متطرف، يدعو للحرب. صحيح انه لم يفز بأغلبية الأصوات، الا ان شخصا ما رتب له تولي السلطة رغم ذلك.

     --- عندما حظي بالسلطة، استغل عملية انتحارية دراماتيكية كي يسيطر على الدولة بشكل تام وكي يجهز للهجوم على دول صغيرة تعترض طريقه. منظومة هائلة من الدعاية حولت "الأعداء" إلى اولاد للشيطان. هذا هو تجسد الشر على وجه البسيطة.

     --- دعوته الى الحرب اتاحت له توحيد الشعب بأكمله خلفه، وإسكات المعارضة والانتقادات. واتاحت له تقليص حقوق الإنسان بالتدريج، وبذلك استطاع الخروج من الضائقة الاقتصادية ومن ثم الخروج في حملة هدفها الاستيلاء على العالم.

     --- لقد احب ان يلتقطوا له الصور وهو بالزي العسكري، يخطو على امتداد صفوف من الجنود ويتظاهر بأنه قائد فذ.

والقصد هنا هو أدولف هيتلر.

لقد دفع الشعب الألماني الذي نصب هذا الرجل في السلطة ومشى وراءه معصوب العينين عندما نفذ  جرائم بشعة، لقد دفع هذا الشعب ثمنا باهضا، وقد تعلم درسا لن ينساه، وهو اليوم يكره الحرب، يكره كل الحروب بكل جوارحه. مثات الآلاف من الشباب والشابات، ابناء وأحفاد ذلك الجيل، يتظاهرون اليوم في شوارع ألمانيا ويستنكرون نية بوش في خوض الحرب. رئيس حكومتهم، شريدر، فاز في الانتخابات بسبب دعواه الى السلام فقط. وتحول اكثر الشعوب محبة للحروب الى اكثر الشعوب بغضا لها.

انه امر رائع، أليس كذلك؟ بالطبع لا! فالامريكيون والبريطانيون يلومون المانيا على رفضها الخروج الى الحرب. وحكومة اسرائيل تنظر اليها نظرة ازدراء علنية. هؤلاء الألمان هم خرق ممزقة، دعات سلام قذرة! جبناء! شعب بائس يخاف من خوض الحرب!

يحدث كل هذا بعد ستين سنة من انتحار هيتلر. من يصدق ذلك.

هذه ليست الأعجوبة الوحيدة التي حدثت في هذه الأيام، بالتأكيد ليس الوحيدة.

اقص عليكم شيئا ما من ذاكرتي (ومعذرة إن كان بعضكم قد قرأ هذا من قبل): عندما كنت في الثامنة من عمري، وكان ذلك بعد سنتين من هروب عائلتي من ألمانيا فور اعتلاء هيتلر السلطة. كنت تلميذا في الصف الثالث  في المدرسة الابتدائية في بروسيا، التي كانت آنذاك معقل الحزب الجمهوري الديموقراطي.

في أحد الأيام حدثتنا المعلمة عن هرمان، البطل الوطني، الذي نجح في السنة التاسعة للميلاد في قذف الجيش الروماني الى كمين وقضى عليه عن بكرة أبيه. القائد الروماني، فاروس، قتل نفسه، ونادى أغسطس قيصر في روما بيأس: "فاروس، أرجع لي فيالقي!" يقف اليوم في المكان الذي وقعت فيه المعركة نصبا تذكاريا لهرمان البطل.

"يقف هرمان البطل ووجهه باتجاه العدو المتوارث!" هذا ما قالته لنا المعلمة، وسألت: "من هو العدو المتوارث يا أولاد؟" صرخ الاولاد جميعا في الصف كجوقة واحدة: " فرنسا! فرنسا!".

تقف اليوم المانيا وفرنسا، العدوان المتوارثان، معا، متآزرتان ضد مخططات بوش الحربية. الأمريكيون يشتمون هاتين الدولتين ويحتقرونهما. أما هما ما تزالان تتمسكان برأيهما: كفى للحروب، كفى للدمار، كفى لسفك الدماء، كفى للقتل الجماعي. يجب حل النزاعات بطريقة أخرى.

هذه أيضا أعجوبة. ولكنها تتضائل أمام الأعجوبة الثالثة، التاريخية، التي تحدث الان أمام أعيننا:

الرئيس بوطين في برلين وباريس، يعانق شريدير وشيراك ويضم صوته الى صوتيهما. جبهة سلام واحدة من شربور، الموجودة على شاطئ المحيط الأطلسي، وحتى فلاديفسطوك الموجودة على شاطئ المحيط الهادئ. لم يحدث هذا في التاريخ حتى الآن.

 

تاريخ أوروبا على امتداده منذ الأزل، مليء بالائتلافات بين عدة دول بهدف الانقضاض على دولة أخرى. المانيا وروسيا اتحدتا لتقسيم بولندا فيما بينهما. فرنسا عاهدت روسيا مرارا وتكرارا بهدف تطويق المانيا. نابليون حاول توحيد أوروبا لكنه لم ينجح في ذلك. لقد نجح الكاوبوي من تكساس الأن في تحقيق ما فشل النابغة من كورسكا في تحقيقه.

لقد اخترع بوش المصطلح الصبياني "محور الشر". وضم فيه العراق وإيران وكوريا الشمالية. هذا هراء. ولكن في هذه المرحلة قام محور جديد مؤلف من فرنسا وألمانيا وروسيا، يقف امام الولايات المتحدة.

(تم تحديد مصطلح "محور" كوصف لائتلاف الدول في ايام هيتلر أيضا. وقد ضم محور الشر الأصلي، بالطبع، المانيا وإيطاليا واليابان، وقد قصد بوش هذا المحور عندما أعاد تسميته من جديد).

لا نعلم ان كان هذا المحور سيصمد، وهل سيكون باستطاعته الصمود امام قوة الولايات المتحدة الهائلة. غير انه حتى لو قُهر هذا المحور في هذه المرة، إلا ان مجرد إقامته هو رمز لما سيحدث في المستقبل.

ان ما يوحد هذه الدول الثلاث، هو ان وزير الدفاع الأمريكي قد سمّاها ساخرا "أوروبا القديمة"، ولكنها عمليا أوروبا الجديدة. تخيف اوروبا هذه الولايات المتحدة في طريقها لتشكل كتلة اقتصادية من شأنها أن تنافس الولايات المتحدة، وربما حتى اجتيازها. ان ما يجسد ذلك رمزيا هو ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار.

كما ذكرت في مقالي السابق في هذه الزاوية، فان الحرب ضد العراق هي بادئ ذي بدئ ضد اوروبا واليابان، لان نظام الاحتلال الأمريكي في العراق لن يؤمن السيطرة على موارد النفط الهائلة في العراق ذاتها فحسب، بل سيتعداها على موارد النفط في بحر قزوين ودول الخليج. فان من يسيطر على مصادر النفط العالمية فسيكون بذلك قد امسك في خناق المانيا وفرنسا وروسيا واليابان، لانه هو الذي سوف يحدد أسعار النفط كما يشاء، سيخفض السعر ويكسر روسيا، وسيرفع السعر ليدمر أوروبا واليابان.

لذلك، يعتبر منع الحرب مصلحة اوروبية حيوية، تنخرط انخراطا عميقا في إحساس دعاة السلام من شعوبها.

واشنطن لا تخفي تطلعاتها الى تركيع أوروبا، فهي تتدخل في المدة الأخيرة بشكل لاذع في شؤون الاتحاد الأوروبي وتحاول إقامت ائتلاف بين الدول الهامشية، لابعاد ألمانيا وفرنسا عن قيادة القارة. لتحقيق هذا الهدف تنظم واشنطن الدول الشيوعية سابقا، التي هي في طريقها الى الانضمام الى الاتحاد، وبالإضافة الى بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، يأتي محور باريس-برلين، بمساعدة موسكو، ليرد الصاع صاعين على هذه الجبهة.

هذه حرب شاذة، لذلك، فيما عدا المشكلة العراقية، ليست هذه الحرب حرب جراثيم صدام، بل هي حرب للسيطرة على العالم. ببساطة – سيطرة اقتصادية، سياسية، عسكرية وثقافية. بوش مستعد لسفك دماء كثيرة لتحقيق ذلك (شريطة ألا يكون هذا الدم دما أمريكيا).

سقطت اسرائيل في هذه اللعبة دون ان تدرك ما تفعل، فمثلها مثل صبي صغير أرعن يلعب لعبة البربريين ذوي الحراشف. لن تربح شيئا من هذه اللعبة، بل يمكن ان تخسر فقط.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع
- كان لنابوت كرم
- لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة
- الحرب الان


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - رجل يواجه العالم بأسره