أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - حياد المساجد هو الذي يقي من الفتنة



حياد المساجد هو الذي يقي من الفتنة


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5534 - 2017 / 5 / 29 - 01:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حدث ما كنا نخشاه وحذرنا منه عندما قلنا إن إقحام الدين في مجال الصراع السياسي والاجتماعي لا يؤدي إلا إلى أوخم العواقب، فالدين مجال للاعتقاد الشخصي وليس آلية لتصريف الخلافات سواء بين السلطة والمجتمع أو بين تيارات المجتمع وأطرافه، ذلك أنه لا أحد يستطيع أن يتحكم في عمليات المزايدة التي تنشأ عن مثل هذه الانحرافات، والتي قد تتجاوز كل الحدود كما حدث في بعض بلدان الشرق الأوسط، الغارقة اليوم في خراب شامل.
إن حراك الشارع وكذا النقاش العمومي الذي يتناول قضايا السياسة أو تدبير الشأن العام يفرض المتابعة عبر وسائل الإعلام والقاعات العمومية والشارع ومنصات الحوار والخطابة السياسية، وهو شرط لا يمكن أن يتحقق في المساجد لأنها ليست فضاء للاختلاف والصراع لا بين التيارات ولا بين السلطة والمواطنين، مما يجعل انفراد السلطة أو أي شخص من الأشخاص أو تيار ما باستغلال منبر ديني معين من أجل كيل الاتهامات لغيره أو تصفية الحساب معه نوعا من التطاول والتجني غير مقبول.
لقد لوحظ غير ما مرة بأن وزارة الأوقاف كلما تعلق الأمر بخطيب يهاجم السلطة تتدخل مباشرة بالردع والعقاب ضدّه حيث تعتبر نفسها متضررة، بينما حينما يتضرر غيرها تترك الوضع على ما هو عليه، والحال أنه لا أحد ينبغي أن يتضرر من المساجد، لأنها لم توجد من أجل ذلك.
وقد لوحظ أيضا بأن إحدى الجماعات الدينية المعارضة قد أصدرت بيانا تندد فيه باستعمال السلطة للمساجد، بينما نسيت بأنها هي نفسها استعملت المساجد من خلال بعض خطبائها، كما أنها سكتت دائما عن استعمال تيارات دينية أخرى متطرفة للمساجد هنا وهناك، فالنتيجة هي نفسها، إذ أن كل استعمال سياسي للمساجد من طرف أي كان لا بد أن يؤدي إلى نفس العواقب، ألا وهي تصنيف الناس عقديا وتحريض البعض ضد البعض وإثارة النعرات وصرف الاهتمام عن المشاكل الحقيقية وخلق التصادمات في أمور ثانوية ليست هي جوهر ما يضمن الكرامة للناس بوصفهم مواطنين متساوين.
بهذا الصدد حدث تصادم بين السكان والقوات العمومية في بلدة بجوار مدينة قلعة السراغنة، حيث طردت الوزارة خطيب مسجد تشبث به السكان وحاولوا فرضه على الدولة، والحال أن علينا أن ننظر إلى أسباب طرد الخطيب، فإن كانت بسبب تبعيته لتيار ديني سياسي معين أو جنوحه في الخطبة إلى الغلو والتحريض، فإن الدفاع عنه سيكون أمرا صعبا، لأن تزايد جمهور الخطباء المتطرفين في البلدان المتخلفة هو أمر معتاد، لكنه ليس مبررا لتشجيعهم على المضي في طريق الفتنة. فالمواطنون الذين يعانون من التهميش والقهر قد يجدون في التطرف ملاذا لهم في غياب الحلول الفعلية لمشاكلهم، والاختيار الأسلم ليس هو تشجيع التطرف بل هو التنمية الحقيقية مع الحفاظ على حياد المساجد من الناحية السياسية والإيديولوجية.
إنّ المساجد أماكن عبادة ووعظ وإرشاد، إن تحولت إلى منابر لمهاجمة أي كان صارت أشبه بالمقرات السياسية والقاعات العمومية ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وأصبح للمتضررين حق الردّ من منابرها دفاعا عن أنفسهم، وهو ما لا يكون متاحا لهم فتنشأ عن ذلك مواجهات تؤدي إلى مزيد من الظلم والحيف كما حدث بالحسيمة.
إننا نؤكد مرة أخرى على أنّ حياد أماكن العبادة مبدأ راسخ من مبادئ دولة القانون والمواطنة، التي تساوي بين جميع أعضائها بدون أي شكل من أشكال الميز، كما أن إقحام هذه الأماكن في الصراعات الإيديولوجية والفكرية والسياسية من مظاهر الارتباك والهشاشة وعدم الاستقرار.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة في درس التربية الإسلامية
- -حتى لا تفقد الأمة روحها !-
- ليسوا أشرارا يا زغلول النجار
- تركيا: خطوات ثابتة نحو العودة إلى ترسيخ الاستبداد الشرقي
- ترتيب البيت الداخلي أولا قبل نظرية المؤامرة
- كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب ؟
- من يحمي منظومتنا التربوية من الإرهاب ؟
- بين الصوفية والسلفية والإخوانية
- -البرقع- بين الحقوقي، القانوني والسياسي
- هل استوعب حزب -العدالة والتنمية- الدرس ؟
- رسائل قصيرة إلى المغاربة
- أزمة سياسة أم أزمة دولة ؟
- توسيع مفهوم -إمارة المؤمنين- يقتضي تدبيرا عمليا للتعددية الد ...
- الصورة والحياة الخاصة، قراءة في -النزعة الفضائحية-
- عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة
- لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟
- مقاطعة الانتخابات يقوي سلطوية الدولة ونفوذ المحافظين
- لماذا تعجز مؤتمرات الفقهاء عن حلّ معضلات المسلمين اليوم ؟
- القوانين لا توضع على مقاس الإسلاميين
- لماذا يضطرّ حزب -العدالة والتنمية- إلى ترشيح الدعاة والخطباء ...


المزيد.....






المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - حياد المساجد هو الذي يقي من الفتنة