|
دعوة ماركسية لحزب غير ماركسي
مجدي اسحق
الحوار المتمدن-العدد: 1446 - 2006 / 1 / 30 - 09:37
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
فرض انهيار المعسكر الشرقي واقعا جديدا لكل الحركة اليسارية والماركسية في العالم لقد دعا الحزب الشيوعي السوداني في بداية التسعينات لمناقشةالاسس النظرية والفكرية للحزب لقد وجدت هذه الدعوة صدي طيبا وحماسا واضحا في كل مفاصل الحزب نسبة للازمة الفكرية التي والفلسفية التي أصبحت تواجه كل عضوية الحزب خاصة بعد استقالة الخاتم عدلان الذي كانت تنظر إليه قطاعات واسعة من الحزب باعتباره فيلسوف الحزب والمرشح المنتظر لقيادة الحزب. رغم الهجمة الشرسة التي كانت تتعرض لها كوادر الحزب من سلطة الجبهة الإسلامية إلا إن النقاش و الحوار لم ينقطع. لقد كان لفروع الحزب في الخارج دور ملموسا في استمرارية و تطوير النقاش نسبة لظروفها الموضوعية البعيدة من القمع المباشر لأجهزة الإنقاذ. لقد تم تجميع محصلة هذا الحوار من كل الفروع لطرحه في المؤتمر الخامس لحسم الأسئلة المعلقة عن طبيعة الحزب و ايدولوجيته. ان محاولة الحزب تلخيص محصلة النقاش للخروج بقرارات وأجوبة متوجة نقاش السنين الماضيةهي محاولة تحتاج لكثير من الدقة والوضوح الفلسفي وألا فان مصيرها المحتوم هو الفشل. إن الواقع يفرض علي المؤتمر الخامس إن يقدم اطروحات الحزب النظرية في محاولة للإجابة علي الأسئلة التي فرضها الواقع عن جدوى منطلقات الحزب الماركسية وهل مازالت فاعلة ومفيدة كمنهج نظري وان كان الحال كذلك كيف نفسر ما حدث في المعسكر الاشتراكي.إذا حاولنا أن نرمي الخطأ علي التطبيق فما هو التطبيق المتجدد الذي يتجاوز تلك التجارب وتلك الأخطاء و إلي أي مدي ساهمنا في دعم والدعاية لهذا النموذج سابقا ولماذا فشلنا في نقده وتقويمه استنادا علي منهجنا الثوري قبل كارثة انهياره. إن أي إجابة سيطرحها الحزب لن تمثل إلا مستوي الوعي الفلسفي للحزب وان لم نقل لبعض أفراده. إن القراءة العلمية تثبت لنا استحالة الوصول لإجابات قطعية في مثل هذه الصراعات.إن مثل هذا الجدل الفلسفي قد يحتاج لأجيال قبل أن تتضح كل مفاصله وتتبلور إجاباته, إن مثل هذا الحوار سيكون محصلة لإسهامات عالمية من قراءات لواقع هذه التجارب مع قراءات متشابكة في دور أمريكا الأحادي في العالم و سياسات العولمة وتنامي حركات البيئة والخضر. إن الحزب الشيوعي السودان سيساهم في هذا الحوار بقدر افقه الفلسفي و دوره النضالي وقراءته الواعية لواقعه. .إن واقع الحزب اليوم كما عكسته النقاشات والحوار يتبلور في تيارين تيار يري إن الماركسية قد ماتت وان علي حزبنا إن يتبرأ منها وان يتحول لحزب اشتراكي ديمقراطي وتيار آخر ما زال متمسكا بالماركسية ويطالب بتعرية التطبيق الخاطئ والتمسك بالماركسية. إن الانتظار والتوقع من المؤتمر الخامس أن يجاوب علي السؤال المطروح عن حياة الماركسية وفاعليتها أو إصدار شهادة موتها لهو توقعا غير موضوعيا وسؤال يتجاوز قامة حزبنا.إن المؤتمر الخامس سيقع في خطأ تاريخي إذا حاول حسم هذا السؤال بقرار إداري.إن القضايا الفلسفية لا تحسم بالتصويت أو بالقرارات الإدارية.إن رأي الأغلبية لا يستطيع أن يسلب من الأقلية قناعتهم ومطالبتهم بتغيير قاعاتهم الفلسفية من أجل الأغلبية الميكانيكية.إن ايدولوجية الحزب هي النقطة الأولي للالتزام التنظيمي فلا يعقل إن نطالب الأقلية بترك مواقفهم الفلسفية وتبني قنا عات الأغلبية. إن وجود رأي يحظى بدعم الأغلبية لا يعني بالضرورة صدق هذا الرأي و خطل الرأي الآخر.إن انحياز المؤتمر لأي من الرأيين سيعني انقسام الحزب إلي حزبين.إن انقسام الحزب في حد ذاته ليس بهاجس يمنعنا من المضي في الطريق الصواب. ولكن السؤال الأساسي هل الأغلبية في حزبنا في هذا الواقع التاريخي مؤهلة لان تجد الإجابة الكاملة والرؤية الفلسفية التي تفسر انهيار المعسكر الاشتراكي. كلنا يعلم انه لا الحزب الشيوعي السوداني أو أي حزب آخر له المقدرة وحده أن يأتي اليوم بالإجابة الحاسمة لازمة المعسكر الاشتراكي بل هي إجابة تستدعي جهد كل الفلاسفة وأحزابهم التقدمية لأعوام قادمة لمحاولة رسم أسباب الأزمة وجذورها العملية والفلسفية. إن المطلوب من حزبنا أن يعي دوره ويفهم حجمه وإمكانياته الفلسفية والفكرية ولا يعني هذا السلبية وعدم نقد السلبيات و دعم الحوار والتفكر في أسباب الأزمة. إن الواجب المطلوب هو تغيير واقع الحزب ليتناسب مع الأسئلة المطروحة ليستوعب التناقض الفكري مدركا استحالة حسمه بقرارات إدارية.إن محاولة التوفيق بين التيارين وإرضاء منطلقا تهم الفكرية في برنامج واحد يغازل الماركسية والطبقة العاملة في فقرة والمناداة بالانفتاح علي الفكر الإنساني قي فقرة أخري لهي محاولة ساذجة مصيرها الفشل.إن علي حزبنا الاعتراف بوجود هذين التيارين ورسم سياساته وأهدافه بوضوح فكري يجمع ما يلتقي فيه هذين ا التيارين من نقاط وهي منطقة واسعة تسمح للعمل في داخل حزب تقدمي يساري واحد مع احترام التباين الفكري والاختلاف في دور الماركسية ومستقبلها. رغم موقفي الشخصي الذي مازال يؤمن بجدوى الماركسية وفاعليتها كأداة تحليل ثورية قادرة علي تحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية إلا إنني أدعو أن يتحول الحزب ليصبح حزبا لا ماركسيا ليس رفضا لها ولكن تثبيتا لعدم الانحياز لأحد التيارين واحتراما لموقف التيار الآخر من الماركسية وان يسمح لهذا الخلاف أن ينمو ويقنن له داخل القنوات الحزبية إثراء للحوار وتطويرا للحياة الفكرية داخل الحزب. إن واقع وطننا اليوم الذي تمزقه الحرب الأهلية و تسيطر عليه عقلية الهوس الديني يحتاج أن تتكاتف القوي التقدمية لبناء الوطن الديمقراطي ذو الدستور العلماني والدي يهتدي بقيم الاشتراكية والإنسانية.إن الواقع لا يحتمل أن ينقسم حزبنا استنادا لأسئلة فلسفية ليس له الإجابة لها الآن وان وجدت فإنها لن تؤثر في برنامج الحزب وخطه السياسي لأعوام طوية قادمات.
#مجدي_اسحق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|