|
العصمة كارثة الشعوب الاسلامية ... هل الانبياء معصومين
يعقوب يوسف
كاتب مستقل
(Yaqoob Yuosuf)
الحوار المتمدن-العدد: 5531 - 2017 / 5 / 25 - 05:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العصمة كارثة الشعوب الإسلامية ... هل الأنبياء معصومين
ابتلينا في الشرق الإسلامي بمفهوم العصمة او المعصومية بشكل ساذج وأحمق الى درجة تحول الى مسخرة وفقدت كل مبررات وجودها هذا ان وجدت أصلا. دائما ما يصر المسلمين على النبي محمد معصوم من الخطأ وان سلوكه وتصرفاته مشروعة لأنها مباحة من الله ولتبرير ذلك انسحبت هذه الحقيقة على كافة الانبياء ليصبحوا معصومين كي لا تنحصر برسول واحد، ولا يجوز تصويرهم او تمثيل ادوارهم في الأفلام وغير ذلك، رغم ان اتباع الأديان الاخرى لا يقرون هذا المنطق أي لا يعتبرونهم معصومين والأدلة كثيرة جدا، فمثلا الكتاب المقدس فضح الأنبياء والملوك وكشف اخطائهم وسلبياتهم بالتفصيل وذكر استهجان الله وعقابه لهم. . عرفت العصمة : الحفظ والوقاية؛ لأنّ عَصَمَ يَعصِمُ تعني: حَفَظَ ووقى. والعصمة في كلام العرب معناها: المنع. والعاصم: المانع الحامي. وفي المصطلح العقائدي الاسلامي: «لطفٌ يفعلُهُ اللهُ تعالى بالمكلّف، بحيث تمنع منه وقوع المعصية, . مهما حاول البعض تعريف المعصومية إلا انهم جميعا الى يريدون الوصول الى منح البراءة لاُناس آخرين مثلهم تماما وصفوا بألانبياء دون مسائلة مهما كان نوعها أو شكلها أي ان كل تصرفاتهم مباحة بلا حساب. ثم توسع هذا المبدأ ليتحول الى الخلفاء ومنها الى الصحابة كلهم معصومين رضي الله عنهم ولا أحد يجرأ على انتقادهم، رغم انه لا يوجد من يقر ذلك احياننا ولكن في الحقيقة هل من يرفض؟ ثم توسعت الى ال البيت بدءا من الائمة المعصومين لتتحول الى كل ال البيت ثم الى ذريتهم وما أدراك من ذريتهم ومشيا على العادة فان كل رجل دين ينادى احتراما لمقامه بالسيد، ولكن السيد تحولت الى ال البيت وهكذا انقلبت المعايير فأصبح كل سيد من ال البيت. وليس بخافي فبألامس القريب رأينا رجل الامن والمسؤول عن حماية المواطن يترك موقعة ليلاحق سيارة السيد لينال شرف تقبيلها، والسؤال لو ان هذا المسؤول الامني رأى مواطن يتظاهر ضد السيد هل سيتصرف كمسؤول أمني لكل المواطنين ويتركه يفعل ما يشاء؟
ولكن هل العصمة حقيقة مقبولة عند الله والمجتمع. . كلمة نبي في لغات بلاد فارس تعني رسول او مرسل، ويمكن تعريفه ايضا السفير او المبعوث، والمعروف ان الرسول مهمته إعطاء الرسالة المكلف بها بعناية ودقة من الجهة التي كلفته بتقديم تلك الرسالة، كأن يكون مرسلا من إله او ملك وحتى رئيس قبيلة او تاجر او شخص عادي، ويفترض ان يكون هذا الرسول قد اختير بعناية جيدة لان أي تلاعب او تحريف في الرسالة المكلف بها لها عقوباتها وخطورتها على الغاية المرجوة من هذه الرسالة وتنعكس مباشرة على المُرسِل نفسه. . إن التاريخ لم يبخل لنا بما حصل من كوارث ومآسي على أناس بل وعلى شعوب كثيرة نتيجة التلاعب في الرسائل المتبادلة بين قادتها وقادة الممالك الأخرى بل وان التلاعب او التحريف او النقل غير الدقيق للرسائل المتبادلة تسبب في تدمير أمم بأكملها وحتى انقراض البعض منها، وعلى العكس أيضا كان للمرسلين دورا جوهريا في التفاهم بين الشعوب وحقن دمائها وحل المشاكل المستعصية نتيجة النقل الصادق للرسالة التي كانوا يحملونها. ان مهمة الرسول او المبعوث يجب ان تكون محصورة بالمهمة المرسل من اجلها أي انه مجرد ناقل لقضية او رسالة معينة ولا يحق له تجاوزها إلا بالحدود المسموح له بها وبالمقابل فأن مكافئة الرسول الناجح تكون من المُرسِل حصرا وإلا اعتبر متواطئا. . وعلى هذا الأساس فهل يعقل ان يكون الرسول معصوم؟ طبعا الامر لا يحتاج الى تفكير او ذكاء لنعرف انه لا يمكن لاحد ان يكون معصوما على الاطلاق، لأنه مجرد وكيل، ويمكن ايضا وصفه (بالوكيل المخول لكن في حدود الوكالة الممنوحة له) ووجوده كما ذكرنا تقديم رسالة واضحة وينتهي دوره بعدها ويختفي. ان ارتباط سلوك الرسول بتوجيهات المُرسِل مسألة في غاية الخطورة حيث ان أي تصرف لا يتوافق مع مبادئ الرسالة المحددة ستنعكس مباشرة على المُرسِل ذاته وتودي بالتبعية الى فشل تلك الرسالة واحتقارها من طرف الشريحة الموجه لهم. كما انها ستحول هذا الوكيل الى اصيل، فيطغى على مكانة المُرسِل وهذا امر غير معقول، إلا ان كان المُرسِل ذاته شخصية ضعيفة ومهزوزة، فهل ينطبق هذا الوصف على الله؟ ولا أعرف ما الحاجة لنبي ان يكون معصوما، وهو يمتلك القوة ويبيح لنفسه استخدامها بلا حساب، وبعبارة أخرى تصبح المعصومية مجرد تسمية أو صفة يتباهى بها لا أكثر. . هل يجوز ان يتمتع الرسول بالحصانة؟ منذ بدء الحضارات وانتشار مفهوم المراسلات بين الأمم وبرز أيضا مبدأ الاحترام المتبادل وأصبح للرسل مكانة مميزة لدى الأمم بل ويمكن قياس حضارة اية امة بمقدار احترامها للمبعوثين، ونظرا (للمكانة التي يتمتع بها من ارسلهم) فكان الملوك والجهات المرسلة بشكل عام يختارون رسلهم بعناية فائقة من حيث الثقافة والدبلوماسية في التعامل وقدرتهم على إيصال الرسالة الى الاخرين. وبالمقابل فان الرسل من أكثر الناس اللذين كانوا يتعرضون للقتل والتعذيب والاهانات خاصة في أزمنة الصراعات او كونهم شخصيات غير لائقة لهذه المهمة بالشكل المطلوب، ولهذا بات من الضروري منح هؤلاء الرسل الحصانة السيادية التي تليق بهم تجنبا للمخاطر التي يتعرضون لها من جهة والمخاطر التي قد تنجم عنها قتل او اهانه الرسل والمرسلين وتطبيقا لمبدأ الاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل بين الشعوب، وفي جميع الأحوال فان درجة احترام المرسلين تتناسب مع المستوى الحضاري للمُرسِلين والرسل والمجتمعات المرسلين اليهم معا. . غير ان منح الحصانة لا علاقة له مع المعصومية على الاطلاق فهما على طرفي نقيض، فالحصانة هنا يراد بها عدم السماح بمحاسبة هؤلاء المرسلين او الشخصيات البرلمانية والسياسية الهامة إلا بإدانة وفق الأدلة الثبوتية والقانونية وبالتالي يتم رفع الحصانة عنهم أولا ثم التحقيق معهم كي تكون الأمور عادلة وقانونية. والحقيقة ان كل مواطن يجب ان يكون محصننا (اليس المتهم بريء حتى تثبت ادانته) ومن هذا المنطلق فقدرة اية دولة على منح الحصانة لكل مواطنيها دليل قوة السلطة القانونية فيها). في حين ان المعصومية هي الاباحة للفرد بالتصرف بلا حدود، وهذا لا يحصل إلا في الدول التي يطلق عليها البلدان المتخلفة أو الخارجة عن القانون. اذن العصمة مسألة غير قانونية في الشرع البشري، فهل يعقل ان تكون الهية. . وأخيرا إذا كنا نؤمن أن الله عادلا فيجب ان تكون البشرية (التي هي من صنع يديه كما تقول لنا الكتب السماوية) كلها معصومة على الاخرين على حد السواء وان تحديد افراد معينين لهم الحق في التصرف بلا حدود مسألة تهين الله وعدالته مباشرة. يقول السيد المسيح (َمنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ) أي تعالوا حاسبوني وان كنت على خطأ فما هي اخطائي وهو بهذا يؤكد ان لا معصومية لاحد امام الله او البشر وسبق للكتاب المقدس ان فضح كل اخطاء الأنبياء وعراهم وذكر أيضا عقوبات الهية بحقهم أي انهم ليسوا معصومين ولا يحتاجون للحصانة.
#يعقوب_يوسف (هاشتاغ)
Yaqoob_Yuosuf#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هو تبادل الادوار .... ام مشتهية ومستحية
-
اتركوا لعبة الاسلام اذا اردتم البقاء في السلطة
-
اسطورة الزقوم ...وما علاقة الزقوم بالباقلاء والفول (ܙ&
...
-
الجارية والخليفة ، رجاحة عقل ام نقص عقل ودين ....بمناسبة الي
...
-
بمناسبة اليوم العالمي للمراة....مهر بمليون دينار
-
اوقفوا الفتنة.... اوقفوا الكارثة
-
قرارات نارية .... واسرع من البرق
-
الشعبو قراطية ... ام الشعبوية
-
كلنا افراح شوقي .. وكلكم داعش
-
متى قالت اليهود عزيرا ابن الله ومتى اتخذ اليهود والنصارى احب
...
-
متى قالت اليهود عزيرا ابن الله... ومتى اتخذ اليهود والنصارى
...
-
التكنوقراطية .... وازمة الشعوب المتخلفة
-
اليابان الكوكب الاخر واخلاق الشوارع ...وهل الشريعة الاسلامية
...
-
مصائب قوم عند قوم فوائد .... ام فوائد قوم عند قوم فوائد
-
أخلاقيات حق المرأة في الإجهاض ... وحلم هيلاري كلنتون القديم
...
-
لعبة ترامب وأزمة المسجد الأقصى في الانتخابات الامريكية ....
...
-
الانفلات القانوني ودور الشريعة في التناقضات والصراعات الطائف
...
-
الانفلات القانوني ودور الشريعة في التناقضات والصراعات الطائف
...
-
الانفلات القانوني ودور الشريعة في التناقضات والصراعات الطائف
...
-
من قصة أبو محجن الثقفي وأكذوبة تحريم ألخمر
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|