اجتماع <<ملتقى النهرين>> يكرس افتراق النهرين في <<الشيوعي>> قبل مؤتمره
القيادة: إذا كان المعارضون أكثرية فلماذا يقاطعون؟
عطا الله: التزوير في الحزب أقوى من الأكثرية
لقاء ال600 كادر من معارضي قيادة الحزب الشيوعي اللبناني، بدا مؤشرا واضحا الى <<تضخم>> الأزمة الداخلية في الحزب الذي يعاني منذ فترة طويلة من <<اشتراكات>> تنظيمية وسياسية، لم تفلح كل <<الوصفات>> حتى الآن في معالجتها.
وإذا كان الخلاف حول المؤتمرات الوسطية (المناطقية) الممهدة للمؤتمر العام التاسع هو أحدث <<الإصدارات>> في سلسلة الخلافات داخل الحزب، إلا أن أصل المشكلة مرتبط بالانقسام الحاد حول الخيارات السياسية للحزب، والذي يتمظهر بأشكال مختلفة.
وساهم فقدان الثقة بين رموز القيادة والمعارضة في سقوط مشاريع التسوية وإطلاق العنان ل<<نظريات المؤامرة>> في ظل اتهام كل طرف للآخر بالسعي الى احتكار السلطة داخل الحزب، واستخدام كل الأسلحة لتحقيق ذلك، بما فيها <<المحرمة>> تنظيميا.
والآن، هل من تداعيات مباشرة للقاء المعارضين الشيوعيين في <<ملتقى النهرين>> حيث تكرس افتراق النهرين في الحزب؟
المعارضون
أحد رموز المعارضة ممن شاركوا في الاجتماع الياس عطا الله يؤكد أن هذا التجمع للمعارضين يندرج في إطار عمل التيارات الذي ترفضه القيادة، بينما هو واقع قائم لا يراه من يغطي رأسه في الرمل، ويفضل ممارسة هذا الأمر سرا.
ولكن، هل يمكن أن يبلغ هذا التحرك حدود تقسيم الحزب؟
ويتهم عطا الله القيادة بسلوك منحى يؤدي الى التقسيم <<ولكننا لن نسهّل لها هذا الأمر، وبعد بعض الوقت ستصبح الغالبية العظمى من المحازبين ضمن هذا الخيار، واجتماع ملتقى النهرين الذي ضم 600 كادر كان استفتاء بليغ الدلالات>>.
ويهاجم عطا الله المؤتمرات الوسطية التي تضع الحصان خلف العربة، وتحاول القيادة من خلالها فبركة نتائج المؤتمر التاسع، لافتا الانتباه الى أن هذه المؤتمرات هي أداة انتخابية فقط ولا تقدم أجوبة على جوهر أزمة الحزب المتعلقة بالخيارات السياسية.
وحين يقال له: لماذا لا يشارك المعارضون في المؤتمر التاسع ويتحكمون بنتائجه ما داموا يعتبرون أنهم الأقوى، يجيب عطا الله: هناك تزوير أقوى من الأكثرية، وتجربة المؤتمر الثامن تؤكد هذه الحقيقة، إذ كانت الأكثرية ضد القيادة الحالية، ولكن الحصيلة الانتخابية جاءت لمصلحة تلك القيادة بفعل التزوير الذي مورس، <<وإلا فلماذا يرفضون لجنة تحضيرية متوازنة؟>>، على كل الأحوال نحن مع النسبية لمنع الإلغاء.
شروط المعارضة
ويشترط عطا الله للمشاركة في المؤتمر التاسع، التراجع عن المؤتمرات الوسطية، وتشكيل لجنة تحضيرية متوازنة تتولى الإعداد للمؤتمر على قاعدة الحؤول دون التزوير، ومنع التدخل في الانتخابات، <<وعندئذ لتُحسم الخيارات السياسية موضع التباين ديموقراطيا، بعيدا عن الفبركة المسبقة>>.
ويأخذ عطا الله على القيادة الحالية استمرارها في الرهان على أن يصبح الحزب مقبولا في معادلة الأمر الواقع، بينما يجب أن تكون مقتنعة بأن مكانه ليس ضمنها، مشيرا الى أن الحزب هو اليوم مرفوض وليس رافضا.
ويعتبر أن الحزب يحاول أن يكون جزءا من صراعات محاور السلطة، مستشهدا بوجوده في تجمع الإنقاذ والتغيير <<المتخصص بلعبة المحاور هذه>>، كما يستغرب اشتراك الحزب في التظاهرة التي سارت الى الاسكوا قبل أيام مشيرا الى أنه ما من داع للسير في تظاهرة ترفع صور الرئيس العراقي صدام حسين وتضم قوى الأمر الواقع، في وقت كان متاحا لهم المشاركة في تظاهرة مستقلة ترفض العدوان الأميركي والديكتاتورية.
ويرى عطا الله أن القيادة تقتبس سلوك النظام الرسمي العربي في فرض الطاعة، قائلا: من يطالب بالديموقراطية في لبنان، فمن الأولى أن يطبقها في الحزب. ومن يدعُ الى النظام النسبي في الانتخابات، فمن الأولى أن يعتمده في الحزب.
وعندما يُسأل عن علاقة المعارضين مع جورج حاوي، يجيب عطا الله: كان يُفترض به أن يحقق انسجاما أكبر بين ما اتفقنا عليه كحد أدنى للمشاركة وبين الممارسة اللاحقة التي تصب في مصلحة الأمر الواقع المفروض على الحزب.
القيادة
كيف ترد قيادة الحزب الشيوعي على انتقادات معارضيها؟
تعتبر أوساط قيادية في <<الشرعية الحزبية>> أن مطلب إلغاء المؤتمرات الوسطية، لا علاقة له بالأصول والنظام الداخلي، مشددة على الاستمرار في عقد هذه المؤتمرات التي أُنجز منها حتى الآن أكثر من 20، على أن يليها اجتماع للمجلس الوطني لتحديد موعد نهائي للمؤتمر التاسع المتوقع التئامه بعد شهرين أو ثلاثة. وتضيف: إذا كانت لدى المعارضين الأكثرية، فلماذا لا يشاركون في المؤتمرات والهيئات الوسطية، ويصلون الى السلطة ديموقراطيا؟
وردا على مطالبة المعارضين بتشكيل لجنة متوازنة للتحضير للمؤتمر، تلفت الأوساط القيادية الانتباه الى أنه سبق للجنة الحوار التي ضمت كل الأطراف أن عقدت أكثر من 20 اجتماعا وتوصلت الى تحديد نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف على أن تحال الأخيرة الى المؤتمر للبت بها، <<أما اللجنة التي ينادي بها المعارضون فالمقصود منها أن تحل مكان الهيئات القائمة>>.
وتشدد الأوساط على أن المؤتمرات الوسطية (المناطقية) تضم للمرة الأولى المحازبين الذين سددوا اشتراكاتهم فقط <<وليس على طريقة <<هات إيدك والحقني>> التي كان يتبعها من سبقونا وهم أصحاب خبرة في تركيب المؤتمرات، ولا يمكن لنا أن نقارعهم>>.
وردا على اتهام المعارضين للقيادة بأنها غير ديموقراطية، تجيب الأوساط: الديموقراطية بالنسبة إليهم تكون سليمة إذا وصلوا الى مواقع القرار ولا تكون كذلك إذا أخفقوا.. إن عقلية الاستئثار والأنا سائدة لدى الجميع ونحن لا ندّعي أننا أكثر ديموقراطية من غيرنا، ولكن ليس مقبولا أن يدّعي أحد أنه أكثر ديموقراطية منا.
وماذا عن القول بأن القيادة ليست سوى صدى لواقع النظام العربي، كما جاء في كلمة <<قوى الإصلاح والديموقراطية>> خلال لقاء ملتقى النهرين؟ ترد الأوساط بنفي أية علاقة للقيادة مع الخارج، مشيرة الى أن القيادة السابقة هي المعنية بمثل هذا الكلام، وتضيف: إن أبطال العلاقات مع الخارج هم الذين يتصدرون بعض التحركات المعارضة الآن.
وفي ما خص الخيارات السياسية، تقر الأوساط بأن هناك تباينات بشأنها تشمل ملفات الطائفية والطائف والتحالفات والمقاومة في الجنوب والعلاقة مع سوريا، إلا أنها تسارع الى التوضيح بأن توجهات القيادة على هذه الأصعدة تحظى بثقة أغلبية الشيوعيين، <<والقرارات تُتخذ بالأكثرية أو بالإجماع في الهيئات المعنية>>.
وتخلص الأوساط القيادية الى القول إن المعارضين الذين يجتمعون هنا وهناك، هم أصحاب آراء معروفة، وقسم منهم لا ينفذ قرارات الهيئات الرسمية، مخالفين ألف باء التنظيم، أما الجديد فهو أن الإعلام فتح أبوابه أمامهم.