|
الدور الهدام لسورة الفاتحة 3
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 5528 - 2017 / 5 / 22 - 09:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كما وعدتكم، استمر هنا بعرض مفهوم الآيتين اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ (اليهود) وَلاَ الضَّالِّينَ (النصارى) اعتمادا على كتابي: الفاتحة وثقافة الكراهية، والذي صدر في اربع لغات: العربية https://goo.gl/FBKDDe الفرنسية https://goo.gl/mUIWnF الإنكليزية https://goo.gl/aeHdu2 والألمانية https://goo.gl/Duz1mp . نص الفاتحة والتعليق عليها ---------------- سورة الفاتحة مكية. وهي السورة الأولى في القرآن العثماني، والسورة الخامسة بالتسلسل التاريخي وفقًا للأزهر. عنوان هذه السورة مأخوذ من موقعها في بداية القرآن وفقًا للترتيب العثماني. ولهذه السورة عدة أسماء نذكر منها: فاتحة القرآن - أم الكتاب - أم القرآن - القرآن العظيم السبع المثاني - الوافية - الكنز - الكافية - الأساس - النور - الحمد - الشكر - الحمد الأولى - الحمد القصرى - الراقية - الشفاء - الشافية - الصلاة - الدعاء - السؤال - تعليم المسئلة - المناجاة - التفويض. وننقل لكم هذه السورة بالرسم الإملائي لأن نظام الحوار المتمدن لا يحتمل الرسم العثماني 1) بِاسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ 2) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 3) الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ 4) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ 5) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 6) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ 7) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ . هناك جدل حول ما إذا كانت هذه السورة من القرآن أم لا. فإذا اعتبرنا أن القرآن كلام الله، حسب اعتقاد المسلمين، لا يمكن أن تكون كلمات هذه السورة صادرة عن الله، ذلك أنها تتألف من حمدٍ لله، وثناءٍ عليه، وتضرّع لعونه. وابن مسعود لم يدرجها كما لم يدرج المعوذتين في مصحفه. وننقل ما يقوله السيوطي حول هذا الموضوع: «أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن، وهو في غاية الصعوبة، لأنا إن قلنا إن النقل المتواتر كان حاصلًا في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن فإنكاره يوجب الكفر. وإن قلنا لم يكن حاصلًا في ذلك الزمان فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل». ونشير هنا إلى ان عدد من القراءات (كما في المغرب) لا تعتبر البسملة آية، وتقسم الآية السابعة إلى آيتين 6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ 7) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ انظر https://goo.gl/Qfq0Et . معنى الآية السابعة وفقا للمفسرين -------------------- تقول الآيتان السادسة والسابعة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. نحن اذن امام ثلاث مجموعات: - الذين انعمت عليهم - غير المغضوب عليهم - الضالين هناك من يرى ضرورة الربط بين هذه المجموعات الثلاثة، معتبرين ان المجموعة الثانية والمجموعة الثالثة تصفان المجموعة الأولى، أي الذين انعمت عليهم. ولكن الأكثرية الساحقة تقول بأننا امام ثلاث مجموعات متميزة. ووفقًا لهذه القراءة يكون النص القرآني ناقصًا وتكملته كما يلي: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [لا طريق] الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا [طريق] الضَّالِّينَ. . وقد اختلف المفسرون في تعريف مجموعة "الذين انعمت عليهم". فبعضهم يرى انهم الأنبياء، أو اليهود قبل ان يتحولوا عن الدين الصحيح، أو المسلمين الذين هداهم الله لنعمة الإيمان. ولكن هذه المجموعة لا تهمنا، ولن نتكلم عنها إلا جانبيًا. أما فيما يخص المجموعتين الأخيرتين غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فإن المفسرين بصورة عامة يقولون عنهما انهما يدلان على اليهود فيما يخص المجموعة الثانية (المغضوب عليهم)، وعلى النصارى فيما يخص المجموعة الثالثة (الضالين)، مع اختلاف في التعابير والتبريرات بين المفسرين. فبعض المفسرين يكتفون بجملة أو جملتين للقول بأن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى، دون إعطاء مزيد من الشروحات. ولكن البعض الآخر يرجع للمصدرين الرئيسيين للشريعة الإسلامية، أي القرآن والسنة. فعند المسلمين تحديد ما هو حسن وما هو سيء، وما هو حلال وما هو حرام، يعتمد بالضرورة على هذين المصدرين، إما سوية او منفصلين، إما بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة من خلال القياس. ونكتفي هنا بذكر ثلاثة نصوص قرآنية للاستدلال على ذلك: 16: 116: ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون 8: 20: يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وانتم تسمعون 4: 59: يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تاويلا . وبصورة عامة يبدأ المسلم بالبحث في القرآن الذي هو في نظره كلام الله والذي يبقى قطعي الثبوت رغم اختلاف التفاسير. فلا يلجأ المسلم عامة للسنة إلا إذا لم يتضمن القرآن جوابًا دقيقًا ومفصلًا لما ينشده. والسنة تطرح مشكلة صحتها، إذ ان الحديث لم يتم الوحي به لفظًا، وقد يتضمن عدة شوائب تؤدي إلى استبعاد ما نسب إلى النبي محمد، لسبب أو لآخر، خاصة إذا كان الراوي مشكوك في صدقه. وفيما يخص موضوعنا، فإن المفسرين يتبعون طريقًا معكوسًا. فهم يبدؤون بالآية السابعة التي تستعمل كلمات غير دقيقة في دلالاتها، ثم يلجؤون إلى تفسير لهذه الآية من خلال حديث منسوب للنبي محمد يقول فيه: "ان المغضوب عليهم اليهود وان الضالين النصارى"، وأحاديث مشابهة سنذكرها لاحقًا. . وهناك مفسرون يتوقفون عند هذه المرحلة، ولكن كثير منهم يلجؤون للقرآن للبحث عن دليل قرآني على صحة ما جاء في هذه الأحاديث. والهدف من ذلك هو صد أي اعتراض أو شك في صحة الحديث من حيث المضمون. وهذا يعني بأنه حتى وإن كان هناك اعتراض على الحديث لأسباب شكلية، فإن مضمونه يبقى صالحًا على ضوء ما جاء في القرآن فيما يخص اليهود والنصارى. ولذلك يبحثون في القرآن عن الكلمات التي تذكرها الآية السابعة ويرون ان كانت متصلة باليهود (المغضوب عليهم) والنصارى (الضالين). وبعض هؤلاء المفسرين يكتفون بذكر آية أو آيتين، وغيرهم يذكرون كثير من الآيات تدعم وجهة نظرهم. وهناك مفسرون يضيفون إلى هذه المرحلة الأسباب التي جعلت اليهود مغضوب عليه، والتي جعلت النصارى الضالين. فبعض الآيات تسبب حكمها ضد اليهود والنصارى. وهناك أيضا من يضيف بأن كل من اليهود والنصارى مغضوب عليهم وضالون، ولكن خص القرآن اليهود بوصف المغضوب عليهم لأسباب خاصة، وخص النصارى بوصف الضالين لأسباب اخرى. وهناك من يتساءل ان كان وصف المغضوب عليهم ووصف الضالين متعلقين حصرًا باليهود والنصارى، أم ان مجموعات اخرى يمكن ان يطلق عليها مثل هذا الوصف. فهم يرون ان وضع المشركين أسوأ من وضع اليهود والنصارى، وان هذين اللقبين قد يطلقا على المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام، وعلى الآثمين، لا بل على المسلمين أنفسهم الذين لا يلتزمون بفرائض الإسلام وتعاليمه. وأخيرًا هناك من يتساءل لماذا ذكر القرآن أولًا المغضوب عليهم، ثم بعدهم ذكر الضالين. وهناك حالات نادرة من المفسرين الذين لا يذكرون لا اليهود ولا النصارى ويكتفون بذكر الآية السابعة دون الدخول في تحديد معناها. وهذا الاتجاه نجده خاصة عند المفسرين الصوفيين الذين يتوسعون في تفسير الآية السابعة اتباعًا لمنهجهم الباطني. وبعض الشيعة يطلقون اللقبين ليس فقط على اليهود والنصارى، ولكن على من لا يتبع شيعتهم. . ورغم الاختلافات في سبل المفسرين، فإن المفسرين في اكثريتهم الساحقة يذكرون بادئ الأمر، مع او بدون تفصيل، بأن لقب المغضوب عليهم يشير إلى اليهود، وأن لقب الضالين يشير إلى النصارى. ونجد هذا عند المفسرين القدامى كما عند المفسرين المعاصرين. وليس هناك مفسر واحد يحتج على التفسير القائل بأن المغضوب عليهم هم اليهود، وأن الضالين هم النصارى. . وإلى مقال قادم . ادعموا حملة "الترشيح لنبي جديد" https://goo.gl/X1GQUa وحملة "انشاء جائزة نوبل للغباء" https://goo.gl/lv4OqO . النبي د. سامي الذيب مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية للقرآن بالتسلسل التاريخي: https://goo.gl/72ya61 كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدور الهدام لسورة الفاتحة 2
-
الدور الهدام لسورة الفاتحة 1
-
الدور الهدام لسورة الفاتحة
-
لا تبنى كنيسة فى الإسلام - فتوى ازهرية عام 1997
-
هل اللعنات والشتائم من شيم الإسلام؟
-
بعد شنق الإستاذ محمود هل جاء دور البارون محمد؟
-
الثورة الصاخبة والثورة الصامتة
-
ضد حرق القرآن... ومع ترتيبه
-
شيخ الأزهر السابق يدعو إلى هدم الكنائس
-
متابع: الإسلام لا يستحق الإصلاح
-
إن كان عندك بيضات
-
حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في خمس دقائق
-
هل نؤجل الطعن في القرآن؟
-
هل يجرؤ الاساتذة مناقشة كتابي عن اخطاء القرآن؟
-
الخوف من الأنبياء الجدد (8): حضرة النبي الدجال
-
الخوف من الأنبياء الجدد (7): الملحدون هم الأنبياء الجدد
-
الخوف من الأنبياء الجدد (6): هوس المتدينين
-
الخوف من الأنبياء الجدد (5): نريد نبي مشاغب
-
القرآن تأليف حاخام مسطول - تعليق
-
جائزة نوبل للغباء
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|