قمع ديمقراطي

فهد العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1445 - 2006 / 1 / 29 - 12:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

يوجد في العراق اليوم وزارة اسمها وزارة المجتمع المدني , لا أعلم لماذا أوجدت هذه الوزارة فالتفسير الوحيد لوجودها هو إن إبن عم أو خال أحد المسؤولين لم يتبقى له منصب في الدولة فوضعوه في هذه الوزارة التي لا داعي لوجودها .
هذه الوزارة مهمتها هي إعطاء التصاريح الرسمية للمنظمات غير الحكومية التي بدأت بالظهور على الساحة العراقية ويمكن للإنسان البسيط أن يفهم إنه من الواضح إن إسم ( منظمات غير حكومية ) هو دليل على عدم ارتباط هذه المنظمات بالحكومة , إذاً هل من المعقول أن تكون لهذه المنظمات جهة حكومية تسيطر عليها وعلى أعمالها والتي هي على وجه الخصوص تصب في مصلحة المواطن العراقي .
آخر ما تفتق به تفكير السيد الوزير في هذه الوزارة هو القرار (8750) والذي تم بموافقة مجلس الوزراء وهو تجميد أرصدة كل المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك النقابات العمالية والأدبية والهندسية والطبية و و و و .
وذلك لأن تلك المنظمات والنقابات تؤدي أعمال خدمية للمواطن أكثر من هذه الحكومة التي لم تعمل شيئاً لحد الآن لهذا البلد فنرى منها من قام بدعم المواطن ثقافياً والآخر مادياً والآخر خدمياً في حين إن الحكومة مشغولة ( وكان الله في عونها !!! ) في معالجة ظاهرة الإرهاب التي تعمل هي من أجل إنتشارها في العراق كي تبقى هي على الكرسي ويظل المواطن مشغولاً عن سرقاتها بالحفاظ على حياته وعائلته .
إن هذا القرار السيء إذا دل على شيء إنما يدل على مدى الأفق الضيق لدى الحكومة ( الموقرة ) و عدم فهمها لمعنى اليلد الديمقراطي الحقيقي ودولة المؤسسات التي تنادي بها , لأن الدول المتقدمة والمتحضرة اجتماعيا وسياسياً مثلاً في أوروبا وأمريكا لا تتدخل هذه الحكومات في عمل مثل هذه المنظمات بل إن هذه المنظمات هي التي تتدخل في شؤون الدولة والحكومة وذلك بحثاً عن مصلحة الفرد العادي وأخذ حقه من الحكومة إذا تم التجاوز عليه دون حق أو خارج الإطار القانوني للبلد المعين .
إذاً وجود المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات بتنوع إختصاصاتها هو مكسب للبلد وهو الداعم الحقيقي للحرية والديمقراطية ونحن من خلال قرار مجلس الوزراء المرقم (8750) لا نفهم سوى شيئاً واحداً هو إن الحكومة تريد القضاء على الحرية في العراق .
وإذا أردنا أن نأخذ ونفسر هذا القرار من جهة أخرى نلاحظ بأن أي من هذه المنظمات غير الحكومية لم تقم بأي عمل سياسي ينافس الحكومة الحالية على المقاعد البرلمانية لأن هذه المنظمات بعيدة عن السياسة إلا إذا استثنينا ( منظمة شهيد المحراب ) التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بقيادة عمار الحكيم فنرى إن هذه المنظمة تحمل إسم منظمة غير حكومية ولكن طايعها سياسي وتعمل عمل دائرة التوجيه السياسي في زمن صدام البائد , وهنا نريد أن نسأل السيد وزير المجتمع المدني والسادة في مجلس الوزراء الذين اصدروا هذا القرار المجحف بحق العراقيين كلهم , هل يستطيع مجلس الوزراء والسيد وزير المجتمع المدني تجميد أرصدة منظمة شهيد المحراب ؟ , وهل يعلم السيد الوزير والسادة في مجلس الوزراء إن عمار الحكيم يلقب الآن من قبل أهالي النجف بـ ( عدي الحكيم ) نسبة الى عدي إبن صدام وذلك لأنه يتملك الأراضي بإسم الدين لأنه ( سيد ) و يسرق المال من الدولة والأمم المتحدة وغيرها من طرق التمويل بحجة إقامة مشاريع وندوات وورش عمل من خلال منظمته ( غير الحكومية !!).
بل إن الوزير والسادة في مجلس الوزراء يعملون على تمويله !!! .
فليرد علينا أحد ويقول لنا ما هي المشاريع التي أقامتها المنظمة المذكورة مقارنة بالنقابات وبالمنظمات غير الحكومية الباقية فأنا أطالب كل المثقفين في العراق بأن يقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا القرار الذي إذا طبق عليهم كما طبق على إتحاد الأدباء وغيرها من المنظمات التي تعد مشاريعها مشاريع ضخمة مثل بناء مستشفى أو ما شابهه من مشاريع تخدم المواطن العراقي .
وليس مشاريع عدي الحكيم وهي إقامة مواكب اللطم والتطبير وأخذ المال المصروف على هذه المواكب من الأمم المتحدة !! .
نرجوا من الحكومة الجديدة التي لم تنتخب أن تراجع هذا القرار وكلي ثقة بتطبيقه من قبلها !! , لأنه يعود بالفائدة المادية على أعضائها وأنا على يقين بأن الرشوة ستستشري في هذا القطاع وهو القطاع الذي يبني العراقيون أمالهم عليه لكونه اللبنة الأولى للديمقراطية والحرية في العراق .
فكيف الحال وإن اللبنة الأولى تتكون من القمع والرشوة , وما الذي تغير في العراق فقد كان هنالك قمع دكتاتوري والآن قمع ديمقراطي !!!

#فهد_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات