أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري العلي - القرار 1441 والتضليل الإعلامي















المزيد.....

القرار 1441 والتضليل الإعلامي


نوري العلي

الحوار المتمدن-العدد: 403 - 2003 / 2 / 20 - 02:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

حينما يطل إعلامي معروف من إحدى الفضائيات ويقول هاهم مفتشو  الانموفيك لم يعثروا على أي اثر لأسلحة الإبادة الشاملة , ويؤكد على قيام نظام الحكم في بغداد بالتعاون التام معهم , وتقديمه التسهيلات لقيامهم بمهامهم بالشكل المطلوب وبدون أية معوقات أو عراقيل , و من ثم يؤكد إن العراق خال من أي نوع من هذه الأسلحة , وان المفتشين  سيخرجون خالي الوفاض , و إن العراق بذلك يكون قد نفذ والتزم ببنود القرار 1441. فإن كلامه هذا ما هو إلا كلام تضليلي و خطر جداً على متلقيه من الغالبية العظمى للشعب العربي , الذي يستقي تفسيره وفهمه للقرارات الأممية , من وسائل الإعلام التي تطرح تلك التفسيرات بما ينسجم مع الاتجاهات العامة السائدة في العالم العربـي , هذه الاتجاهات التي شكلها في الأساس نفس الإعلام الذي ينتهج التضليل اسلوبا له.

إن التيارات الإيديولوجية التي شغلت الساحة العربية , طيلة القرن الماضي , اعتمدت أساسا على مناغاة عواطف الشعب العربي , بما كانت تطرحه من آمال كبيرة هي أقرب للخيال منه للواقع ... ودون أن تطرح أي مشروع ومنهج لتحقيق تلك الآمال ...وفي خضم الأحداث و احلك الظروف و اعظم ما قدمه الشعب العربي من تضحيات , لم يتح لهذا الشعب أي قدر من المشاركة في صنع القرار , رغم خطورة قرارات اتخذت مازالت تداعياتها و تأثيراتها السلبية عليه وعلى مستقبلة , فاعلة لحد يومنا هذا ...  إن كل ما يتاح للشعب العربي في هذا البلد أو ذاك , وفي احسن الأحوال ليس إلا القيام بتظاهرات تصب في نتيجتها لمصلحة من سمح له بها,  وعادة ما تكون حكومته , لتسويق ما تريده و ما تهدف إليه ...

إن سياسة الإعلام العربي التضليلية , وبسبب من انسياقها لخدمة الإيديولوجيا , لابد وان تكون قد ساهمت في تكريس سياسة حرمان الشعب العربي من اخذ دوره في رسم سياسة حكوماته , بما يخدم مصالحه و أهدافه القريب منها والبعيد , وليرتقي بمستواه الحضاري والثقافي , وبالتالي الارتفاع بمستواه المعاشي , بما يتناسب مع حجم الثروات والإمكانات الهائلة المتاحـة على أرضه العربيـة ,  و ليحقق بالنتيجة كل عناصر القوة التي تحتاجها شعوب اليوم لتأمين وضمان أمنها واستقرارها, ومن جانب آخر , ساهم هذا الإعلام التضليلي وتلك الأيديولوجيا على إضفاء الشرعية على حكومات عربية  لا تملك أية شرعية في وجودها على سدة الحكم , سوى تلك المقولات العاطفية التي جاء بها المبشرون الإيديولوجيون من تجارب شعوب غربية ومن بطون كتبها , لتؤدي في مداياتها  النهائية , لأهداف بعيدة كل البعد عن مصـالح العــرب شعوبا و حكومات  ... وما ظاهرة( صدام حسين) غير المرتبط سلوكا وتصرفا وفكرا في أي من قيم وأخلاقيات التراث العربي والإسلامي و الإنساني ,  إلا نتاج من عطاآت الفكر القومي العربي المغترب , و ما هي إلا مثلا حياً قائماً لها , مازالت تداعياته مستمرة ليومنا هذا , وما زال الإعلام العربي المؤدلج المضلل و تشعباته , يُسَوقهُ إلى الشعب العربي , بصورة  مغايرة تماماً لحقيقة دوره الضار المدمر لشعبه و لمصالح  العرب وقضاياهم القومية القائمة والمستقبلية...

لا شك إطلاقا إن الإعلام العربي المضلل قدم تفسيرا للقرار 1441 لمصلحة النظام العراقي ... بما يضع مسؤولية الكشف عن أسلحة الإبادة الشاملة على عاتق لجان التفتيش وليس لسلطة بغداد سوى التعاون معهم و تسهيل مهامهم ...  إن هذا التفسير مجانب لحقيقة القرار تماما , لقد جاء في القرار 1441 و بوضوح لا لبس فيه أن العراق في حالة خرق جوهري لالتزاماته المنصوص عليها في القرارات ذات الصلة وهي إدانة مسبقة له, و ذلك بما جاء في الفقرة ( 1 ) منه وكما مبين نصها أدناه :-
1- يقرر إن العراق كان ولا يزال في حالة خرق جوهري لالتزاماته المنصوص عليها في القرارات ذات الصلة بما في ذلك القرار 687 لعام 1991 , ولا سيما بامتناعه عن التعاون مع مفتشي الأمم المتحدة و الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعن إتمام الأعمال المطلوبة بموجب الفقرتين 8 و 13 من القرار 687 (1991).

إن القرار ألقى مسؤولية بيان البرامج التسليحية الكيماوية والبيولوجية والنووية ووسائل إيصالها إلى أهدافها , على عاتق العراق وليس على لجان التفتيش لتكشفها و ذلك استنادا إلى ما جاء في الفقرة الثالثة منه والتي تنص على الآتي:-
2- يقرر إن حكومة العراق يتعين عليها , كي تبدأ في الامتثال للالتزامات المتعلقة بنزع السلاح , إضافة إلى تقديم الإعلانات المطلوبة كل سنتين , إن تقدم إلى لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق و التفتيش و الوكالة الدولية للطاقة الذرية والى المجلس أعلاه في موعد لا يتجاوز 30 يوميا من تاريخ هذا القرار بيانا دقيقا و وافيا  عن الحالة الراهنة لجميع جوانب برامجها الرامية إلى تطوير أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية و قذائف تسيارية و غيرها من نظم الإيصال , من قبيل طائرات من دون طيار ونظم نشر المواد الإشعاعية المعدة للاستخدام على الطائرات , بما في ذلك أي مخزونات من هذه الأسلحة ومكوناتها الفرعية و مخزونات العوامل و المواد و المعدات ذات الصلة و أماكنها المحددة , و أماكن و أعمال مرافق البحوث و التطوير و الإنتاج , فضلا عن جميع البرامج الكيميائية والبيولوجية والنووية الأخرى , بما في ذلك أي برامج تدعي إنها منشأة لأغراض لا تتصل بإنتاج الأسلحة أو موادها.


أما الفقرة الرابعة التي أشار إليها وزير الخارجية الأمريكية بكلمته أمام مجلس الأمن بتاريخ 5/2/2003  فتؤكد على اعتبار أية بيانات زائفة أو إغفال بعض الأمور في البيانات المقدمة من أنها تشكل خرقا جوهريا إضافيا لالتزامات العراق و هي تنص على مايلي:-
3- يقرر إن تقديم العراق بيانات زائفة أو إغفاله بعض الأمور تنفيذا  عملا بهذا القرار و امتناعه في أي وقت عن الامتثال لهذا القرار والتعاون الكامل في تنفيذه يشكل خرقا جوهرياً إضافيا لالتزامات العراق , وسوف يبلغ إلى المجلس لتقييمه وفقا للفقرتين الحادية عشرة والثانية عشرة أدناه.

إن موافقة صدام حسين على القرار , تعني إقرارا منه أن العراق متهما بحالة الخرق الجوهري , لقرارات مجلس الأمن التي وردت في الفقرة الثالثة , وان موافقته هي لمنحه فرصة أخيرة بموجب هذا القرار , تلافيا لتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي تخول  استعمال القوة في تطبيق قرارت الشرعية الدولية.  و إقرار منه أيضا قبوله بالمنطوق المعكوس تماما للقاعدة القانونية  بأن البينة على من ادعى   , بحيث أصبحت البينة على المدعى عليه , وهو العراق كمتهم بحيازة أسلحة الدمار الشــامل , هو المسؤول عن توفير البينة ليدفع بها عن براءته , بسبب إقراراته إلى لجنة اونسكوم السابقة عن إنتاجه مواد كيماوية وبيولوجية كغاز الأعصاب ومادة الانتراكس إلا انه لم يقدم أية أدلة مقنعة تبين  المصير  الذي آلت إليه هذه المواد.

إن خلط الأوراق التي يتبعها الإعلام العراقي والإعلام العربي السائر  ضمن تياره التضليلي , بالربط بين قرارات الأمم المتحدة الصادرة بحق إسرائيل , و رفضها تطبيق ما يعطي أو يقر منها حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه ,  هي الأخرى   مجانبة للحقيقة , فالأولى بهذا الإعلام أن يوضح للشعب العربي , أن أي من تلك القرارات التي صدرت بحق إسرائيل , لم يصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الملزمة التطبيق بالقوة إن تطلب الأمر ,  بخلاف قرارات نزع أسلحة الدمار الشامل التي صدرت بموجب الفصل السابع بحق العراق ... إن عدم إمكان استصدار أي قرار بموجب الفصل السابع لصالح القضية الفلسطينية , كان بسبب العجز العربي على امتداد تاريخ مأساة فلسطين , فلم يسعى العرب استعمال أي من وسائل الضغط والقوة  و الحشد الدولي التي كانت متاحة لـهم  , خاصة زمن الحرب الباردة لصالح استصدار مثل هذا القرار , بالوقت الذي احتمت غالبية  الأنظمة العربية , سوية مع إسرائيل تحت مظلة دولية واحـدة , وهـي  المظلــة الانكــلو - أمريكية... مع الفارق بما كانت تسعى وتهدف إليه إسرائيل من تلك الحماية , وبين ما تسـعى وتهدف إليه الدول العربيـة منهـــا ... فغرض الأولى كان وما زال يهدف لبقاء كيانها شعبا و أرضا , و غرض الثانية كان ومازال يهدف لبقاء أنظمتها فقط , دون الاكتراث لشعوبها , كما إن إسرائيل احتضنت كل مكونات شعبها بكل تلاوينه الاثنية المتفاوتة و المتناقضة  بشكل حاد  , ومنحتهم حرية التعبير و التفكير والنشر , ضمن أجواء من الديمقراطية و المجتمع المدني , بالوقت الذي اتبعت فيه الحكومات العربية , ابشع أنواع التمييز الطائفي والعنصري , والتنكر لطبيعة مكونات شعوبها الاثنية والعرقية والطائفية , ناهيك عن مصادرة ابسط أنواع حقوقها المدنية والديمقراطية , تطوعاً لمصلحة حماتهم في القضاء على التيارات الوطنية و اليسارية والليبرالية و الإسلامية , منتهجة لتحقيق ذلك سياسة البطش والتنكيل وبدون رحمة بتلك التيارات ,  فحمامات الدم التي ارتكبتها غالبية هذه الدول تجاه شعوبها , كانت تحت إشراف تلك المظلة الواقية وبحمايتها وبتوجيهاتها, تنفيذاً لسياسة الحرب الباردة, و بتغطية لشرعية تلك الإجراآت من شعارات عنصرية مقيتة , مازال الإعلام التضليلي يروج لها رغم وصول الحال العربي إلى مفترق طريقين لا ثالث لهما , أما السير إلى نهاية طريق الهلاك الذي لم يتبقى منه سوى حافة الهاوية ... أو العودة إلى مناهل الجانب المشرق من الفكر العربي و الإسلامي , ومن تطبيقات الفكر الإنساني وتجارب الشعوب , لإنقاذ الحال قبل فوات الأوان...

أما آن الأوان لقادة الفكر القومي و النخبة العربية المثقفة , الوقوف قليلا للنظر إلى ما آل إليه حال الشعوب العربية و ما أوصلتهم إليه ثقافتهم و شعاراتهم العاطفية وإعلامهم التضليلي... أما يكفي ما فعله نتاج ثقافتهم وفكرهم ( صدام حسين )  بحال العرب من النكبات المتكررة ...  و أما تكفيهم حالة الجمود الذي عليه حال معظم الشعوب العربية و حالة الانفصال التام مع حكوماتها , وأن الزمن أمسـى عندهـم عدمـــاً ... ألا يعي حقا مثقفون من أمثال معن بشور , كريم بقرادوني , ليث شبيلات , عبد الباري عطوان , خير الدين حسيب ,محمد الجابري , و إدوارد سعيد , إن الأوان قد حان لانقلاب على الذات , والطلوع على العرب بفكر متنور منفتح , وهم المتربعون على  مخزون ثر من الفكر الإبداعي العربي والإسلامي الخلاق و يحيطهم تراكم إنساني  أفرزته مسيرة البشرية الشاقة عبر ترحالها التاريخي منذ أول اشراقاتها الحضرية بما دونته لحقوق الإنسان على مسلة حمورابي و لغاية اليوم ... فان لم يحصل أي قـدر من هذا أو ذاك , فالكارثة إذن آتية لا محال... وليرحمنا الله جميعاً !...  


                                                              نوري  العلي / كوبنهاكن
 

                       
                                                                                              
 
 
        



#نوري_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بأس بالموت إذا الموت نزل
- حكاية من اليوم الاسود
- فقراء عبد الكريم قاسم والقمر - 2
- فقراء عبد الكريم قاسم والقمر
- أهداف الجامعة ليست كأهداف أمانة العاصمة
- الكويت والأراضي والمياه الإقليمية العراقية
- الأمم المتحدة وعلي بن أبى طالب-ع
- زيزون و شارون و صدام حسين
- شيء عن المعدان
- كاليري ملون
- الرؤى الجديدة
- حقوق شهداء القصف الكيماوي
- -مكتوب- كاكا حه مه
- القراءة الخاطئة
- ما يجمع ويفرق بين العراق و سويسرا ويوغسلافيا
- اليورانيوم المنضب وجرائم السلطة


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري العلي - القرار 1441 والتضليل الإعلامي