|
مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5522 - 2017 / 5 / 16 - 19:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عرفَ المصريُّ القديم ما يُعرف اليوم بـ"قانون الجذب الفكري". وهو أرقى وأحدث أساليب تطوّر الإنسان وترقّي الجنس البشري. وبهذا القانون، أو الأدق أن نقول، بتلك النظرية، صنع أجدادُنا العظام تلك الحضارة الأسطورية التي مازالت تُحيّر العالم، وسوف تظلّ أبد الدهر. منذ منتصف القرن العشرين، بدأ علماءُ البرمجة اللغوية والعصبية يعيدون اكتشاف هذا اللغز البشري المدهش، وطبّقوه على عظماء العالم، ثم أجمعوا بالأدلة التاريخية على أن جميع عباقرة الدنيا قد توسّلوا تلك النظرية وطبقوها في حياتهم حتى صاروا ناجحين استثنائيين من فرائد هذا الكون. تقول تلك النظرية ببساطة إن الأفكار في عقولنا لها ترددات أو ذبذبات خاصة، مثلها مثل الموجات الضوئية أو الصوتية أو الكهرومغناطيسية. كل فكرة تتكون في عقلك لها "طول مَوجيّ" أو "تردّد" أو "ذبذبة" خاصة بها. الفكرة الطيبة لها تردد، والفكرة الشريرة لها تردد مختلف. الفكرةُ الإيجابية لها تردد، والسلبية لها تردد مختلف. ثم ماذا؟ ثم يأتي الجزء الأخطر في النظرية. وهو أن كلَّ تردد "يجتذب" الترددَ المقارب له. فالفكرة الطيبة تجتذب الأفكار الطيبة. وكذلك الأفكار الشريرة تجتذب مثيلاتها. فإن أنت فكرت بشكل إيجابي، سوف يعيد الكونُ ترتيب أوراقه ويأتي لك بالخير. وإن أنت فكرت بشكل سلبيّ، سوف تجتذب أفكارُك الشريرة ما يُشبهها، ويداهمك الشرُّ. وهذا ما يفسّر ظاهرة "الحسد"، وهو كذلك تأكيدٌ لقول الله تعالي في الحديث القدسي: "أنا عند ظنّ عبدي بي؛ فليظنَ بي ما شاء." وهذا ببساطة هو فكرة كتاب "السرّ" The Secret الذي كتبته الأسترالية "روندا بايرن" وتُرجم لأكثر من 45 لغة وباع أكثر من 20 مليون نسخة. هذا ما اختار أن يصنعه الشاعرُ الغنائي الشابّ "رمزي بشارة"، لينتقد راهن مصر ويُفنّد مشاكلها، في أغنيته الجديدة الجميلة: "مصر الجديدة"، التي غنّتها مجموعة من شباب مصر الجميل. لم تطرح الأغنية مشكلات مصر، بل ذكرت نقيضها الرغد، أو أحلامنا، كأنها واقعٌ حيّ يُشادُ به، ويُشدى. لم يقل الشاعر في الأغنية إن مصر تعاني من الفساد والفقر والمرض وانهيار التعليم والمحن الطائفية والجلسات العرفية وتهجير الأقباط وتكميم الأفواه وأطفال الشوارع والغلاء الطاحن وتدنّي الأجور وعجز الموازنة وتكسّب المسؤولين والهجرة غير الشرعية، وغيرها من كوارث مصر. بل على النقيض، تصفُ الأغنية بلادنا كأنها سويسرا أو اليابان: (مفيش لا ظلم ولا فساد/ وفــ كل حتة العدل ساد/ وأقولك إيه عالإقتصاد/ بقى مزدهر بقى فيه رخاء/ والفرحة بتعم البلاد/ مفيش ولا واحد فقير/في بلادنا والأشغال كتير/ وبنعمل الحاجة بضمير/ والكل من غيبوبته فاق/ زغرطوا يابنات صقفوا ياولاد/ للعيشة فيها مميزات/ وكل يوم فيه انجازات/ تعليم/ وصحة/ والحاجات الحلوة يومياً تزيد/ وتطورات هايلة وجداد/ مفيش لا جلسات عرفية/ ولا حد بيكفر فيَّ/ ولا من بلدها منفية/ ومتهجّرة ناس بالتهديد/ فيه قانون وماشي على العباد/ لا في عيال تحت كباري/ نايمين محدش بيها داري/ ولا ناس وظيفتها تداري/ ومن همومنا بتستفيد/ ولا فيه ضمير متباع فـ مزاد/ حُرية/لو ليك رأي تقول/ وبيقدروا يحاسبوا المسؤول/ سعر الشقق بقى فـ المعقول/ ومستوى الدخل ده بيزيد/ اذا مستوى الأسعار كان زاد/ العيشة 100 فل وعشرة/ مش كدبة أبداً ولا فشرة/ وأكبر دليل شوفوا النشرة/ أمن ورفاهية وترفيه/ من مدة مابنعملشي حداد/ عريس آهوه ومافركشتش/ عشان سنين وماحوشتش/ ولا حد رمى نفسه عمل " تِششش "/ فـ النيل من الهم اللي ماليه/ ولا حد لسه على استعداد/ مصر الجديدة عايزينها/ دمعتها تنشف من عالخد/ ولا حد يقدر يحزنها/ مصر الجديدة عايزينها كبيرة أد الدنيا بجد/ بالحق تعدل موازينها.) وتكتمل الصورة الواقعية "المريرة" في بلادنا، وتصلُ الفكرةُ للناس، عن طريق الأسلوب الذكي الذي اختاره المخرج "مينا القمص بسادة" في إخراج الكليب. بعدما يفتتحُ الكليب علمٌ صغيرٌ لمصر في يد طفلة جميلة تنظر للغد المشرق، تنهمرُ الكلمات المتفائلة الواعدة على ألسن المغنيين الشباب، وموسيقى وتوزيع "فادي طلعت"، ثم تباغتنا، بين الحين والآخر بعضُ صورٍ مقبضة مما تعاني مصرُ من كوارث: الإهمال الصحي، الفقر، الفساد، أطفال الشوارع، وغيرها. هنا يكتمل المعادلُ الموضوعي لترى عيونُنا: "الواقع" و"الحلم"، معًا جنبًا إلى جنب في جديلة واحدة، مسموعة ومرئية، لأن بالضدِّ تتميزُ الأشياء. تحية احترام لمجوعة الشباب المثقف الذين أنجزو هذا العمل المدهش بجهودهم الذاتية البسيطة: قروش نحيلة، ومواهبُ كبيرة، ووطنية وحبّ لمصر لا نهائي. عماد نسيم- محمد علي- مارينا رزق الله- كامل بطرس- نعمة اسحق- ديفيد عياد- نرمين وصفي- ستيفين دانيال- بيشوي مجدي- نانسي رسلة- ريهام عبد المسيح. وتحية متجددة للمخرج الواعد، والشاعر المميز. هنا رابط الأغنية: https://www.youtube.com/watch?v=eAgA_Peu4Qk
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
-
حاضر عن المتهم
-
كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
-
ألفُ خطيئة في حق العربية!
-
طوبَى لصُنّاع السلام
-
إبراءُ ذِمّة … وشهادة
-
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!
-
حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف
-
لماذا قبَّلَ البابا أقدامَ المسلمين؟
-
ماذا قالت مصرُ للمصريين أبناء الحياة؟
-
مّن فجّر الكنيسة قبل أن أجدل السعف؟
-
حاضر عن المتّهم
-
رسالة مسيحي …. إلى وكلاء السماء
-
مصر لم تجدل عيدان السعف!
-
دموعي في كف الأبنودي
-
سمير فريد … عصفور النقد النبيل
-
الطفل الأحمق والطفلة الغبية
-
محمد عناني … ذلك العظيم
-
حاكموا: فقر خيال نجيب محفوظ!
-
الأرنبُ الصغير … يا وزير التعليم!
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
-
قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى
...
-
المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو
...
-
استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
-
مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
-
مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا
...
-
غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
-
أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين
...
-
أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب
...
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|