أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - الغيرة














المزيد.....

الغيرة


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28 - 06:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الغيرة أحد خصائص الشخصية , وهى ميزة مثيرة للأهتمام , وهذا لأنها شائعة بين الكثير من الأفراد , والغيرة ليست مقصورة على العلاقات الغرامية , ولكن هناك أيضاً غيرة فى جميع العلاقات الإنسانية , ففى مرحلة الطفولة فإننا نجد الطفل الذى يصاب بالغيرة خلال محاولاته لتحقيق " التفوق " و أمثال هذا الطفل يمكن للواحد منهم أن يصبح شديد الطموح بطريقة مبالغ فيها , وهاتان الميزتان ( الغيرة و الطموح ) تكشفان عن موقف هذا الفرد الهجومى من العالم , فإن الغيرة هى رفيق الطموح الذى يمكن أن يظل معه طوال الحياة , والغيرة تنشأ من شعور الفرد بأنه مهمل , وبأن الآخرين يتحيزون ضده .
ومعظم الأطفال يعانون من الغيرة , خاصة الغيرة من الأشقاء الأصغر سناً , فبسبب حاجة الأخ الأصغر ( أو الأخت ) إلى المزيد من العناية , فإن الطفل الأكبر يشعر بأنه كالملك المخلوع , لأنه كان ينعم قبل وصول أخيه الأصغر – بالعش الدافىء وحده وبكل الحب الموجود لدى أبويه , وهذا يجعله شديد الغيرة , وهذه هى حالة فتاة ارتكبت ثلاث جرائم قتل قبل أن تصل إلى سن الثامنة , وهذه الحالة توضح لنا المدى الذى يمكن أن يصل إليه الإنسان الذى يشعر بالغيرة , حتى ولو كان لا يزال طفلاً .
إن هذه الفتاة الصغيرة كانت متخلفة إلى حد ما , وقد منعها أبويها من القيام بالكثير من النشاطات القوية لأنها كانت رقيقة جداً , وبسبب هذه المعاملة فإنها قد وجدت نفسها فى وضع جيد , ولكن هذا الوضع الجيد لم يستمر طويلاً لأنها عندما بلغت السادسة من عمرها فإنه قد أصبح هناك من ينافسها , لقد ولدت لها أخت صغيرة , وتغيرت شخصيتها تماماً , وبدأت تضطهد القادمة الجديدة بكراهية لا ترحم , وكان الوالدان عاجزين عن فهم سلوكها هذا , ولهذا فإنهما أصبحا شديدى التزمت و القسوة معها , محاولين إفهامها خطأ اتباع مثل هذا السلوك .
وفى يوم من الأيام تم اكتشاف جثة فتاة صغيرة فى إحدى القنوات الصغيرة التى تخترق الققرية التى تعيش فيها هذه العائلة , وبعد فترة وجيزة تم اكتشاف جثة أخرى غارقة لفتاة صغيرة , وأخيراً فإنهم أمسكوا بها وهى تحاول أن تلقى بطفلة ثالثة فى المياه , ولقد اعترفت بجرائمها السابقة , وتم وضعها فى مستشفى الأمراض العقلية لمراقبتها , وأخيراُ تم وضعها فى أحد المعاهد الإصلاحية .
إن غيرة هذه الفتاة من أختها الصغيرة قد تحولت إلى كراهية شملت كل الأطفال الصغار , ولكننا لاحظنا أنها لا تكره الأطفال الذكور , وفيما يبدو أنها كانت ترى أختها الصغرى فى كل واحدة من ضحاياها التى قتلتهن , ومن خلال هذه الجرائم , فإنها قد حاولت أن تنتقم من الإهمال الذى اعتقدت أنها كانت تعانى منه .
إن الظواهر و الأشكال التى تظهر بها الغيرة تحدث كثيراً عندما يكون هناك إخوة أو أخوات , وفى حضارتنا الحالية فإن مصير الفتاة الصغيرة ليس مغرياً , فهى تشعر بالإحباط عندما يولد لها أخ أصغر منها , ثم يعامله الجميع بحماس و بطريقة فيها الكثير من الاحترام و أفضل من الطريقة التى عوملت هى بها , ويزداد هذا الإحباط عندما ترى العناية العظيمة و الميزات التى تعطى له , والتى حرمت هى منها .
إن مثل هذا الجو يسمح بسهولة لظهور المشاعر العدوانية و الكراهية فى مثل هذه العلاقة , ومن الشائع أن الأخت الكبرى تكون محبة وتعامل أخاها الأصغر بأمومة , ولكن من الناحية النفسية فإن هذا لا يختلف كثيراً عن الحالة السابقة لتلك الفتاة الصغيرة القاتلة , فعندما تأخذ الأخت الكبرى موقف الأمومة من الطفل الأصغر , فإنها عن طريق هذا تكون قد استعادت " وضع القوة " الذى يسمح لها أن تتصرف كيفما شاءت . إن هذه الحيلة البارعة قد مكنتها من خلق مصدر جديد للقوة مكنها من الخروج من هذا الموقف الخطير .
و المبالغة فى التنافس بين الإخوة ( أو الأخوات ) هو واحد من أهم الأسباب التى تؤدى إلى الغيرة , فإن الفتاة قد تشعر بأنها مهملة , و من ثم فإنها ربما تبدأ فى السعى باستمرار للتغلب على أخيها , و كنتيجة لهذا فإنها قد تنجح – غالباً – فى زيادة المسافة بينها و بين أخيها , ونحن نعلم أن الطبيعة تكون إلى جانبها ( لأن الفتاة تنمو و تتطور – عقلياً و جسدياً – بسرعة أكبر خاصة فى فترة البلوغ ), مما يمكنها من تحقيق هدفها , و إن كانت تلك الفجوة الفسيولوجية تتلاشى مع مرور الزمن .
أن الغيرة مثلها مثل بروتس فى الأساطير , يمكنها أن تأخذ آلاف الأشكال و الصور , و يمكننا أن نتعرف عليها فى " عدم الثقة " وفى الطريقة التى ننصب بها الفخاخ للآخرين , وفى محاولاتنا لقياس و تقدير الآخرين , وفى الخوف الدائم من أن نتعرض للإهمال , وظهور إحدى الصور السابقة يعتمد تماماً على الطريقة التى تم بها إعداد الفرد للحياة الاجتماعية , وأحد صور الغيرة هى " تدمير الذات " كما أنه يمكن التعبير عن الغيرة فى صورة " عناد " قوى , أيضاً فإن إفساد متعة الآخرين , والاعتراض الدائم غير المبرر و الخالى من أى منطق ووضع قيود على حرية الآخرين و محاولة إخضاعهم , كلها من صور " الغيرة ".
كما سبق و قلنا , فإن محاولة الفرد لإعطاء الآخرين مجموعة من الآوامر و النواهى بغرض التحكم فى سلوكهم هى واحدة من أحب الطرق للشخص الغيور , واحد الأمثلة المعروفة عندما يحاول الفرد تقييد والديه بسلاسل الحب و أو عندما يبنى حوائط و أسواراً حول من يحبهم , أو عندما يحاول أن يحدد ما الذى يجب أن يروه أو يفعلوه أو يفكروا فيه , أيضاً فإنه يمكن استخدام الغيرة فى تحقير و توبيخ الآخرين . إن الشخص الغيور يستخدم الغيرة فى حرمان الآخرين من حقهم فى الاختيار الحر وفى سجنهم , وتقييدهم إليه .



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام جديد على وجودى
- الخطيئة والتجسد
- أربع لوحات فى القصر القديم
- ما هو الوحى ؟؟
- الإسلام والمسيحية: نقاط تلاقي
- إشكاليّة الاعتراف بالآخر
- الميلاد ومسألة الظهور الإلهي في المسيحية والإسلام
- في مجتمع متعدّد الأديان
- العروبة والإسلام
- هل ظروف العلاقة الزوجيّة اليوم
- -المرأة في الإعلام والإعلان-
- أيهما أهمّ العلمنة أم الإيمان؟ أم الثاني يتبع الأول؟
- الثالوث في الإسلام
- -أمّيّة- محمّد . وهي الأساس الأوّل للإعجاز
- العَيش في عالم مُتعدِّد الأديان
- القرآن كتاب دين ، لا كتاب علم - الكونيات -
- كيف نختار شريك الحياة..؟
- الغريب فى القرآن الحلقة الأخيرة
- الغريب فى القرآن الحلقة الثانية
- الغريب فى القرآن


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - الغيرة