أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - مرثية لروح والدي الطاهرة














المزيد.....

مرثية لروح والدي الطاهرة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 22:03
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


مرثية لروح والدي الطاهرة

لن يطفئني بحر من العزاء في فقدانك، حزين جدا بشكل حارق، أشعر كأنما الأقدار تختصر المسافات لعناقك، لا يخيفني الموت ولا موتك كان هاجسا يغرقني في الحزن، ما يحزنني كثيرا هو الأسف في ان لا أحيى تلك البهجة الجميلة في محياك، بهجة الحياة وانت مقبل على توديع الأهل والأحباب تعلن مراسيم الوداع الأخير، تستقبلهم واحدا تلو الآخر إلا أنا، يحرقني كثيرا أني لم أكن ضمن تلك الوفود من الأحبة الذين ودعوك. لم أكن من بينهم أنا الشخص الذي يحبك كثيرا، الشخص الذي كنت تطمئن للحديث إليه، الشخص الذي في كثير من المواقف المعقدة ترجع إليه، الشخص الذي يستمع إلى نبضك وهمومك في الكفاح الحياتي الشخص الذي أنت أيضا عبرت في كثير من المواقف عن اعتزازك به، أشعر بحرقة كبيرة لأني خذلتك في ان نبتهج معا في الإبتهاج الأخير، أمنيتك الأخيرة في كفاحك الأخير، كفاح مرضك المهني "السيليكوز"، كفاحك الأخير هو ان ننعم معا بدفء أخير، أن نعانق بعضنا البعض فقط: اللعنة للهجرة ولظروفها!، للعالم الذي يفرقنا بخرافات يبرر بها صناعة الآلام الإنسانية!، اللعنة لهذا العالم الذي يبتهج حين يجعل من الجغرافية حدودا خرافية وملكية خاصة تحدد حركة الوطء والسير واستنشاق الهواء.
أشعر بحرقة كبيرة في أني خذلت روحك المرحة التي علمتني أن أكون في الظروف الصعبة، كائنا يحمل جزء من نبلك: أن لا أكون متسولا مهما قست الظروف!
"كافح، وحين تشعر بالإنهزام عاود كفاحك، لا تستسلم".
هكذا نصحتني، وهكذا خذلتك عملا بنصيحتك، خدعت بنصيحتك أنت المكافح، العامل المنجمي الصلب بشكل كان يستحيل بالنسبة لي أن تودعنا هكذا، ليس في صمت كما يعلن الكثيرون، بل بنفس المرح، مرح الضرورة والقبول بسنة الحياة، خذلتك لأني ألفت فيك مكافحا شهما لا ينهزم، خذلتك لاني تصورت أنك ستنتصر أيضا على الموت ولو على سبيل أن يكون لنا لقاء أخير. خذلتك في المواقف الحاسمة ربما، أتذكر أني أنا من ألح عليك بترك العمل في المنجم عندما كنت تشكي إلي تعبك، لقد تصورت أن الأمر انتهى هنا، وأنك لم تصبك بعد سموم "السيليكوز"، أشعر بذنب كبير في الأمر ، حين علمت بمرضك، في البداية قالوا سرطان غير مشخص وشككت في الأمر: والدي لا يدخن، لا يشرب الخمر، و إيكولوجي في حياته، يمتنع حتى عن شرب كوكا كولا. بالنسبة لي ، شخص مثل والدي، يستحيل أن يصاب بالسرطان!
"وقعت أخطاء في التحاليل الطبية"
"لا نعرف بالتحديد مرضه"
طبيب لا يستطيع أن يغامر: "خذوه ليموت ببطء في منزله وأمام أهله" (الإشفاق الطبي في المغرب)، "لن أغامر في أخذ عينات من جسمه لتشخيص المرض، أخاف أن يموت في يدي" هؤلاء أطباء في المغرب، أطباء مشفقون!
اللعنة!
لن أتكلم عن ظروفي التي منعتني أن أبتهج الإبتهاج الأخير مع والدي، لا أحب الشفقة، لا أستحق عزاء في الامر! والدي مكافح كبير جدا، يكفيكم أن تعرفوا أنه اعال عائلة من 21 شخص، كان مناضلا منجميا رائعا يستحق أن أفتخر به، لم يكن يوما مهادنا برغم ثقله العائلي، كان مناضلا صامتا بسبب أميته، لكنه شارك العمال في كل إضراباتهم بدون استثناء، لم ولن يستطيع أحد أن يسجل له موقفا هجينا برغم أميته، أو برغم ثقله العائلي، شارك في كل إضرابات العمال منذ عمله بالمنجم سنة 76 حتى سنة 92 يوم خرج بسبب التعب من العمل المنجمي.
أقدر كثيرا موقف أسرتي في أن تتحمل الوطء الكبير لمرضه، وأنا بغض النظر عن أني كنت معه في أحرج مواقف حياته أو لم اكن، في كفاحه ضد المرض، خذلته لظروف خاصة في أني لم أودعه الوداع الأخير، هذا هو حزني الذي لن يطفأه بحر من العزاء، لهذا أيضا عزلت نفسي في أن أستقبل العزاء.
أحب أن أتألم وحيدا!
يستحق والدي مني كل الإحترام.
و لسبب ما أحب أن يخلد ليرتاح في سلام! لم يمت بعد في نفسيتي، لا زلت أستشعر روحه ودفئه!
لروحه المجد!
شكرا لجميع الأحبة الذين واسونا، شكر وعزاء كبير لأسرتي التي تحملت وطأة مرضه، عزائي الكبير لأختي فاطمة الرائعة التي تحملت القسط الكبير، ولجميع أفراد اسرتي بدون استثناء.
لن يغفر لي العزاء، فعلاقتي بوالدي جد شخصية، أكثر من علاقة الأصدقاء، لذلك أمتنع: لن أغفر لنفسي أني خذلته !
مؤلم جدا الأمر بالنسبة لي ! كان فقط يتمنى أن يراني قبل موته !
محزن الامر ! لم يراني !
وهذا محزن جدا.!
اللعنة للهجرة!



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جينيالوجيا الشيوعية (2)
- شذرات أمازيغية: الأمازيغي و الهوية!
- حول ضربة -زعطوط-(1) الأشقر
- جينيالوجيا الشيوعية
- آدم عربي : العمل المنتج والعمل غير المنتج
- ماماس: الشاعرة الأرضنية المغربية
- ترامب وسياسة الهجرة
- أزمتنا الحقيقية
- النزعة الفاشية في خطاب الحكومة المغربية
- الفتنة: ثورة المحايدين
- الكتابة وجع
- المكر السياسي للإيديولوجية القومية العربية
- دائرة المشردين (2)
- ديكتاتورية الطبقة العامل في جبل عوام
- حور عين في الحياة الدنيوية
- حين يصبح الإعجاز كارثة على أصحابه
- الحقيقة ليست أكثر من مجرد عملية حفر
- أفغنة القضاء المغربي
- دائرة المشردين
- الإسلام بين الهمجية والتهذيب


المزيد.....




- رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري ...
- جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج ...
- لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن ...
- قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
- كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
- أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن ...
- شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة - ...
- -عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - مرثية لروح والدي الطاهرة