|
هل عقوبة الحرق بالنار تشريع إلهي؟
الشاوي مازن
الحوار المتمدن-العدد: 5518 - 2017 / 5 / 12 - 18:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سفر اللاويين 20
14 وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ.
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
اللاويين 20 - تفسير سفر اللاويين
عقوبة الزنا: بعد أن أعلن عقوبة العبادة الوثنية، سبّ أحد الوالدين، تحدث عن عقوبة الزنا بوجه عام ثم حدد بعض الحالات الشائنة، ويلاحظ في حديثه عن هذا الأمر الآتي:
أولًا: جاء الحكم بقتل الزاني والزانية إن كانت الزانية متزوجة [10]، ويكون ذلك بالرجم. وينطبق ذات الحكم على المخطوبة لرجل وأخطأت بإرادتها (تث 22: 23-24)، أما إذا كانت غير مخطوبة، فيلتزم الزاني بدفع غرامة والزواج من الفتاة.
أما إذا أخذ رجل امرأة وأمها، سواء وهما على قيد الحياة أم ماتت الواحدة فتزوج بالأخرى فجاء الحكم هكذا: "بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم" [14]. ويسقط تحت ذات الحكم إن سقطت ابنة كاهن في الزنا (تث 21: 9)، أو سقط إنسان في الخطية مع ابنته أو حفيدته، أو مع بنت زوجته أو حفيدتها أو من يرتكب الخطية مع أم حماته أم حميه.... يتم الحرق غالبًا بعد الرجم، فإن كان الرجم بالحجارة يكشف عما فعلته الخطية بالإنسان، إذ جعلته كحجر بلا إحساس، أو كأن الإنسان الزاني يرجم نفسه بنفسه بقلبه الحجري، أما حرقة بالنار فيُشير إلى بشاعة شره إذ ألهبت مشاعره بنيران تهلك نفسه.
أما العقوبة الأخرى فهي متى ارتكب إنسان شرًا مع امرأة عمه يقول: "يموتان عقيمين" [20]، ويسقط الإنسان تحت نفس الحكم إن صنع شرًا مع امرأة أخيه [12]. هنا ربما يعني أن الله يضربهما بالعقم (هو 4: 10)، أو بموت نسلهما وحرمانهما منه، أو أن هؤلاء الأولاد يُحسبون نغولًا لا بنين، أي أولاد غير شرعيين ليس لهم حق البنين.
ثانيًا: تبرز الشريعة مدى كراهية الله للنجاسة بحكمه حتى على البهيمة التي بلا ذنب ارتكب معها الشر بالقتل [16]، حتى لا يُترك أثر للخطية... أو لإعلان إنها مفسدة حتى للخليقة غير العاقلة.
ثالثًا: حين يرتكب الإنسان شرًا مع سيدة يُهين رجلها، فإن ارتكبه إنسان ما مع امرأة أبيه مثلًا يقول: "فقد كشف عورة أبيه" [11]. فإن كانت السيدة شريرة وقبلت برضاها الخطية فإنها تنجست وفي نفس الوقت أساءت لرجلها لأنها معه جسد واحد.
سفر اللاويين 21
9 وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ."
تفسير أصحاح 21 من سفر اللاويين للقمص تادرس يعقوب (لا 21: 9) سقوط ابنة الكاهن: "وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست أباها، بالنار تُحرق" [9].
إذ يقبل الكاهن نعمًا إلهية كثيرة يلزمه أن يكون هو وزوجته وأولاده بلا عيب، كل خطأ يرتكبه أحدهم يُعاقب بحكم أقسى مما يسقط تحته الشخص العادي. وكما يقول القديس كيرلس الإسكندري: [في حالة عائلة الكاهن تزداد العقوبة، لأن كل من أعطى كثيرًا يُطلب منه الكثير" (لو 12: 48).
سفر اللاويين 10 1 وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَارًا وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. 2 فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ.
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
اللاويين 10 - تفسير سفر اللاويين العمل الكهنوتي والنار الغريبة
كان اليوم الثامن لسيامة هرون وبنيه مبهجًا لكل الشعب، فيه تراءى مجد الرب لهم، وفيه نزلت النار من لدن الرب تعلن رضاه عليهم وقبوله ذبيحتهم، فهتف الكل وسقطوا على وجهوهم بفرح داخلي مجيد، لكن اثنين من أبناء هرون حولا الفرح إلى غمٍ والبهجة إلى مرارة إذ استخدما نارًا غريبة وهما كما يظن في حالة سكر، فخرجت نار من عند الرب أحرقتهما... مما أرعب الكل!
النار الغريبة: بسيامة هرون وبنيه وتقديم الذبيحة تراءى مجد الرب للشعب بعد نواله البركة، وصار الكل كمن في الفردوس مملوءًا بهجة وهتافًا، إذ عاد الإنسان إلى الله مرة أخرى كما في صداقة جديدة، لكن كما أفسد العصيان بهجة أبوينا الأولين هكذا جلب ابنا هرون ناداب وأبيهو الحزن والغم على الشعب بعصيانهما وتقديمهما النار الغريبة، وعلى ما يبدو أن هذا تم خلال سكرهما، إذ جاءت الوصية في الحال تمنع الكهنة من شرب الخمر أو المسكر في الخيمة [8-9]...
يعلق القديس إيريناؤس على هذا الحدث بقوله: [حقًا يجلب الهراطقة نارًا غريبة على مذبح الله، إذ يقدمون التعاليم الغريبة، فيحترقون بنار من السماء كما حدث مع ناداب وأبيهو. ويقول العلامة أوريجانوس: [لقد سمعت أن الذين قدموا نارًا نجسة أمام الرب ماتوا، وأنت إذ تلتهب أيضًا فيملأك غضبك وتحرقك الثورة ويشتعل فيك الحب الجسداني تصير ضحية لشهوة مخجلة، فإن هذه النار كلها نجاسة وضد الرب من يشعلها ينال بلا شك نصيب ناداب وأبيهو . ويقول القديس أغسطينوس: [الشهوة الشريرة تشبه حريقًا ونارًا، هل تحرق النار الثوب ولا تحرق شهوة الزنا النفس؟
التأديب الفوري: "فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما فماتا أمام الرب، فقال موسى لهرون: هذا ما تكلم به الرب قائلًا: في القريبين منيّ أتقدس وأمام جميع الشعب أتمجد، فصمت هرون" [2-3].
لم يكن سهلًا على هرون أن ينظر إبنيه وقد سقطا على الأرض محترقين بنار أمام الجميع... لكن الله سمح بهذا الدرس القاسي في بداية العمل الكهنوتي ليظهر خطورة دور الكاهن ومسئوليته. إن كان يقف شفعيًا عن نفسه وعن الشعب خلال الذبيحة المقدسة، يليق به أن يمارس الحياة المقدسة اللائقة به وإلاَّ تعرض لتأديبات قاسية وعلانية أكثر من كل الشعب، إذ يقول الرب: "في القريبين منيّ أتقدس وأمام جميع الشعب أتمجد". كان الدرس مرًا، حتى يدرك الكل أن محبة الله لكهنته وسماعه لصوتهم لا يعني المحاباه لهم ولا التهاون معهم، وإنما قدرما يقتربون إليه يلزمهم بالحرى أن يتقدسوا ليعلن الله القدوس ذاته فيهم.
سجل لنا القديس يوحنا الذهبي الفم مرارة نفسه حينما كان يتأمل مسئوليته أمام الله ليعطي حسابًا لا عن خطاياه وحده وإنما أيضًا عن خطايا الشعب، فمن كلماته: [أي عقاب قاسي يتوقعه إنسان لا يعطي حسابًا عن خطاياه التي ارتكبها بل بالحرى يتحمل خطرًا أعظم بسبب الخطايا التي يرتكبها الآخرون؟! إن كنا نرتعد بسبب دينونتنا عن شرورنا التي ارتكبناها، واثقين أننا لا نستطيع الهروب من النار التي تنتظرنا في العالم الآخر، فأية آلام يجتازها إنسان عتيد أن يجيب عن أخطاء كثيرين؟!.
#الشاوي_مازن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزقيال وبولس والروح والكاتب نعيم إيليا ج3
-
حوار المؤمنين والكاتب نعيم إيليا محاورا ج2
-
هل عقوبة الصلب تشريع إلهي؟!!
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|