أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إكرام يوسف - نريدها مدنية!














المزيد.....

نريدها مدنية!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5511 - 2017 / 5 / 4 - 03:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فجأة! تراجع الحديث عن القضايا الخلافية بشأن مناهج الأزهر وضرورة تنقيتها وتطويرها، وانشغل نسبة لا بأس بها من المصريين بقصر الهجوم على كون شيخ الأزهر يرفض تكفير داعش! وأزعجهم وصفه لهم بأنهم فئة من المؤمنين بالإسلام "سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلًا فاسدًا، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويعيثون في الأرض فسادًا"! واعتبروا أنه بهذا القول يشهد لهم بالإيمان! وكان المفترض أن يؤكد أنهم غير مؤمنين!
فات هؤلاء أولا أن لا الأزهر ـ كمؤسسة ـ ولا شيخه، يملكان سلطة الحكم على إيمان مسلم نطق الشهادتين! حتى لو ارتكب كل موبقات الدنيا! وأن الإسلام ليس به سلطة روحية من حقها أن تحكم بخروج شخص من الملة، ما لم يعلنها صراحة! ولم يحدث بالفعل ان تورط الأزهر او شيخه في اصدار فتوى رسمية بتكفير مسلم!.. صحيح أن بعض شيوخ من الأزهر وخارجه، انزلقوا ـ في حوادث معروفة ـ إلى خطيئة تكفير من اختلفوا معهم، وكان لفتاواهم نتائج كارثية.. لكنهم كانوا يصدروا هذه الفتاوى بصفتهم الشخصية، وليس بصفة رسمية! فكل من لديه معرفة بسيطة بالإسلام يعرف أن الحكم على إسلام المرء، ناهيك عن إيمانه، من سلطة الخالق وحده المطلع على السرائر، أما الناس فليس لهم إلا الظاهر!
لا ينتبه هؤلاء، إلى أنهم بهذه الدعاوى يفتحون أبواب جهنم على المجتمع المصري، ويمهدون الطريق لمحاكم التفتيش الدموية التي عانت منها أوروبا في العصور الوسطى، وأزهقت أرواح علماء أفادوا البشرية، لمجرد ان رجال دين أفتوا بأنهم "مهرطقين"! ولم تستطع أوروبا النهوض على طريق التقدم، الا بعد فصل سلطة الكنيسة عن المجتمع، ووقف محاكم التفتيش!
ولا شك أن الدواعش لا يضيرهم ولا يعنيهم أن يتم تكفيرهم، فقد سبقوا هم وكفروا الجميع! لكن المصيبة أن يتم تكريس منطق لا علاقة له بالدين في أذهان جماهير بسطاء المؤمنين، وترويج فكرة وجود سلطة دنيوية من حقها الحكم على إيمان المواطنين، وامتلاك صلاحية الحكم بإخراجهم من الملة! وبعدها، يمكن بسهولة استخدام هذا السيف لإرهاب كل من لا ترضى عنه السلطة الحاكمة، فتوحي للأزهر ـ وهو مؤسسة تتبع النظام ويتم تعيين شيخه بقرار جمهوري ـ بإصدار فتوى بتكفير فلان، ثم تثار بعد ذلك فكرة تطبيق حد الردة الذي ابتدعوه، ولا ذكر له في القرآن (فالمعروف ان حدود الله هي المذكورة في القرآن، وليس من حق بشري ولو كان رسول الله صلى الله عليه سلم أن يبتدع حدا من حدود الله غير ما نص عليه في كتابه الكريم، وحتى الحدود المنصوص عليها يختلف العلماء في تأويلها),, وقتها سيكون من السهل اثارة غيرة المؤمنين البسطاء، وشحن نفوسهم ضد أي شخص يتهم بالكفر، والمطالبة بإهدار دمه!
ولن يجد النظام صعوبة في شن حملة إعلامية للتشهير بمعارضيه، الذين لا يستطيع دحض أفكارهم ولا الرد على انتقاداتهم، فيلجأ إلى الطعن في تدينهم! ولا شك أنه سيجد من "المطبلاتية" من يكرس جهده للتفتيش في نوايا المعارضين، واثبات خروجهم عن الدين!! وهو أمر غير جديد! فمازال الكثيرون يعلنون شماتتهم في الثائر أحمد دومة، المحكوم عليه بالسجن لعدد سنوات تفوق عمره!! بعدما صدق هؤلاء فرية أنه أحرق المجمع العلمي! على الرغم من أن ما صدر ضده من احكام ليس له علاقة بأي مجمع علمي! ومثلها، التهمة المسلطة على كل من يعارض بأنه ممول يتقاضى أموالا من جهات خارجية لهدم البلاد!، على الرغم من أن أحدا من الثوار لم توجه له مثل هذه التهمة رسميا، حتى الأن بعد مرور أكثر من ست سنوات على الثورة، ومن الافتراءات الحقيرة، ورغم ان بعض هؤلاء الثوار تقدموا بالفعل الى النيابة طالبين التحري عنهم والتحقيق معهم، وأثبتت التحريات سلامة ذمتهم وبراءتهم من الاتهامات! لكنها سطوة الآلة الإعلامية الرسمية وقدرتها على غسل أدمغة البسطاء، بمساعدة مغرضين ـ يعرفون الحقيقة ـ لكنهم يشاركون في الترويج للفرية، حتى تصبح يقينا لدى من لا يجهد نفسه في البحث أو حتى التفكير! ماذا لو انشغل هؤلاء، بدلا من الترويج لتهمة العمالة والتمويل ـ التي باخت ـ بتكفير المعارضين؟ وماذا لو اقتنع البسطاء بكفرهم وطالبوا بإهدار دمهم؟ سوف يتحمل كل المطالبين بتكفير داعش وزر أي دم يراق بتهمة الكفر!
الأهم من كل ذلك، أننا نطالب بقيامة "دول القانون المدنية الديمقراطية القائمة على المساواة على أساس المواطنة". ويعلم الجميع أن الدولة المدنية تحاسب مواطنها على افعالهم وما يقترفونه من جرائم، ولا تنظر إلى انتماءاتهم الدينية! فلماذا ينزلق بعض المطالبين بالحكم المدني إلى الترويج لفكرة تضرب في صميم الحكم المدني؟ يقول بعضهم أن داعش تسفك الدماء وتغتصب النساء وتستحل الممتلكات استنادا إلى تأويلها لنصوص دينية!! ومالنا نحن؟ حسابهم على التأويل عند رب هذه النصوص!! أنرد عليهم بنفس منطقهم؟ ونتخلى عن الحكم المدني، لنبحث مدى إيمانهم من عدمه؟

هم فئة من المؤمنين بالإسلام (الذي يشترط لإعلان الإيمان به نطق الشهادتين فقط!) لكنهم يقترفون جرائم تنتهك "فهم" أغلب المؤمنين بالإسلام، الذي لا يجيز تكفير من أعلن إسلامه.. الإيمان يعني الاعتقاد، فعندما يقول لي شخص انه يؤمن بألا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، ليس من حقي أن أقول له "لا، أنت لم تؤمن"!.. لا يملك الأزهر أو شيخه أو المستنيرون من رجال الدين، سوى دحض أفكار الدواعش الدينية، وتحرير "النصوص التي اختطفوها" والترويج للتأويل الصحيح لهذه النصوص، من دون تكفيرهم! هم بالفعل فئة أعلنوا أنهم يؤمنون بالإسلام، وليس لأحد التفتيش في نواياهم ومعتقداتهم!!..هذا من وجهة النظر الإسلامية المتفق عليها حتى الأن!! وهي أمور مكانها البحث الديني، والخطاب الديني الذي صدعوا أدمغتنا بضرورة تجديده! لكن ما يهمنا في الأساس هو الدولة المدنية، التي لا تحشر أنفها في عقائد الناس.
حاربوهم، وقاتلوهم، واستأصلوا شأفتهم من بلادنا، وحاكموا من تستطيعون أسره منهم، وأصدروا عليه اقصى العقوبات "المدنية".. لكن لا تكفروهم! لا تشعلوا نيرانا ستكونون أول من يكتوي بها.. نريدها مدنية!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس باسمنا
- منى مينا..الحرة!!
- دواعش على الضفة الأخرى
- الجدعان..أهالي الجدعان
- بأي ذنب قتلوا؟
- الفتى محمود، والذين معه
- صناع الغد
- -الصهينة-.. صنعة!
- اختيارات!
- لا تصالح!
- درس المعارضة التركية
- الصورة الكاملة
- آسفين يا رمضان
- لا إفراط ولا تفريط
- المواطن بالغ الأهمية
- أصل الحكاية
- العمل حياة.. بجد!
- مجتمع -يلمع أُكر-
- أكان لا بد يا -لي لي- أن تزوري الفيل؟
- لمصر..لا من أجل ليليان


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إكرام يوسف - نريدها مدنية!