حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 22:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لايزال الألمان وحتى يومنا هذا يتأسفون على النخبة الثقافية والأكاديمية التي تركت المانيا متجهة الى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا وامريكا الجنوبية قبيل وأثناء الحرب العالمية الثانية رغم انقضاء عقود، فالعلماء والفنانون والباحثون الذين تركوا المانيا أخذوا معهم خبرات وجهود لا تعوض ليخدموا بها دولا ومجتمعات اخرى وقد حاول النظام السياسي الالماني الذي تشكل على انقاض الحرب العالمية الثانية والخراب التي لحق بها، حاول جاهدا اعادتهم الى بلدهم الا ان نسبة كبيرة منهم فضلت البقاء على العودة.
كانت هجرة العقول بمثابة الخسارة التي عانت منها المانيا بعد ذلك لعقود طويلة خاصة ان علمائها وفنانيها اصبح لهم شأن كبير فعالم النفس الالماني كورت لوين اصبح له دور بارز في البحوث الاعلامية والنفسية أما الدكتور هوبيرتس ستروهولد فقد استفادت وكالة الفضاء الامريكية (ناسا) من بحوثه واكتشافاته حتى سمي بأبي الطب الفضائي كذلك العالم الالماني آرثر رادولف الذي شارك في انتاج صواريخ V2 التي استخدمها النازيون في تدمير لندن أثناء الحرب العالمية الثانية.
لكن المانيا استطاعت في سبعينات القرن الماضي من خلق جيل متعلم وواعي بعد ان اولت التعليم اهتماما منقطع النظير واسست العديد من مراكز البحوث واولت التعليم العالي اهمية كبيرة حتى غدت الجامعات قادرة على اعداد جيل جديد قادر على اعادة المانيا الى سابق عهدها وتوج هذا التطور ببروزها كدولة اقتصادية عظمى واحتلالها المركز الرابع من حيث الناتج المحلي بعد الولايات المتحدة واليابان والصين واحدى الدول الصناعية السبع المالكة للتكنولوجيا المتطورة.
اما العراق فقد كان على العكس من المانيا، فقد هاجرت العقول العراقية منذ وصول حزب البعث للحكم عام 1968 واستمرت في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي جراء الحروب والحصار الاقتصادي المفروض عليه من المجتمع الدولي. بعد تغييرات عام 2003 افتقر الحكومة العراقية الى رؤية شاملة لاعادة العقول المهاجرة الى العراق ليساهموا في بناءه، بل على العكس فقد هاجرت بين الاعوام 2003 - 2013 الالاف من الاطباء والعلماء والمهندسين والفنانين بسبب تردي الاوضاع الأمنية.
يعود سبب ذلك الى ان السياسيي العراقيين لم يخلقوا البيئة السياسية والاقتصادية والامنية والخدمية التي تجذب تلك العقول فالفساد الاداري والمالي والمحسوبيات ومليشيات القتل والاغتيال والاقتتال الطائفي وضعف الخدمات وسيطرة الأحزاب على مرافق الدولة، ادت الى ان لا تفكر العقول المهاجرة بالعودة، بل وهجرت الالاف من العقول الجديدة.
#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)
Habeeb_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟