|
( طاعون) الرقص.. في دولة المشروع الإسلامي!!
بثينة تروس
(Buthina Terwis)
الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 14:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( طاعون) الرقص.. في دولة المشروع الإسلامي!! بحثاً في أضابير عهد تولي، كان فيه للتعليم والخريج الجامعي في السودان هيبة، في اعتقادي لقد أجحفت الوسائط الاجتماعية، ووسائل التواصل الاعلامي، في حق خريجين دولة ( المشروع الحضاري)!! فلقد تناقلت تحت عنوان الخريج اليوم، والخريج سابقاً! نماذج لفديوهات لخريجين شباب من الجنسين، في يوم تخريجهم، وهم يلبسون اجمل ملابسهم، وكانهم عرسان في يوم فرح أكبر.. وطاقة من الرقص الصاخب بل قل الهستيري! ملحق بأغاني، يسميها النخب!! ( هابطه) !! توطّنت في العقل الجمعي المعاصر!! ألفتها الأسماع! وانكرتها العقول!! فتذكرت حكاية مدينة ستراسبورغ ! في زمان الامبراطورية الرومانية، و حالة هستيريا الرقص التي اصابت المدينة ، في عام 1518 او مايسمي بطاعون الرقص، حيث أصيب حوالي 400 من المواطنين الذين ظلوا يرقصون ، رقصاً محموماً لايام، واستمر البعض في الرقص لمدة شهور، حتي اصابهم الإرهاق ، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، وانتهي بهم الحال الي الموت... ولقد عالجت المدينة وباء الرقص بمزيد من الرقص.. بحسب ( وكيبيديا ) ولكم هي شبيه حال تلك المدينة، بحالة بلدنا ورئيسها الذي سمي ( بالرئيس الراقص)! والذي لم يحول التوجه الاسلامي ، والذي في اصوله (السلفيه) يحرم الرقص، والتمثيل ، والنحت، وحتي الغناء، من ان يرقص كلما قرع طبل، ان كان بحفل بهيج، او فوق جماجم الموتي، او علي إيقاع التكبير والتهليل، وبيع الأماني للشعب المغلوب علي أمره .. وهو يتقافز و وزراءه (كالثيران الهائجة) !! لو رأيتهم لحسبتهم عادوا منتصرين من حرب الأعداء، يرقصون حد الغيبوبة، ومغنيين المشروع الحضاري، يسمعوهم من تراث الاحتراب القبلي، والعشائري ما يشبع نهم الرقص الهوسي التدميري هذا : (ماشُفنا الاسد بيلاعب الجاموس وما شُفنا المرق بيدخلو عرق السوس مك ود مكوك من اربعين طاقية و ابواتك قبيل جابوها بالزندية عجبونى تيرانى) ثم قد ( دخلوها وصقيرها حام) !! لذلك لا عجب ان تراص عمداء الجامعات والأساتذة، وهم يشاهدون صرعي وباء الرقص، بلا حيلة او قوة! وعلي رأسهم ربيب الاخوان المسلمين الوزير مامون حميدة، والذي هو أكبر من استثمر في الصحة والتعليم! وبنفس القدر الذي خرجت جامعته كلية ( العلوم الطبية والتكنلوجيا )، دفعات من الطلبة الذين استقبلوا حياتهم الجديدة بعد الطلب، بالرقص الصاخب، تخرج الآخرين الي حتفهم ( الصاخب) علي أيدي التطرف الاسلامي، من جماعات داعش والهوس الديني.. فلماذا نعيب علي هؤلاء الشباب رقص الوداع!! وهم سوف يتجهون الي صفوف الخدمة المدنية الطويلة، طول خراب الخدمة المدنية نفسها !! والتي تعين ( بالتمكين) والمحسوبية، وليس الكفاءة، فينال ابناء ( التمكين الاسلامي) الوظائف والمخصصات، ، والمناصب في الشركات العامة والخاصة، التي هي في انتظارهم! حتي من قبل التخرج. اما الآخرون فسوف يلحقون بزملائهم خريجي الأعوام السابقة، من ابناء عامة الشعب المسكين، والمحظوظون منهم، يكون نصيبهم مهن سواقين ( ركشات) ا ومساعدي الباصات، وخلافها من الأشغال الهامشية، والتي لاتسترد شي من عناء الآباء او آمال الأمهات. ويفشل في الحصول علي الوظائف الطلبة المهندسين الذين تحتاجهم البلد، و حتي الأطباء يتسقطون الوظائف بالوساطات، والمهنيين، والفنيين، والمعلمين، والفنانين ، والاقتصاديين، وخلافهم من حملة الشهادات الجامعية الآخري . ونسب كبيرة منهم يكون ذلك التخريج اخر فرحتهم! اذ يصيبهم الاحباط، ويجد البعض منهم طريقة للمخدرات والإدمان، هرباً من كابوس الفشل ومرارة العطالة ، وآخرون يصابون بالجنون، والانحراف، والانتحار في طرقات المدينة، والسجون. وكيف لا !! والخلل يكمن في مشاهد التخريج الذي تباكي عليه الجميع، باعتباره مثل زمان احترام الخريج والعلم، في مقارنة مجحفة! والذي لو تأملنا وجوه الساسه الذين تصدروا كراسي ذلك التخريج لجامعة الخرطوم في عهد رئاسة السيد اسماعيل الأزهري، في الستينات، لطالعتنا نفس وجوه ساسة اليوم ! وهي تعتلي الكراسي ، وتستأثر بالوظائف الهامة، أصرارً مخلداً، من الشباب الي المشيب ، ولايهمد لهيب تلك السطوة الا قفر اللحود!! فَلَو انهم بعد ان نالوا حظهم من زعامة البلاد، ثم أصلحوا، وافسحوا الطريق لهؤلاء الخريجين، وحكموا الديموقراطية الرشيدة، لما آل حال البلاد للذي نحن فيه الان من أزمة الأخلاق المشهودة..
في الختام فان رقص حفلات التخريج يعيب الساسة، اجمعين وليس الخريجين! اذ نحن شعب امتزج في عروقه الدم الأفريقي الحار، بعلم التصوف ، فهذب حسه للتطريب، وعمقه، وزينه بالأشعار العرفانية، وطوق جيده بأدب المديح، وغناء الحقيبة، والحب العذري، ولم يعيبه علي الإطلاق ، بل خصب من خصائص جمال التنوع السوداني المتميز الثقافات. لذلك جاءت مفردة المتدين عندنا في السودان، قبل عهد الاخوان المسلمين!! لها مدلولات مختلفة، عن ما عليه في عهدهم، كما جافي، مفهوم الفقهاء وتشريعات من يسمون برجال الدين. فلنعين الشباب ، للخروج من المأزق الذي ولدوا في أكنافه، وترعرعوا علي إعلامه، الموجه لخدمة أغراض نظام حكومة المتأسلمين، ولايتأتي ذلك الا بتهيئة سبل التوعية، ونشر الوعي ، وتشجيع المنابر الحرة، والوقوف بقوة لسحب صلاحيات ما سمي بالحرس الجامعي، وأمن الجامعات ، وسحب الامتيازات والعصمة التي تميز طلبة الاتجاه الاسلامي الذين ينتمون للنظام. حتي يشعر الطلبة بالامان ، ويستعيدوا حرم الجامعة للتعليم، ويستعيدوا تلك الهيبة التي يرجوها الجميع، ويتمنون عودتها! وان يتم استخدام طاقات هؤلاء الشباب، وتسخيرها في أوجهها الصحيحة، ومحاربة البطالة، وإيجاد سبل لتوظيفهم ، والاستفادة من طاقاتهم الحيوية، وتوجيهها لتعمير البلد، والإشراك في قضاياه، وترسيخ احساس المسئولية الوطنية ، بإطلاق الحريات، بدل طردهم خارج البلاد، او دفنهم في تراب الاحباط. ولنجعل قضية الشباب الخريجين، همنا وشاغلنا لانها هي قضية كل بيت ، بل هي قضية وطن يحتضر، ولا أمل في حياته بغير هؤلاء الشباب.
بثينة تروس
#بثينة_تروس (هاشتاغ)
Buthina_Terwis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحريات! في أسواق نخاسة (البدريين ) الشعبي والوطني!
-
يبكي نافع ! ويبارك المهدي! وينكئ الشعب الجُرح المتقيح !
-
فتاوي الفقهاء.. ( التحلل) للمتأسلمين ! والموت للمعسرين!
-
بجهل الفقهاء ! يفر النساء من (الله) الي (سيداو) !
-
(الداعشيون) ! ورجال الدين .. حَيّ علي الجهاد!!
-
ست رقية شهيدة ! و(أم افريقيا) تمدد لي سيدها!
-
( إسرائيل) حكومتكم يا علماء السودان ! وكنائس الرب تشهد!!
-
ترامب .. وقلع الخيام صوب ديار الأسلام !!
-
الأستاذ محمود محمد طه ..الرجل الذي أستعصي علي الإرهاب الديني
...
-
التحرش الجنسي!! صنعة المشروع ألحضاري!!
-
وراح الجنوب ... ومسرة أعياد الميلاد !!
-
شباب (19).. قنبلة موقوتة في جسم حكومة معطوبة !
-
شباب (19).. قنبلة موقوتة في جسد حكومة معطوبة !
-
العصيان المدني.. وفتاوي الأخوان!!
-
الغليان.. وبيع الأخوان !!
-
إستحي.. يا وزيرة الدولة بوزارة العدل !!
-
( قميص البشير ! الذي ألقي به علي وجه السودان) !!
-
( حاجة آمنة إصبري) .. انه السلب بعد الغزو!!
-
الكذب .. في زمان الكوليرا !!
-
الشرطة الجامعية !! أغتيال الوعي والطلاب!!
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|