أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد إيهوم - العقل المغربي يحاصر زغلول النجار















المزيد.....

العقل المغربي يحاصر زغلول النجار


رشيد إيهوم

الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



إن بلاد المغرب لها خاصية جوهرية لا تتوفر في المشرق العربي، وهي طبيعة الهوية التي تم تكوينها لدى سكان هذا القطر من العالم، إذ شكل البحر الأبيض المتوسط مهدا للعبقرية المتوسطية، فالشخصية المغربية تضرب بجدورها في عمق البحر الأبيض المتوسط، وتنفتح على الأفق الممتد للأطلسي، كما أنها تنفتح شمالا على الغرب الأروبي، الذي يقود العالم اليوم،وقد عاصر المغاربيون، خاصة في تونس والمغرب والجزائر وحتى مصر، حضارات عظمى تشكلت حول ضفاف المتوسط، هي الرومان والوندال والقرطاجيين والمصريين والنوميديين واليونان، مجد الإنسانية التليد، الذي بلور في المغربي دماء نبيلة، ونزعة عقلانية ملحوظة، فالغنى الحضاري يشكل غني ثقافي ومعرفي.لذلك تمت مؤاخدة الكثير من المفكرين الذين انتصروا للمغرب، وقالوا بعقلانيته مقابل الاتجاه اللاعقلاني الصوفي السائد في المشرق،وأهمهم الجابري الذي أكد على هذه الفكرة، وتلقى ردا قاسيا وهجوما متواصلا من المشارقة الذين اتهموه بالتعصب للمغرب. لكن هذه الفكرة تتأكد يوما بعد يوما.فالمغربي أقرب منه للغرب الأوروبي منه إلى المشرق العربي، الذي جاءت منه جحافل العرب الآتون من الصحراء.إن هذا الكلام ثتبته النزعة العقلانية في المغرب التي تتقوى يوما بعد يوم، على حساب الفكر الظلامي والفكر الديني المتزمت،الذي لا يؤمن بالاختلاف، ويؤمن بالوحدة المطلقة، وحدة الأمة، وحدة الدين، وحدة العرق.هذه الوحدة التي تهدد فسيفساء الهوية المغربية.

هذه الأيام حضر إلى المغرب أحد وجوه مايسمى ب »الاعجاز العلمي في القرآن »وهو مصري الجنسية، لكن يعيش في دولة قطر، مركز الإخوان المسلمين، لأنه محسوب عليهم، والكلام هنا حول المسمى زغلول النجار، الذي غادر مصر لأنه في نظر الدولة المصرية »واحد من فلول الإخوان المسلمين »الذين صنفتهم مصر، جماعة إرهابية. وقد حضر هذا الشيخ، بدعوة من فصيل طلابي محسوب على الإخوان المسلمين بالمغرب، ليلقي محاضرة في مدينة فاس حول « الإعجاز العلمي في القرآن »، وقد كان صاحبنا ينتظر أن يستقبله شباب الجامعة المغربية،بالتهليل والتكبير والهتاف،كما آلف في أقطار أخرى خاصة في المشرق العربي، في السعودية، والكويت، وقطر، ودول الخليج،لكن يقظة الذهن المغربي،حاصرت المحاضر المصري، بنزعة عقلانية ملحوظة، بعد أن تركته السلطات يدخل البلاد ولم تمنعه كما فعلت مع الشيخ العريفي، مفتي « جهاد النكاح »،وربما ذلك راجع إلى صفته « العلمية »التي ثبت زيفها مع أول نقاش يلي المحاضرة التي قدمها،إذ حاصره الشباب المغاربة بسيل من الأسئلة الذكية والمنطقية والعقلانية، التي جعلت من ترهاته العلمية مجرد دجل علمي لا يمت بصلة للعلم. بل هو مجرد إيديولوجية دينية، تلبس لبوس العلم، بعد أن فقدت كل امكاناتها وتكتيكاتها،فما يقوم به أصحاب الإعجاز العلمي هو نوع من العلوم الزائفة، التي ليس من همها، البحث عن الحقيقة العلمية، حقيقة الطبيعة والعالم والإنسان، فهم يريدون تأكيد حقيقة هي أصلا موجودة في الكتب المقدسة،العلم عندهم أنزل في بادية الحجاز قبل 1400 سنة ، وكل العلوم الطبيعية والتجريبية، التي نزعت السحر عن العالم، ودشنت العصر الوضعي ،وفهمت نواميس الكون، باعتماد العقل الرياضي والتجارب المخبرية، مذكورة في القرآن! فكيف لهؤلاء ياترى أن يدعوا العلم وينسبوا أنفسهم إلى العلماء، هؤلاء دجالون لا يعترف بهم المجتمع العلمي، لأنهم يقفون في ركن بعيد عن العلم الإنساني، إنهم أصحاب دعوى دينية وإيديولوجية، توظف بعض الآيات من القرآن بكل إنتقائية، لتؤكد تطابقها مع الدين. وهذا من أجل التأكيد على أن الدين، وهنا الإسلام، دين لكل زمان ومكان، وبالتالي، الخروج بخلاصة أن ما في القرآن صحيح ويجب الإحتكام إليه في السياسة.لكن هذا الدجل العلمي ليس سوى صرخة يأس يطلقها هؤلاء ضد مخالب الحداثة الكونية الشاملة التي لا تبقي ولاتدر،إنهم يريدون أن يؤجلوا مرارة الوعي لدى المسلمين بتخلفهم الحضاري الشامل، وليعرقلوا مسيرة التحديث وعقلنة المجتمع، وتسييد الإنسان على العالم. إن معركتهم خاسرة بالأساس.زغلول النجار لم يناقشه الشباب المغاربة من منطلق ايديولوجيته السياسية المفضوحة، وهي ايديولوجية سيد قطب والاخوان المسلمين، وهي جماعة ارهابية لا تختلف في شيء عن داعش، بل ناقشوه من وجهة نظر علمي فأحرجوه بأسئلة من صميم الاشتغال العلمي العقلاني، لكن حتى قبل أن يطرح بعض الشباب أسئلتهم نهرهم، ورفض حتى الإستماع إليهم، لأنه يعرف أنهم سيحرجونه بأسئلتهم، فمتى كانت هذه السلوكات من أخلاق العلم والعلماء، لماذا لم يستمع زغلول إلى السؤال فيجيب!لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه صاحب دعوة دينية وليس عالما. فلماذا إخوان المغرب استدعوه هو بالذات، لأنه أخ من إخوانهم، يدافع عن إيديولوجيتهم بتوظيف العلم.وما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن ليس إلا مجرد لغو فارغ، فإن طبقنا عليه معايير العلمية، فإن تهافته يظهر منذ أول إختبار، فأين هو معيار الخطأ.والقضية التي يثيرها هذا الخطاب هو رغبة حامليه في تأكيد الخطاب الديني المتميز بإطلاقيته، بمقولات الخطاب العلمي المتميز بالنسبية، والتجاوز و القطائع الإبستمولوجية والخطأ.فكيف ياترى نؤكد ماهو مطلق بماهو نسبي، كيف نثبت الكلام الإلهي، بالكلام البشري، وهذا خطأ من داخل الفقه الديني نفسه، كما أن المنطق العلمي لايؤمن بالثبات، فمثلا النظرية التي تثبت صحتها اليوم ستخطأ غدا، بل أكثر من ذلك كما يقول الإبستمولوجي الإنجليزي، كارل بوبر، « كل نظرية علمية لا تثبت خطأها لا تنتمي إلى مجال العلم أصلا ».إن أصحاب هذا الدجل ينسفون الدين دون علمهم، فكيف سنتعامل مثلا: في لحظة يؤكدون فيها مطابقة نظرية علمية لآية قرآنية اليوم، وغدا حينما تفند تلك النظرية وتتجاوز، هل سيرجع زغلول للبحث من جديد عن آية تؤكد ذلك التجاوز، أم يؤكد خطأ الآية!لماذا لا يترك هؤلاء العلم، ويلعبوا بعيدا إن أرادوا ممارسة إيديولوجيتهم؟هذه بعض الأسئلة التي حاصرت بها زغلول النجار جوابا على تدوينة له في الفيسبوك كتبها، مباشرة بعد مغادرته للمغرب، حاملا معه غيضا وحقدا، صرفه في تلك التدوينة متهما الشباب المغاربة ب »الإنسلاخ عن دينهم »،وبكونهم، »أشرار »وب »انتمائهم لليسار ».مادخل اليسار ياترى في المسألة، إن مجردتدقيق في المسألة سيجد الملاحظ أن زغلول يحاكم من سأله من منطق انتمائه السياسي، لأنه يريد أن يفحم سائله ، والإنتماء السياسي عنده أسبق من إنتمائه العلمي المزعوم؟ وزاد قائلا بأنه سيجيب الشباب المغاربة بعد أيام. لأنه سيذهب ليرقع تلفيقة يسكت بها أتباعه الذين، سيتساءلون حول صلابه طرحه. إن هذه الواقعة تؤكد على حقيقة لا مجمجة فيها، وهي أن العقل المغربي، عقل يقظ لا يقبل الدجل والخرافات، ويحاكم أصحاب الشعودة العلمية، إنها نزعة عقلانية مغربية تستيقظ وبكل قوة وتنفض عنها الغبار الذي فرضته سنوات من منع التفكير بالتكفير الذي مارسه المتدينون، لقد حان يا من تتهم المغاربة بالأشرار أن تعرف، أن هذا البلد هو « منبت الأحرار »وموطن العقلانية المغربية الكونية، التي ستحرر عقول المسلمين من أوهامهم، وأول هذه الأوهام إعتقادهم المرضي بأفضليتهم وأصالتهم وأسبقيتهم، وهو الوهم الذين يكرسه زغلول وأمثاله لكن حان آوان زواله بدون رجعة.



#رشيد_إيهوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب بين مطرقة الاستبداد وديماغوجية بنكيران:


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد إيهوم - العقل المغربي يحاصر زغلول النجار