أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - والسارق والسارقة














المزيد.....

والسارق والسارقة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5502 - 2017 / 4 / 25 - 17:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ليس قصدي هنا ان أفتح حوارا دينيا لكن مشكلتي مع أحد الأصدقاء الذين أعتز بهم كثيرا هي مشكلة محببة.
هذه المرة وبعد أن نشرت موضوعة عن فتاة واشنطن الجميلة تحت عنوان (قاطع طريق) رأيته يسألني عبر بريدي الخاص عن المعنى المباشر لكلمة (قاطع) ولماذا إخترتها للعنوان بدلا من العبارة التقليدية (عابر سبيل), لأن المتعارف عليه أن هذه الكلمة قد إنتهت لدى الكثيرين لتكون مرتبطة بشكل وثيق بعصابات قطاع الطريق.
ولم تكن تلك هي نهاية حرشته بل أنه راح, وله الحق في ذلك, يطرق الحديد وهو ساخن, قال : لفترة طويلة وأنا في حيرة شديدة, فأمام عقوبة (قطع اليد) التي شرعها الإسلام بحق السارق كنت أتساءل كيف يمكن أن يشرع الله, وهو الرحمن الرحيم, عقوبة شديدة وقاسية بحق خلقه, خاصة وهو يدري أنها ستطبق بشكل مجحف بحق مخلوق قد تضطره الحاجة لفعل السرقة. وقد رأى الصديق أن العقوبة, رغم محاولة البعض التخفيف من هولها عن طريق التأكيد على أن الله إشترط لتطبيقها أن يكون الحاكم عادلا والحكم وافيا وسادا لحاجات الرعية, تبقى, حتى لو ظلت دون تطبيق فعلي, مسألة تقتضي المراجعة والفحص والتفحص, لأنه يعتقد بأنها لا تليق حقا بمقام الذات الإلهية التي حولها الحاكم الظالم إلى أداة ووسيلة لحماية حكمه وقمع الناس.
وكالعادة فإن حرشة هذا الصديق غالبا ما ما تؤدي غرضها, إذ هي لم تتركني دون بحث لغوي عن أصل الكلمة تلك التي وردت نصا في الآية القرآنية ({ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. فماذا وجدت بعد قليل من البحث ؟
لقد وجدت أن الفعل (إقطع) يختلف جذريا في المعنى عن الفعل (قَطِّعْ) والفعل (إقطعوا) عن (قَطِّعوا) إذ أن (إقطع) تعني (إمنع) ولا تعني (قِصْ) كأن تقول قال الطبيب للمريض إقطع الدواء, أي إمْتَنِعْ عنه, أو قال الرجل لولده (إقطع الماء), أي أوقِفْ جريانه, وسأقطع عنك المعونة ولا تقول سأقطعها عنك, لأن الحالة الأولى تعني إيقافها بالكامل أما الحالة الثانية فتعني تجزئة القطع, كإعطاءك نصف المعونة وليس كلها.
إن الله بهذا لم يقل (قَطِّع أيديهما) وإنما قال (إقطع أيديهما) أي (كف أو أوقف أيديهما عن الفعل). وأن نقول باللغة الفصحى إقطع الطريق ليس معناه تقسيم الطريق أو تجزئته إلى نصفين وإنما معناه سِدْ الطريق على المارة وأغلقه على العابرين, وحتى كلمة (نكالا) هنا فهي لا تعني (التنكيل) بالمعنى الذي إعتدنا على تلقيه وإنما تعني وفق التفسير اللغوي الصحيح (منعا) لما فعلوا.
مطلقا لا أطرح نفسي على دراية بالفقه الديني, وقد تكون هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي اقوم فيها بدورآية الله, ومع كل هذا التقديم الذي قد أستحق عليه القول (بارك الله بك يا شيخ) سوف (أقطع) على نفسي متعة إستقبال المهنئين فاسأل متعجبا كيف سمح الخالق الرحيم لمجموعة الحكام الظالمين ان يقطعوا أيدي آلاف الفقراء المساكين طيلة هذه العصور دون تدخل مباشر منه لمنع هذه الفاجعة عن طريق تقديم شرح إلهي للفرق بين كلمة (إقطعوا) و(قطعوا) والذي كان من شانه أن يوقف هذه المجزرة التاريخية التي تسبب بها نسيان ان حرف (الألف) لوحده قد قلب المعنى رأسا على عقب وجعل الفعل بدلا من أن ينال من الحاكم فإذا هو ينال بصورة قاسية من المحكوم الفقير صاحب الحاجة التي تسبب بفقدانها الحاكم نفسه.
وسأسأل لو أن الحكم صار حقا إسلاميا, وإن التشريع إعتمد فقه القرآن ذلك الذي قد يدخل عليه حرف (الألف) لوحده لكي يقلب المعنى ويدير إتجاه العقوبة, فكم يد لفقير ستقطع بدلا من يد مسؤول غني كان هو الذي قد تسبب بفاقته.
أما أنتم فلكم مطلق الحرية هنا أِن تتصوروا وضع السيد فلاح السوداني وهو يمشط لحيته الكريمة ويفرد حبات مسبحته مع تعداده لأسماء الله الحسنى, أو قراءة بعض ما يتيسر له من دعاء كميل, ثم يبسمل إجابته ليؤكد بفمه الكريم ان الآية تعني نصا قطع يد السارق, فنفاجأ عندها أنه ما زال يحتفظ بكتا يديه ويستعملهما معا, واحدة للتسبيح والثانية لتسبيل الشاربين والمسح على اللحية المباركة.
أما الإختلاف معه, لو صار هناك خلاف, فسوف يكون حول تعريف من السارق تحديدا: الموظف الفقير الذي تمتد يده إلى ألف أو ألفين من الدنانير ليشتري خبزا لعائلته أم الموظف الوزير الذي سرق أكثر من ملياري دولار وهي قيمة الأموال التي وضعتها الدولة في عهدته لتغطية نفقات الحصة التموينية وخصص معظمها لدعم حزب الدعوة المبارك الذي كان أسسه السيد محمد باقر الصدر لغرض محاربة العلمانية الكافرة, مضيفا به تاريخا دمويا للعراق لم تٌكتب نهايته بعد !, , ولأن السيد فلاح السوداني هو وزيرفهو سيذكر لك بدون تردد أن التشريع الرباني لا يشمل الوزراء والمدراء العامين وما فوقهما او تحتهما من درجات مسؤولة بل هو مخصص لفئة (أف) من الموظفين الصغار فما دون.
وأخال أن له الحق في ذلك التفسير فلو أن التشريع شمل مسؤولي ما بعد الإحتلال لصار جميع أصحاب الدرجات الخاصة, ما عدا قلة منهم لا يتجاوز عددها أصابع اليد, بدون أطراف, ولكم أن تتصوروا كيف ستكون عليه المنطقة الخضراء بعد ذلك, أو كيف سيكون عليه شكل مجلس النواب الذين قد يضطر أعضاؤه لإستعمال (رمشة العين) للتصويت على قرارارتهم بعد فقدانهم لأيديهم.
وآخ كم آخ يا حرف الألف



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سألتني
- الإسلام التركي والإيراني والعربي .. مقارنات سياسية
- هوامش على مشروع دولة كوردستان
- إشكالية الدين والدولة الوطنية .. في مصر أولا والعراق ثانيا ( ...
- قصف مطار الشعيرات .. ما أشبه الليلة الترامبية بالبارحة الكلن ...
- إشكالية الدين والدولة الوطنية .. في مصر أولا والعراق ثانيا ( ...
- كركوك .. قدس الأقداس
- أكعد أعوج وإحجي عدل
- جارتي الأمريكية الأنجلوساكسونية الجميلة الشقراء
- طرزان والسياسة
- المشكلة في الدين أم في طريقة قراءته
- لملم خطاك
- متى تظهر
- عالم فريدمان المسطح
- التمسك بالهويات الثانوية .. هزيمة من الهزيمة
- الحرب الأمريكية الإيرانية
- عيد الحب
- عالم ترامب المٌكوَّر
- أمريكا أولا
- حول كتابة التاريخ العراقي السياسي المعاصر


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - والسارق والسارقة