|
معاناة الطفولة العراقية
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 11:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعاني الأطفال العراقيون ، من واقع معتم شديد الظلام ، ومن سلسلة طويلة من انعدام الحقوق ومواصلة الانتهاكات ، ومن تعثر الجهود في إيجاد بدائل للحياة المتدهورة ، التي يعيشها الأطفال في العراق في مختلف الميادين. فمن سياسة دكتاتورية ، زجت البلاد في أتون حروب شرسة ، ضد الإخوة والجيران ، لم يكن لها دافع وطني ، ومن تشريد أعمى ، لكل المعارضين لتلك السياسة ، ونفي الآلاف من خيرة الكفاءات العراقية ، وإعدامات لم يشهد لها مثيل، في محاربة كل جميل ، هذه السياسة الدكتاتورية ومجيء الاحتلال الأمريكي ، لتحقيق مصالحه في الهيمنة ، على مقدرات الشعوب العربية ، وعدم السماح في تكوين قوة كبيرة ، قد تنافس إسرائيل في المنطقة ، كل هذه العوامل أدت الى نتائج كارثية ، في الواقع العراقي ، تكاثرت الأمراض الخطيرة بسبب الإشعاعات ، وتزايدت أعداد الأرامل والأيتام ، بشكل يمثل فجيعة كبرى ، تهدد الحياة العراقية ، وتقضي على التطلعات الطيبة ، في انبثاق حياة آمنة ، على أنقاض ذلك الخراب. الطفولة في العراق تعاني من أمراض كثيرة ، لابد من إيجاد العلاج الناجع لها ، قبل فوات الأوان ، من يتم وفقدان الحنان الأبوي ، والرعاية الامومية ، ومن شحة في القدرات ، على تلبية الحاجات الأساسية ، ومن حرمان شبه كامل ، من الأصدقاء ومن الهوايات ، ومن تدهور الصحة النفسية ، والجسدية نظرا لمعاناة طويلة ، وحرمان من مصادر الدخل والأمان النفسي ، و عدم القدرة على إيجاد العلاج ، بسبب إجبار الأطباء على الهجرة ، او الاغتيال برصاصات طائشة ، لا تريد للعراق أن ينهض من جديد ، من رقاده المفروض عليه. فماذا يمكننا ان نفعل لإيقاف ذلك التدهور ، في حياتنا على جميع الأصعدة ؟ وكيف يمكن للقلوب المخلصة للعراق ومستقبله ، أن تساهم ولو بأضعف الإيمان ، للتصدي لذلك الإصرار العجيب ، على اقتلاع أي أمل في نهوض العراق ،والعودة إلى ينابيع الخضرة من جديد ؟ أليس واقعنا الأليم هذا ، يدفعنا إلى التفكير بسبل للخلاص ؟ وكيف يمكننا إنقاذ أرواحنا ،مما يراد لها ، من يتم وتدهور ، وحرمان من الحب والحنان والأمان ، أليس من واجبنا أن نفكر ، بطرق إنقاذ طفولتنا البائسة ، من واقع شديد التعاسة ؟ نترك الماضي يولي بجراحاته الكثيرة ، ونفكر ان نصنع المستقبل ، عله يكون أكثر إشراقا ، من ماض تعيس مظلم ، وقد تعلم العراقي ، أن يبدأ من الصفر كل مرة ، وان يعيد النهضة ، وان يساهم في إرواء الشجرة ،التي حاولوا اقتلاعها ، لكنهم فشلوا ، وسوف يواصلون هذا الفشل ، لو كان في العراق ، أياد متفقة على إنقاذ الطفولة ، والمساهمة في صنع حياة باسمة لها ، كما هو الحال في كل ديار المعمورة. علي مفكرينا وكتابنا ، ان يجدوا الطرق في إنقاذ طفولتنا ، من سياسة التنكيل والحرمان ، وان يعيدوا لأطفال العراق حياتهم الآمنة ، وأسرهم المتعاونة المتآلفة ، التي توفر كل حاجات الإنسان السوي ، من حب وحنان ، وتعليم اقتصاد وترفيه ، ومن تعزيز الثقة بالنفس ، التي سلبت ، ومن نظرة مطمئنة الى المستقبل ، الذي يجب ان يكون أكثر إشراقا ، من اليوم التعس ، والأمس المظلم ، لنفكر في إيجاد الطرق الناجعة ، تعيد الحياة لأطفال العراق اجتماعيا ، وسياسيا واقتصاديا ، وثقافيا ونفسيا ، وكل من هذه الميادين ، تتطلب تضافر الجهود وإمعان الفكر ، والرغبة الجادة. تعتني الأسرة بحياة الطفل، وتوفر له ما يحتاج له من أساسيات ، وتغرس فيه حب النفس ، واحترامها وتقدير الآخرين ، وحب التعلم والوطن والرغبة في العمل والإحسان فيه ، وان يدرب منذ الصغر على احترام الرأي الآخر ، ليس نظريا فحسب ، وإنما عمليا أيضا ، بان يجد نفسه في بيئة تحترم اختلاف الآراء ، وان نعود إلى ماضي تعلمينا العراقي ، حين كانت هناك مكتبات عامة ،في كل مدرسة ، وكل منطقة سكنية ، وان كان هذا الأمر مقصورا على العاصمة بغداد ، فانه يجب ان يعمم ،على كل العراق ، لتكون الثقافة عامل بناء ، ويتعلم الطفل العراقي كيف يقرا الكتاب ، قراءة نقدية واعية ، وألا ينحاز إلى وجهة نظر الكاتب ، بدون إعمال فكر ووعي ، وان تحترم المدارس عقلية الطفل ومداركه ، وان تخلو الكتب المدرسية ، من أفكار التعصب وموالاة الاعتداء ، وتغليب القوة الجسدية ، على القوى الروحية والعقلية والنفسية ، كما يجب الاهتمام بالأنشطة اللاصفية ، وان يقبل عليها الطفل طواعية ، دون فرض او إكراه ، وعلى المربين ان يشجعوا الإبداع بكل ألوانه ، الأدب : شعرا ونثرا ،والفن، رسما وموسيقى ومسرح ، الذي يجب ان يأخذ العناية الواجبة ، من المسئولين عن تربية الطفل ،والقائمين عليها في العراق ، وان تخصص المبالغ المناسبة ، لتشجيع القدرات الإبداعية ونشر الجيد منها ، وإعفاء الأطفال من التكاليف المالية ، كما يجب الاهتمام بغرس المبادئ الجميلة ،التي تحترم الحياة وتدعو الى النضال ، من اجل تحسين ظروفها، وان نبتعد قدر الإمكان ، عن ثقافة الموت والدمار او تشجيع سياسة العنف وإلغاء الآخر.ماديا ومعنويا ، وقد ننجح وليس من المحاولة الأولى بأن نساهم قليلا في إنقاذ الطفولة العراقية.
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعليم في العراق والطريق المسدود
-
نضال المرأة من اجل الحياة
-
نضالات المرأة من اجل وضع حد للارهاب
-
المرأة ومعاناتها الطويلة
-
المرأة وعنف الحروب
-
النقد يحتفي بنتاجات زهرة رميج السردية
-
اتحاد الأدباء بين الواقع والتمنيات
-
احتفاء بالناقد والقاص يوسف عبود
-
كيف يتضمن الشعر العمودي عناصر الحداثة
-
جائزة ناجي الساعاتي في قاعة الجواهري
-
قراءة في المجموعة القصصية ( التابوت)
-
في الأول من أيار يحتفي العمال
-
منتدى نازك الملائكة يحتفي بالابداع النسائي
-
العرس : رواية
-
أنا وطبيب العيون
-
المرأة والتقاليد
-
حقوق المرأة والتطرف
-
هموم تتناسل .... وبدائل : رواية : الجزء الثالث والأخير
-
همومٌ تتناسل ..... وبدائل : رواية : الجزء الثاني
-
هموم تتناسل ..... وبدائل : رواية ؛: الجزء الأول
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|