|
وزير يزُور أبى هريرة
الياس ديلمي
الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 03:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكاتب غير مسؤول عن أي جُرحٍ لمشاعِر الحُكومة ]
كالعادة في المقهى ارتشف فنجان قَهوتي و أطلع على عناوين الاخبار ، و اذ بي ألمَح صُدفة عنواناً مُثيراً ( الحكومة الجزائرية تستنفر الأئمة ضد دعاة مقاطعة الانتخابات ) ، تعجّبت و تساءلت عن كيفية فِعل ذلك ! هل سيكون الاستنفار بالهَراوات أم بزيادة العَلاوات ؟ فكرتُ و خمّنُت لكنّ التّفكير أوجع رأسي ، فقرّرتُ حُضُور صلاة الجُمُعة حتّى أطّلِع على الأُسلُوب فلرُبّما يُعطُونني علاوةً تُحفِّزُني لكي لا أُقاطع الانتخابات ، خرجُت مُسرِعاً الى المنزل حتى أغتسِل و أستعد للصلاة التّي قاطعتُها منذ سنواتٍ عِدّة حين تحوّل رأسي الى رأس حمار بَعد أن سبقتُ الامام في رفعِ الرؤُوس . قُمتُ بالاغتسال و التطيُّب و حملتُ معي سِواكاً ، فظنّت والِدتي أنِّي ذاهبٌ لِضربِ حبيبتي اقتِداءاً بالسنّة النبوية الشّريفة ، فترّجتني أن لا أجلِدها بالسّواك أكثر مِن ثلاث مرّات ، فوعدتُها بِذلك ثُم خرجُت مُهروِلاً كي أصل و أحجُز مكاناً لي في الصّف الأوّل ، و هذا ما تمّ بالفِعل فلقَد وصلتُ باكِراً و جلستُ ، ثُمّ فتحتُ المصحفَ لأتلو بعضَ سُورة الكهف مِن أجل أن يتمّ بناء سدٍّ كصُور الصين العظيم ، فيَعجَز يأجوج و معه مأجوج عن الخُروج مِن أجل الإفسَاد في الأرض ، أو ربمّا مُقاطعة الانتخابات !! و أنا أتلو السُورة اذ بالنّور يَسطع بجانبي ، فظننتُ أنّه نور قراءة سُورة الكهف ، و لكنّي أكتشفتُ أنّه نور وزير الشُؤون الدّينية و الأوقاف السيّد محمّد عيسى الذّي أتى و جلس بجانبي ليُقيم صلاة الجُمعة و يسمع الخُطبة ، ففرِحتُ و كادَت الفَرحة ان تقتلني ، فلعلّ الله يتوفّاني و أنا بجانب سِيادة الوزير . أعتلى الامام المَنبَر و شرع في خُطبتِه فاختلستُ النظر يمينا و شِمالاً فلم ألمح هَراوةً و لا عَلاوةً ، حتّى أن مضمون الخُطبة كان مُمِّلاً جِدا و لم يَكن في مستوى الاستنفار الذي أمرت به الحُكومة ، فالتفتُ الى شِمالي فوجدت سِيادة الوزير حزيناً و مُستاءاً جِدّا ، و يكاد يَنفجِر غضباً بسبب عدم كفاءة الإمام ، أمّا أنا فقَد أصابني الضّجر الى درجة أنّ النّوم يُحاول خَطفي بكُلّ ما أوتيَ مِن عِلمٍ و قُوّة ، فقرّرتُ اغماض عيناي و اطلاق العِنان لأُذناي مِن أجل الاستِماع . ***** المسجد فارغٌ و لا وجود للمصلين سوى الوزير و أنا معه !! تعجّبت مِن الأمر و ازداد عجبي لمّا اختفى الامام الخطيب مِن المَنبر ، التفتُ الى الوزير و سألته : ما الذّي حصَل ؟ فأخبرني بأنَّه لا يعرف ، و اذ بِصوتٍ مُخيفٍ يأتي مِن داخِل المنبر و هو يَقُول : - يا محمّد عيسى ، مَن على يمِينك ؟ ردّ الوزير قائلاً : - انه الياس يا مولاي ، أُعوِّل عليه عندما أتورَّط فهو الذي يَملِكُ أدويةً للإحباط و مراهمَ لليــأس ، و لي معه مآرِبٌ أُخرى .. قال الصّوت المَخفي : - أذهب أنت و صاحِبُك الى المدينة المُنوّرة ، لتأتي بأحاديث مِن عند النبي محمّد كي تستعين بها في دعوتِك للشّعب ، حتّى لا يقُوم بمقاطعة الانتخابات .. ردّ الوزير مُتوسِّلاً : - يا مولاي الشّعب مَجنونٌ لا يفقَه قول رئيس الحكومة ، فاحلل عُقدةً مِن لِسانَه . قال الصّوت المُخيف المخفي : - أذهبا فقَد أُتيت سُؤلَك .. ***** كُنت أُتابع الحوار و أنا مُتعِجبٌ مِمّ يَحدُث ، فالتفت اليّ الوزير و طلب مِنّي أن نَذهب الى المدينة ، و كانت عندي سجّادةً أجلِس فوقها ، فطلبتُ مِنه أن يَجلِس معي . - انطلقي يا سجّادة بنا الى القرن الذي عاش فيه النبيّ محمّد . بعد أن أمرتُها طارت بنا و في لمح البصَر ، ولجنا عتمةً مُظلِمةً الى أن وصلنا الى بوّابَةٍ زمنية و عليها خازِنٌ يُشبِه المسحراتي الذّي يُوقِظ الناس في شهر رمضان ، فسأل السجّادة التّي أنطقَها الله بقُدرتِه : مَن أنتِ ؟ قالت : أنا السجّادة ، قال الخازِن : و من معك ؟ قالت : الوزير محمّد عيسى برفقةِ فَتَــاه ، فسألها الخازِن : أوقد نُصِّب وزيراً ؟ قالت : نعم ، فطلب مِنّا أن استظهار بطاقة الهوية ، فالتفت اليّ الوزير و قال لي : آتِنا بطاقة هوية كُلّ مِنّا لقد لقينا مِن سفرِنا هذا مشاكل عديدة ، فأخبرته أنّني نسيتُ احضارهما و ما أنسانِيه الا رسائل حبيبتي الغرامية التّي كانت تُرسِلُها الى هاتِفي النقّال أن أذكُرهما . عندئذ رنّ هاتِف الخازن و كأنّ رسالة نصيّة قد وصلته فلمّا فتحَها و قرأها قال لنا : مرحباً بالوزير الصالِح و الأخ الصّالح ، فنظَر اليّ الوزير و كأنّه يُخبرني أنّ قوّة الدّولة أكبر مِن أيّ قُوّة في هذا الكون ، فانطلقنا و اخترقنا الأزمنة و الأمكنة مُتوجِهين الى المدينة سنة 628 م . ***** نحن نُحلِّق الآن في سماء يثرِب ، فطَلبتُ مِن السجّادة أن تنطلِق بنا الى بيت نبيّ الله محمّد ، لكنّها أخبرتنا بأن خَللاً حصَل أثناء الرّحلة فاليوم هو الاثنين الموافق لتاريخ 8 جوان 623 م ، فصُدمتُ و صُعقت مِن هول الخبر ، سألني الوزير : ما بِك ؟ فأخبرتُه بأنّ هذا اليوم هو وفاة النبي محمّد ، فأخذ يلطِم بِكلتا يَديه و هو يَصرخ : قُضي عليك يا محمد عيسى ، قُضي عليك !!! قالت السّجادة : يا سادة ، هُناك أمر مُريبٌ آخر فنحن في زمن رسُول الله و بالضبط في يوم وفاتِه ، لكنّ الأشخاص غير الشّخصيات التّاريخية التّي نَعرفُها !! تعجَّبتُ مِن كلامِها ، فأمرتُها بأن تطير بنا في مستوى مُنخفضٍ حتّى نتبيَّن الأمر ، فوجدنا أنّ المُتوفى هو الرئيس عبد العزيز بُوتفليقة ، و قد كان شقيقه السّعيد بوتفليقة يَعمل على تجهيز جنازته برفقة جمال ولد عبّاس ، فقلتُ للسجّادة : انطلقي بنا الى السّقيفة ، فانطلقت بنا فوجدنا فريقين يتشاجران و يتبادلان اللكمات ، فلمحتُ عبد المالك سلّال رئيس الحكومة برفقة أحمد اويحي يَسعيان الى تهدئة الأوضاع ، صرختُ بأعلى صوتي : انطلقي يا سجّادة ، و الوزير مُغمى عليه مِن هول ما رآى ، فانطلقَت بنا السجّادة و أخبرتني بأنّها بصدد اختراق بوابةٍ زمنية أُخرى . ***** أخبرتنا السّجادة بأنّنا تُهنا في عاصِفة زمنية شديدة ، و أنّنا بالقُرب مِن دار أبي هُريرة ، لكنّنا في سنة 678 م ، فأخبرتها بأن تهبِط و طلبتُ مِن الوزير بأن يَلحقني ، فدخلنا الدار فوجدنا أبى هريرة على فراشه يَحتضِر ، فقُلت له : السّلام عيكم ، أتسمحُ لنا بمحادثتك قليلاً ؟ سألني : هل مَعك كلبٌ ؟ فقلت : لا ، ثمّ قَصصتٌ عليه ما جرى لنا مِن البِداية الى غاية زيارته ، فأخبرنا في المكان المُناسب ، ثُم نظر الى الوزير و قال له : - اعلم يا وزير الشُؤون الدّينية أنّي خبِيرٌ بهذه الوزارة أكثر مِن أي شخصٍ آخر ، و قد وهب الله لي كيْساً قام بتمويل دينكم طوال 14 قرنٍ ، فاسمع لما سأُلقي عليك : + سمعت رسول الله يقول : مَن قاطع الانتخابات قُطِعت عنه ريح الجنّة أربعين سنة ضوئية . + سمعت رسول الله يقول : من لم يذهب الى الانتخاب ، ابتلاه الله بداء الانتحاب . + سمعت رسول الله يقول : و الذي نفسي بيده ، ما رأيت برَكةً تنزل مِن عند الله على شيءٍ مِن افضل مِن البركة النّازلة على صناديق الاقتراع . فرِح الوزير بذلك ، وَعد أبى هُريرة بأنّ يُحارب مُنكري السّنة بكلّ ما أوتي مِن قُوّة و سُلطة ، بعد ذلك ركبنا السجّادة ، و أمرتُها بأن تنطلِق مِن أجل العودة . ***** و نحن في الطريق نخترق الأزمنة و الأمكنة عائدين الى العصر الذي نعيش فيه ، كُنت أحدِّث نفسي متعجِّباً فقلت : لماذا لا أكون مِثل أبي هُريرة فهل يَنقُصني الذّكاء كي أتفوَّق عليه ؟! لماذا لا يكون لي كيساً استرزِقُ مِنه ؟؟ فالتفتُ الى الوزير و قُلت له : أرى أن نُعزّز الاحاديث الثلاثة بحديثٍ رابِعٍ يَزيد مِن قوة الدولة و يَجعل موقفها أكثر صلابة ؟ فقال هلُّم به ، فأخبرته بأنّ أبى هُريرة سمع رسول الله يقول : + يا معشر المواطنين ، ألا إنّ الله نهاكم عن رفع أصواتِكم فوق صوتي و عدم الجهر بالقول ، و لكنّي أُخبركم بأنّ الآية منسوخة بأمرٍ مِنه ، فارفعُوا اصواتكم و اجهروا به قولاً واحداً ، أيها المواطن ( سمّع صوتَك ) . كاد أن يتوقَّف قَلبُ سِيادة الوزير مِن شِدّة الفرح و السُرور ، فوعدني بعدّة امتيازات تجارية و علاوات مُغريةً ، و اذ بصوتٍ مُخيفٍ مِثل الرّعد يَقترِبُ مِنّا .. ***** استيقظتُ فَزِعاً على وقعِ ضُراطٍ لا أدري أ منِّي صدَر أم مِن شخصٍ بجانبي ؟! و الوزير يَنظُر اليّ مشمئِزّاً مُستغرباً .. تبّاً لقد كُنت أحلم ، و اذا بالإمام يَقُول : أَقِيمُوا الصُّفُوف وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَل وَلَا تَذَرُوا فُرُجَات لِلشَّيْطَانِ ، استووا يَرحمُكم الله ...
#الياس_ديلمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أُسطُورة دَاروِين المُسلِمين : عمرُو بن مَيمُون
-
أسطُورة الإنسَان والتّاء المربُوطة
-
رزَان و الإخوان في بِلاد طَرزان
-
حفلَة تنكُرية
-
خُطبة ابليس في يوم عَرفة
-
جُمهورية التناقُضات (3)
-
جُمهورية التناقُضات (1)
-
جُمهورية التناقُضات (2)
-
ثُنائية تَقديس الجهل
-
حلب بين الثَّورة و الثَّور .
-
التأشيرة الدّينية لدخول بيت أبي سُفيان
-
الثُعبان الأقرع يَقرع أبواب عَقلك
-
عازف المزمار و الاطفال ( رؤية نقدية )
-
حرب المصطلحات (1) : العقل .
-
حفريات في التراث (1) : بيف و هركول ( تكالب هررة الحاكم على ا
...
-
الأراء و الافكار و كيفية التعاطي معها .
-
حفريات قلم (3): تساؤلات انسان .
-
حفريات قلم (2) : تساؤلات انسان .
-
حفريات قلم (1) : تساؤلات انسان .
-
حفريات قلم ( مدخل )
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|