|
ما سرتناقض الإسلاميين بين سلوكهم وأفكارهم؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5497 - 2017 / 4 / 20 - 11:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما سرتناقض الإسلاميين بين سلكوكهم وأفكارهم؟ طلعت رضوان شغلنى- منذ عدة سنوات- سؤال: كيف يعيش الأصولى فى عصرالإنجازات العلمية المذهلة (بجسده) وينهل من هذه الإنجازات (من تكنولوجيا الاتصال بالعالم الخارجى، واستخدام الفضائيات وإنشاء القنوات التليفزيونية، وركوب الطائرات..إلخ) بل إنّ بعضهم (أمثال المشهورين جدًا إعلاميـًـا، ولهم جماهيرشعبوية تقـدّسهم) يركب السيارات الأمريكية، وفى يده ساعة يابانية، وتعطــّـربالعطورالفرنسية، ويـُـسبـّـح لخالقه بسبحة صينية، ويستخدم الموبايل الكورى..إلخ. ومع كل هذه المظاهرالتى تؤكد أنّ هذا الأصولى، يعيش (معنا) فى (عصرنا) إلاّ أنّ عقله توقف عند رصيف منتصف القرن السابع الميلادى، بينما قطارالتطورالإنسانى انطلق، وأخذ السباق أشكالاشتى، حتى تمكــّـن العلماء من كشف سرالجاذبية فتغلــّـبوا عليها، وكانت البداية (الطائرات) وانتهتْ بسفن الفضاء. فما تفسيرظاهرة الأصولى (العائش والمتعايش) جسديـًـا فى عصرنا، بينما عقله لم يـُـغادرالرصيف الذى تركه أصحابه منذ أكثرمن1400سنة؟ كما أنّ هذا الأصولى كشف عن ظاهرة تحتاج لدراسة من علماء الاجتماع، وهى أنه فى الوقت الذى يـُـنادى فيه هذا الأصولى بتطبيق (كل) ما قرأه على رصيف القرن السابع الميلادى (حرفيـًـا) على أبناء القرن الحادى والعشرين، فإنه لايلتزم بتطبيق ما قرأه عن أسلوب حياة سكان المجتمع الذى توقف عقله عنده على نفسه: فهويعيش (حاليـًـا) فى شقة عصرية وربما فى فيلا والبعض فى قصر، فلماذا سمح له عقله المُـتخشـّـب المُـتحجـّـرأنْ يعيش تلك الحياة المُـرفــّـهة ولايعيش فى (كوخ) كما كان يعيش من ذاب عشقــًـا فى تراثهم؟ ولماذا لايستخدم الجمل أوالحمارفى تنقلاته كما كان يفعل من يعتقد أنهم (أسلافه) ولذلك يتباهى بأنه من (فصيل السلفيين)؟ والأمثلة عديدة أعتقد أنّ قارئى سيـُـدركها دون استطراد من جانبى. ولكننى أتوقف عند مظهرمن مظاهرالعصرالحديث، هواستخدام الأصوليين العاملين بالتنظيمات الإسلامية الحركية، أحدث أسلحة العصرالحديث، بما فيها (طائرات بدون طيار) فلماذا تغاضوا عن القرآن الذى يـُـقـدّسونه؟ ولماذا لم يلتزموا بالنص الحرفى إذا كانوا (فعلا من أهل السلف الصالح)؟ فإذا كانوا يريدون تطبيق نصوص القرآن على من يسرق الرغيف بقطع يده.. إلى آخرآيات الحدود، فلماذا لايـُـطبـّـقون على أنفسهم آية ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تـُـرهبون به عدوالله وعدوكم..إلخ)) (الأنفال/60)؟ أليس هذا المثال أدق وأكبردليل على (حالة الشيزوفرينيا) أوالفصام النفسى والعقلى، وهى الحالة التى أصابتْ الجماعات الإسلامية فى العصرالحديث، منذ نشأة الإخوان المسلمين عام1928وحتى الآن؟ خاصة عند تأمل دعواتهم المثالية الطوباوية، حول ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، ورفع شعار(الإسلام هوالحل) والحلم الأكثرطوباوية بضرورة عودة الخلافة الإسلامية. وبينما أعضاء التنظيمات الإرهابية الحديثة يستخدمون أحدث ما أنتجته مصانع السلاح الأمريكية والأوروبية، فإنّ شكرى مصطفى (مؤسس جماعة التكفيروالهجرة الذى تولى إغتيال فضيلة د. محمد حسين الذهبى وزيرالأوقاف الأسبق) كان أكثرصدقــًـا مع نفسه ومتمسك (بتراث السلف الصالح) فكان يقول أنه سيحارب روم الأرض (أمريكا والاتحاد السوفيتى) وسيستخدم فى ذلك الخيول والسيوف كما نصّ القرآن (رفعت السعيد- تاريخ جماعة الإخوان المسلمين- مكتبة الأسرة- عام2015- ص669) وبينما شكرى مصطفى أكثرمصداقية مع نفسه، فإنه- فى نفس الوقت- كان أكثرانفصالاعن العصرالحديث وأكثرهوسًـا (بتراث السلف الصالح) لدرجة أنه عندما كتب كراسته المعنونة (التوسمات) فى85صفحة رفض استخدام المطبعة لأنها ((من صنع الكفار)) وكتب الكراسة بخط يده، وذكرالحديث النبوى ((الجنة تحت ظلال السيوف)) وعقــّـب عليه ((هكذا قال نبينا ولم يقل الجنة تحت ظلال البنادق أوالصواريخ.. لأنّ النبى لوأراد أنْ يقول ذلك لما أعيته اللغة العربية)) (المصدرالسابق- ص689، 715) وإذا كان فضيلة الشيخ ياسربرهامى يستخدم القلم، ولايستخدم الرشاش، فإنه لايقل خطورة عن عتاة القتلة أمثال الدواعش، لأنّ سلاحه (القلم) يبخ الكثيرمن السموم التى تــُـحاول ترسيخ العداء لمفهوم (المواطنة) وتقسيم أبناء الوطن الواحد على أساس دينى، والعداء لقيم الديمقراطية والليبرالية، وكل منجزات الفكرالعصرى، بل إنه وصل لدرجة من العداء لأبسط مبادىء القيم الإنسانية النبيلة، حيث أدلى (بفتوى) تجاهل فيها أبسط المشاعرالإنسانية، وملخص الواقعة أنّ رجلا اتصل به وقال له ((أنا رجل مقعد وعجوز، وعاوزأسلك هل يجوزأْنْ أشترك فى مسابقة لعبة التكهنات الرياضية، التى تــُـخصـّــص أرباحها لمساعدة المحتاجين؟ لأننى إذا فزتُ فسوف أستطيع شراء كرسييْن متحركيْن: أحدهما يدوى للمنزل والآخركهربائى للشارع والعمل، فما رأى فضيلتكم؟ مع العلم بأننى فقيروبلا موارد مالية، فهل هذه المسابقة حلال أم حرام؟)) فكانت (الفتوى) الصادمة لمشاعرأى إنسان لديه الحد الأدنى من مشاعرالنبل الإنسانى، حيث ردّ الشيخ برهامى على الرجل بسرعة وبثقة وقال له ((المسابقه دى حرام بالقطع، لأنّ رأيك عن الفريق الذى سيفوز(فى المستقبل) هورجم بالغيب عملا بحدث الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى نهى فيه ((عن ثمن الكلب ومهرالبغى وحـُـلوان الكاهن)) وعندما رجعتُ إلى هذا الحديث وجدته فى الصحيحيْن وغيرهما، وجاء فى شرح مسلم لهما عن سبب التحريم أنّ السؤال عن ((مهرالبغى هوما تأخذه الزانية على زناها، والسؤال عن (حـُـلوان الكاهن) فهوما يأخذه الكاهن على كهانته (وهوحرام) والكلمة من الحلاوة. والسؤال عن (ثمن الكلب) لكونه خبيثــًـا ومن شرالكسب..)) فإذا كان هذا هوالحديث الذى استند إليه فضيلة مفتى (كبارالسلفيين) فما علاقة ذلك الاستشهاد بحالة الرجل المقعد الفقير؟ ولماذا لم يكتف برهامى بكلمة التحريم وجملة (رجم بالغيب)؟ ولماذا ردع الرجل برده القاسى عندما شبـّـه حالته بحالة السؤال عن الكلب والزانية والكاهن؟ وهل المسألة لها علاقة باستعراض معلوماته عن (تراث السلف الصالح)؟ وأليس ذاك التراث صارلايصلح للعصرالحديث؟ 000 هامش: شكرى مصطفى (1942- 78) مواليد أبوتيج بأسيوط مؤسس (جماعة المسلمين) أو(الدعوة والهجرة) وشاعتْ باسم (التكفيروالهجرة) قــُـبض عليه فى الستينيات مع الإخوان، وتأثربكتب سيد قطب خاصة كتابه (فى ظلال القرآن) وهوكتاب أخطرمن (معالم فى الطريق) وكان عنيفــًـا فى تعامله مع أعضاء التنظيم، لدرجة أنه كان يمد المخالفين لأوامره ويضربهم عل أقدامهم، وحكم عليه بالإعدام. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشطط فى كتب تفسير القرآن
-
وعى الليبراليين بأهمية التفاعل بين الشعوب
-
النظام المصرى والهوس الدينى عند المسئولين
-
الأصوليون الإسلاميون وازدواجية المعايير
-
أنظمة الاستبداد وظهيرها الدينى
-
هل كان العرب مثل الأطفال بدون خبرة ؟
-
العروبة وخلط ما هودينى بما هوقومى
-
هل صحيح أنّ تنظيم داعش بدأ يتهاوى ؟
-
الميتافيزيقا والتراث الإسلامى
-
تبديد أموال الشعب على مؤسسة الكهنوت الدينى
-
التراث والحداثة : علاقة تضاد أم علاقة توافق ؟
-
خطورة خلط الدين بالثقافة القومية للشعوب
-
هل كان نبى الإسلام أميًا ؟
-
تفضيل الدنيا على الآخرة والميتافيزيقا
-
مغزى هجوم شيخ الأزهر على الفن
-
أين كتاب منصور فهمى عن المرأة فى الإسلام؟
-
ما هدف تشويه إبراهيم فى التوراة ؟
-
النظام المصرى يرفع راية الاستسلام للإسلاميين
-
الميتافيزيقا وسيطرتها على العقلية العربية
-
السيد ياسين : علم الاجتماع وجذورالشخصية القومية
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|