أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - الأسعد بنرحومة - لماذا فشلت ثورة أكتوبر1917 الاشتراكية















المزيد.....

لماذا فشلت ثورة أكتوبر1917 الاشتراكية


الأسعد بنرحومة

الحوار المتمدن-العدد: 5494 - 2017 / 4 / 17 - 21:53
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


في شهر أكتوبر 1917 اندلعت الثورة البلشفية في روسيا , ولم تمض مدّة قصيرة حتّى ظهرت الاتحاد السفياتي كدولة عظمى الى جانب الولايات المتحدة الأمريكية , وصارت الدولتان العظمتان معا تتصرّفان في شؤون العالم بعد أن قسّماه الى معسكر شرقي وآخر غربي . وعرفت العقود الأولى من حياة الدولة الجديدة بعد نجاح القورة فترة تنازع وتنافس على الاستعمار بينها وبين أميركا حتّى جاءت سنة 1961واجتماع خروتشوف وكيندي الشهير والذي اعتبر عمليّا هو الدخول في مرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية السوفياتية تقوم على سياسة الوفاق والتي عُرفت عند البعض بالحرب الباردة بسبب التضليل السياسي والاعلامي الكبير الذي انتهجته كلّ من الدولتين لابقاء أوروبا والصين وباقي العالم تحت الخوف والضغط المستمرّ بما يسهّل تنفيذ سياستهما .
ورغم عهد الوفاق الذي امتدّ حتّى الثمانينات الا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وبعد سقوط فرنسا وبريطانيا السريع من التأثير في الموقف الدولي كانت تعمل على ازاحة الاتحاد السفياتي من المنافسة الدولية واخراجها من مستوى التعامل الندّي معها , وفعلا سرعان ما سقطت الأخيرة في الفخّ المميت الذي وضعته أميركا لها والمتمثّل في أمرين اثنين وهما :
الأوّل : حرب النجوم والمنافسة على غزو الفضاء وسباق التسلّح الذي أعجز الروس عن مجارات الأمريكان فيه وقد أثّر ذلك سلبا عليه وخاصة على المستوى الاقتصادي ...
الثاني : حرب أفغانستان وقد نجحت أميركا في استدراج الروس للمستنقع الأفغاني فخاض حربا طويلة ما كان له أن يتفوّق فيها وخاصة مع وصول صواريخ الستنغر للأفغان والتي استعملوها بنجاح من قمم الجبال العالية ممّا أفقد الطيران السفياتي فاعليته.
ومع وصول الرئيس السفياتي غورباتشوف الى الحكم ورفعه شعار البروسترويكا والغلاسنوست وصلت الاتحاد السفياتي الى مراحلها الأخيرة كدولة اشتراكية قامت بناء على ثورة أكتوبر 1917 ,ولم ينه الرئيس يلتسين حكمه حتى انتهى الاتحاد نهائيا وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن مرحلة النظام العالمي الجديد الذي جسّد تقرّدها بالموقف الدولي وقيادة العالم , وصارت روسيا تعمل جاهدة على الاحتفاظ بما بقي لها من مناطق حيوية وخاصة في أوكرانيا والقرم .
ولكن ما يجب أن يطرح هو الآتي :
هل انّ العلاقة السفياتية الأمريكية هي التي أنهت حكم الاشتراكية ؟ وأدّت لسقوط الاتحاد السفياتي ؟ وهل من الممكن أن نرى عودة الاشتراكية يوما ما ؟ وأين مئات الملايين من الذين اعتنقوا المبدأ الاشتراكي في جمهوريات الاتحاد السفياتي ؟
انّ أزمة الدولة العظمى الاتحاد السفياتي في جوهرها لا تكمن فقط في علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية , ولم يكن التفوّق السياسي للأمريكان هو العامل الحقيقي لانهيار الاشتراكية , ولكن كانت الأزمة الحقيقية تكمن في الاشتراكية نفسها وفي فلسفتها الكلّية عن الكون والانسان والحياة , وبالتالي كانت أزمتها في نظرتها للعلاقات ولكيفية تنظيمها , ونظرتها للانسان والمجتمع والحكم والدولة والثروة ...
فالاشتراكية - ودون الدخول في تفاصيل مذاهبها الاقتصادية - تقوم على فكرة أساسية واحدة وهي " المداية والتطوّر المادي " فهي ترى أن الكون والانسان والحياة مادة فقط , وأنّ المادة هي أصل الأشياء , ومن تطوّرها صار وجود الأشياء , ولا يوجد وراء هذه المادة شيء مطلقا , ولذلك ينكرون كون الأشياء مخلوقة لخالق أي ينكرون الناحية الروحية في الأشياء ولذلك يعتبرون أنّ الدّين أفيون الشعوب الذي يخدّرها , وحتّى الفكر انّما هو انعكاس للمادة على الأشياء . فكانت الفكرة الأساسية في الاشتراكية فكرة فوق كونها مناقضة للواقع المادي نفسه , فهي أيضا مخالفة للعقل وغير موافقة للفطرة فلم تقنع العقل ولم تحدث الطمئنينة فلم يتفبلها أهلها بالرضى والاقتناع وانما بالحديد والنار وقهر الشعوب ,وهذه اليوم أصبحت موضع دراسات المؤرخين والباحثين , فكانت كل بلاد الاتحاد السفياتي عبارة عن محاكم تفتيش , لذلك حين ضعفت لم تجد من يدافع عنها من أهلها ..
أمّا كون المادة ليست هي أصل الأشياء , وانه يوجد من هو قبلها فهذا واضح لكل صاحب عقل ,ذلك أنّ الأشياء التي يدركها العقل هي الانسان والكون والحياة , وهذه الأشياء محدودة فهي عاجزة وناقصة ومحدودة , اذ كلّ جزء من المادة محدود وجميع المحدودات محدود بداهة , والمحدود لا يكون أزلي ولا يكون أصل الأشياء اذ لا بدّ له من واجد أو خالق وهو الله تعالى ...
فكان العامل الأول الذي سرّع بنهاية الاشتراكية وسقوطها ونفور الناس منها هي فلسفتها في تفسير الوجود الذي قام على انكار الخالق ونفي وجوده , لذلك لم تدم فترة الانبهار الأول بالاشتراكية طويلا , وسرعان ما تكشّفت الشعارات البراقة عن جنّة الشيوعية عن واقع مرير في روسيا وغيرها خلال عقود طويلة سرّع باستفاقة الناس واعادة التفكير مرّة أخرى , ولكن وجدوا أمامهم الدبابات السفياتية في كلّ مرّة .
كما أن الاشتراكية وفي تفسيرها للمجتمع من كونه مجموعة عامة تتألف من الطبيعة والانسان وعلاقات الطبيعة نفت بتفسيرها هذا كلّ ارادة من الانسان وكلّ فكر أو اختيار . فالانسان بالنسبة اليها جزء من المادة وهو كالسنّ في الدولاب والطبيعة جزء من شخصيته ولذلك لا يتطوّر الانسان الا وهو معلق بهذا الجانب من شخصيته وهو الطبيعة ولذلك فالمجتمع مجموعة عامة واحدة تتطوّر كلها معا تطورا واحدا ويدور الفرد تبعا لذلك كما يدور السنّ في الدولاب , لا ارادة له ولا خيار ولا تفكير بما أن الذي يؤثر في عملية التفكير هو المادة نفسها وحتى النظام انما يأخذه الانسان من انعكاس أداة الانتاج على دماغه , وكان نفي الارادة والاختيار عن الانسان وكذلك اعتباره شيءا جامدا لا يختلف عن باقي الأجزاء في المادة مخالف لواقع الانسان ولواقع الارادة ولواقع التفكير وهذا كلّه سهّل على الشعوب السفياتي اجتثاث الاشتراكية من عقولهم وقلوبهم , لم تأت الأزمة الاقتصادية وخسائر أغانستان وتبعات حرب النجوم حتى كان المجتمع السفياتي برمّته مهيّئا لرفض الاشتراكية والقطع معها قطعا كليا .
وهو بخلاف الرأسمالية فرغم فسادها وخطر على الانسان لكنها وان كانت فاسدة تهدّد وجود الانسان لكنها قادرة على التلوّن والترقيع وتزيين نفسها وتضليل الشعوب بأفكار رنّانة مثل " الديمقراطية " و" الحرية " وهو ما يحتاج وقتا أطول لادراك الشعوب فساد هذه الشعارات وبالتالي الثورة على الرأسمالية كما ثارت الشعوب على الاشتراكية .
ولذلك لا تجد اليوم في جميع العالم دولة واحدة اشتراكية , لأن الاشتراكية انتهت عمليا دون رجعة , وروسيا اليوم دولة رأسمالية , والصين كذلك , وأمّا الفيتنام أو كوريا الشمالية أو غيرها فهي جميعا علاوة على كونها دولا رأسمالية فهي أيضا دولا تابعة عميلة تسبّ الامبريالية وتلعن أميركا علنا وهي تنفّذ أوامرها وتحمي نفوذها خفاء مثل كوبا منذ عهد فيدال كاسترو .
اذن : ماهي حقيقة الأحزاب الشيوعية المنتشرة في البلاد الاسلامية والعربية ؟
أوّلا : ورغم كثرة التسميات لعدد من الأحزاب في منطقتنا والتي تنسب نفسها للاشتراكية أو تدّعي دفاعها عنها , فانّ جميع هذه الأحزاب لم تستطع أن تتحرّر من دائرة سيطرة ما يسمونه الامبريالية العالمية ولا من الهيمنة الأمريكية ,بل ان رأس المال الغربي أوروبيا أو أمريكيا هو من يدفع لها حتّى الساعة .
ثانيا : لا يوجد فعليّا حزب واحد اشتراكي أو شيوعي لا في المغرب العربي ولا في العراق ولا في مصر ولا غيرها , فجميعها أحزاب تتبنّى الرأسمالية في الأصل مع بعض التزيين والتزويق بشعارات " العدالة الاجتماعية " و" الاقتصاد الوطني " وغيرها ,
ثالثا : يقع الكثير في الخطأ فلا يفرق بين الاشتراكية " اشتراكية رأس المال أو الاشتراكية الزراعية " وبين اشتراكية الدولة , فالاشتراكية السفياتية هي التي تقوم على المادية والتطور المادي , وهي بخلاف اشتراكية الدولة التي هي في حقيقتها رأسمالية ولكنها رأسمالية مع بعض الترقيعات مثل " العدالة الاجتماعية والكرامة والحقوق " وهي التي ظهرت في أوروبا الغربية وخاصة بريطانيا وفرنسا في الستينات للوقوف ضدّ الاشتراكية الشيوعية . وهذا النوذج من الاشتراكية هو الذي يوجد في منطقتنا أي اشتراكية الدولة وهي نفسها الرأسمالية مع بعض الترقيعات , وهي اشتراكية مدعومة أصلا من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ,
لذلك فان الاشتراكية ومنها الشيوعية يمكن اعتبارها تجربة انسانية عابرة , أنتجت خلال سبعين سنة فقط أكثر من مائة مليون قتيل وضحية بسبب سياسة الحديد والنار في تطبيقها , وهي وان فشلت فشلا ذريعا في روسيا وأوروبا الشرقية , فمن الوهم والتوهم الدعوة لها في بلادنا وبين ضهرانينا , لأننا شعوب راسخة في الحضارة وليست شعوبا منبتّة ...



#الأسعد_بنرحومة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم في تونس عنوان للفشل وطريق لليأس والانتكاس
- النّقابة تحمي فساد السّلطة وعمالة الحكّام تحت شعار -الدفاع ع ...
- يحدث في بلاد المسلمين في زمن حكم أشباه الرّجال
- الولايات المتّحدة الأمريكية لا تنجح في استعمارنا بقوّتها , و ...
- الاتحاد العام التّونسي للشغل ودوره في صياغة الرأي العام لقبو ...
- ليبيا : أحداث طرابلس وحكومة السراج خطوة نحو التقسيم تنفيذ لو ...
- المناطق الآمنة وخطّة تقسيم سوريا التي حذّرنا منها منذ 2011
- الجسد السّوري تُمزّقه عمالات سائبة : هل تتدخّل الأردن في جنو ...
- أوهام محاربة الفساد في تونس
- فشل الدّيمقراطية , أكثرمن ثلاثة قرون من الفشل المتواصل ...
- - فصل الدّين عن الحياة - دعوة استئصالية بامتياز
- مجزرة أمريكيّة جديدة بحجة الانتصار لخان شيخون في سوريا
- - الهولوكوست - ... بين التضليل والأوهام
- - الديمقراطية - من رجل الدّين الى رجل المال , ومن الكنيسة ال ...
- سوريا ... الى متى يظلّ القتل والتّدمير وسفك الدّماء مستمرّا
- - الدّولة المدنيّة - دولة مستوردة ومنبتّة في المعنى وفي الوا ...
- السّلطة والاتحاد في تونس شريكان في تأجيج الأوضاع من أجل تمري ...
- ظروف وملابسات القرار التركي بوقف العمليّات العسكريّة في شمال ...
- - المساواة بين المرأة والرجل - شعار مضلّل لا واقع له
- وهم الثورة والدّور المشبوه لمنظمات المجتمع المدني


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - الأسعد بنرحومة - لماذا فشلت ثورة أكتوبر1917 الاشتراكية