الفقراء

الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 23:51
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

الفقراء هم الفئة الأكثر عُرضةً للبؤس والاضطهاد والموت المبكّر والجوع وللأمراض الفتاكة والمزمنة ،يموت الفقراء مِن غير حتى أن يَعرفوا سببَ موتهم، الفقراء في مقدّمة من يموتون في الزلازل والبراكين والأوبئة والعواصف والانتفاضات والثورات ،الفقراء لا يَنعمون لا بفصل الشتاء لأنه فقط يأتي بالوحل والصقيع والربو والروماتيزم والموت ،اسألوا حَفرَة القبور ولا تسألوا سِجلات وفيات وزارة الصحة كم مِن فقير يموت في هذا الفصل بقساوة البرد والسعال وتَيبٌّـس الأطراف وأمراض الصدر،ولا في فصل الصيف حتى إذا لم يموتوا كمداً وهماًَ ووجعاً طاردتْ نومَهم الأفاعي والعقارب وجميع الحشرات التي لا تظل طريقَََها لأكواخ الفقراء.

الفقراء وحدهم ما ينفكُّون يلوكون ترانيمَ الأخلاق والشرف والعِفّة وصبرَ داوود وأيوب رُبما هي تروثُهم الوحيدة في هذا الكون ألم يقل "نيتشه" إن الأغنياء لم يتركوا للفقراء سوى الله.

الفقراء هُم أول من ينام من التعب وأول مَن يستيقظ لتدوير عجلة الإنتاج في الحقل والمعمل والطرقات ،أول من يستيقظ لتسمين أرصدة البؤس والمحن والقهر،وحتى حين يتخاصم الحُكام فبالفقراء يُشعلون الحروب ،هم وقودُها وحطبها الذي لا ينفذ، الفقراء لا يعرفون المجدَ إلا حين يُطمرون تحت التراب ، وأيُّ مجد ؟ إنهم كانوا صبورين عفيفين يعملون ليلَ نهار ،يسيرون جنبا جنبا ،لا يفتحون فمَهم في حضرة الأسياد إلا مدحا وتبرُّكا .

حتى الشيطان يوسوس في أذن الفقراء أكثرَ من الأغنياء ربما لِعِلمه أنهم حراسُ الأخلاق ،أوَ ليس من جحيم الفقراء تُصنَع جنة الأغنياء؟

حين يسرق الفقراء فهم لصوص وجبَ حشرُهم في السجن وحين يسرق الأغنياء فهم رجال أعمال واستثمار ومقاولون تُزَين سرقاتُهم بالأوسمة والنياشين ، وإذا حصل أن شرب الفقيرُ الخمرَ مرةً فهو سِكيرٌ عربيدٌ يساهم في نشر آفة اجتماعية أمّا الأغنياء إن شربوا الخمر فهو يليق بهم لأن الأغنياء حماة ودعاة التحضر والحداثة والكياسة.

حتى الدول "الناجحة" هي التي تخفي فقراءَها وراء الأسوار كأنهم الطاعون وتنقص وتزيد من كثرتهم في الإحصائيات كأنهم جحافلُ الجراد.

حين يهزل الأغنياء فإن الفقراء يموتون من الجوع، فلا بأس ولا حسد أيها الفقراء أليس الجميع فقراءَ وأغنياء سيموتون ؟ نعم الكل سيموت غير أن الفقراء سيموتون من الشبع والفقراء سيموتون من الجوع .

#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات