أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع تضارب المصالح















المزيد.....

ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع تضارب المصالح


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1440 - 2006 / 1 / 24 - 10:48
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


صفقات البيع والشراء تحدث كل يوم.. وتجري دون أن يشعر بها احد سوي الأطراف المباشرة ، أي البائع والمشتري والوسطاء المحامين ومكاتب التقييم.
وينطبق هذا علي تلك الصفقات التي تجري في اطار "الخصخصة" أيضا .
صحيح ان بعض تلك الصفقات الأخيرة أثارت جدلا في أوساط الرأي العام والمهتمين ، ولكن هذا الجدل كان يتركز بالدرجة الاولي علي الجدوي من بيع هذه الشركة أو تلك من شركات قطاع الأعمال العام ، وما اذا كان السعر مناسبا أم أن الحكومة كان يجب أن تضغط من أجل الحصول علي سعر أفضل، وهل كان الأفضل البيع لمستثمر رئيسي أم لا ، وهل يكون هذا المستثمر مصريا أم أجنبيا ،
بيد أن الجدل الذي أثارته صفقة البنك المصري الأمريكي لم يسبق له مثيل.
والواضح أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الجدل الساخن، والواسع النطاق، هو أن هناك وزيرين حاليين كانا من بين أصحاب الشركة المشترية.
الوزيران هما محمد لطفي منصور وزير النقل وأحمد المغربي وزير الإسكان.
ورغم أن علاقتهما بشركة »المنصور والمغربي« قد انقطعت من الناحية القانونية عقب دخولهما الوزارة، فإن هناك من رأي أن هذا الانقطاع في العلاقة من الناحية القانونية لا يكفي. كما أن هناك من أطلق سحباً كثيفة من التشكيك في الصفقة بأسرها.
وربما لم تتعرض صفقة أخري لمثل ما تعرضت له هذه الصفقة من أخذ ورد، وتسليط للأضواء، وتناول علني لأدق التفاصيل.
كما أن شركة »المنصور والمغربي« لم تتذرع بالصمت، بل شاركت من خلال رئيسها ياسين منصور في هذا الجدل الساخن وقدمت بيانات وأرقاماً ووقائع كثيرة للرد علي التساؤلات المثارة والشكوك المعلقة في الهواء.
وهذه مسألة تحسب لها.
لكن هذا لم يخفف من حدة الجدل الذي انتقل من صفحات الجرائد - علي اختلاف نوعياتها - إلي شاشات الفضائيات المصرية والعربية.
ومازال دائرا.. ولا نعتقد انه سينتهي سريعا.
وليس هذا راجعا - في رأيي - الي تفاصيل الصفقة ذاتها، بقدر ما هو راجع الي العلاقة التي ربطت وزيرين في الحكومة بالشركة المشترية.
هذه العلاقة تثير حساسية شديدة لدي الكثيرين، رغم ان قسما لا بأس به من هؤلاء يكنون احتراما كبيرا للوزيرين، المغربي ومنصور، ويمتدحون مواقفهما، ويشيدون بالتزامهما الاخلاقي، وينزهونهما عن شبهة استغلال منصبيهما الوزاري لتحقيق مصالح شخصية.
كما ان بعض هؤلاء المشاركين في هذا الجدل وتلك الانتقادات يرون ان الصفقة جيدة وانه لاغبار عليها.
فلماذا الانتقاد إذن؟!
الانتقاد سببه اشمل من هذه الحالة الخاصة للوزيرين المغربي ومنصور، واشمل من هذه الصفقة بالذات المتعلقة بالبنك المصري الامريكي.
هذا السبب الاشمل والاعم هو غياب »آلية« عامة و»قواعد« معتمدة للتعامل مع مثل هذه الامور.
وهذا الغياب لتلك »الآلية« المقصودة بهذا الصدد، هو جزء من غياب اشمل للعديد من الآليات التي لا غني عنها لاقتصاد السوق حتي لا يتحول إلي غابة.
فالحكومات المتعاقبة عندما قررت الاخذ باقتصاد السوق تحمست لترويج الليبرالية في مجال الاقتصاد، وادارت ظهرها لليبرالية في مجال السياسة مع ان تلازم الاثنين ضروري!
حتي الآليات الاساسية لاقتصاد السوق تم التعامل معها بصورة انتقائية.. حيث اخذت الحكومات المتعاقبة ايضا بالآليات التي تشجع الاستثمار، وهذا حسن، لكنها اغمضت اعينها عن الآليات التي لا تجعل هذا الاستثمار »سداح مداح« علي حد تعبير استاذنا الكاتب الكبير احمد بهاء الدين رحمه الله، ومنها علي سبيل المثال قوانين منع الممارسات الاحتكارية، وقوانين حماية المنافسة، وقوانين حماية المستهلك.
وها هي حكومة الدكتور أحمد نظيف الاولي قد فتحت ابوابها امام اثنين من رجال الاعمال لتولي حقائب وزارية، ثم جاءت حكومته الثانية لتزيد هذا العدد ليصبح ستة وزراء يحملون لقب »رجل أعمال«.
وهذا أمر ليس معيبا في حد ذاته، بل ربما تكون له ايجابياته من عدد من الزوايا.
لكن العيب هو ان هذا الاتجاه لم تصاحبه صياغة وبلورة آليات تتعامل مع الاشكاليات المصاحبة بخاصة فيما يتعلق بالحدود الفاصلة بين المال والسياسة.
ولا يكفي بهذا الصدد التعويل علي السمعة الطيبة لرجال الاعمال الذين تم توزيرهم.
كما لا يكفي التعويل علي ان »اعينهم مليانة« - علي حد قول المثل الشعبي.
بل يجب ان تكون هناك »قواعد قانونية« تنظم الامور.
وقد سألت الدكتور احمد نظيف عن ذلك في لقائه معنا في مطلع هذا العام فقال ان ذلك يتحقق عن طريق انهاء الوزير القادم من القطاع الخاص علاقته بـ»البيزنس« الخاص به، وتنازله عن ادارته لشخص آخر، ثم اقرار الذمة المالية قبل تولي الوزارة وبعد تركه لها.. واضاف انه في حالة وجود تداخل بين السياسات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة وبين المجالات التي توجد فيها استثمارات الوزراء رجال الاعمال فان الامر يرفع الي مجلس الوزراء.
وفي رأيي ان هذه خطوات طيبة، لكنها ليست كافية.
ولعل الجدل الدائر حول صفقة البنك المصري الامريكي يكون نفعه اكثر من ضرره اذا ما جعلنا نتنبه الي سد هذه الثغرة، التي لا تتعلق بالوزيرين المغربي ومنصور - اللذين اكن لهما التقدير والاحترام - بقدر ما تتعلق بالمبدأ العام.
وبهذا الخصوص أود ان ألفت الانظار الي اننا لا نخترع العجلة، وليس مطلوباً منا اعادة اكتشاف القوانين المكتشفة.
فالدول الكبري وغير الكبري التي تأخذ باقتصاد السوق قد ارست قواعد مهمة بهذا الصدد.
وما علينا الا ان نرجع الي تجارب هذه الدول للاستفادة منها من اجل التوصل الي صيغة تتناسب مع اوضاعنا المصرية.
واحدي التجارب المهمة بهذا الصدد هي التجربة الامريكية.
ومع ان هناك ولعا شديدا بكل ما هو امريكي فان البعض يفضل ان يأخذ من امريكا اسوأ ما فيها ويغض الطرف عما يمكن ان يكون جيدا أو مفيدا.
والتجربة الامريكية - باختصار - عنوانها بالانجليزية (BLIND TRUST) وهو مصطلح لا امتلك ترجمة معبرة عنه تماما الان، ولعل القراء يساعدوننا في اقتراح ترجمة مصرية له.
لكن خلاصته هو انه بموجب »قانون الاصلاح السياسي« الذي تم اقراره منذ اكثر من ثلاثة عقود اصبح لزاما علي اي شخص يتصدي للعمل العام في الولايات المتحدة الامريكية، ابتداء من الرئيس ونائب الرئيس واعضاء الادارة الامريكية وحكام الولايات وانتهاء باعضاء الكونجرس، ان يتنازل عن ادارة ثروته الشخصية فور تسلمه لهذا العمل العام.
وهذا التنازل عن ادارة ثروته لا يكون لشقيقه او زوجته او حتي احد اصدقائه، وانما يكون لطرف »لا مصلحة له« (disinterested party).
وهذا الطرف الذي »لا مصلحة له« تكون له السلطة في تسييل أصول هذه الثروة واعادة استثمارها في قطاعات اخري.
والحكمة في هذا ان المسئول، صاحب الثروة، لا يعود يعرف بعد فترة أين توجد ممتلكاته بالضبط.
لماذا؟
السبب واضح وهو تجنب تضارب المصالح، وتجنب ان يستفيد المسئول من المعلومات الداخلية المتاحة له بحكم موقعه داخل اعلي مؤسسات الحكم وهو ما يعرف بالـ(insider trading).
وكلمة أعمي (blind) الموجودة في اسم هذه الآلية تعني ان هذا »الصندوق« او »الترست« لا تتم ادارته عن طريق شخص توجد علاقة عمل او حتي علاقة صداقة بينه وبين المسئول صاحب الثروة، لان وجود مثل هذه العلاقة قد يفتح بابا للفساد.
وقد شهدت الولايات المتحدة الامريكية جدلا ساخنا منذ فترة حول الـ (blind trust) الخاص بالممثل الشهير ارنولد شوارزينجر حاكم ولاية كاليفورنيا الحالي.
والسبب هو انه تم اكتشاف ان المسئول عن هذا »الترست« الذي تم انشاؤه عام 2003 هو بول ووتشر.. وهذا الاخير صديق للممثل حاكم كاليفورنيا ومستشار مالي سابق له.
وكان هذا سببا كافيا لكي تقوم القيامة ضد شوارزينجر لان هذا ربما يؤدي الي تعارض المصالح وامكانية استفادة الممثل الحاكم من »المعلومات الداخلية«.. وهذه في حد ذاتها جريمة.
تعالوا نبحث امكانية تطبيق هذه الآلية الامريكية في مصر.. حتي لو كان »العمي« واردا في اسمها.. بل ربما لانها »عمياء« لا تفرق بين وزير وخفير!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كليمنصو!
- هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!
- النخب العربية فى مواجهة تحديات تجديد الدماء
- رئيس تحرير تحت الطلب
- أربع ساعات مع رئيس الحكومة !
- شجرة الأرز اللبنانية .. وغابة أشجار الصبار العربية
- حتى لا نكون نحن والزمن وعنصرية الغرب ضد السودانيين
- تعالوا نتفاءل.. علي سبيل التغيير
- من يشعل فتيل القنبلة النوبية؟
- لماذا خطاب »الوقاحة«؟
- أشياء ترفع ضغط الدم!
- كمال الابراشى .. والسادات .. والسفير الإسرائيلي!
- برلمان الهراوات والعمائم!
- أخيراً.. جامعة في أرض الفيروز
- هل الأزهر فوق القانون ؟!
- احتفال -تحت الأرض- لجماعة -الأخوان-!
- فقر العرب!
- نريد المعرفة.. والحرية
- أطاح بالملك فاروق .. وهزمه إخوانى -فرز ثالث-


المزيد.....




- مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة ...
- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...
- تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
- لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...
- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...
- مصر.. ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع تضارب المصالح