|
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5488 - 2017 / 4 / 11 - 19:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه – أنه لا ينجس تميم منصور الاستنكار والغضب وكل حالات الردح وذرف الدموع ، تبقى مهراً رخيصاً للتعبير عن حالات الرفض القاطع للجريمة التي ارتكبها الارهابيون القتلة في إحدى كنائس مدينة طنطا ، وكنيسة ثانية في مدينة الإسكندرية . بالتأكيد أن كل مسلم مصري وغير مصري يشعر بالخجل بسبب هذا الاعتداء الذي يهدف الى تمزيق النسيج الوطني لشعب مصر ، لأن أبناء هذا الشعب مسلمين ومسيحيين وقفوا دائماً صفاً واحداً ، ضد كل الكوارث والمصائب التي هددت مصر على مر التاريخ ، عندما غزا الصليبيون مصر ، تصدى لهم المصريون الأقباط قبل المسلين ، وعندما غزا نابليون مصر عام 1798 ، تصدى له المصريون كشعب واحد ولم يقف المسيحيون الى جانبه . نقول لهؤلاء الكفرة المسؤولين عن هذه الجريمة بأن أهدافكم لم تتحقق وان ما قامت به ايديكم الآثمة ، ما هو سوى صفحة سوداء في سجل تاريخ الإسلام السياسي الحديث ، في نفس الوقت فإن هذه الجريمة تزيد من تعاطف ملايين المسلمين مع إخوانهم المسيحيين ، وأنه من حقهم نيل كافة الحريات الدينية وغير الدينية . هذه الجريمة يجب ان تكون ضوءً أحمر في وجه كافة المؤسسات الثقافية داخل الأقطار العربية وكافة المؤسسات الدينية ، وفي مقدمتها الأزهر الشريف ، وكليات الشريعة وغيرها ، يجب عليهم إعادة النظر ومراقبة جميع المناهج التدريسية ، ومراقبة المحاضرات وخطب الجمعة ، لأن هناك من ينتقد ويتهم نصوص هذه المناهج ، بأنها تزرع الضغينة في نفوس وقلوب الطلاب ضد الديانات الأخرى ، من واجب وزارات الأوقاف مراقبة المساجد لمنع شيوخ التكفير من التحريض على أبناء الطوائف الأخرى ، وفي مقدمتهم المسيحيين . نقول للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن حراسة المعابد وأماكن العبادة المسيحية والإسلامية ، لا يمكن أن تجفف وتزيل حمى التكفيرين ضد المسلمين السنة المعتدلين ، وضد أبناء الطوائف الأخرى ، يجب العمل على إزالة كافة بؤر التحريض الطائفي ، ضد المسيحيين وضد المسلمين الشيعة ، هذا هو الحل الوحيد القادر على خلق أجيال واعية ، تتفهم معنى مقولة الدين لله والوطن للجميع ، تتفهم معنى وقيمة التعددية الدينية والفكرية ، لا يمكن أن تُطهر عقول الحاقدين والمتأسلمين ، ما دامت مناهج التدريس في أكبر مؤسسة دينية وهي الأزهر ، تعتمد على الفكر الوهابي وجمود ابن تيمية ، هذه المناهج وهذا الفكر يعمل على قتل الروح القومية والوطنية ، ويضع قيوده أمام تحرير المرأة ، ويناصب العداء لكل أنواع التطور والابداع . لا يريد هؤلاء السلفيون القتلة ، أن يؤمنوا بأن مكانة وقدسية والقيمة الروحية للكنيسة لكل الذين يأمونها للعبادة ، لا يختلف عن القيمة ذاتها لأية مسجد ، ما يقوم به المؤمنون داخل دور العبادة هذه ، عمل واحد عبادة رب واحد ، لكل ديانة لغتها وطرق وأساليب تواصلها مع الخالق . هذه الاحداث المأساوية التي وقعت في مصر ، وتقع بين الحين والآخر في أقطار عربية أخرى ، كالباكستان ونيجيريا وغيرها ، تؤكد بأن العالمين العربي والإسلامي واقعان في صحاري من الجهل وانهما بحاجة الى ثورة اجتماعية وثقافية ، كالثورة التي قادها ماوتسي تونغ ، والثورات التي وقعت في أمريكا الجنوبية ، هناك حاجة أيضاً لاعادة النظر بالعديد من الدساتير داخل الأقطار العربية والإسلامية ، لأن هذه الدساتير لا تتناسب متطلبات العصر ، انها مصابة بهاجس الدين والطائفية . لا يمكن أن تتوفر التعددية الفكرية والدينية ، دون الاعتماد على دساتير تدعو للانفتاح والمرونة ، واعتبار المواطن قيمة عليا ، من ثوابتها الأولى فصل الدين عن الدولة ، محاربة سياسة التوريث ، كما هو الأمر في الهند والباكستان ودولاً أخرى كثيرة . يرفض هؤلاء الكفرة قراءة التاريخ بشكل صحيح ، التاريخ يذكر بأن الاقباط تواجدوا في مصر واعتنقوا الديانة المسيحية قبل فتح العرب لمصر عام 642 م ، زمن خلافة عمر بن الخطاب ، هل يعلم هؤلاء الكفرة بأن الاقباط ساندوا العرب في طرد البيزنطيين من وادي النيل ، ومنذ الفتح الإسلامي ساد التعاون بين الفاتحين والاقباط ، لم تهدم كنيسة واحدة . وكان للاقباط دور بارز ومركزي في إدارة شؤون مصر السياسة والاقتصادية ،وفي العصر الحديث ، ساهم الاقباط في تطوير مصر حضارياً ، فلعبوا دوراً هاماً في تأسيس البنوك وشركات التأمين والمصانع والمعاهد التعليمية المختلفة ، ولا أحد ينسى دور وفضل العرب المسيحيين في الشام ، الذين ساعدوا على تفتح براعم النهضة القومية والعلمية في المدن السورية ، هو أول من ساهم في تبديد ظلمات الاستبداد العثماني ، ومنهم من انتقل الى مصر ، فرفع منسوب الثقافة فيها ، من أدب وشعر وصحافة وغيرها ، نذكر هؤلاء القتلة بطبيب القلب المصري العالمي مجدي يعقوب ، الذي منحته الملكة اليزابيث لقب سير – فارس – من الدرجة الأولى لخدماته الطبية ، ومؤخراً أسس مستشفى خاص بأمراض القلب ، نذكر الفنان نجيب الريحاني مؤسس المسرح المصري ورائد السينما المصرية ، أيضاً نذكرهم بالأخوين بشارة وسليم تقلا ، حيث قاما بتأسيس صحيفة الاهرام عام 1875 ، وجورجي زيدان الذي أصدر مجلة الهلال عام 1892 ، وما زالت تصدر حتى اليوم . كان للأقباط دوراً بارزاً في تنمية الوعي السياسي لدى المرأة المصرية ، فقد كانوا سباقين بإصدار وميلاد صحافة خاصة بالمرأة والأسرة المصرية والعربية . لقد أصدرت " هند نوفل " وهي عربية مسيحية أول مجلة خاصة بالمرأة واطلقت عليها عنوان " الفتاة " في مدينة الإسكندرية عام 1892 ، وبعد سنتين من هذا التاريخ أصدرت لويزا حبالين في القاهرة مجلة " الفردوس " عام 1896 ، وفي عام 1869 أصدر سليم سركيس مجلة " المرأة الحسناء " ، عام 1898 أصدرت الكسندرا ميلتاوي في الإسكندرية مجلة " أنيس الجليس " . وأصدر مصطفى الأبيض وهنري بري عام 1900 مجلة " الهوانم " ، هذا غيض من فيض من أسماء كثيرة قبطية ، مسيحية ما زالت تقدم الابداع والفن والحياة في الحياة المصرية ، هل يعرف القتلة ، من قتلوا ودمروا الكنائس في مصر وفي سوريا ، ومن دمر المسجد الاموي في حلب وباقي دور العبادة ، لا يهمه الدين وقدسية الايمان بقدر ما يهمه تنفيذ اجندات الحقد والكره . ان ما قام به القتلة في مصر لن يعكر صفو العلاقات بين أبناء الشعب الواحد ، لأن النسيج قد يتفسخ قليلاً هنا وهناك ، ولكن لا يمكن التمزق لأن ثوب الحياة المصرية يجب أن يبقى متماسكاً ، لأن الوطن واحد ، هكذا شاءت الأقدار . ونقول للقتلة ( وهل يضر النيل يوماً اذا جاء كلب فبال فيه ، أنه لا ينجس .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
-
فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
-
بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
-
لا يفتح الطريق المسدود امام الفلسطينيين الا الشعب الفلسطيني
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|